كتاب "كتابات وأقوال في السياسة والفكر والحياة" للكاتبة سارا الفاضل محمود، الذي حررته وقدمت له رباح الصادق، هو عمل توثيقي يجمع بين المقالات والخطب والمذكرات، مقدماً صورة شاملة عن فكر وتجربة الكاتبة في السياسة، الفكر، والمجتمع. لكن الأهم من ذلك هو أسلوب الكتابة الذي تبنّته الكاتبة، والذي يمكن تصنيفه ضمن مدرسة التوثيق السياسي - السردي، مع مزيج من الخطابة والمواقف الأيديولوجية.


مذهب الكتابة في الكتاب
يمكن تصنيف أسلوب الكتابة ضمن المنهج التوثيقي السردي التحليلي، حيث تمتزج السيرة الذاتية بالمواقف السياسية والتاريخية. ويمكن تلخيص سمات أسلوب الكتابة فيما يلي:
الأسلوب التوثيقي - السردي
الكاتبة تعتمد على التوثيق الدقيق للأحداث، حيث نلاحظ تقسيم الكتاب إلى محطات زمنية محددة تتناول فترات سياسية مختلفة، من الحكم العسكري الأول في السودان إلى الديمقراطية الثانية والثالثة. كما تستخدم أسلوبًا سرديًا قائمًا على الحكي والتجربة الشخصية، مما يعطي الكتاب بعدًا ذاتيًا، لكنه في الوقت ذاته يقدّم سردًا أقرب إلى التوثيق التاريخي.
النبرة الخطابية – السياسية
يظهر واضحًا تأثر الكتابة بالنبرة الخطابية، خصوصًا في الجزء الخاص بالخطابات والمقالات السياسية. وهذا يجعل الأسلوب مباشرًا، لكنه أحيانًا يقترب من الإنشائية. التأثير الأيديولوجي حاضر بقوة، فالكتابة تحمل موقفًا سياسيًا واضحًا، مما يجعلها أقرب إلى الكتابة السياسية الملتزمة، وأحيانًا تفتقر إلى الحياد التاريخي.
استخدام اللغة التقليدية - الرسمية
اللغة المستخدمة في الكتاب كلاسيكية، تعتمد على الفصحى التقليدية، وهو ما يجعل بعض الجمل تبدو متكلفة أو ثقيلة على القارئ الحديث. كما أن غياب البعد الأدبي العميق يجعل النصوص تركز أكثر على التوثيق السياسي، وليس على التحليل الفلسفي أو الأدبي للأحداث.
غلبة الطابع الأيديولوجي والتاريخي
الكتاب لا يخلو من الأحكام القيمية، حيث تميل الكاتبة إلى تقديم تفسيرات للأحداث من خلال منظورها السياسي، مما يجعل بعض الأجزاء تبدو دفاعية أكثر من كونها تحليلية. كما أن هناك تشديدًا على دور المرأة في حزب الأمة، مما يجعله أقرب إلى "رؤية تنظيمية داخلية" بدلاً من كونه كتابًا تحليليًا عامًا.
نقاط القوة وضبابية الطرح
نقاط القوة:
الدقة التاريخية والتوثيقية.
وضوح الأفكار وتسلسلها الزمني.
الجمع بين الخطابات السياسية والتحليل الاجتماعي.
ضبابية الطرح:
غلبة النبرة الخطابية أحيانًا على التحليل النقدي.
افتقاد الكتاب للحياد في بعض المقاطع، حيث تميل الكاتبة إلى الدفاع عن مواقفها السياسية.
بعض الفصول تبدو أقرب للتوثيق التنظيمي الداخلي، مما قد يجعلها مملة للقارئ غير المهتم بالسياق السياسي لحزب الأمة.
الكتاب يمثل نموذجًا واضحًا للكتابة السياسية التوثيقية في السودان، حيث يجمع بين السيرة الذاتية، والتاريخ السياسي، والمواقف الأيديولوجية. أسلوب الكاتبة يعكس التزامًا سياسيًا واضحًا، لكنه أحيانًا يقترب من الخطابية أكثر من التحليل العميق. ومع ذلك، يظل الكتاب مرجعًا مهمًا لفهم تجربة المرأة السودانية في العمل السياسي، خاصة ضمن حزب الأمة.

zuhair.osman@aol.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: أسلوب ا واضح ا

إقرأ أيضاً:

"عالم افتراضي خاص " .. أول باكورة للكاتبة مرام وجدي بتربية المنصورة

صدر مؤخرا كتاب "عالم افتراضي خاص" للكاتبة مرام وجدي صابر الطالبة بكلية التربية بجامعة المنصورة وابنة الزميل وجدي صابر الصحفي بـ " الوفد "عن دار المفكر العربي للنشر وتم عرضه في جناح الدار بمعرض القاهرة الدولي للكتاب .

