صنعاء: الوجود الأمريكي في باب المندب عملا عدائياً
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
يمانيون../
تلعب الولايات المتحدة الأمريكية منذ عقود دوراً بارزاً ومؤثراً في الشؤون اليمنية، حيث سعت أمريكا منذ الحرب الباردة إلى الحفاظ على نفوذها في شبه الجزيرة العربية في مواجهة الاتحاد السوفييتي السابق، وازداد هذا الدور بشكل كبير بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وإعلان ما تسمى الحرب على الإرهاب، والتي اتخذت منها أمريكا سبباً للتدخل في شؤون الدول بشكل مباشر، إذ تبنت أمريكا سياسة تدخل أكبر في شؤون المنطقة بحجة مكافحة الإرهاب.
وفيما يخص اليمن، فقد استخدمت الولايات المتحدة طائرات مسيرة دون طيار بحجة استهداف تنظيم القاعدة وانتهكت السيادة اليمنية بشكل كبير حيث راح ضحية الهجمات الأمريكية العديد من الأبرياء المدنيين، ومع بداية العدوان على اليمن والذي أعلن بشكل مباشر من واشنطن ، انحازت أمريكا إلى جانب قوات التحالف بقيادة السعودية ودعمت تحالف العدوان على اليمن بجميع أنواع الأسلحة.
أما في منطقة باب المندب الاستراتيجية، فقد عززت أمريكا وجودها العسكري هناك تحت مسمى ضمان حرية الملاحة، ولكن في الحقيقة الهدف الأساسي لوجود تلك القوات هو حماية مصالح كيان “إسرائيل” حليفتها الرئيسية، فالولايات المتحدة تحرص على تأمين حركة السفن والناقلات الصهيونية في البحر الأحمر، لذلك، ينظر اليمنيون بقلق للدور الأمريكي المتعاظم في المنطقة، ويرون فيه تهديداً لمصالحهم وسيادتهم الوطنية، إلا أن واشنطن ماضية في تعزيز وجودها هناك، مدعومة بحلفائها الإقليميين.
إن موضوع التدخل الأمريكي في منطقة باب المندب يعتبر من القضايا الشائكة والمعقدة في المنطقة، وقد أثار تصريح وزير الدفاع بشأنه الكثير من الجدل، فمن ناحية، ترى الولايات المتحدة أن وجودها العسكري في المنطقة يهدف بالدرجة الأولى إلى مكافحة الإرهاب وحماية حرية الملاحة في مضيق باب المندب الاستراتيجي، إلا أن اليمن يرى أن هناك أهدافاً أخرى لهذا الوجود، وتصرح القيادات اليمنية دائماً أن أمريكا تحاول السيطرة على هذه المنطقة الحيوية لمصلحة “إسرائيل”، والواقع أن هناك تاريخاً طويلاً من التدخل الأمريكي في الشؤون اليمنية، كما أن أمريكا حليفة رئيسية لـ كيان “إسرائيل” في المنطقة، لذلك، فمن الطبيعي أن تنظر أطراف مثل اليمن بعين الريبة لوجود عسكري أمريكي قرب أراضيها.
في هذا السياق قال وزير الدفاع في حكومة الإنقاذ الوطني خلال رحلته إلى محافظة تعز أثناء زيارته للوحدات في المنطقة العسكرية السادسة بالبلاد ، إن وجود الولايات المتحدة في باب المندب والبحر الأحمر ليس بسبب الإرهاب ، ولكن بسبب الكيان الصهيوني.
وحسب ما نقلته وكالة الأنباء ، فقد قام وزير الدفاع في حكومة الإنقاذ الوطني بزيارة للوحدات في المنطقة العسكرية السادسة وقال أثناء زيارته للمنطقة ولقائه مع القوات اليمنية في جبهة تعز سنحرر كل أراضي اليمن من أيدي المحتلين.
