يعتزم الاتحاد الأوروبي فرض قيود على البنوك الأجنبية العاملة في القارة العجوز، من شأنها التأثير سلبا على التحويلات المالية التي يجريها المهاجرون المغاربة المقيمون في أوروبا.

وتأتي هذه الخطوة مع صعود اليمين المتطرف بعدد من الدول الأوروبية إلى دوائر الحكم، والتضييق على المهاجرين، في ظل واقع اقتصادي دولي غير مستقر.

ومطلع فبراير/شباط الجاري، قال مكتب الصرف المغربي (حكومي) إن تحويلات المهاجرين بالخارج بلغت نحو 117.7 مليار درهم (11.7 مليار دولار) خلال 2024، مسجلة ارتفاعا بنسبة 2.1% عن 2023.

ويصل عدد المغتربين المغاربة إلى 5 ملايين شخص، بحسب إحصاءات وزارة الخارجية المغربية، وتعد تحويلاتهم أول مصدر للنقد الأجنبي في المملكة.

ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى تقييد التحويلات المالية من البنوك الأجنبية العاملة في أراضيه، بما في ذلك البنوك المغربية، وإخضاعها للوائح الأوروبية.

وإذا نجحت الخطوة الأوروبية في توحيد القواعد لجميع البنوك الأجنبية، ستتعزز سيطرتها على التدفقات المالية، وترتفع تكاليفها، مما سينعكس سلبا على حجم التحويلات المالية، لا سيما تحويلات المهاجرين المغاربة.

ويعتزم الاتحاد الأوروبي تطبيق توجيه جديد يلزم البنوك الأجنبية العاملة في أوروبا بإنشاء فروع محلية تخضع للوائح الأوروبية لمواصلة أنشطتها.

إعلان

وأثارت هذه الخطوة مخاوف السلطات المغربية، رغم ادعاء أوروبا أنها موجهة لبريطانيا فقط، بعد انسحابها من الاتحاد الأوروبي رسميا نهاية 2020.

تحويلات المغاربة المهاجرين بلغت 11.7 مليار دولار في العام 2024 (رويترز) مخاض اقتصادي أوروبي

وتعقيبا على ذلك، يقول الخبير الاقتصادي المغربي عمر الكتاني إن "السياق الدولي الحالي يؤشر على دخول أوروبا في أزمة اقتصادية".

وفي تصريح للأناضول، يوضح الكتاني أن الإجراءات الأوروبية المرتقبة تأتي في سياق مخاض اقتصادي دولي بعد عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

ويعتبر أن أوروبا "مقبلة على خسائر اقتصادية ومالية، وهو ما يجعلها تبحث عن موارد وبدائل مالية واقتصادية جديدة".

ولفت الكتاني إلى أن أوروبا ستتضرر كثيرا بعد فقدانها مصادر أموال ناتجة عن تكرير البترول، عقب إطلاق نيجيريا أكبر مصفاة لتكرير البترول بالقارة السمراء بـ20 مليار دولار. وبدأ الإنتاج بهذه المصفاة في يناير/كانون الثاني 2024.

ويحذر الخبير من انعكاس الأزمة الأوروبية المتوقعة على اقتصاد المغرب إذا لم تتخذ السلطات هناك أي إجراءات، بالنظر إلى أن أكثر من 60% من التجارة الخارجية للبلاد هي مع الاتحاد الأوروبي.

وأوضح الكتاني أن تحويلات المغتربين المغاربة تلعب دورا مهما في دعم التوازن المالي لاقتصاد المغرب، وتساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأسر المغربية.

مفاوضات

ويشيد الكتاني بدخول بلاده في مفاوضات مع الطرف الأوروبي، مستدركا بالقول "المغرب سيخضع لبعض الشروط والقيود في تحويلات الجالية المغربية".

ويوضح أن القيود "يمكن أن تشكل خسارة كبيرة للاقتصاد بالنظر إلى حجمها الكبير والمهم".

ويعتقد الكتاني أن بلاده تتوفر على عناصر قوة في التفاوض، مثل التحفيزات الكبيرة التي تمنحها للاستثمارات الأجنبية، ويدعو إلى توظيف هذه الورقة في المفاوضات مع أوروبا.

إعلان

وعن بدائل أخرى لمواجهة الإجراءات الأوروبية، شدد الكتاني على ضرورة تقوية اقتصاد المغرب، وعدم الاعتماد على موارد معينة، مثل التحويلات المالية للمغتربين، والأمطار في القطاع الزراعي وعائدات السياحة، وهي أمور خارج السيطرة.

ونهاية يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت الحكومة المغربية، أن حجم الاستثمارات الأجنبية بلغ 4 مليارات دولار خلال الـ9 أشهر الأولى من 2024، وهي الأفضل في تاريخ البلاد.

ويراهن المغرب على الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى مداخيل السياحة وتحويلات المغتربين المغاربة بالخارج، فضلا عن قطاعات صناعية مثل السيارات والطيران.

المغرب يراهن على الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى مداخيل السياحة وتحويلات المغتربين المغاربة بالخارج (الجزيرة) تحركات مغربية

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن محافظ البنك المركزي المغربي (بنك المغرب) عبد اللطيف الجواهري عن مفاوضات جمعت بلاده مع المفوضية الأوروبية وبعض الدول الأخرى، عقب التوجيه الأوروبي الجديد.

