الجزيرة:
2025-02-08@12:29:12 GMT

الأطفال والقراءة.. مفتاح لبناء مجتمع معرفي متطور

تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT

الأطفال والقراءة.. مفتاح لبناء مجتمع معرفي متطور

تعد القراءة من أجمل ما يُقاس به زينة أخلاق الأطفال وطبائعهم، فهي واحدة من أهم المهارات الأساسية التي يحتاجونها للنجاح في حياتهم. فمنذ الصغر، تترك القراءة أثرا كبيرا في تهذيب الأخلاق وتطهير القلوب لديهم، كما تسهم بشكل مبهر في تطوير العلوم، وتعزيز الخيال والإبداع، وتنمية المهارات اللغوية. إضافة إلى ذلك، فإنها تعمل على تعزيز النمو الشخصي والوعي الذاتي لدى الطفل، وتنمية الانضباط والانتباه في المواقف الحياتية، فضلا عن رفع مستوى الفهم العميق، وتجلي قيم الرحمة والتعاطف لوجهات النظر الإنسانية المختلفة.

ولا شك أن القراءة تلعب دورا أساسيا في تنمية المعرفة الإنسانية وتعزيز التفكير الإبداعي لدى البشر، فهي لطالما كانت عنصرا فعالا لا غنى عنه في النهضة التعليمية للمجتمع. ومن خلال القراءة، تتشكل الثقافات لدى النشأ الجديد والتي تستند على التفكير المنهجي العميق. لذا، يمكن القول بلا تردد إن ثقافة أي مجتمع تتشكل كانعكاس لما يقرأ أفراده. والأطفال الذين ينشأون في بيئة تحافظ على هذه القيم الثقافية سينخرطون بفاعلية أكبر في مجتمعاتهم، وسيسهمون بدور رئيسي في البناء الاجتماعي.

ومن واجب الوالدين أن يكون لهم دور فعال في ترسيخ عادة القراءة لدى الأطفال، وذلك من خلال الطريقة الحسنة والقدر الصحيح، جنبا إلى جنب لخلق بيئة مشجعة على القراءة في المنزل وفي محيطهم، وتمكينهم من ممارسة هذه الأنشطة كعادة ثابتة بمتعة وبهجة. فالتشجيع على القراءة منذ الصغر يؤثر بشكل كبير على التطور الفكري للطفل، بل يتجاوز ذلك ليكون عاملا رئيسا في توسيع خياله، وتحسين صحته النفسية، وتعزيز تواصله مع الآخرين، إضافة إلى إبعاده عن السلوكيات العنيفة.

إعلان القراءة الرقمية في مواجهة التكنولوجيا

بدأت مسيرة القراءة من خلال الكتب المخطوطة يدويا، ثم انتقلت إلى الكتب المطبوعة، حتى شهدت تغييرات كبيرة في عصرنا الحالي. ومع التطور التكنولوجي وتطور التقنيات الناشئة، أصبحت القراءة أكثر سهولة ويسر، فبإمكان الأطفال الآن الحصول على الكتب المطلوبة وقراءتها في وقت قصير دون عناء أو تضييق أو تكلفة كبيرة. وقد أدى هذا التطور إلى انتشار نمط جديد من القراءة عبر الإنترنت، الذي لاقى قبولا واسعا بين الكثيرين، رغم أن القراءة التقليدية من الكتب الورقية لا تزال تحتفظ بمكانتها وأهميتها.

وتؤكد المكتبات المحلية والمراكز الثقافية الحديثة أن القراءة الورقية لم تتأثر سلبا بتدفق القراءة الرقمية، بل إن شعبيتهما الواسعة في المجتمع هي دليل عظيم على أن كلا الطريقتين يتم استخدامهما بشكل  متساو، ويحظيان بتقدير واسع. ورغم أن فوائد القراءة عبر الكتب الورقية والإنترنت متشابهة، فإن الوسائل المستخدمة في كل منهما تختلف تمامًا. ومع استمرار تطور التكنولوجيا، تتوسع إمكانيات القراءة أكثر فأكثر، وتزداد تطبيقات القراءة والألعاب التفاعلية التي تشجع الأطفال على القراءة بأساليب حديثة، مما يعزز اهتمامهم بها يوما بعد يوم.

القراءة كعادة يومية

من الضروري أن يتعرف الأطفال على الكتب منذ نعومة أظافرهم في الطفولة، فهي تسهم في تشكيل وعيهم وتؤثر على مسار حياتهم في المستقبل.ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن للأطفال التعامل مع الكتب والاستفادة منها في ظل إمكانيات العالم الحديث؟

نستطيع أن نقول في ذلك أن قراءة الكتب تعمل على تحسين التركيز لديهم، وتحافظ على صحة العديد من أعضاء الجسم، كما أن القراءة الرقمية تمثل وسيلة قيمة لتعليمهم القراءة، خصوصا مع طبيعتهم الفضولية. وعلى الرغم من تأثير التقنيات الحديثة على حياتهم، وما توفره من وسائل أكثر سهولة، فإن القراءة المتسلسلة من خلال الكتب المطبوعة يمكن اعتمادها لأي فئة عمرية.

إعلان

كما أن الجمع بين القراءة التقليدية والاستماع إلى الكتب المقروءة بمساعدة التقنيات الحديثة يمكن أن يجعل التجربة أكثر تنوعًا ومتعة، مما يقلل من الشعور بالتعب أو الملل. والتجارب التي يمر بها الأطفال في مراحلهم الأولى من القراءة تلعب دورًا مهمًا في تقدمهم التعليمي، مما يساهم في بناء مجتمع قائم على المعرفة والقراءة.

وعلى الرغم من الفوائد العديدة لهذه الطريقة، إلا أن هناك بعض العيوب التي قد تصاحبها، فالقراءة على الأجهزة الالكترونية بشكل مستمر قد تسبب إجهاد العين في الإضاءة الخافتة، إضافة إلى احتمالية جفاف العين. ومع ذلك، فإن علاقة الأطفال بالكتب تظل وسيلة رائعة لتعزيز مهاراتهم وتوسيع مداركهم.

القراءة الافتراضية.. بين الإيجاب والسلب

تعد القراءة الافتراضية واحدة من أكثر أساليب القراءة انتشارا اليوم، حيث ساهم التطور التكنولوجي في تحسين تجربتها، مما جعلها أكثر تفاعلية ومتعة.

فمن خلال تنسيقات الصوت والفيديو، تتجاوز القراءة الافتراضية مجرد الكلمات والصور المطبوعة، مما يساعد على منع شعور الأطفال بالملل أثناء القراءة. بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الألعاب والمهام المصممة لتنمية مهارات القراءة والكتابة لدى الأطفال. ومن أبرز مزايا ها أنها توفر الوقت والمال، مما يعد رصيدا عظيما لمستقبل أفضل للأطفال.

ومع ذلك، وعلى الرغم من سهولة الوصول إلى القراءة الافتراضية في أي وقت ومن أي مكان، إلا أنها تحمل بعض العيوب مقارنة بالقراءة التقليدية من الكتب المطبوعة.

فالتعرض المستمر لشاشات الهواتف الذكية والحواسيب وغيرها من الأجهزة يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية، خاصة أن الضوء المنبعث منها قد يكون ضارًا جدًا للعينين. علاوة على ذلك، قد تؤدي القراءة عبر الإنترنت إلى اتباع أسلوب قراءة سطحي، مما يقلل من فرصة التعمق في المحتوى.

لذا، من الضروري أن يكون الأطفال حذرين في تنظيم وقتهم وتحديد الحد المناسب للقراءة الرقمية، حتى لا تؤثر سلبًا على راحتهم الجسدية والذهنية.