وقال وزير الدفاع اليمني “إذا كان العدو يسعى للسلام فنحن نرحب بالسلام وإذا سعى لتصعيد التوتر فنحن جاهزون للمواجهة”، وأكد وزير الدفاع أن “القوات المسلحة جهزت نفسها وستكشف القيادة عن أسلحة جديدة في الوقت المناسب… هناك أراض وجزر يمنية محتلة في المياه الإقليمية للبحر الأحمر وخليج عدن والمياه الإقليمية حول المحيط الهندي، كل هذه المناطق ستتحرر “، وأضاف: “أتت دول كثيرة من جميع أنحاء العالم إلى باب المندب ومياه اليمن بسفنها بحجة محاربة الإرهاب، لكن في الحقيقة جاؤوا بسبب العدو الصهيوني ودعم مصالحه واحتلال الأراضي اليمنية ونهب الثروات “.
التداعيات
يرى اليمنيون أن التدخل الأمريكي في اليمن وخاصة في منطقة باب المندب يحمل العديد من الآثار السلبية، حيث يعتبر وجود القوات الأمريكية في القرب من اليمن وفي بعض المناطق في المحافظات الجنوبية المحتلة انتهاك واضح لسيادة اليمن وتدخل سافر في شؤونها الداخلية من قبل قوة أجنبية، وهذا يهدد أمن واستقرار اليمن، فدعم القوات الأمريكية للمجموعات المسلحة التابعة لتحالف العدوان يعمل على تصعيد التوتر في الداخل اليمني في ظل الهدنة.
وفي السياق نفسه لا يمكن فصل التصعيد الأمريكي، عن تصاعد حالة الغليان الشعبية المتقدة ضد قوى التحالف وما تسمى حكومة المرتزقة في المحافظات الجنوبية اليمنية المحتلة، وخصوصاً مع موجة الاحتجاجات الغاضبة رفضاً لانهيار الوضع المعيشي واستمرار ما تسمى حكومة المرتزق معين و ما يسمى مجلسها الرئاسي في تصدير الوهم للمواطنين، الأمر الذي ينذر بانفجار انتفاضة شاملة، يرى الأمريكي أنها ستطاله في المقام الأول باعتباره الراعي الأول والرئيسي للتحالف السعودي الإماراتي وفصائله.
الأهم من ذلك، أن التصعيد الأمريكي يعكس مخاوف عميقة تعيشها الإمبراطورية العجوز من تنامي وتعاظم القدرات العسكرية والحربية لقوات صنعاء، والإحساس الأمريكي بالعجز عن مواجهة صنعاء، في حال آلت الأمور إلى استئناف الحرب، حيث يرجح أن تكون المعركة بحرية، باعتبار التحشيدات العسكرية الأمريكية الغربية المستمرة في مياه البحرين العربي والأحمر، وتأكيد صنعاء على حقها المشروع في طرد القوات الأجنبية من سواحلها الاستراتيجية.
على كل حال، فإن التصعيد الأمريكي المستمر في اليمن، ستكون له تداعيات كبيرة على مستقبل الحرب وبالتأكيد على مستقبل قوى التحالف السعودي الإماراتي وفصائلها، حيث يؤكد مراقبون أن التصعيد سيؤدي في نهاية المطاف إلى استئناف الحرب، وخصوصاً مع استمرار قائدة التحالف، بالتنصل من تنفيذ التزاماتها في الملف الإنساني، وهي الحرب التي تؤكد مجمل المؤشرات، أن نتائجها ستكون لمصلحة صنعاء، إذا ما أدركنا مختلف التطورات والمعطيات والحقائق على الواقع.
الأطماع الأمريكية في اليمن
تولي الولايات المتحدة الأمريكية اهتماماً كبيراً باليمن نظراً لموقعه الاستراتيجي على باب المندب، وتسعى من خلال تدخلها في الشؤون اليمنية لتحقيق مجموعة من الأهداف والمصالح الأمريكية في المنطقة، فمن الناحية الجيوسياسية، ترى الولايات المتحدة أن اليمن يمثل عمقاً استراتيجياً لها، كما أن سيطرتها على باب المندب ستمكنها من التحكم بحركة النفط والتجارة العالمية، كذلك تسعى أمريكا لحماية حليفتها كيان “إسرائيل” ودعم أمنها من خلال وجودها في اليمن.
