معضلة ربط بغداد بطهران: العقوبات الأمريكية ستفتك بالعراق قبل إيران
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
بغداد اليوم - بغداد
يثير موقف الإدارة الأمريكية تجاه العراق في ظل العقوبات المفروضة على إيران تساؤلات حول مستقبل العلاقات العراقية-الأمريكية، خاصة مع تصاعد الضغوط الاقتصادية والسياسية.
ويرى الباحث في الشؤون الاستراتيجية، نبيل العزاوي في حديثه لـ"بغداد اليوم"، أن العراق يسعى جاهدًا لتحييد نفسه عن التصعيد بين واشنطن وطهران، إلا أن قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تعقّد الوضع، خصوصًا فيما يتعلق باستخدام الدولار في التعاملات المالية العراقية الإيرانية.
العراق بين العقوبات الأمريكية واعتماده على الغاز الإيراني
يواجه العراق معضلة حقيقية في ظل هذه العقوبات، نظرًا لاعتماده الكبير على الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء، خاصة مع اقتراب فصل الصيف حيث يزداد الطلب على الطاقة.
وتشير تصريحات العزاوي إلى أن قطع إمدادات الغاز الإيراني بشكل مفاجئ قد يؤدي إلى أزمة طاقة حادة، في وقت لا تزال البدائل، مثل الربط الكهربائي الخليجي والطاقة الشمسية، في مراحلها الأولية وتحتاج إلى وقت أطول لتنفيذها.
الإدارة الأمريكية وموقفها المتشدد
بحسب العزاوي، فإن إدارة ترامب لا تبدي مرونة في منح العراق وقتًا إضافيًا لإيجاد بدائل، مما يضع الحكومة العراقية في موقف صعب. فالعراق يجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مر:
1. الاستمرار في استيراد الغاز الإيراني رغم العقوبات، مما قد يعرضه لضغوط أمريكية وعقوبات اقتصادية جديدة.
2. الالتزام بالعقوبات وقطع التعاملات مع طهران، مما قد يهدد استقرار شبكة الكهرباء ويؤدي إلى اضطرابات داخلية.
إمكانية التصعيد والتداعيات المحتملة
يحذر العزاوي من أن استمرار استيراد الغاز الإيراني دون قبول أمريكي قد يؤدي إلى تأزيم العلاقة بين بغداد وواشنطن، وربما فرض عقوبات اقتصادية أمريكية على العراق، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي. لكنه يشير إلى أن الحكومة العراقية تدرك خطورة الوضع، وتسعى لممارسة دور سياسي عاجل للحيلولة دون وقوع العراق في منزلقات خطيرة.
جهود العراق لإيجاد حلول وسط
تعمل الحكومة العراقية على إيجاد حلول لتجنب الأزمة، من خلال:
إجراء اتصالات مكثفة مع الجانب الأمريكي لإقناعه بمنح العراق وقتًا إضافيًا حتى تكتمل مشاريع الربط الكهربائي مع الخليج.
تسريع العمل على مشاريع الطاقة البديلة، مثل المنظومات الشمسية، لتقليل الاعتماد على الغاز الإيراني.
التوازن في العلاقات بين واشنطن وطهران، عبر تبني سياسة الحياد ومحاولة التوفيق بين المصالح المتعارضة.
يجد العراق نفسه في موقف دقيق بين الضغوط الأمريكية والعقوبات المفروضة على إيران من جهة، وحاجته الماسة إلى الطاقة من جهة أخرى. وبينما تسعى الحكومة إلى تجنب التصعيد عبر المسارات الدبلوماسية، يبقى التساؤل مفتوحًا حول مدى نجاحها في إقناع واشنطن بمنحها مهلة إضافية، وما إذا كانت البدائل المطروحة ستكون كافية لسد الفجوة في إمدادات الطاقة خلال الفترة المقبلة.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: الغاز الإیرانی
إقرأ أيضاً:
بعد انهيار أسعار النفط.. خيارات محدودة أمام الحكومة العراقية
شهدت أسعار النفط العالمية انخفاضا قياسيا -أمس الاثنين- بنسبة 7%، يعد الأكبر منذ ذروة جائحة كورونا عام 2020، إذ تأثرت أسعار النفط سلبا بعد قرار تحالف أوبك بلس -الخميس الماضي- زيادة إنتاج النفط بأكثر من 400 ألف برميل يوميا، ليأتي بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة، مما أسهم في رد فعل صيني أدى لانخفاض أسعار النفط نتيجة المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
وتأتي هذه العوامل مجتمعة لتصب سلبا في مصلحة الدول المصدرة للنفط، لا سيما العراق الذي يعتمد بنسبة تقارب 90% في موازنته المالية السنوية على ما يصدره من النفط الخام، إذ يدق انخفاض أسعار النفط ناقوس الخطر لدى الحكومة العراقية التي وجدت نفسها في معادلة وخيارات محدودة أحلاها مر، بحسب مراقبين.
معادلة صعبةويعتمد العراق في موازنته المالية على تصدير النفط، إذ أقر البرلمان قبل عامين الموازنة الثلاثية للأعوام 2023 و2024 و2025، معتمدا على تصدير النفط بسعر 70 دولارا للبرميل، في الوقت الذي انخفضت فيه أسعار البترول بأكثر من 7% في التعاملات الآنية والآجلة خلال الأيام الماضية.
وربما لا يظهر تأثير انخفاض أسعار النفط في العراق الأيام والأسابيع القادمة، وهو ما يؤكده مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي الذي أكد أن هذه الأزمة ستتحول إلى خطر محدق إذا استمرت لأكثر من 3 أشهر، وفق قوله.