موضوعات متنوعة

ويتناول الكتاب تأملات روحية ونفسية عميقة حول العلاقة مع الله، الذات والمجتمع ،  ويبدأ الكتاب برحلة روحية تستعرض أهمية اللجوء إلى الله والاعتماد عليه في السراء والضراء ، كما تتناول الكاتبة أيضًا موضوعات متنوعة مثل مجاهدة النفس، التواضع، والصدق في النوايا والأعمال من خلال سرد قصص واقعية واستشهادات دينية، وتقدم الكاتبة نصائح وتوجيهات تساعد القارئ على تحسين علاقته بالله وتزكية نفسه .

عالم افتراضي خاص باكورة أعمال الكاتبة مرام وجدي 

منبع القلوب

وقالت الكاتبة في خاتمة الكتاب "إذا كنت تشعر بغرقك في عالم افتراضي لا تعلم له اسما ولا هوية حقيقية .. إذا كنت تشعر بأنك قد فقدت مقاصد الحياة وجوانبها التي تطفو فوق كل الهواجس والتخيلات.. فهذا الكتاب لك .... قد كنت أشعر وأنا أؤلف هذا الكتاب بأنني أريد أن أصل إلى الأرواح التي تعتمت من فرط التعامل مع تلك الأجساد الخالية من الحراك، وأتمنى أنني قد وصلت إلى منبع القلوب التي ستجوب معنا تلك العوالم الحقيقية ومن دون حواجز، ولكن تلك المرة من خلال نافذة حقيقية، وهي نافذة هذا الكتاب المتواضع "عالم افتراضي خاص"

القيم الإنسانية

يذكر بأن الكتاب مليء بالقيم الإيمانية والإنسانية ويشكل دعوة للتأمل الذاتي وإصلاح السريرة ويعد باكورة أعمال الكاتبة مرام وجدي الطالبة بكلية التربية بجامعة المنصورة الفرقة الرابعة بقسم اللغة الفرنسية .

فئة الشباب

ويشار إلى أن الكتاب نفذت كافة نسخه التي تم عرضها بمعرض الكتاب ، حيث وجد اقبالا كبيرا خاصة من فئة الشباب ، كما ترك أثرا متميزا لدى النقاد الذين وجدوا إجابة شافية لكافة التساؤلات التي طرحتها الكاتبة ، إضافة إلى تأكيدهم بأن لغته بسيطة وعميقة وتمكنت الكاتبة من الغوص في دهاليز النفس مستشهدة بالعديد من الوقائع المنطقية  ، كما أشاد عدد من أساتذة النقد الأدبي بجامعة المنصورة بالسرد الممتع الذي تضمنه الكتاب مؤكدين بأنه يناقش قضايا معاصرة في قالب ممتع .

مقالات مشابهة

  • عمر الشناوي: الكتابة أهم أسباب موافقتي على فيلم "لأول مرة"
  • في ذكرى رحيل محسن سرحان.. محطات بين رحلة الفن والحياة
  • برلماني عن مُخطط تهجير الفلسطينيين: الكيان الصهيوني اعتاد على أسلوب البلطجة
  • عتبات الفرح للكاتبة هديل حسن: لعلها عتبات الكتابة أيضا
  • مدرب توتنهام يتلقى خبراً ساراً قبل مواجهة ليفربول
  • "عالم افتراضي خاص " .. أول باكورة للكاتبة مرام وجدي بتربية المنصورة
  • الكتابة الطِعمة
  • توقيع رواية "حتى إشعار آخر" للكاتبة هناء عبدالكريم بمعرض الكتاب
  • رؤية مستقبلية للغة العربية.. ندوة بمعرض الكتاب عن دور الذكاء الاصطناعي في التطوير