التحديات والآثار.. كيف سيناور العراق ويتفادى مواجهة لا يستطيع التحكم بها بين أمريكا وإيران؟ - عاجل
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
بغداد اليوم - بغداد
تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران يعكس نفسه بشكل مباشر على العراق، البلد الذي يتأثر بعلاقاته القوية مع الجانبين. فبعد أن أعادت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تفعيل سياسة "الضغوط القصوى" على طهران، برزت مخاوف كبيرة داخل الأوساط السياسية العراقية من التداعيات المحتملة لهذا التصعيد، خاصة في ظل النفوذ الإيراني الكبير داخل البلاد.
في حديث لـ"بغداد اليوم"، أكد الباحث والأكاديمي مجاشع التميمي أن بغداد تعيش حالة من القلق والحرج السياسي، حيث تحاول الموازنة بين علاقتها بواشنطن، الضامن الأساسي لاستمرار النظام السياسي في العراق، وبين علاقاتها الوثيقة مع طهران، التي تملك نفوذًا واسعًا داخل المشهد العراقي، لا سيما من خلال دعمها لقوى الإطار التنسيقي، أكبر الكتل البرلمانية.
أسباب القلق العراقي من التصعيد الأمريكي الإيراني
العراق وإيران يتمتعان بعلاقات استراتيجية واسعة تشمل مجالات الاقتصاد، الطاقة، الأمن، والسياسة، حيث يعتمد العراق بشكل كبير على الغاز الإيراني لتشغيل محطات توليد الكهرباء، ويستورد منه مواد غذائية وسلعًا أساسية. كما ترتبط بعض القوى المسلحة العراقية بعلاقات وثيقة مع طهران، وتعتبرها حليفًا استراتيجيًا، مما يجعل أي تصعيد أمريكي ضد إيران ينعكس على استقرار العراق.
من جهة أخرى، وبعد انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية، أصبح الإطار التنسيقي القوة البرلمانية الأكبر، وهو يضم أحزابًا وفصائل مسلحة مدعومة من إيران. وبالتالي، فإن أي تصعيد أمريكي قد يُضعف نفوذ إيران داخل العراق، مما يدفع الإطار التنسيقي لممارسة ضغوط على الحكومة العراقية لاتخاذ موقف أكثر قربًا من طهران.
حكوميا، رغم النفوذ الإيراني في العراق، فإن الولايات المتحدة لا تزال تلعب دورًا رئيسيًا في دعم الحكومة العراقية، سواء من خلال التعاون الأمني، تقديم المساعدات المالية، أو دعم المؤسسات العراقية. ويدرك رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن أي توتر مع واشنطن قد يؤدي إلى عقوبات اقتصادية جديدة أو حتى فرض قيود على التعاملات المالية العراقية بالدولار، وهو ما قد يضر بالاقتصاد العراقي المتأزم أصلًا.
الموقف الأمريكي: تشدد جديد في التعامل مع إيران
بحسب التميمي، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتقل من نبرة التهدئة إلى تصعيد الضغوط على طهران، حيث وقع أمرًا تنفيذيًا يهدف إلى تقليص صادرات النفط الإيراني إلى الصفر. هذه الخطوة تثير قلق الحكومة العراقية لأنها قد تؤدي إلى:
1. زيادة الضغوط على الفصائل المسلحة العراقية المدعومة من إيران، مما قد يؤدي إلى تصعيد أمني داخل العراق.
2. فرض قيود أمريكية على تعاملات العراق المالية، خاصة بعد التشديد الذي فرضته واشنطن على التحويلات المالية بالدولار عبر البنك المركزي العراقي.
3. إجبار العراق على خفض تعاونه الاقتصادي مع إيران، وهو أمر قد يكون مستحيلًا على المدى القصير بسبب اعتماد العراق على الغاز الإيراني لتوليد الكهرباء.
تحركات الحكومة العراقية لتجنب الأزمة
وفقًا للتقارير، عقد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني محادثات مهمة مع نائب الرئيس الإيراني محمد جواد ظريف لبحث سبل التنسيق المشترك في ظل التصعيد الأمريكي. وتشير المصادر إلى أن الحكومة العراقية تحث القيادة الإيرانية على التوصل إلى اتفاق مع واشنطن بشأن الملف النووي، لأن بغداد تخشى أن يتحول الصراع إلى مواجهة مفتوحة بين الطرفين.
ومع تصاعد الضغوط الأمريكية، تعمل الحكومة العراقية على تقليل الاعتماد على الطاقة الإيرانية من خلال:
التسريع في مشروع الربط الكهربائي مع دول الخليج، بهدف تنويع مصادر الطاقة.
توسيع مشاريع الطاقة الشمسية، حيث تم التعاقد مع شركات دولية لإنشاء محطات طاقة متجددة.
محاولة إقناع الولايات المتحدة بمنح العراق استثناءات لاستيراد الغاز من إيران ريثما يتم توفير بدائل مناسبة.
3. تعزيز التعاون الأمني مع الولايات المتحدة
في محاولة لتخفيف الضغوط الأمريكية، قد تلجأ بغداد إلى تعزيز التعاون الأمني مع واشنطن، خاصة في مجال محاربة تنظيم داعش، وذلك لإثبات أن العراق لا يزال شريكًا استراتيجيًا للولايات المتحدة، رغم علاقاته الوثيقة مع إيران.
هل ينجح العراق في تفادي المواجهة؟
السيناريو الأول:
نجاح الوساطة العراقية، فإذا تمكنت بغداد من إقناع طهران وواشنطن باستئناف المفاوضات حول الملف النووي، فقد يخف الضغط على العراق، خاصة إذا تم التوصل إلى تفاهمات جديدة بشأن العقوبات الاقتصادية.