إعلان مساوئ الاستخدام المفرط للتكنولوجيا على الأطفال الإدمان: الهديد من الدراسات تشير إلى أن استخدام الجوالات يسبب الإدمان عند الأطفال. مما يؤدي إلى انخفاض كبير في أداءهم الاجتماعي والجسدي والأكاديمي. العزلة الاجتماعية: تسبب التكنولوجيا أحيانا في العزلة الاجتماعية، فتنخفض تفاعلات الأطفال مع المحيط حولهم، أو التعامل وجهاً لوجه، وتقلل من إمكانية إتمام الحوارات المتعمقة مع غيرهم من البشر، بل و قد تصل إلى القطيعة مع الوالدين وأفراد الأسرة الآخرين. الصحة النفسية: يمكن أن يؤدي قضاء الكثير من الوقت أمام الشاشات إلى عده مشاكل عضوية و جسدية وازدياد نوبات الصداع لدى الأطفال أو الكبار، والشعور بالأرق والحرمان من النوم، والعديد من مشاكل العين، والاستخدام المفرط يؤدي أيضا لحالات مثل الاكتئاب والقلق وغيرها من الاضطرابات النفسية. الصحة البدنية: من الممكن أن يصل الطفل إلى أنماط حياة خاملة، وإلى تغير في السلوك تجاه العنف في سن مبكرة، وازدياد معدلات السمنة ومشاكل صحية أخرى. الأداء الأكاديمي: يواجه الأطفال ضعف الأداء الأكاديمي وانخفاض التحصيل الدراسي مع ازدياد معدلات التعرض للجوالات أو الالكترونيات.

لذا مع كل تلك المساوئ، فمن الضروري على الوالدين مراقبة سلوك الأبناء إزاء استخدام الجوالات، والحرص على معدلات واضحة للاستخدام لخلق بيئة صحية متوازنة بين التكنولوجيا ومجالات حياتهم الأخرى.

نحو بناء مجتمع مثقف

ولأن أطفال العصر الجديد ينشأون على الحداثة بكل ما لها من فوائد، فليس من الطبيعي أن نأمرهم بالانصراف عن الجوالات والتطورات التكنولوجية.

ولكن، لا يمكننا تشجيع الطفل على أنماط القراءة الافتراضية الرقمية بالمقام الأول، عند ميلهم لخلق تلك العادة الجيدة، لأن الارتباط بالكتاب في ذهن الطفل يمكن أن يكون له تأثير كبير على مراحل تعلمه المختلفة، ومصاحبتهم للكتاب كصديق، يمكن أن يضمن لنا و لو قليلا الحفاظ على قيمهم الاجتماعية والثقافية، بل وتنميتها لديهم. ولذلك من الأفضل حسهم على قضاء المزيد من الوقت مع الكتاب، وتحديد بعض المعايير لاستخدام أساليب القراءة الجديدة من خلال التكنولوجيا.

إعلان

وينبغي تزويد الأطفال بالكتب حسب أذواقهم الخاصة وتفضيلاتهم، واختيار الأفضل بالنسبة لهم والتركيز عليه. وفي تلك الحالة، يمكننا أن نطمئن لنشأة جيل واعي قائم على المعرفة، ويمتلك مقومات العلم والتعلم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أن القراءة من خلال یمکن أن

إقرأ أيضاً:

اختتام الفعاليات العلاجية المستوحاة من الطبيعة لأفراد مجتمع أبوظبي

اختتمت هيئة الرعاية الأسرية، بالشراكة مع المسرعات المستقلة لدولة الإمارات العربية المتحدة للتغير المناخي، سلسلة من الفعاليات العلاجية المبتكرة والمستوحاة من الطبيعة.

جاءت هذه الفعاليات تتويجاً لمذكرة تفاهم وقّعتها الهيئة والمسرعات المستقلة لدولة الإمارات العربية المتحدة للتغير المناخي خلال مؤتمر الأطراف "COP28"، استهدفت تعزيز الارتباط بالطبيعة والتراث الإماراتي، مع التركيز على تعزيز الرفاه النفسي والاجتماعي لأفراد مجتمع أبوظبي.
وجسّدت هذه الفعاليات تعاوناً ريادياً بين هيئة الرعاية الأسرية والمسرعات المستقلة لدولة الإمارات العربية المتحدة للتغير المناخي، مشيرة إلى الدور الأساسي للطبيعة كأداة محورية لتعزيز الترابط المجتمعي، وبناء جسور التواصل بين الأجيال، ودعم الصحة النفسية للأفراد.

توعية المجتمع

وقالت الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان، الرئيس والمدير التنفيذي للمسرعات المستقلة لدولة الإمارات العربية المتحدة للتغير المناخي: نؤمن بأن الطبيعة تمتلك قدرة استثنائية على تعزيز ارتباط الأفراد بجذورهم وجوهرهم، وإلهامهم لإطلاق العنان لإبداعاتهم. شراكتنا مع هيئة الرعاية الأسرية تُجسّد التزامنا المشترك برفع الوعي المجتمعي وزيادة تقديره للمواقع الطبيعية المتميزة في إمارة أبوظبي.
وأضافت: نجحنا عبر توحيد خبراتنا وتكامل جهودنا في تقديم تجارب مبتكرة تسلط الضوء على أهمية الحفاظ على البيئة ودورها المحوري كوسيلة للإلهام وتحقيق النمو الشخصي وتعزيز جودة حياة الأفراد، حيث نطمح من خلال هذه الفعاليات إلى إلهام الأفراد لتبني أنماط حياة مستدامة تعزز ارتباطهم بالطبيعة وتعيد إحياء الروابط العميقة التي تجمعهم بالعالم الطبيعي وببعضهم البعض.

الاستقرار النفسي

من جانبها، قالت سلامة العميمي، المدير العام لهيئة الرعاية الأسرية: نكرّس جهودنا في هيئة الرعاية الأسرية لتمكين الأسر والأفراد عبر توفير خدمات شاملة ومتكاملة من شأنها تعزيز الاستقرار النفسي والاجتماعي وذلك من خلال التعاون الشراكات الهادفة مع القطاع الخاص.
وأشارت إلى أن هذه الفعاليات المستوحاة من الطبيعة تجسد التزامنا الراسخ بتقديم خدمات تواكب احتياجات مجتمعنا، بالاستفادة من الموارد الطبيعية المحلية بهدف إعادة ربط الأفراد بجذورهم ، منوهة إلى أن هذه المبادرات أسهمت في تعزيز شعور الأفراد بالتوازن والانتماء للبيئة.
وأضافت: يتماشى هذا الجهد مع رؤيتنا لدعم تنفيذ استراتيجية أبوظبي لجودة حياة الأسرة، مما يُسهم في تحسين نوعية الحياة ورفاهية أسر مجتمعنا بشكل عام ، لافتة إلى أن هذه المبادرة امتدت على مدار عام كامل وتضمنت أربع فعاليات مميزة سلطت الضوء على قوة الطبيعة في تقديم تجارب علاجية فريدة.

مقالات مشابهة

  • «مركز جمعة الماجد» ينظم محاضرة عن الكتب المؤثرة
  • نتنياهو يرد على مطالبات السعودية لبناء دولة فلسطين: اقيموها على أراضيكم
  • مركز ضيافة الأطفال بالمسجد النبوي يستقبل أكثر من 20 ألف طفل
  • حنان مطاوع تكشف سبب عشقها للكتب والقراءة
  • تفكيك معرفي ومفاهيمي: تغيير 2019م والحرب والاسلاميين وتقدم..(1-2)
  • اختتام الفعاليات العلاجية المستوحاة من الطبيعة لأفراد مجتمع أبوظبي
  • يمكن للتكنولوجيا تغيير العالم.. إن عَمِلَتْ لصالح الأطفال
  • «البيت الأبيض»: قطاع غزة أصبح مكانا لا يمكن أن يعيش فيه بشر
  • اقرأ في عدد «الوطن» غدا.. السيسي: نسعى للتحول إلى مجتمع رقمي متكامل