بغداد اليوم -  بغداد

يشهد العراق تصاعدًا ملحوظًا في النزاعات الاجتماعية، لا سيما في المناطق الريفية والزراعية، بسبب تفاقم أزمة المياه والجفاف الناجم عن التغيرات المناخية. ومع تراجع معدلات هطول الأمطار، وانخفاض مناسيب المياه في الأنهار، وتقليص الخطط الزراعية، أصبح الصراع على الموارد المائية المحدودة سببًا رئيسيًا في توتر العلاقات بين العوائل والمناطق المختلفة.


الجفاف وتأثيره على مصادر الرزق

تعتمد نسبة كبيرة من سكان العراق، خاصة في محافظات الوسط والجنوب، على الزراعة كمصدر رئيسي للعيش. لكن مع تقلص الأراضي الصالحة للزراعة نتيجة الجفاف وانخفاض منسوب المياه، تضررت آلاف العائلات اقتصاديًا، مما أدى إلى تصاعد النزاعات على الحصص المائية بين المزارعين والمجتمعات المحلية.

وفي حديث لـ"بغداد اليوم"، يوضح مستشار لجنة الأمن والدفاع النيابية، مصطفى عجيل، أن "مناطق واسعة من البلاد تعاني من قلة توفر المياه، مما أدى إلى تضييق مصادر الرزق للعائلات التي تعتمد على الزراعة، خاصة في محافظات الجنوب والوسط".


تحول النزاعات إلى تهديد للسلم الأهلي

رغم أن النزاعات الناتجة عن شح المياه لم تصل بعد إلى مستوى الظاهرة العامة، إلا أن الإحصائيات تشير إلى تزايدها بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة. ويعزو الخبراء ذلك إلى التغيرات المناخية التي أدت إلى ارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض تدفق المياه في الأنهار، بالإضافة إلى التحديات السياسية والاقتصادية التي تعرقل التوزيع العادل للموارد المائية.

ويضيف عجيل: "ما نرصده من ارتفاع معدلات النزاعات بسبب الجفاف يشير إلى خطورة الوضع، حيث تتزايد المواجهات المباشرة بين العوائل والمناطق حول الحصص المائية، ما قد يهدد الاستقرار الأمني في بعض المناطق الريفية".


الهجرة نحو المراكز الحضرية: حل أم أزمة جديدة؟

مع تفاقم أزمة الجفاف، شهدت مناطق الأهوار والمحافظات الجنوبية هجرة متزايدة نحو المراكز الحضرية الكبرى مثل بغداد والبصرة، مما شكل ضغطًا إضافيًا على الخدمات العامة وسوق العمل في هذه المدن. ويرى خبراء أن هذه الهجرة الداخلية قد تؤدي إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في ظل ضعف الاستعداد الحكومي لاستيعاب الأعداد المتزايدة من النازحين البيئيين.


العوامل السياسية ودور الحكومة

إلى جانب العوامل المناخية، تلعب السياسات المائية دورًا أساسيًا في تفاقم الأزمة. إذ تعاني البلاد من مشاكل تتعلق بإدارة الموارد المائية، فضلًا عن تراجع تدفق المياه من دول المنبع مثل تركيا وإيران، وهو ما أدى إلى انخفاض كبير في منسوب نهري دجلة والفرات.

ورغم إعلان الحكومة عن عدة خطط لمواجهة الجفاف، إلا أن التنفيذ يواجه تحديات كبيرة، من بينها نقص التمويل، والفساد الإداري، وضعف البنية التحتية لإدارة الموارد المائية.


رؤية الخبراء والحلول الممكنة

يرى الخبراء أن الحلول تتطلب نهجًا متعدد الأبعاد، يشمل تحسين إدارة الموارد المائية، وتحديث أساليب الري، والتفاوض مع دول الجوار لضمان حصص مائية عادلة، إضافة إلى توعية المجتمعات المحلية بأهمية ترشيد استهلاك المياه.

ويؤكد مختصون أن الاستثمار في مشاريع تحلية المياه، واستغلال التكنولوجيا الحديثة في الري والزراعة، قد يسهم في تخفيف حدة الأزمة وتقليل النزاعات الناجمة عنها.

