بريطانيا: سياسات الهجرة المشددة تهدد ضحايا العبودية الحديثة وتعرقل مكافحة الاتجار بالبشر
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
في ظل تشديد سياسات الهجرة في المملكة المتحدة، يتعرض آلاف ضحايا العبودية الحديثة لخطر الحرمان من الدعم والحماية، وفقًا لتقارير أكثر من عشرة مصادر متخصصة.
يأتي هذا التحول في وقت تتزايد فيه أعداد ضحايا الاتجار بالبشر، رغم أن بريطانيا اتخذت خطوات مهمة عام 2015 بإقرار قانون مكافحة العبودية، الذي كان يُعدّ من أبرز التشريعات العالمية في العالم بهذا الخصوص.
فقد ألزم القانون الشركات الكبرى بمراقبة سلاسل التوريد لضمان خلوها من ممارسات العبودية، كما عزز الحماية القانونية للضحايا.
لكن مع مرور الوقت، وخصوصًا بعد أن فرضت الحكومة البريطانية في عام 2023 قوانين أكثر صرامة للحد من توافد المهاجرين غير الشرعيين، أصبح التركيز على معالجة أزمة الهجرة عبر القوارب الصغيرة، مما أدى إلى تراجع التدابير المخصصة لحماية ضحايا العبودية الحديثة.
وفقًا لتقارير حكومية وتوثيقات من الجمعيات الخيرية، أدى التشديد في قوانين الهجرة إلى حرمان العديد من الضحايا من الحصول على الدعم الذي كانوا في أمس الحاجة إليه.
في عام 2023، ارتفعت نسبة رفض طلبات دعم ضحايا العبودية الحديثة إلى 45% مقارنة بـ 11% في العام الذي قبله، حيث أصبح على الضحايا الآن تقديم أدلة أكثر تفصيلًا لإثبات استغلالهم.
وقد وصلت هذه النسبة إلى 46% في الأشهر التسعة الأولى لعام 2024. فبحسب تقرير رسمي، حددت وزارة الداخلية البريطانية نحو 17,000 شخص كضحايا محتملين للعبودية في 2023، كان معظمهم من المهاجرين، تم جلبهم للعمل في صالونات التجميل أو مغاسل السيارات أو في مجالات الدعارة وتجارة المخدرات.
لكن هذه الأرقام قد لا تمثل سوى قمة جبل الجليد. ففي تقرير صادر عن لجنة مجلس اللوردات في أكتوبر الماضي، قُدِّر عدد ضحايا العبودية الحديثة بحوالي 130,000 شخص. وأشار التقرير إلى أن بريطانيا لم تعد رائدة في مجال مكافحة العبودية الحديثة، وحث الحكومة على تعديل قوانين الهجرة.
دعوات لتغيير السياسات: هل من أمل؟رغم الانتقادات الواسعة، لا تزال الحكومة البريطانية، التي يقودها حزب العمال منذ يوليو الماضي،تحتفظ بسياسات الهجرة المشددة التي تم تبنيها في عهد الحكومة السابقة، بينما يطالب العديد من الناشطين والخبراء بإعادة تقييم هذه السياسات.
وأشارت بيانات منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة إلى أن المتقدمين الأجانب يتعرضون لمعاملة أكثر قسوة مقارنة بالبريطانيين في عملية تقييم طلباتهم.
من جانبها، أكدت إليانور ليونز، المفوضة المستقلة لمكافحة العبودية في بريطانيا، أكدت أن نظام تحديد وحماية الضحايا (NRM) بحاجة إلى مزيد من التعديلات لضمان عدم إساءة استخدامه من قبل المجرمين.
وذكرت أن سياسات حكومية سابقة مثل ترحيل المهاجرين إلى رواندا قد تثير مخاوف كبيرة لدى الضحايا وتمنعهم من الإبلاغ عن استغلالهم.
في خضم التحديات الحالية، تظل قضية العبودية الحديثة واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في بريطانيا. فبينما تسعى الحكومة إلى السيطرة على تدفق الهجرة غير الشرعية، فإن هذه السياسات تهدد بتفاقم معاناة ضحايا العبودية الحديثة الذين يجدون أنفسهم عالقين بين مطرقة الاستغلال وسندان الخوف من الترحيل.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الأمير تشارلز يعبر عن أسفه بسبب العبودية والاستعمار في خطاب للكومنولث زيارة الأمير وليام إلى جامايكا.. مطالب بتعويضات عن فترة العبودية وعزم على الخروج من التاج البريطاني البابا فرنسيس يحذر من مظاهر "العبودية" و"التعذيب" في مخيمات المهاجرين شرطةأزمة إنسانيةضحايابريطانيالاجئونالقانونالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل قطاع غزة ضحايا طوفان الأقصى حزب الله دونالد ترامب إسرائيل قطاع غزة ضحايا طوفان الأقصى حزب الله شرطة أزمة إنسانية ضحايا بريطانيا لاجئون القانون دونالد ترامب إسرائيل قطاع غزة ضحايا طوفان الأقصى حزب الله بنيامين نتنياهو لبنان أسلحة أزمة إنسانية أبحاث طبية جمهورية السودان یعرض الآنNext
إقرأ أيضاً:
ميلوني في مأزق سياسي بعد حكم المحكمة العليا بتعويض المهاجرين
أصدرت المحكمة العليا في إيطاليا حكما يُلزم الحكومة بدفع تعويضات مالية لمهاجرين غير نظاميين احتُجزوا في ظروف غير قانونية، في خطوة تُعدّ سابقة في أوروبا.
