نوف الموسى (دبي) 
من خلال السيرورة الاجتماعية للفضاءات الإبداعية، أيّ عندما تتحرك الأعمال الفنية ويتطور حس الفنانين، تبدأ السياقات الثقافية الناتجة عن تلك الحركة المجازية، في تشكيل الحوار مع المتلقي، وكأنها تبني من ذاتها مجتمعاً خاصاً بها، يعكس الحراك الاجتماعي لعوالم الفنانين ومحيطهم المحلي، وتساؤلاتهم حول تجاربهم الشخصية، باعتبارها جزءاً من هوية عامة، ينحتها الزمن مع التراكم، وربما التكرار في إعادة اكتشافها كممارسة فنية تحمل ذاكرة ضمنية، مليئة بالمفاهيم والتصورات الحياتية، التي بطبيعتها الجمالية تهدينا تذوقاً رفيعاً لمشاعرنا الخاصة، الجيدة منها والسيئة.


في معرض «الزمن والهوية» الفني، جاءت الأعمال الفنية كمحاكاة حيّة لملاحظات الفنانين البحثية حول الفعل الاجتماعي لصيرورة أعمالهم الفنية، نظمته هيئة دبي للثقافة والفنون، في غاليري مكتبة الصفا للفنون والتصميم، مستكملةً دورها في منح الفنانين الشباب امتداداً مستداماً لممارساتهم الفنية في المساحات العامة، فبعض الفنانين في المعرض، شاركوا مسبقاً في «مهرجان سكة للفنون والتصميم»، بالتوازي مع حضور أعمال للفنانين الرواد مثل الفنان عبدالقادر الريس والفنان محمد كاظم والفنان د. محمد يوسف، إضافة إلى مشاركة فنانين يملكون سجلاً زاخراً بالأعمال الفنية في البرامج الثقافية السنوية مثل المعارض الفنية في «آرت دبي» و«مركز تشكيل»، و«السركال أفنيو» و«أسبوع دبي للتصميم»، منهم الفنانة لطيفة بنت مكتوم، والفنانة زينب الهاشمي، والفنانة ميثا دميثان. ويشكل حضورهم جميعاً ترجمة عملية لتصورات المنهجية الداعمة للقراءات النقدية فيما يتعلق بالحراك الفني لدولة الإمارات، من خلال تكريس حالة النقاشات لما يُحدثه تطور الفنانين الإماراتيين بمختلف الإمكانات والتخصصات وهم يلتقون في مساحات مشتركة.

السياقات الثقافية  
والبحث في مفهوم «السياقات الثقافية»، في معرض «الزمن والهوية»، سيجعلنا نتجاوز الفكرة المباشرة في طريقة تعاطينا مع الأعمال الفنية، كإطار منفصل عن الفضاء الإبداعي وهنا نقصد به «الغاليري»، بأن نتعرف على الفنانين عبر فنانين آخرين، باستخدام وسائطهم الإبداعية في مجال الفنون. وكذلك أن نقارب أعمال الفنانين السابقة بأعمالهم الحالية، فنحن بذلك نستطيع أن نتعرف عليهم في نسخ فنية متعددة، ففي كل مرة ينتج فيها الفنان عملاً فنياً فهو ينتقل إلى شخصية فنية مختلفة. وبالنسبة للفنان عمّار العطار، وعمله الفني «128 بصمة دخول - بصمة خروج»، لم يتوقف عن استفزاز ركود الفعل الروتيني للأعمال اليومية التي قد يمارسها البشر، دونما وعي. 
وفي المقابل، ذهب الفنان جمعة الحاج في عمله «أوراق وتناثر» نحو كسر نمطية الخط بإضفاء حالة من الضمنية لنصوص قديمة، إنها محاولة للارتقاء بالمعنى من خلال اكتشاف طبقية الذاكرة الجمعية، أما في حالة الفنانة أسماء خوري «الذكريات المشتركة أكياس شاي خيوط حبر»، والفنانة سلامة نصيب «سلسلة حينئذ والآن | الفناء الخلفي» والفنانة فاطمة آل علي «أقول لنفسي، أتذكر كل شي»، والفنانة سلمى المنصوري «من أصبحت عليه داخل هذه الجدران»، والفنانة سلامة الفلاسي «غائب»، وكأن الزمن توقف لبرهة في تلك الأعمال تحت بقعة ضوئية تأملية خاصة، تكشف حميمية الفنانين وتقيس متانة فعل الذاكرة في المشهدية الواحدة لموقف بعينه، والمشهدية المتعددة لأحداث متداخلة. 
ولابد من القول إن التقارب بين العمل التركيبي للفنان د. محمد يوسف «النعاشات الصغيرات»، بجانب عمل الفنانة تقوى النقبي «الفستان العنابي»، وكان لافتاً في الترادف لمعنى «الرقص» في احتفالية «النعاشات» أداء فني تقدمه الفتيات الصغيرة، كجزء من أداء فن «العيالة» الشعبي وبين الفستان لدى النقبي في رمزية الرسومات ذات الطابع الأحفوري بفنتازيا متخيلة. وجاءت كذلك الفنتازيا عبر عمل «توقف» للفنانة روضة الكتبي في اشتغالاتها اللافتة للنسيج المعبر عن الوقت، كمحرك لآلة الزمن.