وقال الجواهري، في مؤتمر صحفي، إن "البنك تواصل مع المفوضية الأوروبية بخصوص التوجيه الجديد، وأكدت له أن الأمر لا يتعلق بالمغرب، بل متعلق بالبنوك البريطانية".

وأضاف "أخبرناهم أن هذه العملية تتعلق بكل البنوك غير الأوروبية، ورغم أنها تمس البريطانيين، فإنها ستمس أيضا مصالح البنوك المغربية".

وأشار الجواهري إلى أنه "بعد المفاوضات مع المفوضية الأوروبية أكثر من مرة، انطلقت المفاوضات مع دول وبنوك أوروبية، والتوصل إلى اتفاق سيفتح الباب أمام توافقات مع باقي الدول الأخرى".

ولفت إلى أن "هذه المنهجية التي اعتمدها المغرب انطلقت مع فرنسا، وإذا تم التوصل إلى اتفاق معها، ستسهل المأمورية مع دول أخرى، مثل إسبانيا وهولندا وبلجيكا وإيطاليا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات التحویلات المالیة الاتحاد الأوروبی البنوک الأجنبیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

عضو الأعيان الأردني: الموقف الأوروبي يتغير ويتم الضغط على أمريكا وإسرائيل بشأن فلسطين

أكد عمر العياصرة عضو مجلس الأعيان الأردني، أهمية تكثيف التعاون والتنسيق مع الدول التي تدعم الحق الفلسطيني، سواء في أوروبا أو في أفريقيا وآسيا.

في يونيو المقبل| قرار هام من فرنسا بشأن فلسطين.. ماذا يحدث؟قيادي بالحزب الاشتراكي الألماني: موقف أوروبا تجاه فلسطين تحوّل لإيجابى |فيديو


وأشار إلى أهمية تحالفات استراتيجية مع دول أوروبية فاعلة، مثل فرنسا، التي أعلنت مؤخرًا عن موقف قوي تجاه القضية الفلسطينية، لافتًا، إلى أنّ الموقف الأوروبي يتغير ويتم الضغط على أمريكا وإسرائيل بشأن فلسطين.

واعتبر العياصرة، في تصريحات مع الإعلامي عمرو خليل، مقدم برنامج "من مصر"، عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية بمثابة اختراق كبير في المواقف الدولية.


وأوضح أنه من الضروري أن تجتمع الدول العربية الفاعلة، مثل مصر والأردن، مع فرنسا للتنسيق مع الإدارة الأمريكية، بهدف الضغط على واشنطن لتغيير مواقفها المتطرفة لصالح القضية الفلسطينية.


وذكر، أن الحكومة الإسرائيلية تحت قيادة نتنياهو تركز على المصلحة الداخلية في إسرائيل والغطاء الأمريكي، إلا أن أوروبا بدأت تتحرك نحو مواقف أكثر فاعلية في دعم فلسطين، مشيرًا، إلى أن هذه التحولات ستزيد من الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة.


من جانب آخر، أشار إلى أن الدبلوماسية الفرنسية، وخاصة زيارة ماكرون الأخيرة للقاهرة، شكلت نقطة تحول كبيرة في الموقف الفرنسي، مما يعزز التنسيق بين أوروبا والعالم العربي.


وفي هذا السياق، أكد العياصرة أن استمرارية الضغط على الولايات المتحدة مهم للغاية في دعم الفلسطينيين.

الحراك العربي
 في الختام، شدد العياصره على أهمية إبقاء خطة إعادة الإعمار الفلسطينية على الطاولة في إطار الحراك العربي، لضمان تحقيق تقدم ملموس في القضية الفلسطينية، مع التأكيد على أن الاعتراف الفرنسي بالدولة الفلسطينية يمثل خطوة حاسمة ومؤثرة.

مقالات مشابهة

  • عضو الأعيان الأردني: الموقف الأوروبي يتغير ويتم الضغط على أمريكا وإسرائيل بشأن فلسطين
  • المغرب والاتحاد الأوروبي.. شراكة تجارية تحتضن منافسة محمومة
  • كل ما يخص تحويلات إنستا باي والرسوم الجديدة عليه باستثناء هذه البنوك| تفاصيل
  • صدمة اقتصادية تضرب عالم كرة القدم بعد رسوم ترامب الجمركية
  • قراصنة مغاربة يُعطّلون حساب وكالة الأنباء الجزائرية على تويتر
  • بسبب رسوم ترامب.. المفوضية الأوروبية تخشى تحويل الصين لصادراتها الرخيصة إلى أوروبا
  • صدمة اقتصادية في عالم كرة القدم بسبب رسوم ترامب الجمركية
  • قمة أوروبية بين بايرن ميونخ وإنتر ميلان في ربع نهائي دوري الأبطال
  • محكمة أوروبية: الاتحاد الأوروبي معرض لمخاطر تشوه السمعة
  • خبير استراتيجي: زيارة ماكرون لمصر تعكس توازن القوى الأوروبية في ظل الأزمات