لجريدة عمان:
2025-02-08@19:04:26 GMT

النقد والصداقة

تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT

أن تبدي رأيًا صادقًا في كتابة صديق آخر فتلك مهمة حسَّاسة، دعونا نتفق على ذلك. كلا، ليس مستغربًا أن يكون التعليق على ما يكتبه الأصدقاء مسألةً تتطلب توخي الحذر من احتمال تحول النقد إلى مجاملات دبلوماسية. وهذا ما يجعل من مشاركة انطباعاتنا مع الأصدقاء حول أعمالهم الجديدة إحدى أكثر مسؤوليات الصداقة حساسيةً، ومع أن مبدأ الصداقة يفترض صدق الطرفين في تبادل الشعور وتقبل النقد، لكن الأمر لا يسير على هذا النحو دائمًا حينما يتعلق النقد بالكتابة.

من يمارس الكتابة حرفةَ حياة حقًا، سيدرك مع الوقت أن نرجسية أي كاتب هي جزأ لا يتجزأ من رأسماله المعنوي، من قيمته حتى مع نفسه أمام مرآة الحمام كل صباح. شعورٌ عالٍ بالاستحقاق، واعتدادٌ كبير بالنفس، وتحفُّز نشِط على مدار الساعة ضد النقد. لعلها خصال دفاعيَّة ضروريَّة إلى حد ما، حين يتحتم على الكاتب عبور الإهانات اليومية ومجابهة عالمٍ أقلَّ من أحلامه، عالمٍ يمعن في تهميشه، لا بل قد يحرض على استعدائه في كثير من الأحيان لأنه «مثقف»، انطلاقًا بالطبع من السمعة الشائهة التي تحوم حول هذه الصفة. لذا فإن النرجسية، هنا، تعمل عملها في سلوك أي كاتب كآلية مقاومة تلقائية للدفاع عن الذات في علاقته بالآخرين. غير أنها في الوقت نفسه تواري ما لا يمكن مواراته بسهولة عن العيون: إنها الهشاشة!

يبقى أن نقد أصدقاء الكتب والكتابة في هذه الحالة أقسى من أي نقد آخر. نستطيع استخلاص فكرة شائعة تفيد بأن كاتبًا لا يتعرف به أصدقاؤه من الكتَّاب هو كاتبٌ فاشل. لكنني أعرف شاعرًا أستطاع أن يعكس هذه العبارة؛ فهو الشاعر غير المعترف به بين أصدقائه الشعراء لكنه أكثر جماهيرية منهم جميعًا. لا بأس، فثمة عوامل أخرى تحسم هذه المسألة لا مجال للوقوف عليها هنا.

من الناس من يُعنَون بآراء أصدقائهم فيما يكتبون أكثر من رأي عامة القراء أو الجمهور. بعض الكتَّاب، حرفيًا، لا يستأنس إلا بقراءة أصدقائه عندما يكتب، مهما بلغت شهرته، وهكذا كان غابريل غارسيا ماركيز مثلًا. وبعضهم الآخر، الأقل حظًا في الرواج والانتشار، لا جمهور له خارج دائرة أصدقائه، باستثناء عدد محصور من القُراء يكاد يعرفهم واحدًا واحدًا بالأسماء. لذا، فإن أي انطباع سلبي أو أي ملاحظة صغيرة قد تجرح النص في موضع منه يمكنها أن تعبث بهرمونات الكاتب، خاصة حين يصدر هذا النقد من أحد أصدقائه الذين يدخرهم للتعزيز. وربما يقود رأيٌّ صريح، سلبي، علاقة الصداقة إلى منعطف آخر، حيث تبدأ الندية والتنافس والحساسية المفرطة، تلك التي تنشأ عادةً بين أصدقاء المهنة الواحدة.

إلى أي حد أصدقاؤنا مسؤولون عن جودة ما نكتب؟ أفكر بالسؤال كمن يعترف في الوقت نفسه بأننا نكتب كي نستدرج الأصدقاء أكثر، وبأن أصدقاءنا هم أول القراء المفترضين. لهذا السبب، بحد ذاته، يصبح نقد الأصدقاء أكثر أهمية، غير أن النقد الأدبي بين الأصدقاء ليس بالمسألة الهينة كما نتخيل، فتقبله يحتاج إلى استعداد نفسي وتواضع أكبر بكثير من تواضع الكاتب للجمهور.