أخبار ذات صلة 31 أغسطس غلق باب الترشح لجائزة الإبداع الرياضي COP28.. الإمارات على موعد مع أكبر حدث عالمي في مجال المناخ

التباين البصري
واستمراراً للسياقات الاجتماعية للبيئة الطبيعية وتأثيرها في بناء الهوية ضمن فضاء زمني متحرك، حضرت أعمال الفنان محمد كاظم الاتجاهات (الخطوات)، والفنانة ميثا العميرة «كيف تكون الطبيعة ثابتة والشمس لا تستريح»، والفنان عمار البنا «الاستقرار في الماضي» والفنانة أمينة الجرمن «نظور سلسلة سدروه الأولى»، والفنانة لطيفة سعيد «الأرشيف»، في حوار مستدير متواصل بين الأعمال في الشكل الإبداعي لتوثيق الأرض ومتغيراتها الجيولوجية، وأيضاً كيفية صياغة لغة فنية قادرة على التفاعل مع البيئة الطبيعية وتجسيدها عبر الوسائط المتعددة. 
وتستحق الأفكار التي تحملها أعمال الفنانة موزة الفلاسي، التي تشارك بمعرض «الزمن والهوية» من خلال عملها الفني «همْهَمة»، الكثير من الاهتمام النقدي والنقاشات الثقافية، كونها تعبر عن لغة خاصة بالفنانة، ومخزون من الرؤى البصرية بأبعاد فلسفية تهتم بالتجربة الحسية للذاكرة، كقاعدة أساسية لبناء المشروع الفني، يذكر أن الفنانة موزة الفلاسي شاركت في «مهرجان سكة للفنون والتصميم» لعام 2023، من خلال أعمال فوتوغرافيا حملت سؤالاً جوهرياً حول الفقد في التجربة الإنسانية، وما يميز إنتاجها الإبداعي، أنها في محاولة دائمة بتجاه تجسيد الشعور واستحضاره من منطقة اللاوعي إلى لحظة وعي حسية.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: محمد كاظم الإمارات محمد يوسف الأعمال الفنیة من خلال

إقرأ أيضاً:

تشارك في ولاد الشمس بموسم رمضان 2025.. قصة دخول مريم الجندي عالم الفن

ينتظر الجمهور وجبة دسمة من الأعمال الدرامية في شهر رمضان 2025، بينها مسلسل «ولاد الشمس»، الذي يدور في إطار درامي مشوق، ويجمع بين الفنان أحمد مالك والفنان طه دسوقي، بالإضافة إلى عدد من الفنانين، منهم مريم الجندي.

