الذين ستعيدهم #واشنطن إلى #الأردن _ #ماهر_أبو طير
لا يوجد لدي رقم دقيق حول عدد الأردنيين الذين حصلوا على تأشيرات إلى الولايات المتحدة الأميركية خلال آخر عقدين، مثلا، وما أنواع التأشيرات؟ وكم عاد منهم إلى الأردن بعد انتهاء سبب الزيارة. وكم بقي فيها. بزواج، أو مخالف للقوانين.
موسم الهجرة إلى الولايات المتحدة ليس جديدا، فهو يعبر عن أزمة اقتصادية طاحنة دفعت الأردنيين إلى الحصول على التأشيرة وبعضهم لم يعد، وأجبرت آخرين على سلوك طريق طويل إلى المكسيك، أو عبر دول ثانية للوصول إلى الولايات المتحدة بحثا عن عمل، ودفع كل واحد من هؤلاء عشرات آلاف الدولارات للوصول، وهو أمر تكرر بشكل ثان، مع تأشيرات الدخول لبريطانيا، والتي تراجعت لندن عن منحها لاحقا، وألغت الممنوحة بسبب مخالفات الإقامة المعروفة.
يوم أمس تعلن الولايات المتحدة نيتها ترحيل أكثر من مليون ونصف المليون من جنسيات مختلفة بما فيها الأردن، وأنه سيتم ترحيل 1660 شخصا من الرقم المعلن، وهناك جنسيات عربية مختلفة حتى كأن جامعة الدول العربية تتمثل في أرقام المهاجرين غير الشرعيين، والأمر يمتد إلى دول في أميركا الجنوبية، وربما بقية دول آسيا مثل إيران، والهند وباكستان، قي سياق سياسة أميركية جديدة، بالتخلص مما تراه تجاوزا على اقتصاد أميركا، ومصالحها، وهي سياسة أعلن الرئيس الحالي نيته تطبيقها، ولا يتراجع عنها للدرجة التي فرض معها عقوبات على كولومبيا حين حاولت إرجاع طائرة محملة بمواطنيها العائدين.
مقالات ذات صلة الحل الوحيد 2025/02/08خروج الأردنيين يعبر عن أزمة اقتصادية واجتماعية، وبسبب الاختلالات في حياتنا هنا، لأن الفرص منعدمة، والبلد يفيض بعشرات الجنسيات المختلفة التي تعمل، وتؤثر على الاقتصاد، وإذا كانت الجهات الرسمية تدرك أن بيننا أكثر من أربعين جنسية مصنفة لاجئة، إلا أن سياسات العمل والتشغيل المتراكمة أدت إلى هذا الحال، حيث لا تتوفر الفرص، وإذا توفرت فهي منخفضة الأجور لا يقبلها الأردني، فهي لا تأتيه مصروف يومه، ولا تساعده على الإنفاق على أهله مثلا، أو الاستعداد للزواج، بما ترك أثرا اجتماعيا حادا، على مؤسسة الزواج، وأدى أيضا إلى تفشي الشعور باليأس والاختناق وسط إقليم مهدد ليل نهار بالحروب والكوارث، وكلما انطفأت جمرة، اشتعل مقابلها حريق، في كل موقع ومكان.
هناك تغيرات مقبلة، لأن مواصلة واشنطن ترحيل الجنسيات المخالفة سيؤدي إلى ارتداد في الدول الأصلية، من حيث عودة هؤلاء، وهي أعداد كبيرة، وربما سنسمع بعد قليل عن مداهمات للبيوت في الولايات المتحدة، وملاحقات أمنية لبعض الذي سيحاولون التهرب من الملاحقة الأميركية، التي قد تتحول إلى إجراءات أمنية صعبة في مرحلة ما.
