مصطفى بن مبارك القاسمي
يعد تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول السيطرة على قطاع غزة وتهجير سكانه إلى دول مجاورة، موقفًا خاطئًا وغير واقعي وغير قانوني؛ إذ هو بذلك يتجاهل الحقوق الأساسية لسكان القطاع في تقرير مصيرهم والعيش في أرضهم بكرامة. إن محاولة فرض مثل هذا السيناريو تتناقض مع المبادئ القانونية والإنسانية الدولية، وتؤدي إلى تداعيات خطيرة على الاستقرار الإقليمي والدولي.
ويملك أهل غزة الحق المطلق في البقاء في وطنهم، فهم السكان الأصليون الذين عاشوا على هذه الأرض لقرون طويلة، رغم ما تعرضوا له من نكبات وحروب متواصلة، ولقد تحملوا الجوع والعطش ونقص الأدوية والرعاية الصحية، كما افتقدوا جميع مقومات الحياة الأساسية نتيجة الحصار والاعتداءات المتكررة التي استمرت لسنوات طويلة من الظلم والقهر والقتل والتشريد والتهجير، وسط صمت دولي غير مبرر. ومع ذلك، لم يتخلَّ أهل غزة عن حقهم في العيش في أرضهم، بل أظهروا صمودًا غير مسبوق في وجه المحاولات الرامية إلى اقتلاعهم وتهجيرهم.
إن الحديث عن تهجير سكان غزة يتنافى مع القانون الدولي، إذ يُصنَّف القانون الدولي التهجير القسري كجريمة ضد الإنسانية، كما أنه يتجاهل إرادة الفلسطينيين الذين رفضوا مغادرة وطنهم حتى في أحلك الظروف، وإن أي محاولة لإجبار أهل غزة على مغادرة أرضهم تعني القضاء على هويتهم وحقهم في تقرير مصيرهم، وهو حق كفلته المواثيق الدولية لكل الشعوب.
وفرض مثل هذه السياسات لن تؤدي إلا إلى مزيد من الغضب والتوترات، مما يعمّق الأزمة بدلًا من البحث عن حلول عادلة ومستدامة.
إضافة إلى ذلك، فإن السيطرة على غزة بالقوة تعني الدخول في مواجهة مباشرة مع سكانها الذين أثبتوا أنهم مستعدون للدفاع عن حقوقهم رغم ما يعانونه من حصار وتجويع وقصف متواصل. كما أن مثل هذه الخطوات لا يمكن أن تؤدي إلى الاستقرار، بل ستؤجج العنف وتجعل الحل السياسي أكثر تعقيدًا.
والتعاطي مع غزة يجب أن يكون عبر إنهاء الحصار وإعادة الإعمار وضمان الحقوق الأساسية للسكان، وليس عبر فرض سياسات قسرية تزيد من معاناتهم وتنتهك إنسانيتهم.
وبناءً على ذلك، فإنَّ قرار السيطرة على قطاع غزة وتهجير أهلها يعتبر خطأ سياسيًا واستراتيجيًا، بل يمثل نهجًا غير مسؤول يتجاهل الواقع الإنساني والقانوني، ويهمل حق سكان غزة في تقرير مصيرهم والعيش في وطنهم بحرية وكرامة، وأن أي محاولة لفرض سياسات التهجير والإكراه لن تحقق سوى مزيد من الدمار والمعاناة، مما يستدعي موقفًا دوليًا صارمًا يرفض مثل هذه القرارات الأحادية الجانب والاطروحات العبثية، ومن هنا نؤكد ضرورة احترام حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً: