د. يوسف الشامسي **

 

أسدل ستار امتحانات الدبلوم العام وانطوت صفحة من الكفاح والمثابرة اشترك فيها الطلاب وأولياء الأمور والمدرسون، وبمتابعة حثيثة ومباشرة من وزارة التربية والتعليم، غير أن عملية التقييم للتجربة ككل -وكغيرها من التجارب- ضرورة ملحة، خصوصا وقد شاب هذه الفترة ما شابها من ربكة تعديلات مفاجئة للجدول بسبب إجازة الإسراء والمعراج، سبقها أيضا مطالبة بتعديلات في جداول اختبارات الطلبة للصفوف من 5- 11 جراء تحديد اختبارين في يوم واحد.

بيد أن ما يعنيني في هذا المقال كمتابع لما أثير بالتواصل الاجتماعي هو شبه غياب إعلامنا المحلي -المطبوع والمسموع والمرئي- في التعاطي مع أصوات الطلاب والمدرسين المختصين وأولياء الأمور على حد سواء.

أودّ التأكيد بداية أن تعاطي الإعلام الإيجابي والفاعل مع مطالب فئات المجتمع لا ينبغي أن يقتصر على نقل شكواهم فحسب، بل هو وسيلة لخلق حوار عام يحفّز الجهات المسؤولة إلى مراجعة سياساتها واتخاذ إجراءات استباقية أو تصحيحية. فعندما تُتداول تغريدات تناقش تكدّس الاختبارات في فترات زمنية قصيرة، وتتحوّل هذه القضايا إلى "ترندات"، غالبا ما تسعى -أو هكذا ينبغي- وسائل الإعلام الأمينة والنزيهة لتغطيتها بحرص، مما يوسع دائرة النقاش ويشجّع المسؤولين على التفاعل والتدخل. ولنضرب أمثلة على تجارب دولية عديدة كيف تحوّلت شكاوى طلابية مشابهة منشورة على منصات إلكترونية إلى قضايا رأي عام أدت إلى تغييرات ملموسة عززت ثقة الطلبة والمختصين بالمنظومة التعليمية وإدارتها.

ففي المملكة المتحدة عام 2020، ومع إلغاء امتحانات الثانوية العامة (A-Level وGCSE) بسبب جائحة كورونا، اعتمدت الحكومة البريطانية على خوارزمية لتقدير درجات الطلبة بناءً على أدائهم المدرسيّ السابق، مما أدى إلى انخفاض غير عادل في درجات آلاف الطلبة، خاصة في المدارس الحكومية. فنشر الطلبة قصصهم عبر منصات تويتر وإنستجرام وغيرها تحت هاشتاجات مثل #JusticeForStudents، فيما غطّت وسائل إعلام كـ"BBC" و"الجارديان" القضية بشكل مكثف. ونتيجة لهذه التغطيات المكثّفة، تراجعت الحكومة عن قرارها واعتمدت تقديرات المعلمين، مُعترفةً بخطأ النظام الخوارزمي.

أيضا في الهند عام 2021، اشتكى طلبة من صعوبة أسئلة اختبار القبول الوطني للطب (NEET) ومن تكرار الأخطاء في نماذج الأسئلة. وتصدّرت الشكاوى عناوين الصحف والقنوات التلفزيونية، مما دفع اللجنة المنظمة للاختبار إلى إعادة تقييم النتائج وإعلان تعديلات على نظام التصحيح، بل وإعادة الاختبار في بعض المراكز التي شابتها أخطاء فنية.

كذلك ما حدث في مصر عام 2022، إذ عبّر طلبة الثانوية العامة عن استيائهم من تراكم الامتحانات في أيام متقاربة، مما أثّر على أدائهم. فانتشرت الشكاوى عبر فيسبوك وتويتر تحت هاشتاج #نظام_التعليم_يُدمر_الطلبة، وانتقلت إلى البرامج التلفزيونية التي ناقشت القضية بموضوعية وشفافية مع مسؤولي التعليم. واستجابةً لتلك الحوارات البناءة التي استعرضها الإعلام، أعلنت وزارة التربية والتعليم تمديد الفترات بين الامتحانات وتعديل الجدول الزمني، وهو نتيجة مباشرة إلى تأثير وسائل الإعلام التي فسحت المجال لتداول قضايا الطلبة.

