«الزمن والهوية».. ذاكرة ضمنية للممارسة الفنية
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
نوف الموسى (دبي)
من خلال السيرورة الاجتماعية للفضاءات الإبداعية، أيّ عندما تتحرك الأعمال الفنية ويتطور حس الفنانين، تبدأ السياقات الثقافية الناتجة عن تلك الحركة المجازية، في تشكيل الحوار مع المتلقي، وكأنها تبني من ذاتها مجتمعاً خاصاً بها، يعكس الحراك الاجتماعي لعوالم الفنانين ومحيطهم المحلي، وتساؤلاتهم حول تجاربهم الشخصية، باعتبارها جزءاً من هوية عامة، ينحتها الزمن مع التراكم، وربما التكرار في إعادة اكتشافها كممارسة فنية تحمل ذاكرة ضمنية، مليئة بالمفاهيم والتصورات الحياتية، التي بطبيعتها الجمالية تهدينا تذوقاً رفيعاً لمشاعرنا الخاصة، الجيدة منها والسيئة.
في معرض «الزمن والهوية» الفني، جاءت الأعمال الفنية كمحاكاة حيّة لملاحظات الفنانين البحثية حول الفعل الاجتماعي لصيرورة أعمالهم الفنية، نظمته هيئة دبي للثقافة والفنون، في غاليري مكتبة الصفا للفنون والتصميم، مستكملةً دورها في منح الفنانين الشباب امتداداً مستداماً لممارساتهم الفنية في المساحات العامة، فبعض الفنانين في المعرض، شاركوا مسبقاً في «مهرجان سكة للفنون والتصميم»، بالتوازي مع حضور أعمال للفنانين الرواد مثل الفنان عبدالقادر الريس والفنان محمد كاظم والفنان د. محمد يوسف، إضافة إلى مشاركة فنانين يملكون سجلاً زاخراً بالأعمال الفنية في البرامج الثقافية السنوية مثل المعارض الفنية في «آرت دبي» و«مركز تشكيل»، و«السركال أفنيو» و«أسبوع دبي للتصميم»، منهم الفنانة لطيفة بنت مكتوم، والفنانة زينب الهاشمي، والفنانة ميثا دميثان. ويشكل حضورهم جميعاً ترجمة عملية لتصورات المنهجية الداعمة للقراءات النقدية فيما يتعلق بالحراك الفني لدولة الإمارات، من خلال تكريس حالة النقاشات لما يُحدثه تطور الفنانين الإماراتيين بمختلف الإمكانات والتخصصات وهم يلتقون في مساحات مشتركة.
السياقات الثقافية
والبحث في مفهوم «السياقات الثقافية»، في معرض «الزمن والهوية»، سيجعلنا نتجاوز الفكرة المباشرة في طريقة تعاطينا مع الأعمال الفنية، كإطار منفصل عن الفضاء الإبداعي وهنا نقصد به «الغاليري»، بأن نتعرف على الفنانين عبر فنانين آخرين، باستخدام وسائطهم الإبداعية في مجال الفنون. وكذلك أن نقارب أعمال الفنانين السابقة بأعمالهم الحالية، فنحن بذلك نستطيع أن نتعرف عليهم في نسخ فنية متعددة، ففي كل مرة ينتج فيها الفنان عملاً فنياً فهو ينتقل إلى شخصية فنية مختلفة. وبالنسبة للفنان عمّار العطار، وعمله الفني «128 بصمة دخول - بصمة خروج»، لم يتوقف عن استفزاز ركود الفعل الروتيني للأعمال اليومية التي قد يمارسها البشر، دونما وعي.
وفي المقابل، ذهب الفنان جمعة الحاج في عمله «أوراق وتناثر» نحو كسر نمطية الخط بإضفاء حالة من الضمنية لنصوص قديمة، إنها محاولة للارتقاء بالمعنى من خلال اكتشاف طبقية الذاكرة الجمعية، أما في حالة الفنانة أسماء خوري «الذكريات المشتركة أكياس شاي خيوط حبر»، والفنانة سلامة نصيب «سلسلة حينئذ والآن | الفناء الخلفي» والفنانة فاطمة آل علي «أقول لنفسي، أتذكر كل شي»، والفنانة سلمى المنصوري «من أصبحت عليه داخل هذه الجدران»، والفنانة سلامة الفلاسي «غائب»، وكأن الزمن توقف لبرهة في تلك الأعمال تحت بقعة ضوئية تأملية خاصة، تكشف حميمية الفنانين وتقيس متانة فعل الذاكرة في المشهدية الواحدة لموقف بعينه، والمشهدية المتعددة لأحداث متداخلة.
ولابد من القول إن التقارب بين العمل التركيبي للفنان د. محمد يوسف «النعاشات الصغيرات»، بجانب عمل الفنانة تقوى النقبي «الفستان العنابي»، وكان لافتاً في الترادف لمعنى «الرقص» في احتفالية «النعاشات» أداء فني تقدمه الفتيات الصغيرة، كجزء من أداء فن «العيالة» الشعبي وبين الفستان لدى النقبي في رمزية الرسومات ذات الطابع الأحفوري بفنتازيا متخيلة. وجاءت كذلك الفنتازيا عبر عمل «توقف» للفنانة روضة الكتبي في اشتغالاتها اللافتة للنسيج المعبر عن الوقت، كمحرك لآلة الزمن.
