يسري جبر: زرع القناعة في الأطفال أساس تربية متوازنة
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
أكد الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، أن تعليم الأطفال القناعة والتوازن في حياتهم يعد من المبادئ الأساسية التي يجب أن يحرص عليها الآباء، مشيرًا إلى أن الإسلام يدعو إلى الاعتدال في تلبية الرغبات وعدم الانسياق وراء الشهوات بلا ضوابط.
وخلال حلقة برنامج "اعرف نبيك" المذاع على قناة "الناس"، ذكر الدكتور يسري جبر موقف الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنه، عندما رأى رجلًا يشتري الحلوى لمجرد اشتهائه لها، فقال له: "أفكلما اشتهيت اشتريت؟"، مؤكدًا أن هذا ليس النهج السليم في تربية النفس، وأن الإنسان يجب أن يتحلى بالقناعة وأن يكون متوازنًا في رغباته.
وأوضح الدكتور يسري أن النبي ﷺ كان يحب اللحم لكنه لم يسعى وراءه أو يطلبه بنفسه، بل كان يرضى بما هو متوفر، مما يعكس مبدأ القناعة والرضا. كما استشهد بموقف النبي ﷺ عند فتح مكة عندما طلب طعامًا من أم هانئ، فلم تجد عندها سوى قطعة خبز وخل، فقبلها قائلًا: "نعم الإدام الخل"، مما يعكس رضاه بالقليل وتواضعه رغم كونه قائد النصر.
وأشار إلى أن تلبية رغبات الطفل بشكل مفرط تجعله يكبر دون أن يشعر بقيمة النعمة، في حين أن الطفل الذي يتعلم أن يسعى لتحقيق ما يريد بجهده ويعرف أن ليس كل ما يشتهيه متاحًا، سينشأ على القناعة مما يجعله أكثر اتزانًا في حياته المستقبلية.
وأكد في ختام حديثه أن زرع القناعة والرضا بما هو متاح في نفوس الأطفال هو السبيل لتنشئة جيل واعٍ قادر على مواجهة التحديات دون الانسياق وراء الاستهلاك المفرط والتطلعات غير الواقعية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علماء الأزهر الشريف الإسلام الأزهر الشريف المزيد
إقرأ أيضاً:
هل يجوز السكوت عن إقرار قانون حماية الطفل في البرلمان العراقي؟ بعد مقتل الطفلة نرجس والطفل موسى
بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..
لا يمكن النظر إلى حادثتي مقتل الطفلة نرجس والطفل موسى إلا كجرس إنذار صادم يقرع بقوة ضمير المجتمع والدولة في العراق، ليكشف هشاشة الحماية القانونية للأطفال، ويعري الواقع الأليم الذي يعيشه ملايين الأطفال في ظل غياب قانون فاعل وشامل لحمايتهم. حين يُقتل طفل ببراءة موسى، أو تُغتال طفولة نرجس بوحشية، لا يكون الجُرم فردياً فقط، بل تتحمل مسؤوليته دولة بأكملها تقاعست عن تشريع قانون يضع حياة الطفل فوق كل اعتبار.
السكوت عن إقرار قانون حماية الطفل لم يعد خياراً أخلاقياً، ولا حتى سياسياً. فكل تأخير في تشريع هذا القانون يعني ترك ملايين الأطفال عرضةً للاستغلال، العنف، الإهمال، والزواج المبكر. وفي ظل غياب الحماية القانونية، تتكرر المآسي، وتتحول الجرائم من استثناءات مأساوية إلى نمط مألوف ومُرعب.
العراق، ورغم توقيعه على اتفاقية حقوق الطفل منذ عام 1994، لم ينجح حتى اليوم في ترجمة هذه الالتزامات الدولية إلى قانون وطني متكامل يحمي حقوق الطفل. ما زال الطفل العراقي يفتقر إلى مظلة قانونية تنصفه أمام الظلم، وتمنع الاعتداء عليه، وتحاسِب من ينتهك طفولته. إن وجود قانون حماية الطفل لم يعد ترفاً تشريعياً، بل ضرورة ملحّة تفرضها الأحداث اليومية والدماء البريئة التي تُراق دون رادع.
قانون حماية الطفل يجب أن يتضمن إجراءات واضحة لمتابعة حالات العنف الأسري، ويمنح المؤسسات المختصة الصلاحيات للتدخل العاجل لحماية الطفل. يجب أن يتضمن آليات لرصد الانتهاكات، وبرامج توعية للأهالي، وأن يُجّرم الإهمال والعنف بكافة أشكاله، سواء كان جسدياً، نفسياً، أو لفظياً. كما يجب أن يحدد العقوبات بحق من يُعرّض حياة الأطفال للخطر، أو يُحرّض على إيذائهم، أو يُقصّر في حمايتهم.
إن السكوت عن تشريع هذا القانون يُعتبر تواطؤاً غير مباشر مع الجناة. بل إن كل من يتقاعس عن تمريره، يشارك – بصمته – في صناعة بيئة خصبة للعنف والإهمال والقتل بحق الأطفال. وإذا كان البرلمان العراقي عاجزاً عن الوقوف مع أطفال بلاده في أصعب لحظاتهم، فمتى سيتحرك؟ أليس من واجب كل نائب أن يضع مصلحة الأطفال فوق كل حساب سياسي أو حزبي؟
المجتمع المدني، الإعلام، المؤسسات الدينية، والنشطاء، جميعهم مدعوون اليوم لتشكيل ضغط شعبي واسع لإقرار قانون حماية الطفل دون تأخير. لأن كل يوم يُمرّ دون هذا القانون، هو فرصة جديدة لمأساة أخرى، لجريمة أخرى، لصرخة أخرى لا يسمعها أحد.
ختاماً، لا يجوز – لا قانوناً، ولا أخلاقاً، ولا إنسانياً – السكوت بعد اليوم. الطفلة نرجس والطفل موسى ليسوا مجرد أسماء عابرة في نشرات الأخبار، بل جرح نازف في قلب العراق، لن يلتئم إلا بعد أن تنتصر العدالة، ويُقرّ قانون ينصفهم وينقذ من تبقى من الأطفال قبل فوات الأوان.
انوار داود الخفاجي