حين ينبض القلب بحروف الوطن تتغير ملامح الشعور فتصبح الأرض أكثر رحباً ودفئاً والسماء أكثر صفاء، ويصبح الهواء محملاً بعبق الانتماء، ليس الوطن مجرد مكان نعيش فيه بل هو كيان يسكن فينا، يروي قصص الأجداد ويحمل آمال الأحفاد، هي تلك الأرض التي شهدت أولى خطواتنا وتغنت بضحكاتنا واحتضنت أحلامنا الصغيرة التي نمت وترعرعت فيها، ففي حب الوطن حياة، تمنحنا هوية لا تشترى وثقافة وإرث لنا ولأحفادنا لا تباع.
الوطن هو المكان الذى نشأت فيه ويحمل الذكريات والأحلام ويحتضن الأهل والأحباب والأصدقاء، فهو نبض القلب وهو السند الحقيقي والشجرة الوارفة الظلال التي تظل أبناءها، وهو الرفعة والسمو والكرامة.
أنها كلمة غالية تطرب لها الأذان وتشتاق لها القلوب الصافية الخالية من الأمراض النفسية، فحب الوطن غريزة تجعلك مؤنس بالبقاء فيه، وتحن إليه حال البعد عنه وتدافع عنه حال الاعتداء عليه، وتغضب في حال الانتقاص منه.
ولذلك فالعمل على رفعة الوطن واجب اجتماعي وديني، فالانتماء للوطن والإخلاص إليه، وبذل الغالي والنفيس في سبيله، والوقوف في وجه كل من يحاول العبث بأمنه وما يضر بمصالحه.
ومن أروع وأعظم الأمثلة في حب الوطن في السيرة العطرة لسيدنا محمد (ص) رسول الرحمة عندما هاجر إلى المدينة وترك وطنه مكة المكرمة فنظر إليها وقال (ص) ( ما أطيبك من بلد وأحبك إلي، وإني أعلم أنك خير أرض الله وأحبها ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت، وما سكنت غيرك).
ولا بد أن نعمل جاهدين على حرص أبنائنا على حب الوطن وعشق ترابه من أجل رفعتهم والحفاظ على هويتهم وكرامتهم، وغرس فيهم المشاعر الحقيقية للإخلاص والتفاني في حب الوطن، لأن الحب والمشاعر لا تقبل القسمة ولا تحتمل الشك والتردد، فإما أن تكون إنساني شريفي محبي لوطنه وداعما له، وإما أن تبغض وطنك، وفي هذه الحالة تأكد أنك قمت بالتنازل عن قيمتك وكرامتك وأصلك وأهلك.
فمن يعرف المعنى الحقيقي للوطن ويستشعره بكل جوارحه يتولد لديه الانتماء إليه وينبعث فيه طاقة إيجابية تحثه على العمل والإنتاج وحب النجاح رغم الأزمات والمشاكل.
وفى الختام، يبقى الوطن نبضاً خالداً في شريان الجسد لا تتغير ألوانه مهما تغيرت الفصول، ولا يزبل حبه مهما اشتدت رياح المشقة، حب الوطن ليس شعار نرفعه في المناسبات بل هو عمل وإخلاص وتفانى في كل يوم، وهو أن تترك أثري طيبا أينما كنت، وتبني مستقبلاً يليق بتاريخ وطنك، فلنكن قلوباً لمعاقل هذا الحب، ولنكن أفعالاً تروى للأجيال القادمة.
