8 فبراير، 2025

بغداد/المسلة: تُثير آلية التصويت بنظام السلة الواحدة جدلًا واسعًا داخل المشهد السياسي العراقي، حيث تكشف هذه الممارسة عن أزمة ثقة متجذرة بين الكتل البرلمانية. بدلًا من أن يكون البرلمان ساحةً للنقاش المفتوح والتفاوض المستند إلى قناعات سياسية وقانونية، يتحول في كثير من الأحيان إلى ساحة صفقات تُحسم فيها القوانين بطريقة أشبه بالمساومات، بعيدًا عن الدراسة المعمقة والمراجعة المستقلة لكل تشريع على حدة.

وأكد الخبير القانوني علي التميمي أن هذه الممارسة غير المألوفة في العملية التشريعية تعكس بوضوح حالة الارتياب بين القوى السياسية، إذ تخشى كل كتلة برلمانية أن يتم إسقاط أو تعطيل القوانين التي تدعمها في حال عرضت بشكل فردي، ما يدفعها إلى اللجوء لآلية التصويت الجماعي كضمان لتمرير القوانين المرغوبة.

وأوضح أن هذا الأسلوب، رغم سرعته في إنهاء الجدل حول بعض القوانين، يكشف عن هشاشة التفاهمات السياسية وعدم وجود التزام واضح بين الفرقاء. لا تأتي هذه الظاهرة من فراغ، بل تعبر عن تراكمات سنوات من التوتر السياسي والتجارب السابقة التي جعلت الكتل غير واثقة من التزام بعضها البعض بالاتفاقات المسبقة. في ظل هذا المناخ، تتحول العملية التشريعية إلى مجرد تحصيل حاصل، حيث يتم تمرير الحزم القانونية وفق توافقات مؤقتة بدلاً من مناقشتها بعمق بناءً على مصلحة المجتمع.

واعتبر مراقبون أن هذه الآلية قد تؤدي إلى تمهيد الطريق أمام تمرير قوانين غير متجانسة ضمن حزمة واحدة، ما يفتح الباب أمام ثغرات قانونية قد تظهر لاحقًا عند تنفيذ هذه التشريعات. فغياب النقاش المستفيض لكل قانون على حدة قد يؤدي إلى تمرير نصوص غير متوازنة أو حتى متناقضة مع بعضها البعض، الأمر الذي يضر بجودة التشريع ويضعف ثقة المواطنين بالقوانين الصادرة.

ورأى تحليل أن هذا النهج يشير إلى خلل جوهري في العملية السياسية، حيث بات البرلمان عاجزًا عن بناء تفاهمات ديمقراطية حقيقية قائمة على الحوار والاتفاقات المستدامة. لا يرتبط الأمر فقط بسرعة التشريع أو تعثره، بل يتعلق بجوهر الديمقراطية ذاته: هل يمكن لنظام تشريعي قائم على التوافقات القسرية أن يُنتج قوانين تعكس تطلعات المجتمع، أم أنه مجرد آلية لضمان المصالح السياسية على حساب المصلحة العامة؟

يعتقد خبراء قانونيون أن استمرار الاعتماد على التصويت الجماعي بهذه الطريقة سوف يُكرّس نهج التفاهمات السطحية بدلًا من بناء عملية تشريعية صحية. بدلاً من أن يكون البرلمان مساحة لصياغة قوانين متينة، يصبح أداة لضمان المصالح السياسية المرحلية، وهو ما قد يؤدي على المدى الطويل إلى ضعف في بنية التشريعات وافتقارها للتماسك القانوني المطلوب.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

الإطار التنسيقي: ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المحدد

بغداد اليوم -  


مقالات مشابهة

  • من كركوك إلى واشنطن.. وحدة الكرد تتشكّل خارج البرلمان
  • الحكومة السويدية تدرس قوانين جديدة تخص الإقامة واللجوء
  • سايحي يعقد اجتماعا لدراسة النقائص في القوانين والأنظمة التعويضية
  • أول تعليق من المفوضية على تحديد موعد الانتخابات التشريعية بالعراق
  • جلسة للجنة المكلفة بدراسة اقتراحات القوانين المتعلقة بالقضاء الإداري.. هذا ما ناقشته
  • زيادة نواب البرلمان العراقي: قانون أم مناورة سياسية؟
  • نائب عن الحكمة: قانون الانتخابات الحالي هو الأفضل والغالبية السياسية ترفض تعديله
  • الإطار التنسيقي يصر على إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها
  • الإطار التنسيقي: ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المحدد
  • قرقاش: شكوى السودان لدى العدل الدولية ضد الإمارات “لعبة سياسية لجرنا إلى الصراع”