التباين البصري
واستمراراً للسياقات الاجتماعية للبيئة الطبيعية وتأثيرها في بناء الهوية ضمن فضاء زمني متحرك، حضرت أعمال الفنان محمد كاظم الاتجاهات (الخطوات)، والفنانة ميثا العميرة «كيف تكون الطبيعة ثابتة والشمس لا تستريح»، والفنان عمار البنا «الاستقرار في الماضي» والفنانة أمينة الجرمن «نظور سلسلة سدروه الأولى»، والفنانة لطيفة سعيد «الأرشيف»، في حوار مستدير متواصل بين الأعمال في الشكل الإبداعي لتوثيق الأرض ومتغيراتها الجيولوجية، وأيضاً كيفية صياغة لغة فنية قادرة على التفاعل مع البيئة الطبيعية وتجسيدها عبر الوسائط المتعددة.
وتستحق الأفكار التي تحملها أعمال الفنانة موزة الفلاسي، التي تشارك بمعرض «الزمن والهوية» من خلال عملها الفني «همْهَمة»، الكثير من الاهتمام النقدي والنقاشات الثقافية، كونها تعبر عن لغة خاصة بالفنانة، ومخزون من الرؤى البصرية بأبعاد فلسفية تهتم بالتجربة الحسية للذاكرة، كقاعدة أساسية لبناء المشروع الفني، يذكر أن الفنانة موزة الفلاسي شاركت في «مهرجان سكة للفنون والتصميم» لعام 2023، من خلال أعمال فوتوغرافيا حملت سؤالاً جوهرياً حول الفقد في التجربة الإنسانية، وما يميز إنتاجها الإبداعي، أنها في محاولة دائمة بتجاه تجسيد الشعور واستحضاره من منطقة اللاوعي إلى لحظة وعي حسية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: محمد كاظم الإمارات محمد يوسف الأعمال الفنیة من خلال
إقرأ أيضاً:
غضب واستياء بالإسكندرية.. بسبب وقف أعمال ترميم المساجد الأثرية
تسبب توقف اعمال الترميم والصيانة الشاملة ل 3 مساجد تاريخية اشهرها مسجد سيدى على السماك بغرب الاسكندرية فى غضب واستياء المواطنين، ورواد المساجد.
وكانت قد تسببت الاعتمادات المالية ونقص التمويل اللازم في توقف أعمال الصيانة الشاملة والترميم لـ3 مساجد تاريخية بينها مسجد أثرى في حى غرب بالإسكندرية. فيما أعلنت مديرية الأوقاف في الإسكندرية تصديها لإيجاد حلول عاجلة للمساجد الثلاثة من منطق إعمار المساجد وعن التأخر في تلبية احتياجات المواطنين إلا أن الأمور تسير وفق خطط حكومية في هذا الشأن.
ووجه الفريق أحمد خالد، محافظ الإسكندرية، الجهات المعنية من الأوقاف ولجنة الحفاظ على التراث بضرورة إيجاد حلول عاجلة لاستئناف أعمال الصيانة الشاملة والترميم للمساجد الثلاثة سيدى على السمان والمغربي وسيدى القبارى، ومحاولة الانتهاء منها قبل شهر رمضان.
وناقشت لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب اليوم ثلاثة طلبات إحاطة مقدمة من أمين الشؤون البرلمانية بشأن الإهمال والتأخر في أعمال ترميم مساجد سيدى القبارى وسيدى على السماك والمغربي في نطاق الدائرة الرابع ،وشارك في الاجتماع، ممثل عن وزير الأوقاف ومدير الادارة الهندسية بالوزارة، والدكتور عاصم قبيصي وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندري،ة واللواء أحمد حبيب سكرتير عام مساعد محافظة الإسكندرية، والمهندسة شيرين عبدالرازق مدير إدارة الحفاظ على التراث بالإسكندرية.
وتناول فيه تاريخ ووضع وأهمية وأيضا حالة كل مسجد بالصور والمستندات عارضا كل الإجراءات التي قامت بها الوزارة لترميم وصيانة تلك المساجد والتي منها ما يحمل الصفة التراثية مثل مسجد سيدى القباري، فضلا عن مسجد سيدى على السمان والذي أنشئ عام 1968 بقرار من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
كشف الدكتور عاصم قبيصى، وكيل وزارة الاوقاف في الاسكندرية، أنه بالنسبة لمسجد السمان تم إجراء بعض الأعمال الخاصة بالصيانة والترميم إلا أنها توقفت منذ فترة بسبب عدم توفير باقى الاعتمادات المالية (التعزيز الجديد)، لاستئناف الأعمال والتي تبلغ قرابة 3 ملايين جنيه،وانه فور توفير التعزيز المالي سيتم استئناف الأعمال وفق الأسعار الجديدة.
وأوضح «قبيصى»، أن مسجدى المغربى والقبارى، على رأس قائمة اهتمامات المديرية، حيث تم استعجال الوزارة بِأن المسجدين لإدراجها ضمن اقرب خطة ترميم وصيانة شاملة للوزارة، حفاظا على بيوت الله ورواد المساجد، مشيراً إلى في الوقت ذاته أن مسجد على السماك تم غلقه لمدة أكثر من 5 سنوات، بسبب أعمال الترسية على أحد المقاولين لتنفيذ مشروع الترميم والصيانة، إلا أن المقاول بدأ الأعمال ثم توقف وهو ينتظر حاليًا تعزيزًا ماليًا حتى يتمكن من استكمال الأعمال بالمسجد.
وأشار إلى أن المديرية تبذل جهود كبيرة مع الوزارة بشأن عمارة بيوت الله، والانتهاء من أعمال الترميم والصيانة لجميع المساجد التي تجري بها الأعمال قبل قدوم شهر رمضان خاصة وأنه يجرى حاليا أعمال ترميم وصيانة بـ قرابة 10 مساجد في الإسكندرية ضمن خطة المديرية لترميم وصيانة المساجد،وفق توجيهات الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف