يبدوا أن الحلم أصبح قريب المنال، وبعد عقود من المزن، حلم فيها الشعب الجزائري من الاكتفاء الذاتي من القمح والحبوب، أعلنت السلطات الجزائرية، أنه لم يتبق سوى عامين فقط، وبعدها لن تدفع الدولة دولارا واحدا لشراء أي نوع من الحبوب، وعلى رأسها القمح، وأن هذا الإعلان جاء بعد التطور الشديد في زراعة الحبوب داخل الجزائر، وصفه المتابعون بأنه ثورة حقيقية زراعية داخل بلد المليون شهيد.

 

ومع تشديد الجزائر على ضرورة التوجه نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في زراعات عدة، لا سيما الحبوب، باتت المختبرات والمشاتل الفلاحية تعمل بشكل متواصل من أجل الخروج بنتائج من شأنها المساهمة في بلوغ الهدف، وهو الأمر الذي سمح بالتوصل إلى فصائل من الحبوب، أحدثت ثورة في الإنتاج، وضاعفت من إنتاج المزروع، وهو ما مهد الطريق لتحقيق الهدف المنشود، خصوصا وأن الاكتفاء وصل لـ75% من الاحتياجات الحالية.

 

رسميا الإعلان عن الاكتفاء بـ2025

 

وفي أحدث تصريح عن هذا الملف، أعلن اليوم وزير التجارة وترقية الصادرات، الطيب زيتوني، أن الجزائر ستحقق الاكتفاء الذاتي من البقول الجافة التي يمكن إنتاجها محليا سنة 2025، وذكر الوزير بأنه في الماضى، كان بعض من كانوا يستوردون البقول الجافة يريدون خلق لنا مشكل حتى يستمر الاستيراد وقتل الإنتاج الوطني، لافتا إلى أن وزارة التجارة بالمرصاد للتصدي لأي محاولة للعدوة إلى الماضى بالتلاعبات

وأما بخصوص الأسعار، فأوضح زيتوني وفقا لما نشرته الصحف الجزائرية المحلية، فأن استقرارها سيكون ابتداء من شهر سبتمبر المقبل، نظرا لتوفر منتوج قدره 55 ألف طن من البقول الجافة في المخازن، وأوضح أن الإنتاج الوطني من البقول الجافة يعادل 40 بالمائة من حاجيات السوق، ولكن لم يكن يستغل.

 

الاستيراد خط أحمر .. والحظر مراقب

 

كما أشار الوزير الجزائري،  إلى أن السلطات العمومية أعطت التعليمات اللازمة لتمكين منتوج الديوان الجزائري المهني للحبوب من الوصول مباشرة إلى المتاجر، وذلك لتغطية السوق، وأكد على أن حالات المضاربة المسجلة منعزلة وسيتم القضاء عليها، حتى يصل المنتوج إلى المستهلك بأقل سعر وأفضل جودة.

 

وبالنسبة للنشاط الرقابي، لفت المسئول الكبيرن إلى حجز السلطات الرقابية على الموانئ مؤخرا حوالي 80 طن من العدس والفاصوليا (اللوبيا) بقيمة تناهز 3 مليار دج، وأن هناك عمليات رقابة كبيرة ، مع تسجيل انخراط متعاملين وتجار في محاربة المضاربة من خلال التبليغ عن المضاربين

 

 

القطاع الزراعي باكتفاء 75%

 

وتشير الأرقام الرسمية الصادرة من الحكومة الجزائرية، أن القطاع الزراعي في الجزائر يساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي لنحو 75% من المواطنين، ويحتل هذا القطاع المرتبة الثانية بعد المحروقات من حيث الناتج المحلي الخام، وولم تكتف الجزائر بالتقدم في مؤشرات الأمن الغذائي أفريقيا، حيث أنها عملت على تطوير نظم الزراعات الحديثة، وتقليص واردات البلاد من الحبوب، ويذكر أن الجزائر تصدر الآن 160 منتجا من الخضار والفواكه، لكن تطوير القطاع الزراعي في البلاد يواجه تحديات تقنية ومناخية.

ولاتزال تستورد الجزائر جزء أكبر من احتياجاتها السنوية من القمح، مما يعد أبرز عائق أمام اكتمال أمنها الغذائي، لذلك رسم الخبراء عدة سيناريوهات للحل، ومنها استغلال الصحراء الجزائرية، وهو ما كان سببا في ارتقاء البلاد إلى المراتب الأولى أفريقيا في المؤشر العالمي للأمن الغذائي.

 

القمح وثورة الترتيكال  

 

مع تشديد الجزائر على ضرورة التوجه نحو تحقيق الاكتفاء، باتت المختبرات والمشاتل الفلاحية تعمل بشكل متواصل من أجل الخروج بنتائج من شأنها المساهمة في بلوغ الهدف، الأمر الذي سمح بالتوصل إلى فصيلة من الحبوب تعرف بـ"الترتيكال" قد تحدث ثورة في الإنتاج، وهو الذي يمهد الطريق لتحقيق الاكتفاء الذاتي في ما تعلق بالحبوب التي تعد ذات أهمية قصوى لما تملكه من تأثير مباشر في الأمن الغذائي، سواء في تغذية الإنسان مباشرة أو عبر تغذية الحيوانات المنتجة للحليب أو اللحوم.

وهذا الهدف دفع المعنيين إلى البحث عن سبل غير تقليدية للوصول إلى بدائل تسمح بالاستجابة إلى حاجات الشعب الغذائية، وبتقليص فاتورة الاستيراد التي أرهقت الخزانة العمومية، وتوالت التجارب عبر المعهد التقني للزراعات الواسعة، إلى أن استقر الأمر على فصيلة "الترتيكال" التي تزايد الاهتمام بها بعد التجريب، وهو من الحبوب التي تزرع في الخريف ويمكنها النمو تحت الظروف المناخية السائدة بالجزائر.

 

النتيجة حصيلة جهود عامين من البحث

 

ولم يكن الناجح وليد الصدفة، ولكنه نتاج جهود استمرت لعامين، فقد سبق ذلك الاكتشاف استقدام أنماط وراثية عدة في إطار التعاون الدولي، والعمل على انتقاء أصناف تحمل الصفات المطلوبة، إذ تم في السنتين الأخيرتين اعتماد أصناف عدة من طرف المركز الجزائري للمراقبة، والتصديق على البذور والشتائل، وذلك بحسب ما نشرته العديد من التقارير الصحفية المحلية بالجزائر.

 

وفي السياق، يقول المكلف الاتصال بالمعهد التقني الجزائري للزراعات الواسعة حسان قيرواني، إن هذا المحصول ذو فائدة كبيرة فهو غني بالبروتينات، ويعتبر من بين البدائل الأساسية لتعويض الخبز الأبيض الذي يكون مصدره القمح اللين المستورد، الأمر الذي دفع الجهات المعنية إلى توسيع إنتاج هذا النوع تدريجاً في مختلف المناطق، بخاصة أنه تم استحداث وحدات بحث ببعض معاهد القطاع الفلاحي تهتم بتنمية محصول "الترتيكال".

 

ما هو الترتيكال؟

 

ويعتبر "الترتيكال" من الحبوب الناتجة من عملية تهجين القمح مع الشيلم سريع النضج، ويصل طوله إلى 1.5 متر، ومن ميزاته أنه مقاوم للجفاف وللملوحة ولا ينكسر مع الرياح بسبب ساقه السميكة مقارنة بالشعير، كما أنه لا يستهلك كميات كبيرة من الماء، وقابل للتخزين سواء كان جافاً أو أخضر، ويحتوي على قيمة غذائية أفضل بكثير من القمح اللين.

ويؤكد الباحث في العلوم الزراعية أحمد علالي أن "الترتيكال" من أنجع الزراعات الكفيلة بإعادة الاعتبار للأراضي الفلاحية المتدهورة نتيجة التسربات الملحية للتربة والأعشاب الضارة، على اعتبار أنها نبتة منظفة بيولوجية للتربة لتصبح ضمن الأراضي الزراعية الخصبة، موضحاً أن التجارب أظهرت فوائد "الترتيكال" وأولها مردوده الذي يتراوح بين 80 و100 قنطار في الهكتار بالأراضي المسقية، و50 إلى 60 قنطاراً في الأراضي غير المسقية بمناطق الشمال، إضافة إلى أن قيمته العلفية تتفوق بنسبة 1.7 مقارنة بالشعير، وهو بذلك ذو قيمة علفية في تغذية الأغنام والأبقار.

 

خامس أكبر مستورد عالمياً

 

ولكى نفهم أهمية النوع الجديد من الزراعات، يجب أن يفهم القارئ أن الجزائر تعتبر إحدى أكبر الدول استيراداً للقمح في العالم، خصوصاً القمح اللين الذي يوجه لإنتاج الطحين لصناعة الخبز، حيث تستهلك من تسعة إلى 12 مليون طن سنوياً من القمح بنوعيه اللين والصلب، وغالبية القمح اللين مستورد من الخارج، وخصوصاً من فرنسا وكميات محدودة من كندا.

 

ويبلغ متوسط الاستيراد السنوي من القمح، بحسب بيانات رسمية، قرابة 7.8 مليون طن سنوياً بنوعيه، إذ يشكل الاستيراد في المتوسط 75 في المئة من الاستهلاك، في المقابل تقدر وزارة الزراعة الأميركية أن استهلاك الجزائر من القمح في موسم 2022-2023 سيكون 11.15 مليون طن، مصنفة الجزائر في المرتبة الخامسة عالمياً والمرتبة الثانية في أفريقيا.