في حياتنا الثقافية اليوم يصبح من الصعب أكثر فأكثر المجازفة بإبداء انطباع سلبي أو رأي نقدي في كتاب ما أو مقالةٍ أو قصيدة، حتى لو كان ذلك الرأي باعترافنا مجرد «رأي». الخشية من ردود فعل الكتَّاب المعنيين تجعلنا نحجم عن النقد لصالح الحفاظ على العلاقة الشخصية والإبقاء على المودة، أو حتى لا نُعرض أنفسنا لنقد مضاد. سادت هذه الحالة من التفاعل بين الكاتب والقارئ بمرور الوقت، وتبدو كما لو أنها باتت عُرفًا. وبدل أن يُكتفى بمساحة الفيسبوك فضاءً عامًا للمجاملة والمديح المتبادل، تسللت هذه الحالة إلى الصحافة الثقافية، حيث يُكتب المديح السهل والمجاملات المجانية ورَدُّ الجمائل في مقالات ودراسات باسم النقد الأدبي. الأنكى من ذلك حين يتجاوز الأمر صفحات الصحافة الثقافية إلى كتابة رسائل علمية على هذه الشاكلة!

سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

صندوق النقد: صرفنا 1.2 مليار دولار لمصر خلال أسابيع

مصر – صرحت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي جولي كوزاك إن المجلس التنفيذي للصندوق سيناقش خلال الأسابيع المقبلة صرف الشريحة الرابعة من قرض مصر البالغة 1.2 مليار دولار بعد اعتماد المراجعة

وذكرت كوزاك، خلال مؤتمر صحفي امس الخميس، أن الصندوق يعمل حاليا على الانتهاء من بعض البنود المتعلقة بالمراجعة الرابعة لإقرار الموافقة على صرف الشريحة.

وأجرت بعثة الصندوق مراجعتها الرابعة مع الحكومة المصرية في ديسمبر الماضي، وأعلنت التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع الحكومة في إطار القرض البالغ 8 مليارات دولار لدعم الإصلاحات الاقتصادية المصرية.

واتفق فريق الصندوق مع السلطات المصرية على إعادة ضبط مسار التوحيد المالي، في ظل تحديات اقتصادية محلية وضغوط خارجية،

وحول التطورات الإقليمية وتأثيرها على الاقتصاد المصري، قالت كوزاك، إنه لا يوجد أي ارتباط حاليا بين الوضع في قطاع غزة المجاور لمصر، وبرنامجها الاقتصادي.

وأوضحت كوزاك أن التعديل في البرنامج هدفه توفير مساحة مالية لدعم البرامج الاجتماعية الأساسية، التي تخدم الفئات الأكثر ضعفا والطبقة المتوسطة مع ضمان استدامة الدين.

وعلى صعيد الإصلاحات، أشارت إلى أن الأولويات تشمل خفض التضخم والحفاظ على مرونة سعر الصرف وتحرير الوصول إلى النقد الأجنبي.

ونوهت بأن البرنامج يركز على تعزيز الإيرادات المحلية وتحسين بيئة الأعمال وتسريع برامج التخارج من الاستثمارات وضمان تكافؤ الفرص بين الشركات المملوكة للدولة والقطاع الخاص، بجانب تعزيز الحوكمة والشفافية.

المصدر: وسائل إعلام مصرية

مقالات مشابهة

  • تأجيل محاكمة 35 متهما بالاتجار في النقد الأجنبي لـ 12 أبريل
  • وزير الرياضة ينعى الكاتب الصحفي محمد منير بجريدة المساء
  • ماذا قال صندوق النقد عن رسوم ترامب وسوريا ولبنان؟
  • صندوق النقد: من المبكر معرفة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية
  • صندوق النقد: صرفنا 1.2 مليار دولار لمصر خلال أسابيع
  • صندوق النقد يدعم جهود إعمار سوريا ولبنان
  • بُشرى للبنانيين من صندوق النقد الدولي
  • الكاتب مايكل يوسف يحقق نجاحا بمعرض الكتاب 2025 برواية إيمونت
  • الشاعرة المغربية فدوى الزياني: الكاتب مشروع تمرد على السائد والثابت.. والأدب رحلة بحث عن الحقيقة والحرية