أما اقتصادياً، فاليمن يمتلك احتياطيات نفطية وغازية هائلة غير مستغلة بعد، ما يشكل جاذبية كبيرة للشركات الأمريكية للاستثمار في هذا المجال، كما تتطلع الولايات المتحدة للسيطرة على الموانئ اليمنية الحيوية مثل عدن .
وعلى صعيد الأمن، تبرر أمريكا تدخلها بمحاربة الإرهاب والقاعدة، إلا أنها تواجه اتهامات بممارسة أجندة خفية لتعزيز نفوذها وسيطرتها على المنطقة على حساب السيادة اليمنية.
إجمالاً، تستغل أمريكا حالة الفوضى في اليمن لترسيخ وجودها وتحقيق مكاسب جيوسياسية واقتصادية، مستفيدة من ضعف الدولة اليمنية، ما يثير مخاوف اليمنيين من الأطماع الأمريكية تجاه بلادهم.
موقع الوقت التحليلي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکی فی وزیر الدفاع باب المندب فی المنطقة فی الیمن
إقرأ أيضاً:
العمليات اليمنية في البحر الأحمر.. جحيم لحاملات الطائرات الأمريكية
يمانيون../
تكتب القوات المسلحة اليمنية مع نهاية عام 2024م الفصول الأخيرة لنهاية حاملات الطائرات الأمريكية.
ما حدث خلال عام واحد، شيء لا يصدق، كما يقول الأمريكيون، فاليمنيون الذين خرجوا من ركام حرب مدمرة لعشر سنوات، يظهرون قوة عسكرية تذهل العالم، وتجعل الكثير من الخبراء والمحللين العسكريين في حيرة من أمرهم، وكأن المارد قد خرج من القمم.
في البداية، كانت حاملة الطائرات الأمريكية (يو اس اس ايزنهاور) تجوب البحار، والمحيطات، وتستعرض من خلالها واشنطن قوتها، وهيمنتها على الدول، بما فيها الدول العربية المغلوبة على أمرها، وترسل أكثر من رسالة للعالم، مفادها بأن عليه أن يسكت ويصمت ولا يحرك ساكناً تجاه ما يحدث من جرائم إبادة صهيونية في قطاع غزة، ما لم فإنها لن تتردد في تأديب كل المخالفين.
ومع استعراض هذه القوة، فضل الكثير من الحكام العرب والمسلمين، التزام الصمت، وبلع الكثير منهم ألسنتهم، لكن بلداً عربياً خرج عن المألوف، وأعلن بالفم المليان وقوفه مع غزة، والمساندة للمظلومية الفلسطينية، بالوسائل والطرق المتاحة، بما فيها الفعل العسكري، من هنا ظهر اليمن كلاعب رئيس، وقوة إقليمية في المنطقة.
ابتدأ اليمن عملياته العسكرية بالتدرج، وفي مرحلة متصاعدة، وصولاً إلى المرحلتين الرابعة والخامسة، والتي ظهرت فيها عمليات نوعية، أذهلت العالم، بما فيها استهداف حاملة الطائرات الأمريكية “ايزنهاور” لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى الرغم من المكابرة وحجم الإنكار الكبير، وعدم الاعتراف من قبل الأمريكيين بما حدث لهم، إلا أن الكثير من القصص، توالت في وسائل الإعلام الأمريكية، ومن يوم إلى آخر، كانت الفضائح تطفو على السطح، فالرواية اليمنية هي الصادقة، وما يعلنه الأمريكيون هو الكذب بحد ذاته.
وبالتوازي مع كل ما حدث، توارت “ايزنهاور” عن الأنظار، عائدة إلى البلد الأم، ومعها الكثير من الحكايات والقصص التي سيدونها التاريخ في أنصع صفحاته.. عادت إلى حظيرة الصيانة، ويرافقها الإخفاق والفشل الأمريكي، والهزيمة الساحقة أمام القوة اليمنية الناشئة والمتصاعدة.