ووُصف القرار، الذي أثار ردود فعل متباينة، بأنه انتصار لحقوق الإنسان، لكنه في الوقت ذاته يُمثل تحديا كبيرا للحكومة اليمينية بقيادة جورجا ميلوني، التي جعلت من سياسات مكافحة الهجرة غير النظامية حجر الزاوية في أجندتها السياسية.
وبحسب ما أوردته وكالة "آنسا" الإيطالية، فإن المحكمة العليا الإيطالية أصدرت قرارها في 7 مارس/آذار الجاري، معتبرة أن احتجاز بعض المهاجرين دون إجراءات قانونية مناسبة وفي ظروف غير إنسانية ينتهك القوانين المحلية والدولية، مما يستوجب تعويضهم ماليا.
وجاء الحكم استجابة لدعاوى قانونية رفعها مهاجرون احتُجزوا لفترات طويلة دون محاكمة أو وُضعوا في مراكز احتجاز لا تستوفي المعايير الإنسانية.
حادثة سفينة "ديتشوتي"أحد أبرز القضايا التي استند إليها الحكم هي حادثة وقعت في أغسطس/آب 2018، عندما أنقذت خفر السواحل الإيطالية 190 مهاجرا في البحر المتوسط بالقرب من جزيرة لامبيدوزا، معظمهم من إريتريا.
ووفقا لما نشره موقع "إنفومايغرانتس"، تم السماح لـ13 شخصا فقط بالنزول إلى الجزيرة لأسباب طبية، بينما أُجبر 177 آخرون على البقاء على متن السفينة "ديتشوتي" لمدة 10 أيام، بناءً على أوامر وزير الداخلية آنذاك ماتيو سالفيني.
إعلانوقد مُنع المهاجرون خلال تلك الفترة من النزول إلى ميناء كاتانيا في صقلية، ولم يُسمح لهم بالمغادرة إلا بعد أن وافقت ألبانيا وأيرلندا على استقبال بعضهم، كما تدخلت الكنيسة الكاثوليكية الإيطالية لتقديم المساعدة.
وأثار هذا الاحتجاز القسري جدلا واسعا، حتى أصبحت القضية رمزا لسياسات الهجرة المتشددة التي تبنتها الحكومة في ذلك الوقت.
غضب ميلونيولم تتأخر ميلوني في الرد، حيث أعربت عن غضبها العارم إزاء هذا القرار. ووفقا لما نقلته الصحيفة الإيطالية "لا ريبوبليكا"، وصفت رئيسة الوزراء الحكم بأنه "غير عادل" و"يضعف سيادة الدولة على حدودها"، مشيرة إلى أنه قد يشجع المزيد من المهاجرين على محاولة دخول إيطاليا بطريقة غير قانونية، طمعا في الحصول على تعويضات مستقبلية.
وأضافت ميلوني أن حكومتها تعمل منذ توليها السلطة على الحد من تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط، متهمة منظمات حقوق الإنسان وبعض الجهات القضائية بعرقلة جهود الحكومة في ضبط الحدود.
كما أشارت إلى أن القرار يتناقض مع التشريعات الأخيرة التي أقرتها حكومتها للحد من الهجرة غير النظامية، بما في ذلك تشديد العقوبات على مهربي البشر وزيادة عمليات الترحيل.
تداعيات القرار على سياسة الهجرةويعتبر هذا الحكم تطورا مهما قد يكون له تأثير على سياسات الهجرة ليس فقط في إيطاليا، بل في دول أوروبية أخرى تواجه تحديات مماثلة.
ولطالما طالبت إيطاليا، التي تُعد إحدى البوابات الرئيسية للهجرة غير النظامية إلى أوروبا، بتضامن أوروبي أكبر في التعامل مع هذه الظاهرة، محذرة من أن تركها وحدها في مواجهة تدفق المهاجرين قد يؤدي إلى أزمة إنسانية وأمنية.
ومن ناحية أخرى، قد يُشجع هذا الحكم المهاجرين على اتخاذ إجراءات قانونية مماثلة في دول أوروبية أخرى، ما قد يضع سياسات الهجرة في الاتحاد الأوروبي أمام تحدٍّ جديد.
كما أن الحكم قد يفرض ضغوطا على الحكومة الإيطالية لمراجعة سياساتها المتعلقة بالمهاجرين ومراكز الاحتجاز، خاصة مع تصاعد انتقادات المنظمات الحقوقية التي تتهم الحكومة بالإخفاق في احترام المعايير الإنسانية.
إعلانومع تصاعد الجدل حول هذا الحكم، تترقب الأوساط السياسية والقانونية الخطوات التي ستتخذها الحكومة الإيطالية. فبينما قد تسعى ميلوني لتعديل التشريعات أو الطعن في الحكم بطرق قانونية، فإن الضغوط الأوروبية والداخلية قد تدفع الحكومة إلى إعادة النظر في سياساتها تجاه المهاجرين.