مصلحة الأردن هنا، أن يسعى لدى واشنطن لإيجاد حل لهؤلاء بدلا من ترحيلهم، عبر السماح بتصويب أوضاعهم، إذا قبلت واشنطن ذلك أصلا، وإلا لا بد من حل أردني لاسترداد هؤلاء وغيرهم بطريقة تحفظ كرامتهم، عبر مبادرة رسمية للترتيب لعودتهم إلى بلادهم، وهي مبادرة يمكن إطلاقها دون أن يبدو الأردن طرفا في الترحيل، أو كأنه يريد استعادة مواطنيه رغما عنهم، مع الإشارة هنا إلى أن أحد عوامل دعم الأردن، فتح بوابات العمل والتأشيرات للأردنيين إلى دول مختلفة، بما يعود بالنفع عليهم، وعائلاتهم، لكن السياسة الأميركية انقلبت في ليلة، وتتجه نحو نقطة جديدة قد لا يقبلها الأميركيون ذاتهم الذين يشغلون عشرات الجنسيات بأجور منخفضة، وسيجدون أنفسهم أمام إعادة هيكلة لرواتب موظفيهم الجدد من غير المخالفين، بما يصب بإعادة تموضع الاقتصاد الأميركي على المستوى الداخلي وعبر مسرب العلاقات الدولية.
في كل الأحوال الرقم الذي تعلنه واشنطن أي أكثر من مليون ونصف مليون مخالف سيتم ترحيلهم رقم مرعب، يدل على أن مشاكل جنوب الكرة الأرضية انتقلت إلى الشمال، ويؤشر على أن التطاحن الاقتصادي سترتفع حدته بوسائل سياسية خلاف الفترة المقبلة، على مستوى الأفراد والدول والشركات، في سياقات جديدة لا يعرف أحد نهاياتها.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: واشنطن الأردن ماهر أبو الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
استطلاع: 75% من العلماء الأمريكيين يفكرون في مغادرة الولايات المتحدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تشهد الساحة العلمية في الولايات المتحدة تغييرات جذرية غير مسبوقة نتيجة السياسات التي تنتهجها إدارة الرئيس دونالد ترامب، مما دفع عددًا كبيرًا من العلماء إلى إعادة التفكير في حياتهم المهنية وخططهم المستقبلية.
ووفقًا لاستطلاع أجرته مجلة " نيتشر" البريطانية، فإن أكثر من 1200 عالم — أي نحو 75% من المشاركين في الاستطلاع — أعربوا عن أنهم يفكرون في مغادرة الولايات المتحدة؛ بسبب الاضطرابات التي أحدثتها الإدارة الجديدة. وقد جاءت أوروبا وكندا في مقدمة الوجهات المحتملة للانتقال.
وكانت هذه النزعة أكثر وضوحًا بين الباحثين في بداية مسيرتهم المهنية. فمن بين 690 باحث دراسات عليا شاركوا في الاستطلاع، قال 548 منهم إنهم يفكرون في المغادرة، كما أعرب 255 من أصل 340 طالب دكتوراة عن نفس التوجه.
وتعكس هذه النوايا تداعيات قرارات إدارة ترامب التي شملت تقليص تمويل الأبحاث بشكل كبير، ووقف عدد كبير من برامج العلوم الممولة اتحاديًا، في إطار سياسة شاملة لخفض الإنفاق تقودها الحكومة تحت إشراف الملياردير إيلون ماسك، الذي يقود وزارة كفاءة الحكومة الأمريكية.
وقد تم فصل عشرات الآلاف من الموظفين الفيدراليين، بمن فيهم عدد كبير من العلماء، ثم أعيد توظيف بعضهم بأوامر قضائية، مع استمرار التهديد بمزيد من عمليات الفصل الجماعي. في الوقت ذاته، زادت القيود على الهجرة وتصاعدت الخلافات حول حرية البحث الأكاديمي، مما عمّق حالة الاضطراب واللايقين التي تطغى على المجتمع العلمي في البلاد.
ووجهت مجلة "نيتشر" سؤالًا لقرائها حول ما إذا كانت هذه التغييرات تدفعهم للتفكير في مغادرة الولايات المتحدة. وقد نُشرت الدعوة للمشاركة في وقت سابق من الشهر الجاري عبر موقع المجلة، ومنصاتها على وسائل التواصل الاجتماعي، ونشرة "Nature Briefing" الإخبارية. وأكمل الاستبيان نحو 1650 مشاركًا.