وفي حديثه للجزيرة نت، يؤكد صالح أنه إذا استمرت الأزمة لأكثر من 3 أشهر، فإن تأثيراتها ستكون مشابهة للأزمة المالية التي مر بها العراق في ذروة جائحة كورونا وانهيار أسعار النفط عام 2020، حين اضطرت الحكومة لإجراءات تقشفية قاسية.
إعلانأما عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر، فيرى من جانبه أنه من السابق لأوانه الحكم على الوضع المالي للبلاد من خلال بيانات أسعار النفط للأيام الماضية فقط، لافتا إلى أن موازنة العام الحالي البالغة 163 مليار دولار لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن، وبالتالي، لا تزال الحكومة في وضع يسمح لها بالتصرف بحرية من خلال تقنين المصاريف التشغيلية مع الأخذ بنظر الاعتبار أن العام المالي الحالي لم يتبق له سوى 7 أشهر فعلية فقط.
على الجانب الآخر، يرى الخبير الاقتصادي أنمار العبيدي أن جميع الخيارات المطروحة أمام الحكومة العراقية تعد صعبة التحقيق وأن أحلاها مر، حسب وصفه، لا سيما أن نسبة رواتب الموظفين من قيمة الموازنة تزيد على 65%، وبالتالي، فإنه حتى إذا عمدت الحكومة لاعتماد مبدأ صرف (واحد إلى 12) من قيمة موازنة العام الماضي استنادا للمادة 13 من قانون الإدارة المالية رقم (6) لسنة 2019، فإنه لا يمكن لهذه المعادلة أن توفر للحكومة السيولة الكافية لتسديد رواتب الموظفين، خاصة إذا ما وصل سعر برميل النفط لحدود 60 دولارا فما دون، بما يعني أن العجز الكلي في الموازنة سيكون بنحو 25% لرواتب الموظفين فقط من دون احتساب بقية النفقات.
خيارات حرجةوفي حديثه للجزيرة نت، بيّن العبيدي أن أمام الحكومة عديدا من الخيارات التي قد تتعامل معها بصورة تدريجية اعتمادا على المدى الزمني للأزمة، واعتمادا على الوضع السياسي الداخلي للبلاد، مبينا أنه في حال استمرار انخفاض أسعار النفط، فإن الحكومة ستلجأ للاعتماد على الاحتياطي النقدي للبلاد البالغ نحو 115 مليار دولار، وفق قوله.
أما عن تغيير سعر صرف الدينار أمام الدولار، فلا يستبعد العبيدي أن تلجأ الحكومة لمثل هذا الإجراء، خاصة أن حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي لجأت له في ذروة أزمة كورونا، مبينا أن هذه الخطوة ستكون مصحوبة بمخاطر جمة على سمعة البلاد الاقتصادية، فضلا عن تخوف الحكومة من أي اضطراب شعبي في حال اتخاذ قرار كهذا، حسب قوله.
في مقابل ذلك، يستبعد المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء التوجه لتغيير سعر صرف الدينار، وأن تأثيره سيكون كبيرا وممتدا لما بعد انتهاء الأزمة، لافتا إلى أن مثل هذه الإجراءات تأتي في نهاية سلسلة الإجراءات الحكومية التي قد لا تستمر إذا ما ارتفع سعر برميل النفط للحد المسعر به في الموازنة العامة للبلاد، وفق قوله.
إعلانويذهب في هذا المنحى أستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني الذي يعتقد أن تغيير سعر صرف الدينار لا يمكن حاليا، لا سيما أن تأثير ذلك سيكون على الموظفين بصورة رئيسية من خلال انخفاض قيمة رواتبهم، فضلا عن أنه حتى في حال الإقدام على هذه الخطوة، فإنه لا يمكن للحكومة السيطرة على الفجوة بين السعر الرسمي لصرف الدينار وبين سعره في السوق السوداء، لا سيما أن التجارة مع إيران لا تزال قائمة على قدم وساق، بما يعني ارتفاعا إضافيا لسعر صرف الدولار في الأسواق الموازية.
وكانت حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي قد خفضت قيمة الدينار العراقي في ديسمبر/كانون الأول 2020 من 1200 دينار للدولار إلى 1470 دينارا، في حين عمدت حكومة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني إلى رفع قيمة الدينار العراقي من 1470 إلى 1320 دينارا في فبراير/شباط 2023.
وينظر المشهداني بعين الأمل للأزمة الحالية، مبينا أن ما يجري يعد تذبذبا في أسعار النفط، ولا يمكن اعتبار ذلك انهيارا، مبينا أن مستقبل أسعار النفط يعتمد على مجمل الوضع الدولي والإقليمي سواء ما يتعلق بتهديدات واشنطن لطهران، فضلا عن قرارات أوبك بلس ومستقبل الرسوم الجمركية الأميركية.
وبالعودة إلى عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر، يؤكد على وجوب ابتعاد الحكومة عن الاقتصاد الريعي المعتمد كليا على النفط، لافتا إلى أنه بخلاف ذلك، فإن الحكومة ستدخل مرحلة حرجة إذا انخفضت أسعار النفط دون 60 دولارا، وهو ما سيجعل الحكومة عاجزة عن تسديد رواتب الموظفين، وفق قوله.
ويترقب العراقيون الوضع الاقتصادي في بلادهم، لا سيما أن السنوات الماضية تذكرهم بالأزمة المالية التي كابدتها البلاد عام 2015 في ذروة الحرب على تنظيم الدولة، إضافة إلى الأزمة المالية التي حدثت تزامنا مع جائحة كورونا وما تسببت فيه من ارتفاع التضخم بصورة كبيرة في البلاد.
إعلان