رفقًا ببعضكم البعض فهي أقصر مما تظنون
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
في زحمة الحياة ومشاغلها التي لا تنتهي، نجد أنفسنا نركض خلف الطموحات والمسؤوليات، بين عمل وزواج وأبناء ومستقبل.
وقد ننشغل لدرجة أننا نغفل عن واحدة من أهم مقومات حياتنا: العلاقات الإنسانية.
فالإنسان بطبيعته كائن اجتماعي، يحتاج إلى الآخرين كما يحتاجون إليه، وما أجمل أن نتذكر أن العتاب من الأحبة دليل على محبتهم ورغبتهم في الحفاظ على صلتهم بنا.
كم مرة تلقينا رسالة أو مكالمة من صديق/ة أو قريب/ة يعاتبنا على تقصيرنا في التواصل؟ كم مرة قال أحدهم: “لماذا لا تتصل؟”، “تعالَ نلتقي”، “اشتقت لك”، “أين أنت؟”. عتابهم ليس انتقادًا، بل هو نداءٌ للحفاظ على تلك العلاقة التي قد تُضيء حياتنا في لحظات نحتاج فيها لمن يقف بجانبنا.
ولكن للأسف، هناك من يمضي في تجاهل هذه المناشدات، متحججًا بمشاغل الحياة.
ثم، ودون سابق إنذار، قد يأتي اليوم الذي نفقد فيه هؤلاء الأحبة.
حينها، نغرق في حسرةٍ على رسائلهم غير المجابة، وعلى دعواتهم التي لم نلبِّها، وعلى كلماتهم التي لم نرد عليها.
نكتشف فجأة أننا أهدرنا فرصًا ثمينة كانت ستصنع لحظات لا تُنسى، ونندم حين لا ينفع الندم.
الحياة قصيرة، ولا أحد يعلم متى يكون موعد الرحيل.
لذلك، علينا أن نُخصص وقتًا لمن نحب. ضعوا جدولًا في حياتكم يضمن تواصلكم مع الأهل والأصدقاء.
اتصال بسيط أو زيارة قصيرة قد تصنع فارقًا كبيرًا.
تلك اللحظات ليست فقط لأجلهم، بل هي لنا أيضًا، فهي تمنحنا دعمًا نفسيًا وروحيًا لا تقدره ثروات الدنيا.
تذكروا أن العتاب من الأحبة هو نعمة، فهو يعكس حرصهم على استمرار علاقتهم بكم.
لا تردوا العتاب بالامتعاض، بل استجيبوا له بحب وامتنان.
فكم من أناسٍ فقدناهم في غفلةٍ، وكان بإمكاننا أن نصنع معهم ذكرياتٍ أجمل لو أننا استجبنا لهم.
وأخيرًا، لنجعل شعارنا: “رفقًا ببعضنا البعض”.
تواصلوا، واحرصوا على بناء جسور المحبة، وامنحوا من يحبونكم وقتكم قبل أن يأتي اليوم الذي لا تجدون فيه الفرصة لتصحيح الأمور.
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
أسرار نتعلمها من شهر الصيام
نفحات رمضانية
أسرار نتعلمها من شهر الصيام
إن المتأمل في أسرار الصيام يجد فيه الكثير من الحكمة، والإفطار بعد ساعات من الإقلاع عن الأكل والشرب يعلمنا أشياء كثيرة منها:
- أننا نشتهي الأشياء أكثر من حاجتنا إليها
إن رمضان هو تجسيد حقيقي لخيبة شهواتنا الكبيرة، فحين تأتي لحظة الإفطار نجد أننا رغم عطشنا وجوعنا الكبير، نحن غير قادرين على أكل أكثر مما تتسع له بطوننا من كل تلك الأطباق المتنوعة التي ظللنا طوال النهار نتعذب بشم روائحها، فالجائع يشبع بقطعة خبز كما يشبع أيضا بطبق من الحم الخروف، والعطشان يرتوي بكأس ماء، كما يرتوي بأطيب العصائر الطازجة، والأمر ينطبق على كل الشهوات الأخرى، على فخامة البيت الذي تقطن فيه، سعر الثياب، نوع السيارة، نحن نشتهي دوما ما يفوق احتياجنا، ونزهد بما في أيدينا، ونكفر بالنعم، في حين أننا قادرون دوما على الاكتفاء بالقليل، فما الداعي لأن نضيع حياتنا حسرات على أمور لو لم تتيسر لنا في الدنيا لما نقصنا في الحقيقة شيء،وكل المتع الحياتية متع منقوصة، براقة في بداياتها، باهتة بعد برهة من امتلاكها.
– يعلمنا أن الوقت الذي نضيعه في اشتهاء المتع الدنيوية أكثر من الذي نقضيه في التمتع بها حين نملكها
فنحن لن نستطيع أن نطيل زمن استمتاعنا أكثر من تلك البرهة الزمنية الصغيرة التي تقع بين اللقمة الأولى ولحظة الشبع، والرشفة الأولى من الكأس ولحظة الارتواء، رغم أننا أمضينا النهار الطويل ننتظر هذه اللحظات بفارغ الصبر، وكذلك زمن الحسرات المديد على أي لذة غير ممكنة، على السيارة المشتهاة، والوظيفة المشتهاة، والرحلة السياحية المشتهاة، إنه أطول بكثير من زمن المتعة التي سنعيشها عندما ستتحقق هذه الأمنيات، إنها باختصار تجارة خاسرة، نبذل فيها الكثير من أعمارنا من أجل هنيهات من التلذذ.
– يعلمنا رمضان أن اشتهاءنا لملذات الدنيا أكبر من حقيقة الملذات نفسها حين بلوغها
إن كل ما نشتهيه بشدة ونذيب صدورنا حسرة عليه، يترك في واقع الحال خيبة أمل كبيرة عندما نملكه، لا ينطبق الأمر على الارتواء بعد عطش، وعلى الشبع بعد جوع، بل ينطبق على كل ما نشتهيه من الملذات الدنيوية مهما كانت، إن تخيلنا للمتعة وتلهفنا عليها هو أكبر من حقيقتها المليئة في الواقع بالنواقص والمنغصات.
كما أننا حين تحضر هذه المتع، لن نستطيع بأن نشعر بأكثر مما تسمح به أجسادنا، تلك التي صُممت للشعور بدرجة محدودة من اللذة في كل شيء، في الأكل، في الشرب، في الامتلاك..إلخ، هناك دوما عتبة من الشعور لا نستطيع تخطيها، لذا فإن بعد كل اشتهاء خيبة أكبر منه بأضعاف، وشعور بالفراغ، وبالحاجة إليه من جديد، وهكذا فإن الإنسان لا يكتفي من شيء في هذه الحياة، وفي سبيل الوصول لمتع جديدة فإنه يبطش ويعتدي ويسرق ويتجبر، دون أن يشعر أبدا بالرضا والارتواء، لأنه باختصار يلاحق سرابا.. “وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور”.
– علمنا أنه ثمة فردوس يتحقق فيه الإشباع المنشود بلا حدود
إن كل المتع في هذه الحياة متع منقوصة، لأن كل ما هو دنيوي من المتع واللذات، له ما يقهره ويفنيه، من الوقتِ والتعودِ ومحدودية قدرة الجسد على الاستمتاع، لذا فإن العاقل هو من يدرك أنه لا مغزى من الطمع في هذه الحياة، وأن الاشتهاء الحقيقي لابد أن يكون للفوز بجنة الرحمان، التي فيها ما لا يخطر على بال بشر.