تشكل التغيرات المناخية في العراق تهديدًا مباشرًا للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، حيث بات الجفاف يؤثر على مصادر الرزق، ويؤدي إلى تصاعد النزاعات، ويدفع السكان إلى الهجرة القسرية. وفي ظل استمرار الأزمة، يصبح من الضروري على الحكومة اتخاذ خطوات جادة وعاجلة لضمان الأمن المائي، وتعزيز استراتيجيات التكيف مع التغيرات المناخية، قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة إنسانية وأمنية واسعة النطاق.

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: التغیرات المناخیة الموارد المائیة

إقرأ أيضاً:

مخلفات الاحتلال الإسرائيلي في غزة: قنابل موقوتة تهدد الحياة

#سواليف

لا زالت #غزة تعاني من تداعيات #الاحتلال الإسرائيلي المستمرة منذُ #حرب_الإبادة، حيث لا تقتصر آثاره على #الحصار و #الدمار، بل تمتد لتشمل #مخلفات_الحرب، التي تحولت إلى #قنابل_موقوتة تهدد حياة #المدنيين، فالمتفجرات غير المنفجرة من قذائف وصواريخ وقنابل باتت تشكل خطراً دائماً على السكان خاصة #الأطفال الذين قد يعبثون بها دون معرفة مدى خطورتها.

 المتفجرات غير المنفجرة: #كارثة مستمرة

خلال العدوان الإسرائيلي وبالرغم من التهدئة بين الاحتلال والمقاومة في غزة الا ان القطاع ما زال يعاني من مخلفات آلاف القنابل والصواريخ غير المنفجرة، وما كشفته الاوضاع أن عدداً كبيراً منها لم ينفجر عند الارتطام بالأرض، مما يجعلها أشبه بأفخاخ مميتة تنتظر الضحية التالية وفقاً للتقارير اليومية التي تخرج عن هذا الموضوع، تحتوي هذه المخلفات على مواد شديدة الانفجار يمكن أن تبقى فعالة لعقود إذا لم يتم التخلص منها بشكل آمن.

مقالات ذات صلة تفاصيل بشعة .. الإعدام لقاتل والدته في العقبة 2025/03/09

هذه الذخائر تنتشر في الأحياء السكنية والحقول الزراعية، وحتى داخل المنازل المدمرة مما يزيد من تعقيد وصعوبة الوضع للسكان وخاصة الأطفال غير مدركين لخطورتها، ما يؤدي إلى وقوع إصابات ووفيات مأساوية عند العبث بها.

 الضحايا: المدنيون أولاً..

المدنيون هم الضحية الأكبر لهذه القنابل الموقوتة، حيث سجلت العديد من حالات الاستشهاد والإصابة نتيجة انفجار هذه المتفجرات منذ الهدنة الحالية فالأطفال الذين يجذبهم شكل القنابل الغريب غالباً ما يكونون الأكثر عرضة للخطر كما المزارعين الذين يحاولون استصلاح أراضيهم بعد الهدنة الحالية، فلا زال الخطر مستمراً عند اصطدامهم بمتفجرات غير مكتشفة أثناء حراثة الأرض.

إضافة إلى الخسائر البشرية فإنها باتت تؤثر على الحياة اليومية للسكان، حيث تمنع إعادة الإعمار في بعض المناطق، وتعيق الأنشطة الزراعية، وتبث الخوف بين الناس، مما فاقم من الأوضاع المعيشية الصعبة أصلاً في القطاع المحاصر.

 المسؤولية الدولية والتعامل مع الأزمة

وفقاً للقانون الدولي الإنساني، يتحمل الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية إزالة مخلفات الحرب وتأمين حياة المدنيين، إلا أنه يتنصل من هذه المسؤولية، مما يضع الحمل على كاهل المؤسسات المحلية والدولية، الجهات المختصة في غزة، مثل فرق الهندسة التابعة للشرطة وفرق الدفاع المدني، تبذل جهوداً جبارة في تفكيك هذه المتفجرات بأدوات وإمكانات محدودة للغاية وفي بعض الحالات من المفترض ان يتم الاستعانة بخبراء دوليين لتقديم الدعم الفني، لكن الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع يعوق إدخال المعدات المتخصصة اللازمة لتسريع عمليات الإزالة، كما تعمل هذه الاجهزة على توعية السكان بمخاطر هذه المتفجرات، من خلال حملات إرشادية في المدارس والمجتمعات المحلية.

 تحديات إزالة المتفجرات

رغم الجهود المبذولة، تبقى إزالة هذه القنابل الموقوتة تحدياً كبيراً بسبب عدة عوامل، كنقص المعدات المتطورة فالحصار الإسرائيلي المفروض يمنع دخول المعدات الخاصة بإزالة المتفجرات، مما يضطر الفرق المحلية إلى استخدام وسائل بدائية تعرضهم للخطر مع عدم توفر خرائط دقيقة للأماكن المستهدفة فالاحتلال لا يشارك أي بيانات حول المناطق التي قصفها، مما يزيد من صعوبة تحديد مواقع الذخائر غير المنفجرة، عدا عن الاكتظاظ السكاني فالكثافة السكانية العالية في غزة تجعل من الصعب إخلاء المناطق المشتبه بها، مما يزيد من خطر وقوع إصابات في حال حدوث انفجار غير متوقع فتكرار العدوان الإسرائيلي في كل عدوان جديد يضيف مزيداً من الذخائر غير المنفجرة، مما يجعل الجهود المبذولة لإزالتها سباقاً ضد الزمن.

 الحلول والمطالبات

لحل هذه الأزمة، يجب اتخاذ عدة خطوات اهمها الضغط الدولي على الاحتلال الإسرائيلي لإجباره على تحمل مسؤوليته في إزالة مخلفات الحرب، أو على الأقل السماح بإدخال المعدات والخبراء المتخصصين، مضافاً لذلك تعزيز دعم المنظمات الدولية العاملة في مجال إزالة الألغام والمتفجرات، وتوفير تمويل أكبر لهذه العمليات

وتوسيع برامج التوعية بين السكان، خصوصاً الأطفال، حول كيفية التعرف على الذخائر غير المنفجرة وتجنب الاقتراب منها وإنشاء فرق متخصصة ومدربة محلياً تمتلك المعدات والقدرة على التدخل بسرعة عند اكتشاف أي قنبلة غير منفجرة.

 خاتمة

تبقى مخلفات الاحتلال الإسرائيلي من المتفجرات قنبلة موقوتة تهدد حياة سكان غزة، مما يضيف تحدياً جديداً إلى الأوضاع الإنسانية الكارثية في القطاع ورغم الجهود المبذولة فإن الحل الحقيقي يكمن في إنهاء الاحتلال ووقف العدوان المستمر حتى لا تستمر غزة في دفع ثمن الحروب حتى بعد انتهائها.

مقالات مشابهة

  • اللجنة الدولية للصليب الأحمر تحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية بغزة
  • اللجنة الدولية للصليب الأحمر: نحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية بغزة في ظل توقف الإمدادات
  • الإعلام الحكومي بغزة يدق ناقوس الخطر بعد تفاقم أزمة المياه والغذاء
  • تفاقم الأوضاع في غزة مع وقف إسرائيل دخول المواد الغذائية والمساعدات
  • إسرائيل تصعّد حصارها على غزة بقطع الكهرباء وسط تفاقم الأزمة الإنسانية
  • تفاقم الأزمة الإنسانية «جنوب الحزام» وسط انهيار الخدمات الصحية والأمنية
  • مخلفات الاحتلال الإسرائيلي في غزة: قنابل موقوتة تهدد الحياة
  • حمّاد يفرض قيودًا على التصريحات الإعلامية للوزراء والهيئات الحكومية
  • الجديد: الحكومتان مطالبتان بضبط الإنفاق قبل تفاقم الأزمة الاقتصادية
  • وزير الإعمار: العراق بحاجة إلى (45) مليار دولار لتنفيذ شبكات المياه والصرف الصحي