وما لا يعرفه الكثيرون عن مريم الجندي أنّها تحب الفن والتمثيل منذ الصغر، ولفتت الأنظار إليها بتلقائيتها وضحكتها، وحققت نجاحًا كبيرًا وردود أفعال إيجابية في أدوارها، كما أنّها كانت تدرس في كلية الصيدلة ثم اتجهت إلى مجال التمثيل، فما سر تفضيلها للفن وكيف بدأت مشوارها الفني وماذا قالت عن حبها لهذا المجال؟

محطات في حياة الفنانة مريم الجندي

تتميز الفنانة مريم الجندي بحضور طاغ في الكثير من الأعمال الفنية، وعُرفت بأدوارها  في عدد من الأعمال التلفزيونية، إذ عشقت الفن منذ طفولتها فقررت أن تتجه إلى دراسة ‎التمثيل، وذلك بعد أن درست في كلية الصيدلة أولًا، ثم درست الصحافة الوثائقية المتعددة والمسرح في الجامعة الأمريكية، وحرصت على المشاركة في عدة ورش فنية، حتى سنحت لها الفرصة وبدأت مشوارها الفني في مسلسل الأنسة فرح، مع الفنانة أسماء أبو اليزيد ورانيا يوسف، إلا أنَّ الانطلاقة الحقيقية لها كانت عندما قدمت دورها في مسلسل بالطو الذي كانت شخصيتها فيه سببًا لشهرتها.

الفنانة مريم الجندي استطاعت أن تحصد إشادة الكثيرين بسبب حضورها اللافت، وهو ما تحدثت عنه خلال لقاء سابق على قناة «On» في برنامج «من العلمين»، مشيرة إلى أنها استمدت صفة حب التمثيل منذ زمن طويل، ولكنها ظلت لعدة سنوات لن تريد العيش في جلباب أبيها الفنان محمود الجندي، ولكنها بعد تفكير طويل، لاقت أنها تعشق الفن وتريد التقديم فيه، وفقًا لتعبيرها: «ابتديت مشواري من مسرح الجامعة، وأصلًا كنت قدمت فوازير كتير وأنا صغيرة، منها فوازير عم كريم أبو المفاهم، فحبيت أني أفضل في الكارير ده، بعد ما فكرت سنة بعد دخولي لكلية الصيدلة وأتمني أني أكمل مسيرة والدي الفنية».

اختيار مريم الجندي للأدوار 

توالت أعمالها الفنية في عدد من الأفلام والمسلسلات، وعن اختيارها للأدوار الفنية، قالت إنّها تحرص على اختيارها بدقة وعناية بهدف تقديم فن مميز للجماهير، وأضافت أنها تريد دومًا أن تحظى بقبول الجماهير: «محظوظة بأهلي خلوني اعتمد على نفسي، وعشان كده بحرص على اختيار الأدوار، وأكتر حاجة بتحسسني أني عايشة لما بقدم دور حلو، وبختار الدور بناءً على القيمة إللي هيقدمها للجمهور».

مسلسل ولاد الشمس 

ويدور أحداث مسلسل ولاد الشمس، بأن الثنائي أحمد مالك وطه دسوقي يجسدان شخصيتي ولعة ومفتاح اللذان تربا في دار أيتام تدعى الشمس، ويشارك فيه عددًا كبيرًا من الفنانين من بينهم فرح يوسف ومحمود حميدة وجلا هشام ومعتز هشام ومريم الجندي، وعدد آخر من الفنانين وهو من تأليف محمود عزت وإخراج شادي  عبد السلام.

مقالات مشابهة

  • تشارك في ولاد الشمس بموسم رمضان 2025.. قصة دخول مريم الجندي عالم الفن
  • أول مزاد عالمي لـ«سوذبيز» في السعودية: تسليط الضوء على أعمال الفنانين السعوديين
  • «فن أبوظبي» يعلن تمديد «تكليف الفنانين»
  • حجاب الفنانات موضة رمضان
  • الرياض تعزز جودة الطرق بأعمال صيانة شاملة في يناير
  • وكيل تعليم سوهاج يتابع أعمال لجنة إختيار المرشحين رؤساء لجان الدبلومات الفنية
  • «زيرو» و«باروكة».. كيف غيّر الفنانين شكلهم من أجل مسلسلات رمضان 2025؟
  • ناهد السباعي: شخصيتي في «نقطة سودة» علامة فارقة بمسيرتي الفنية
  • قبل عرض مسلسل «أثينا».. تترات أعمال درامية بصوت «إليسا»
  • قبل مشاركتها في مسلسل الغاوي.. كيف تختار عائشة بن أحمد أدوارها؟