بيد أن الأمريكيين لم يستفيدوا من درس “ايزنهاور”، معتقدين أن ما حدث قد يكون مجرد صدفة، وشجاعة من جيش لا يخشى شيئاً، لذلك عاودوا الكرة مرة أخرى، مرسلين قطعاً بحرية، وبوارج عسكرية، ومدمرات، وحاملة الطائرات “روزفلت”، لكن السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي- يحفظه الله- بطل معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، خرج في خطاب متلفز، معلناً أن “روزفلت” إذا غامرت ودخلت إلى منطقة العمليات في البحر الأحمر، فإنها ستكون قيد الاستهداف للجيش اليمني.
وبالفعل، لم يجرؤا الأمريكي على إدخال “روزفلت” إلى البحر الأحمر، وظلت تمخر في محيطات وبحار بعيدة عن اليمن، حتى ضاق الأمريكيون ذرعاً، وأعلنوا انسحابها من المشهد، لتحتل مكانها “ابراهام لينكولن”، وهذه الحاملة هي الأخرى، لم تجرؤا على دخول البحر الأحمر، وظلت في البحر العربي، ترقب المشهد اليمني بعيون وجلة، وتوجس من بعيد.
اعتقد الأمريكيون أن بإمكانهم المساس بهيبة اليمن، متخذين من حاملة الطائرات الأمريكية “لينكولن” منطلقاً لتنفيذ هجمات نوعية بالطائرات على مواقع متعددة في المحافظات اليمنية، لكن الرد اليمني سريعاً، حيث تم استهداف هذه الحاملة، أثناء محاولتها تنفيذ هجوم واسع على اليمن، فكانت عملية استباقية أفشلت المخطط الأمريكي، وأعاقت خططه.
انتصر اليمنيون في حرب المعلومات، وفي الحرب الاستخباراتية، وفي الجرأة والشجاعة على استهداف “لينكولن”، وجر الأمريكي وراءه الخيبة والهزيمة، باحثاً عن وسيلة أخرى لتحقيق هدفه في اليمن، وإلحاق الهزيمة بالجيش اليمني.
وفي ظل ذروة الأحداث في المنطقة، وتصاعد التوحش الإجرامي الصهيوني في قطاع غزة، والصمت العربي والإسلامي المطبق، جاءت حاملة الطائرات الأمريكية (يو إس إس هاري ترومان) إلى البحر الأحمر، في تحد جديد لليمن، ولقواته المسلحة، معتقدين أن اليمنيين سيخضعون هذه المرة، وسيعلنون الاستسلام، لا سيما وأن الأمريكي يسجل نقاطاً في المنطقة العربية، ومنها إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.
اليوم، جاءت الضربات الموجعة، والصفعة القوية للعدو الأمريكي، بإعلان القوات المسلحة اليمنية عن تنفيذ هجوم واسع، استهدف “ترومان” في البحر الأحمر، بثمانية صواريخ باليستية مجنحة، و17 طائرة مسيرة، في حدث تاريخي استثنائي، رافقه اسقاط مقاتلة أمريكية من نوع f18 .
ستهرب (يو اس اس هاري ترومان)، كما هربت حاملات الطائرات الأمريكية الثلاث “ايزنهاور” و”روزفلت” و”ابراهام لينكولن”، وسيجل التاريخ أن اليمن هو حارس البحر الأحمر، وملكه، ومنه سيعود لليمن مجده، وتاريخه، وسؤدده، فالتاريخ يعلمنا أن البحر الأحمر، كان قديماً يسمى “ببحر اليمن”، وباب المندب كان يسمى “بوابة الدموع”، وأن الغزاة على امتداد التاريخ، كانوا يصطدمون ببأس وصلابة اليمنيين، وجبروتهم، لا سيما عندما تكون كلمتهم واحدة، وموقفهم واحد، وقيادتهم حكيمة، فالتبع اليماني يعود اليوم من جديد، واليمن يصنع التاريخ من جديد، ولا عزاء للخونة، والعملاء، والمنبطحين، والصامتين عن جرائم المتكبرين في فلسطين.
المسيرة – أحمد داوود