العرب يقولون لا لترامب ونتنياهو!
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
د. محمد بن عوض المشيخي **
"من يوقف سطو ترامب على العالم؟"، هذا هو مقالي الصادر بعد ساعات قليلة من اجتماع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو قبل عدة أيام في البيت الأبيض؛ إذ لم تحمل الساعات الأولى أي ردود عربية عاجلة حول النوايا الخبيثة للوعد الثاني على خطى بلفور ووعده المشؤوم؛ لأنه أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق، هذا الوزير الذي كان يمثل الإرث الاستعماري لبريطانيا، والمتمثل في الغزو ونهب الثروات وقتل السكان، وكانت أسرة ترامب هاجرت من ألمانيا إلى أمريكا الشمالية واستوطنت بقوة السلاح في أراضي الهنود الحمر، بينما جلب الانجليز أسرة نتنياهو من بولندا ليستولي والده ويسرق بالقوة منزل الطبيب الفلسطيني توفيق كنعان في أعقاب النكبة.
لا شك أن من لا أصل له ولا وطن لا يعرف قيمة الأوطان وأهميتها في قلوب أصحابها ومدى إمكانية التضحية من أجلها بالغالي والنفيس وبالأرواح والأموال من أجل التربة الغالية للوطن، خاصةً إذا كان هذا الوطن مقدسًا وبوزن أرض الرباط فلسطين المحتلة، من النهر إلى البحر، التي بارك فيها الله سبحانه وتعالى؛ لكونها مسرى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماء، وفيها أولى القبلتين وثالث الحرمين، والصلاة في مسجدها الأقصى تعادل خمسمائة صلاة. إن ما جرى قبل أيام ليس سوى مهزلة؛ بل أضحوكة القرن الحادي والعشرين للرئيس الأمريكي الذي لا يُجيد إلّا جمع الأموال بالسطو على الآخرين، فقد قرر أن يُهدي قطاع غزة إلى نتنياهو، صديقه المقرب الذي أتى إليه منكسرًا ومهزومًا من المقاومة في غزة بقيادة حماس، والتي صمدت أمام الترسانة الأمريكية والإسرائيلية لمدة أكثر من 15 شهرا بعد طوفان الأقصى المبارك الذي أصاب الصهاينة في مقتل، وأنهى أسطورة الجيش الذي لا يقهر.
وما هي إلّا ساعات قليلة بعد انتشار المقال السابق الذكر، إلّا وتصلني رسالة عبر الواتساب من قامة أكاديمية رفيعة وشخصية مميزة من أرض الحرمين الشرفين وبالتحديد من مكة المكرمة، سطَّر فيها العبارات الآتية: "يسعد أوقاتكم دكتور بكل خير ويديم عليكم لباس الصحة والعافية. إن شاء الله يوقفه عند حده الأمير محمد بن سلمان، والأيام القادمة تبين ذلك". انتهى الاقتباس.
وبالفعل كان البيان السعودي حول تهجير سكان غزة مزلزلًا وصريحًا وقويًا ولطمة في وجه نتنياهو وترامب على حد سواء، وهذا ليس بغريب على حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير الشاب صاحب المواقف الصلبة والشجاعة الذي تعهد غير مرة برفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، إلّا بعد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. ونحن من هذه المنصة نرفع القبعة ونحيي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبًا، فقوة العرب تكمن في اتحادهم، فمن باع مقدسات الأمة سوف تكون له يوم ونراها قريبة.
صحيح أن الحكومات العربية والإسلامية أجمعت على رفض تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وتوحدت الشعوب مجددًا على اعتبار مزاعم السلام الأمريكية ليست سوى سراب وأكاذيب لا تنتهي.
وهكذا اهتز العالم شرقًا وغربًا بالوعد المشؤوم المتمثل في تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة إلى مصر والأردن، هذه المنطقة المنكوبة في الأساس، والمدمرة من الأسلحة الأمريكية التي زودت بها الجيش الإسرائيلي، وعلى وجه الخصوص القنابل ذات الوزن الثقيل التي تبيد السكان وتدمر المربعات السكنية على رؤوس ساكنيها من النساء والأطفال. الاجتماع جمع بين شخصين متهمين بالفساد هما: الرئيس الأمريكي ورئيس وزراء الكيان الغاصب الذي تطالب المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمته كمجرم حرب على سجله الأسود والإجرامي في إبادة الشعب الفلسطيني. ذلك الاجتماع الذي عُقد من قلب العاصمة الأمريكية واشنطن وعلى الهواء وعبر القنوات التلفزيونية، كان ذا شجون بالنسبة لنتنياهو الذي أكرمه صديقه المقرب ترامب، وقدم له هدية على طبق من ذهب وعلى الهواء مباشرة، جاهلين بذلك ومتجاهلين أن الأوطان ليست صفقة عقارية.
وفي حقيقة الأمر، لا يمكن أن يقرر السماسرة واللصوص مستقبل قطاع غزة، فأكثر من مليار مسلم يعتبر فلسطين أرض وقف للمسلمين؛ فهي القضية المُقدسة في قلوب وعقول الأجيال العربية والإسلامية المُتعاقبة بلا مُنازع، والمواطن العربي تعلَّم منذ الصغر أنَّ دولة إسرائيل أوجدتها الدول الاستعمارية لكي تتمدد في الأراضي العربية شرقًا وغربًا لتحقيق حلم الصهاينة المعروف لدى الجميع "حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل"، ولكن أنَّى لهم ذلك؟!
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
البيت الأبيض يترك الباب مفتوحًا لزيارات إضافية لترامب في الشرق الأوسط
ترك البيت الأبيض، اليوم الجمعة، الباب مفتوحًا أمام إمكانية قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإضافة محطات جديدة إلى زيارته المقررة للشرق الأوسط الشهر المقبل.
ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، قولها: "ليس لدي أي تفاصيل عن الرحلة الخارجية للرئيس، سوى تأكيد زيارته للمملكة العربية السعودية. قد تشمل الرحلة دولًا أخرى. نحن نعمل على التفاصيل".
يشار إلى أن ترامب يفكر في إضافة تركيا إلى جولته المقبلة في الشرق الأوسط، لكنها استشهدت بمصادر مجهولة قالت إنه لم يتم اتخاذ أي قرار بعد وأن التفاصيل لا تزال قيد الإعداد.
وأفاد مسؤول رفيع في البيت الأبيض للشبكة الإخبارية أن ترامب ناقش الزيارة خلال اتصال هاتفي حديث مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وكان ترامب قد أعرب، يوم الاثنين، عن مشاعر إيجابية تجاه علاقته بأردوغان أثناء استضافته رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض.
وقال ترامب: "لدي علاقة جيدة جدًا مع تركيا وقائدها"، واصفًا أردوغان بأنه "رجل قوي وذكي للغاية وقد قام بشيء لم يستطع أحد آخر القيام به"، في إشارة إلى اعتقاده أن "تركيا" كانت وراء الإطاحة بالحاكم السوري السابق بشار الأسد.
إذا تمت هذه الزيارة، فستكون الأولى لترامب إلى تركيا كرئيس، وكان سلفه جورج دبليو بوش قد زار البلاد عام 2004، بينما زارها باراك أوباما في 2009 و2015.