 

الاكتفاء الذاتي من القمح سنة 2025

 

وقد وعد رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمان بتحقيق الاكتفاء الذاتي من مادة القمح بين سنتي 2024 و2025، وخاطب الوزير الأول متعاملي الفلاحة قائلا: "أبواب التمويل مفتوحة أمامكم، أي بنك يرفض ملفا مطابقا سيخضع للمتابعة"، وقال بن عبد الرحمن: “الدولة تهدف إلى إنعاش شعبة القمح الصلب، وذلك عبر 3 محاور وهي العولمة والأمن الغذائي وآليات تحقيقه وسبل تطوير زراعة القمح في المناطق الصحرارية”.

 

وأكد عبد الرحمان أن الخطط تشمل رفع مردودية الحبوب مع التركيز على القمح الصلب بإنتاج يتراوح بين 35/40 قنطار في الهكتار ومساع مستقبلا لبلوغ 60 قنطار، مع تحسين ظروف التخزين لاسيما شعبة الحبوب، وتمكين الفلاحين من الحصول على المدخلات لزيادة الانتاج والتحكم في التكاليف وتوسيع مخازن الحبوب عبر التراب الوطني”.

واعتبر بن عبد الرحمن أن شعبة الحبوب لاسيما القمح الصلب حققت نتائج معتبرة خلال الفترة الماضية، لكن الوضع يفرض اليوم أيضا تجسيد المستثمرات العصرية والحد من الاستيراد والمضي نحو التصدير، وتحقيق الاكتفاء الذاتي الذي يشكل قناعة راسخة، مؤكدا أن الدولة تسعى لتحقيق هذا الاكتفاء بين سنتي 2024 و2025.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الاکتفاء الذاتی من من الحبوب من القمح إلى أن

إقرأ أيضاً:

بورشة فنية وفيلم وثائقي.. أطفال الغربية يحتفلون بثورة 30 يونيو

نظمت الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، عدداً من الفعاليات الثقافية والفنية بقصر ثقافة الطفل بمدينة طنطا، تحت إشراف منتصر الفولي مدير القصر، وذلك في إطار احتفالات وزارة الثقافة بذكرى ثورة 30 يونيو.

بدأت الفعاليات بعزف للنشيد الجمهوري، أعقبه عقد ورشة للحكي، تعرف خلالها الأطفال عن أبرز نتائج ثورة 30 يونيو، منها: المشروعات التنموية، والمبادرات الرئاسية، والقضاء على الجماعات الإرهابية، بفضل الله وبقوة وبسالة رجال القوات المسلحة والشرطة.

هذا وقد تضمنت الفعاليات عرض فيلم تسجيلي عن إنجازات مصر في ملف حقوق الإنسان، حيث أوضح الفيلم الوثائقي بأن مصر تمضي قدما في هذا الإتجاه وبما يتوافق مع المعايير الدولية، والتي حققت نجاحا كبيرا في مسيرة التنمية، ودعم مسيرة الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، والتصدي للإرهاب بكل صوره وأشكاله، فيما تسابق الأطفال في التعبير عن أبرز صور الثورة البيضاء، وذلك من خلال ورشة للرسم، شهدت العديد من اللوحات الفنية.

وضمن فعاليات ثقافة الغربية المنفذة بإشراف إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي برئاسة أحمد درويش، استعرضت نيفين زايد، مديرة دار الكتب بطنطا، خلال محاضرة توعوية بعنوان "زواج القاصرات"، أبرز نتائج الزواج المبكر، أو ما يسمى بـ "زواج الأطفال"، ومن بينها: التسرب من التعليم، وعدم قدرة الفتاة على رعاية أولادها، وعدم توفر الراحة النفسية بين الفتاة وزوجها، والشعور الدائم للفتاة بالاكتئاب.

مقالات مشابهة

  • سفير المغرب بباريس : فرنسا تدعم الحكم الذاتي في الصحراء
  • اعلام الغربية يحتفل بثورة 30 يونيو إرادة الشعب
  • مستشار وزير الزراعة: توقعات بانخفاض نسبة استيراد القمح الفترة المقبلة
  • غدًا.. انطلاق مهرجان "حبوب بلادي واللوز" في نسخته الثانية بمحافظة المندق
  • مسؤول الإعلام في حكومة دارفور: نتحدى كل النخب السياسية في كل الحقب أن تقدم دليلاً واحداً على تلقي مني أركو مناوي أموالاً نظير موقف سياسي
  • اتفاقية لإنشاء مشروع دواجن باستثمارات 10 ملايين ريال لتعزيز الاكتفاء الذاتي
  • بلومبرغ: العملية في جبهة لبنان قد تدفع “إسرائيل” نحو الكارثة
  • بورشة فنية وفيلم وثائقي.. أطفال الغربية يحتفلون بثورة 30 يونيو
  • وزير التجارة: تجاوزنا مرحلة الاكتفاء الذاتي من الحنطة وأمنا الخزين الإستراتيجي
  • تونس.. دعوة للانفتاح على سوق حبوب روسيا