اقرأ أيضاًاستمرار أعمال تطوير منطقة علي بن أبي طالب بحي الزهور ببورسعيد
وزير الإسكان يتابع سير الأعمال بمشروع حديقة تلال الفسطاط
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الوطن حب الوطن مص مقالات حب الوطن
إقرأ أيضاً:
اصطفوا إلى جانب الوطن
مدرين المكتومية
لا يُمكن بأيِّ حالٍ من الأحوال التشكيك في وطنية كل مُواطن عُماني يحيا على هذه الأرض الطيبة، ويستظل بمظلة الأمن والأمان التي تعم أرجاءه، من مسندم شمالًا وحتى ظفار جنوبًا، ولا يُمكن كذلك أن نقبل بأن يسعى البعض من الغافلين أو المُستغفَلين أن يمس أمن الوطن بأي سوء، أيقن ذلك أم لم يُوقن؛ لأنَّ الهدف الأسمى الذي يجب أن نضعه نُصب أعيننا، هو أمن الوطن واستقراره وضمان الحفاظ على ما تحقق من مُكتسبات على مدى العقود والسنوات الماضية.
أقول ذلك بينما هناك نفر أو بعض نفر يُحرِّض المواطنين على التجمهُر والتجمُّع في مواقع بعينها، بحجة رفع مطالب المواطنين إلى الجهات المُختصة. ورغم أنَّ النظام الأساسي للدولة والقوانين السارية تُنظِّم حقوق وواجبات كل فرد في هذا المجتمع، إلّا أنَّ أمثال هؤلاء يسعون فقط للفت الانتباه وربما تحقيق مآرب أخرى، من المؤكد أنَّها ليست في مصلحة الوطن وأمنه واستقراره. ورغم أنَّ البعض قد يسخر من مقولة "الأمن والاستقرار"، لكن من المؤسف أنهم يُعبِّرون عن جهل مُطبق بما يجري في المنطقة والعالم من حولنا؛ حيث تتكالب القوى العظمى والاستعمارية على الدول الآمنة المُسالمة، التي تنعم شعوبها بالأمن والاستقرار المعيشي، وتزدهر فيها الحياة رغم التحديات التي لا ريب أنَّها موجودة في كل بلدان العالم، حتى المتقدم منها. وقضية أن الأمن والاستقرار يجب أن يكونا على رأس أولويات كل مواطن، مسألة لا مناص منها، ولا يُمكن ولا يجب أن نسمح لكائن من كان أن يمس- من قريب أو بعيد- أمن هذا الوطن واستقراره، حتى لو كان تحت شعار "مطالب المُواطنين".
ومن خلال مُتابعتي الحثيثة لما يجري في وطني العزيز، أؤكد للجميع، أن كل مطلب ينادي به المجتمع هو محل إنصات واستجابة من المسؤولين، بداية من الوزير وحتى المسؤول الصغير في أي دائرة حكومية؛ بل إنَّ حكومة صاحب الجلالة- أيده الله- تعلم جيدًا حجم التحديات التي يُواجهها المواطن، وتعمل جاهدة على تذليل هذه التحديات، سواء بمبادرات حكومية مُعلنة، أو بتوجيهات سامية كريمة من لدن حضرة صاحب الجلالة السُّلطان المُعظم- حفظه الله ورعاه. وهذا ديدن حكومتنا منذ القدم، ولنا في عُمان أن نفخر بأن حكومتنا بجميع مسؤوليها، على صلة وثيقة بالمواطن، وعبر آليات واضحة وشفافة.
لقد أنعم الله على وطننا الحبيب عُمان بحكومة رشيدة تدعم حرية الرأي والتعبير وأنه لا حجر على رأي أو وجهة نظر، ما لم تتعارض مع القانون، وهذا التعارض ليس عبارة فضفاضة كما يظن البعض؛ بل إنه أمر واضح وضوح الشمس، ويعني ببساطة عدم مُخالفة القوانين المعمول بها، وأهمها حماية رموز الدولة وصون الحقوق الشخصية للآخرين وعدم التشهير أو السب أو القذف أو الافتراء ونشر الأكاذيب والمعلومات المضللة، أو ازدراء الأديان والمذاهب أو غيرها من الجرائم المنصوص عليها في المنظومة التشريعية العُمانية.