وأشار كثير من المشاركين إلى أنهم يبحثون عن بلدان تربطهم بها علاقات مهنية أو شخصية، أو يتحدثون لغتها. وكتب أحدهم: "أي مكان يدعم البحث العلمي سيكون مناسبا"، في حين قال آخرون ممن انتقلوا سابقًا إلى الولايات المتحدة للعمل إنهم يخططون للعودة إلى بلدانهم الأصلية.
وتقول طالبة دراسات عليا في إحدى أعرق الجامعات الأمريكية، تعمل في مجال جينوم النبات والزراعة: "هذا هو وطني — أحب بلدي بشدة، لكن الكثير من أساتذتي ينصحونني بالمغادرة فورًا"، حيث أنها فقدت تمويلها البحثي ومنحتها الدراسية بعد أن أوقفت إدارة ترامب تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لكن مشرفها الأكاديمي تمكن من تأمين تمويل طارئ مؤقت. والآن تسعى بشدة للحصول على وظيفة كمساعدة تدريس، رغم أن هذه الوظائف أصبحت شديدة التنافس.
وكانت الطالبة تخطط مسبقًا للالتحاق بزمالة ما بعد الدكتوراة في الخارج بسبب اهتمامها بالزراعة الدولية، لكن فقدان التمويل ورؤية زملائها يُفصلون دفعاها لتحويل الفكرة إلى خطة ملموسة. وتقول: "رؤية كل هذا العمل يتوقف أمر مفجع.. أبحث بجد عن فرص في أوروبا وأستراليا والمكسيك".
وتضيف أنها تأمل في العودة إلى الولايات المتحدة لاحقًا إذا استقر الوضع، لكنها تؤكد أن إدارة ترامب "أوضحت تمامًا" أن مجال اهتمامها، وهو النظم الغذائية العالمية، "ليس ضمن أولوياتها".
وأشارت إلى أن التمويل الخيري في الداخل الأمريكي، فهو خيار متاح، لكنها تتوقع منافسة شرسة عليه، نظرًا لكثرة المشاريع التي فقدت تمويلها الفيدرالي.
ويقول باحث أمريكي آخر يعمل كطبيب- باحث في جامعة مرموقة: "الاضطرابات كانت مدمّرة بشكل خاص للعلماء في بداية مسيرتهم... المحققون الرئيسيون قد يكونون قادرين على النجاة، لكن نحن، كباحثين ناشئين، لا نملك هذا الترف. هذا وقت حاسم في مسيرتنا، وقد انقلب رأسًا على عقب في غضون أسابيع".
وأكد هذا الباحث، الذي نشأ في الولايات المتحدة، أنه بدأ ينظر بجدية إلى كندا كوجهة بديلة. وفي اليوم الذي تم فيه إنهاء تمويل منحة المعاهد الوطنية للصحة (NIH) الخاصة به، تواصل مع قسم في جامعة كندية سبق أن حاول جذبه للعمل هناك. ويقول إنه الآن هو وزوجته، وهي أيضًا عالمة، يخوضان مقابلات عمل في كندا ويأملان في الانتقال بحلول نهاية العام.
ويضيف: "الجامعات في الخارج تستغل هذا الوضع لصالحها. ما أسمعه من المؤسسات التي نتحدث إليها، هو أن كثيرًا منها يرى في هذه اللحظة فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في كل جيل. لقد انتقلوا من التساؤل: 'هل يمكننا استقطاب بعض الباحثين؟' إلى: 'كم عدد الباحثين الذين يمكننا فعليًا ضمهم؟' — لأن الطلب موجود فعلًا".
ورغم كل هذا، عبر بعض المشاركين عن رغبتهم في البقاء. كتب أحدهم: "الأوساط الأكاديمية الأمريكية تملك أفضل بنية تحتية للبحث"، لكن الأغلبية التي أعربت عن نيتها في المغادرة سلطت الضوء على التحديات المتزايدة فى حالة استمرار تقليص التمويل لمعاهد الصحة الوطنية والبحثية حيث لن يكون هناك خيار آخر سوى المغادرة.