لا أريد الاستطراد كثيرا في النماذج فهي عديدة؛ كما لا أدّعي ضرورة الاستعجال في تلبية أصوات الطلبة، بل يفترض من الإعلام وبالشراكة مع جهات الاختصاص أن تناقش المطالب بكل شفافية وتشارك للخروج بالرأي الأصوب، فالقرارات المتخذة تحت الضغط قد لا تكون موضوعية على الدوام. ولأضرب مثالا بما حصل في كوريا الجنوبية عام 2018 من احتجاجات طلابية حول صعوبة امتحان القبول الجامعي (CSAT) والذي دفع المسؤولين إلى إجراء تعديلات سريعة في النظام، انتقدها لاحقا خبراء تربويون باعتبارها "تبسيطًا مفرطًا" قد يُقلل من جودة التعليم.

وهنا يظهر التحدي الأكبر: كيف يمكن للإعلام انتشال الشكاوى من "صدى الغرف" بوسائل التواصل الاجتماعي -إن جاز التعبير- وتحويلها إلى حوار موضوعي بعيدًا عن التضخيم الانفعالي، لضمان اتخاذ قرارات تصب في مصلحة العملية التعليمية على المدى الطويل؟

** أكاديمي بقسم الاتصال الجماهيري بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية في نزوى

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

شكاوى من نقص أدوية الكلى، ومطالبات للأجهزة الرقابية بمعالجة الوضع

قال رئيس مجلس إدارة المنظمة الوطنية لدعم التبرع بالأعضاء محمود بودبوس إن وضع أدوية مرضى الكلى بشكل عام سيئ جدا، مضيفا أن الأدوية المصاحبة لمرضى غسيل الكلى بشكل خاص غير متوفرة نهائيا.

وأضاف بودبوس لقناة ليبيا الأحرار، أنهم لم يتسلّموا أي شحنات من الأدوية المصاحبة لمرضى غسيل الكلى منذ قرابة مطلع عام 2024 الماضي، مؤكدا أن عدم توفر الأدوية المصاحبة يشكل خطرا على حياة المرضىن حسب قوله.

وأوضح بودبوس أنه في شهر يونيو الماضي، تم تحويل مبلغ يقدر بنحو 60 مليون يورو من قبل رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، من أجل شراء الأدوية الخاصة بمرضى غسيل الكلى، مضيفا أنهم لم يتسلموا أي شيء حتى الآن، ولا يعلمون أين ذهبت هذه الميزانياتن على حد قوله.

وأشار بودبوس إلى تسجيل وفاة أكثر من 170 مريضا من مرضى الكلى في العام الماضي بسبب نقص الأدوية والإهمال، من إجمالي يتجاوز 5000 مريضا يترددون للغسيل في 90 وحدة وقسم ومركزا لغسيل الكلى على مستوى ليبيا، بحسب قوله.

وحمّل بودبوس وزارة الصحة وجهاز الإمداد الطبي وجهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية، مسؤولية نقص أدوية مرضى غسيل الكلى والإهمال، مطالبا هيئة الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة بمحاسبة المسؤولين ومعالجة الوضع، وفق قوله.

ولفت بودبوس إلى أن هناك معاناة كبيرة لمرضى غسيل الكلى بالمنطقة الجنوبية، لعدم توفر الأدوية ونقص شديد في الأطباء، وغياب العناية، وإهمال بمراكز وأقسام ووحدات غسيل الكلى في المنطقة، بحسب وصفه.

المصدر: قناة ليبيا الأحرار

إدارة المنظمة الوطنية لدعم التبرع بالأعضاءمرضى الكلى Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0

مقالات مشابهة

  • الحكومة تتعامل مع شكاوى الري والبنك المركزي والاتصالات
  • القضاء الفرنسي يرفض شكاوى ضد مسؤولين في التحالف العربي باليمن
  • 15 نسخة فقط .. تعديلات مميزة لسيارة فيراري الخارقة بقوة 868 حصانا
  • شكاوى من نقص أدوية الكلى، ومطالبات للأجهزة الرقابية بمعالجة الوضع
  • تعديلات ضوابط إنشاء محطات تعبئة الغاز
  • الإعلام السويدي يكشف معلومات عن مرتكب مجزرة مركز التعليم
  • ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)
  • الفاف تجري تعديلات في برمجة مباريات كأس الجزائر
  • قيادات التعليم العالي والإعلام يؤدون واجب العزاء في الراحل الدكتور سامي عبد العزيز