ولذلك ليس بغريب أن نفتح منصات التواصل الاجتماعي لنجد أنها ساحة لا حدود لها في حرية التعبير والرأي، وأن الجميع يُدلي بدلوه في الكثير من القضايا، وأهمها قضية الباحثين عن عمل والمُسرَّحين؛ بل إننا نقرأ كثيرًا لمواطنين يطلقون جام غضبهم على وزير أو مسؤول معني بملف التوظيف، ورغم ذلك يندرج رأيه الغاضب تحت بند "حرية التعبير"، وفي المُقابل نجد المسؤول يرد ويعقب على آراء المواطنين، كما تنشر الجهات المختصة ردودًا رسمية على الكثير مما يُثار من نقاشات أو مُداولات حول أي قضية. أضف إلى ذلك الجهد الكبير الذي يقوم به مجلس الشورى ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، من مناقشات مستفيضة ودراسات وتوصيات؛ بل وخطط وبرامج، لمُواجهة تحديات التوظيف. فهل بعد كل ذلك نُصدِّق من يأتي ويحرِّض النَّاس على التجمهُر، ونُتيح الفرصة لكل من يتربص بنا الدوائر أن ينال من أمننا واستقرارنا؟ هل نسمح لأبواق الفتنة أن تدق إسفينًا بين المواطن والمسؤول؟ هل نغض الطرف عن وسائل إعلام أجنبية تتحين الفرصة لكي تصب الزيت على النَّار وتدس السم في العسل؟
لكن في خضم هذه الأمور، أثلجت صدورنا درجة الوعي والتبصُّر التي يتمتع بها المواطن العُماني، الذي أبى أن يخضع لهذا الدعوات المشبوهة التي تستند على الابتزاز العاطفي، ورفض تمامًا أن يكون شريكًا في تنفيذ أجندات وسياسات ذات أغراض لا تخدم الوطن وأمنه واستقراره؛ بل على النقيض تضر بنا وتُهدد استقرارنا.
لا يخفى على أحد أنَّ المواقف المُعلنة والمُشرِّفة لعُمان في الكثير من الملفات الإقليمية، وأبرزها: قضية فلسطين، وموقف السلطنة من القضايا الأخرى ذات الصلة بالأمن الإقليمي والاستقرار العالمي؛ حيث إن هذه المواقف لا تروق للبعض، ويريدون أن ينالوا من عُمان وشعبها نتيجةً لمواقفهم المناصرة للحق والعدالة، لذلك نجد أمثال هؤلاء ينفخون في نيران التحريض، كلما سنحت الفرصة لهم، لكن علينا كمواطنين أن نكون حائط الصد المنيع، والدرع الحصين لوطننا الحبيب من هؤلاء المُرتزقة والمأجورين والذين يقتاتون من جهات مشبوهة لا تريد خيرًا لهذا الوطن ولا لمواطنيه.
وأخيرًا.. من حق كل مواطن أن يُعبِّر عن رأيه بالطريقة التي يراها مناسبةً، شريطة أن يلتزم بالقانون، وألّا يكون طرفًا أو سببًا أو ذريعة لأي جهة أو شخص أو جماعة، لكي تنال من هيبة عُمان ومكانتها الرفيعة السامية بين الأمم والشعوب، وعلينا كذلك أن نتيقن أنَّ حكومتنا الرشيدة لا تدخر جهدًا من أجل تذليل مختلف التحديات، وأبرزها موضوع الوظائف، ولعل من البُشريات الطيبة التي نُطالعها بين الحين والآخر، طرح المزيد من الوظائف وفرص التدريب والتأهيل أمام المواطنين.
حافظوا على عُمان، فهي أغلى ما نملك، وصونوا مكتسبات الوطن، واقطعوا الطريق على دُعاة الفتن، وبرهنوا للعالم أجمع أنَّ عُمان وشعبها في رباط وتلاحم ما بقيت السماوات والأرض.
والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.
رابط مختصر