يواجه برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أزمة بعد أن أوقفت الولايات المتحدة عشرات المنح على الرغم من الإعفاء الطارئ الذي كان من المفترض أن يستمر  بتدفق للمساعدات الغذائية، وفق ما ذكرت مجلة “بوليتيكو”.

ويهدد هذا التجميد تسليم الغذاء للملايين في اليمن والسودان وجنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وهايتي ومالي، من بين مناطق الأزمات الأخرى.

يأتي هذا التوقف بعد توقف المساعدات الخارجية لمدة 90 يومًا الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد ساعات فقط من تنصيبه في 20 يناير.

وبينما أصدر وزير الخارجية ماركو روبيو في وقت لاحق إعفاءً للمساعدات الإنسانية المنقذة للحياة - بما في ذلك الغذاء والإمدادات الطبية والمأوى - يقول مسئولو برنامج الأغذية العالمي إن التمويل توقف عمليًا ولا يوجد وضوح كبير بشأن متى أو ما إذا كان سيتم استئنافه.

في التاسع والعشرين من يناير، تلقى برنامج الأغذية العالمي قائمة بعشرات المشاريع الممولة من الولايات المتحدة والتي تخضع الآن لأوامر "وقف العمل"، وذلك وفقًا لرسائل إلكترونية داخلية اطلعت عليها رويترز.

وقد تمت إدارة العديد من هذه المشاريع بموجب برنامج الغذاء من أجل السلام، وهو برنامج أمريكي قدم تاريخيًا مساعدات غذائية واسعة النطاق تقدر قيمتها بنحو 2 مليار دولار سنويًا.

وكتب مسئول كبير في برنامج الأغذية العالمي في إحدى رسائل البريد الإلكتروني التي اطلعت عليها رويترز: "إن حجم هذا الاضطراب يؤكد العواقب بعيدة المدى لتوقف التمويل على جهود المساعدات الغذائية العالمية".

تقدر الوكالة أن أكثر من 507 آلاف طن متري من الغذاء - بقيمة تزيد على 340 مليون دولار - عالقة، سواء في الطريق عن طريق البحر أو في مستودعات في 23 دولة أو متوقفة في سلاسل التوريد المحلية في الولايات المتحدة.

وقد تفاقم الوضع بسبب إعادة الهيكلة الجذرية في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وهي الوكالة الأمريكية الرئيسية التي تمول الإغاثة الغذائية العالمية.

وبحسب ما ورد، يتم تسريح آلاف الموظفين بموجب خطة يقودها إيلون ماسك، الملياردير التكنولوجي ورئيس إدارة كفاءة الحكومة.

وقد أدى هذا الفراغ القيادي إلى زيادة صعوبة حصول برنامج الأغذية العالمي ومقره روما ومجموعات المساعدة الأخرى على إجابات حول حالة تمويلها.

وقال متحدث باسم برنامج الأغذية العالمي لصحيفة “بوليتيكو” إن الوكالة تعمل على حل الأزمة.

وقال المتحدث باسم البرنامج: "إن برنامج الأغذية العالمي يقدر بشدة الدعم الذي يتلقاه من جميع الجهات المانحة له، ويتواصل زملاؤنا باستمرار مع أصحاب المصلحة الرئيسيين في الحكومة الأمريكية لضمان فهمنا لأي تطورات أو أولويات جديدة تتعلق بعملنا".

في الوقت الذي تسعى فيه المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين جاهدة للحصول على إجابات في واشنطن، بينما يستعد المانحون الأوروبيون للدخول في هذا الاتجاه حتى وإن ولم يشر الاتحاد الأوروبي، أحد أكبر المانحين للمساعدات في العالم، إلى ما إذا كان سيزيد من تمويله لتعويض العجز، ولكن مسئولي المساعدات يخشون أن تشكل الأشهر المقبلة اختباراً لقدراته واستعداده لسد الفجوة.
لا يعد تعطيل برنامج الأغذية العالمي مجرد انتكاسة مؤقتة - بل قد يكون علامة على تحول جوهري في كيفية تعامل الولايات المتحدة مع المساعدات الغذائية العالمية، حيث إن مراجعة إدارة ترامب للمساعدات الخارجية لمدة 90 يومًا ليست مجرد توقف بيروقراطي  بل هي جزء من إعادة التفكير الأوسع في دور واشنطن في المساعدات الدولية.

وبحسب محللين، فإن الكثير من هذا التحول يتشكل من خلال مشروع 2025، وهو مخطط سياسي يمينى تدعمه مؤسسة هيريتيج، والذي أثر بشكل كبير على نهج الإدارة تجاه المساعدات.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ترامب الكونغو الملايين سد العجز مساعدات الإنسانية أزمة تجميد المساعدات المزيد برنامج الأغذیة العالمی الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

الأردن والولايات المتحدة: شراكة تتصدع تحت ضربات ترامب.

#الأردن و #الولايات_المتحدة: #شراكة_تتصدع تحت ضربات ترامب. – د. #منذر_الحوارات

لطالما شكّلت العلاقات الأردنيةالأمريكية واحدة من أكثر العلاقات رسوخاً واستقراراً في الشرق الأوسط، فقد امتدت لأكثر من سبعة عقود وتجاوزت حدود السياسة إلى شراكة استراتيجية متعددة الأوجه، شملت التعاون الاقتصادي والعسكري والأمني، واحتلت المملكة المرتبة الثانية بعد إسرائيل في تلقي المساعدات الأمريكية، مما عزز من مكانة هذه العلاقة في الحسابات الاستراتيجية للأردن.

وحتى وقت قريب، كانت هذه العلاقة توصف بالثابتة والمستدامة، خاصة بعد توقيع مذكرة تفاهم ضمنت للأردن مساعدات بقيمة 10 مليارات دولار على مدى خمس سنوات، هذا الدعم كان ركيزة أساسية في السياسات الاقتصادية والاجتماعية، بل والسياسية للمملكة.

لكن هذا الاستقرار بدأ يتعرض لهزات متكررة، خاصة مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بعد فوزه بولاية ثانية، فالمخاوف الأردنية التي ظهرت خلال ولايته الأولى لم تكن في محلها فقط، بل جاءت ولايته الثانية لتترجم تلك المخاوف إلى سياسات مباشرة تؤثر بشكل كبير على المصالح الأردنية.

مقالات ذات صلة وصفة المعشر 2: الاستقرار والازدهار 2025/04/08

خلال ولايته الأولى، تبنى ترامب مواقف منحازة تماماً لإسرائيل، ومناهضة للفلسطينيين والأردن، تمثلت في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتشريع المستوطنات، وطرح أفكاراً تتعلق بتهجير الفلسطينيين إلى الأردن ومصر، وهي مواقف أثارت قلقاً عميقاً في الأردن  بشأن مستقبل القضية الفلسطينية وتأثيرها على الأمن الوطني الأردني.

ومع عودته إلى الحكم، تركزت أغلب المخاوف على الجانب السياسي ولم يخطر ببال أحد أن الاقتصاد سيكون واحد من أخطر أدوات ترامب، لم يخفف ترامب من حدة سياساته، بل سرّع من وتيرة الضغط على الحلفاء التقليديين قبل الخصوم، والأردن واحد من هؤلاء، فكانت البداية عندما  طرح فكرة تهجير الغزيين إلى الأردن ومصر،  وفيما بعد  تعليق  جزء كبير من المساعدات الاقتصادية الأمريكية والتي بلغت 1.5مليار دولار،  وكان وقف عمل  الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) انتكاسة كبيرة،  حيث ألحق هذا القرار  ضرراً مباشراً بما لا يقل عن 9,000 موظف أردني، إلى جانب آلاف الأسر المستفيدة من تلك البرامج.

وفي سياق حرب التعرفات الجمركية أو ما عُرف بتحرير أمريكا، نالنا نصيب لا بأس فية من هذه  الرسوم  بنسبة 20% على السلع الأردنية، ما هدد قدرة الأردن التصديرية وضرب أحد أهم منافذه الاقتصادية، هذه الخطوات ليست مجرد تغير في سياسات الدعم، بل تعكس تحولاً في فلسفة الشراكة ذاتها، وتحول الحليف الأكبر إلى شريك غير موثوق في سلوكه السياسي والاقتصادي.

المؤلم في المشهد أن الأردن، رغم هذه الطعنات، ما زال يتحمل أعباء اللاجئين الناتجين عن حروب ساهمت السياسات الأمريكية في إشعالها، ولا يزال ملتزماً بدوره الإنساني والإقليمي، ورغم حرمانه من التبادل الاقتصادي مع سوريا ولبنان وخسارته لمليارات الدولارات التي كان بأمس الحاجة إليها،  بفعل قانون “قيصر” الأمريكي، لم يتراجع عن شراكته الاستراتيجية مع واشنطن.

لكن المرحلة الراهنة تفرض طرح سؤال جدي: كيف ستتعامل دولة اعتادت الاعتماد على المساعدات الخارجية في موازناتها مع واقع متغير، قد تصبح فيه هذه المساعدات غير مضمونة أو مشروطة بتنازلات سياسية مؤلمة؟

الحل يبدأ من الداخل، عبر الانفتاح السياسي وتوسيع المشاركة، بما يخلق بيئة مرنة قادرة على امتصاص الصدمات، يرافق ذلك توجه سياسي – اقتصادي جريء نحو واشنطن يقوده فريق محترف، قادر على استثمار أوراق القوة الأردنية والمساومة على أساس المصالح المتبادلة.

لكن الأهم من ذلك كله، هو إعادة بناء الذهنية التي تحكم الاقتصاد الأردني، والانتقال من نمط قائم على المنح والقروض إلى اقتصاد يحاول الاعتماد على ذاته مبتدئاً بالخروج من حالة الرفاهية المزيفة التي أغرق نفسه فيها، وأعتمدت على القروض والمساعدات فهذه  تساعد الدول على تجاوز الأزمات، لكنها لا تبني أوطاناً ولا تصنع مستقبلاً آمناً.

قد تكون قرارات ترامب، رغم قسوتها، هي الفرصة التي تدفعنا إلى التحرر من وهم الشراكات والتحالفات الأبدية، والانطلاق نحو نموذج اقتصادي جديد أكثر صلابة واستقلالية، لا يعتمد على المساعدات الخارجية للبقاء، والعطاءات الداخلية للاستقرار، فلكليهما عواقب وخيمة لا تضمن لا البقاء ولا الاستقرار، بالطبع كل ذلك صعب جداً لكنه ليس مستحلاً ابداً.

مقالات مشابهة

  • باستثناء اليمن وأفغانستان.. واشنطن تستأنف المساعدات الغذائية العاجلة والغذاء العالمي يحذر
  • مسؤولة أممية: السوريون بحاجة إلى التضامن العالمي معهم أكثر من أي وقت مضى
  • منها 5 دول عربية.. مصدر يكشف لـCNN عودة عمل الوكالة الأمريكية للتنمية بعدد من العقود في دول
  • “الغذاء العالمي”: إنهاء المساعدات الأمريكية لليمن قد يكون “حكمًا بالإعدام” للملايين
  • الأردن والولايات المتحدة: شراكة تتصدع تحت ضربات ترامب.
  • برنامج الأغذية العالمي: وقف تمويل برامج الغذاء الطارئة يشكل "حكمًا بالإعدام" على الملايين
  • الأغذية العالمي: قلقون إزاء وقف الولايات المتحدة تمويل المساعدات الغذائية الطارئة
  • وكالة: إنهاء ترامب لبرامج المساعدات يعرض الملايين في اليمن للخطر
  • إدارة ترامب توقف تمويل برامج الغذاء الطارئة في 13 دولة
  • برنامج الأغذية العالمي: وقف التمويل الأمريكي يعني الحكم بإعدام الملايين