السيناريو الثاني:
تصاعد التوتر وفرض عقوبات على العراق، فإذا استمرت واشنطن في تشديد عقوباتها على إيران، فقد تضطر الحكومة العراقية إلى اتخاذ إجراءات قسرية لخفض تعاملاتها مع طهران، مما قد يؤدي إلى رد فعل سلبي من القوى السياسية القريبة من إيران داخل العراق. في هذه الحالة، قد تواجه الحكومة ضغوطًا داخلية من الإطار التنسيقي، وربما توترات أمنية إذا تصاعدت المواجهات بين الفصائل المسلحة والقوات الأمريكية داخل العراق.
السيناريو الثالث:
تحول العراق إلى ساحة صراع أمريكي-إيراني، ففي حال فشل جميع الجهود الدبلوماسية، قد يجد العراق نفسه في قلب المواجهة بين واشنطن وطهران، حيث يمكن أن تصبح الأراضي العراقية ساحة لتصفية الحسابات، سواء من خلال هجمات على المصالح الأمريكية داخل العراق، أو عبر تصعيد العقوبات ضد الحكومة العراقية.
العراق بحاجة لتوازن "دقيق"
يواجه العراق تحديًا معقدًا في ظل التصعيد الأمريكي ضد إيران، حيث يحاول تحقيق توازن دقيق بين علاقاته مع واشنطن وطهران. وبينما تسعى بغداد إلى تحييد نفسها عن الصراع، فإن أي تصعيد جديد قد يجر العراق إلى أزمة سياسية واقتصادية خطيرة.
ويبقى السؤال الأهم: هل تستطيع الحكومة العراقية المناورة بين الطرفين بنجاح، أم أن العراق سيجد نفسه مجددًا في قلب مواجهة لا يستطيع التحكم بها؟
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الحکومة العراقیة الإطار التنسیقی داخل العراق مع واشنطن من إیران من خلال
إقرأ أيضاً:
معضلة ربط بغداد بطهران: العقوبات الأمريكية ستفتك بالعراق قبل إيران
بغداد اليوم - بغداد
يثير موقف الإدارة الأمريكية تجاه العراق في ظل العقوبات المفروضة على إيران تساؤلات حول مستقبل العلاقات العراقية-الأمريكية، خاصة مع تصاعد الضغوط الاقتصادية والسياسية.
ويرى الباحث في الشؤون الاستراتيجية، نبيل العزاوي في حديثه لـ"بغداد اليوم"، أن العراق يسعى جاهدًا لتحييد نفسه عن التصعيد بين واشنطن وطهران، إلا أن قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تعقّد الوضع، خصوصًا فيما يتعلق باستخدام الدولار في التعاملات المالية العراقية الإيرانية.
العراق بين العقوبات الأمريكية واعتماده على الغاز الإيراني
يواجه العراق معضلة حقيقية في ظل هذه العقوبات، نظرًا لاعتماده الكبير على الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء، خاصة مع اقتراب فصل الصيف حيث يزداد الطلب على الطاقة.
وتشير تصريحات العزاوي إلى أن قطع إمدادات الغاز الإيراني بشكل مفاجئ قد يؤدي إلى أزمة طاقة حادة، في وقت لا تزال البدائل، مثل الربط الكهربائي الخليجي والطاقة الشمسية، في مراحلها الأولية وتحتاج إلى وقت أطول لتنفيذها.
الإدارة الأمريكية وموقفها المتشدد
بحسب العزاوي، فإن إدارة ترامب لا تبدي مرونة في منح العراق وقتًا إضافيًا لإيجاد بدائل، مما يضع الحكومة العراقية في موقف صعب. فالعراق يجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مر:
1. الاستمرار في استيراد الغاز الإيراني رغم العقوبات، مما قد يعرضه لضغوط أمريكية وعقوبات اقتصادية جديدة.
2. الالتزام بالعقوبات وقطع التعاملات مع طهران، مما قد يهدد استقرار شبكة الكهرباء ويؤدي إلى اضطرابات داخلية.
إمكانية التصعيد والتداعيات المحتملة
يحذر العزاوي من أن استمرار استيراد الغاز الإيراني دون قبول أمريكي قد يؤدي إلى تأزيم العلاقة بين بغداد وواشنطن، وربما فرض عقوبات اقتصادية أمريكية على العراق، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي. لكنه يشير إلى أن الحكومة العراقية تدرك خطورة الوضع، وتسعى لممارسة دور سياسي عاجل للحيلولة دون وقوع العراق في منزلقات خطيرة.
جهود العراق لإيجاد حلول وسط
تعمل الحكومة العراقية على إيجاد حلول لتجنب الأزمة، من خلال:
إجراء اتصالات مكثفة مع الجانب الأمريكي لإقناعه بمنح العراق وقتًا إضافيًا حتى تكتمل مشاريع الربط الكهربائي مع الخليج.
تسريع العمل على مشاريع الطاقة البديلة، مثل المنظومات الشمسية، لتقليل الاعتماد على الغاز الإيراني.
التوازن في العلاقات بين واشنطن وطهران، عبر تبني سياسة الحياد ومحاولة التوفيق بين المصالح المتعارضة.
يجد العراق نفسه في موقف دقيق بين الضغوط الأمريكية والعقوبات المفروضة على إيران من جهة، وحاجته الماسة إلى الطاقة من جهة أخرى. وبينما تسعى الحكومة إلى تجنب التصعيد عبر المسارات الدبلوماسية، يبقى التساؤل مفتوحًا حول مدى نجاحها في إقناع واشنطن بمنحها مهلة إضافية، وما إذا كانت البدائل المطروحة ستكون كافية لسد الفجوة في إمدادات الطاقة خلال الفترة المقبلة.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات