على مدى أكثر من 850 عامًا، ظلت مئذنة جامع النوري الكبير المائلة رمزًا مميزًا للموصل، تحكي قصة مدينة عريقة صمدت في وجه الزمن. لكن في عام 2017، حول تنظيم داعش التحفة التاريخية إلى أنقاض ما تسبب في حالة من الصدمة والحزن لدى سكان الموصل على ما آل إليه أحد أبرز معالم ثاني مدينة في العراق.

اعلان

وبعد ما يقرب من ثماني سنوات من تحرير المدينة، تعود المئذنة الحدباء إلى الحياة من جديد، ضمن مشروع ترميم شامل بتمويل دولي لإعادة إحياء قلب الموصل التاريخي.

هذه الجهود ليست مجرد إعادة إعمار لحجر أو طوب، بل هي استعادة لذاكرة المدينة وهوية سكانها الذين لطالما اعتبروا المئذنة جزءًا من حياتهم.

بالنسبة لأهالي الموصل، يحمل هذا المشروع أبعادًا شخصية عميقة. سعد محمد جرجيس، أحد سكان المدينة، يتذكر كيف كانت المئذنة تطل عليه كل صباح، وكيف كان يرى علم التنظيم المتشدد يرفرف فوقها خلال سيطرة داعش على المنطقة. يقول بحسرة: "كنا ننتظر اليوم الذي يسقط فيه ذلك العلم، كنا نراه رمزًا لحريتنا. لكننا استيقظنا ذات صباح لنجد أن المئذنة نفسها قد اختفت".

المئذنة المائلة للجامع الكبير النوري (1932).Credit: Wikimedia Commons

لم تكن إعادة بناء المئذنة الحدباء مجرّدَ عملية هندسية، بل كانت رحلة مليئة بالتحديات وقد قاد المشروع فريق من اليونسكو بالتعاون مع هيئة التراث العراقي، مستخدمين مواد أصلية وتقنيات تقليدية للحفاظ على طابعها التاريخي. وأوضح رويد العلايلة، مدير مجلس الدولة للآثار والتراث، أن الحرص على هذه التفاصيل كان ضروريًا للحفاظ على المئذنة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.

ملازم في القوات الخاصة العراقية يلتقط صورة ذاتية مع سحابة ناجمة عن غارة جوية خلال معارك عنيفة في حي اليرموك بغرب الموصل في 11 أبريل/نيسان 2017.Credit: Maya Alleruzzo/AP Photo

وواجه المهندسون تحديات جسيمة في استخراج المواد الأصلية من تحت الأنقاض، والتأكد من أن كل قطعة مستعادة تُدمج بدقة في الهيكل الجديد. كما كان عليهم إجراء دراسات هندسية وتاريخية لضمان أن التصميم الجديد يعكس جوهر المئذنة الأصلية، مما يجعلها تبدو وكأنها لم تهدم قط.

المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، تتجول في المنطقة خلال زيارتها للمواقع التاريخية في الموصل، العراق، يوم الأربعاء 5 فبراير/شباط 2025.Credit: Farid Abdulwahed/AP Photo

وخلال زيارتها للموصل، وصفت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي المشروع بأنه "تحدٍّ غير مسبوق"، مشيرة إلى أن 80% من المدينة القديمة كانت مدمرة بالكامل عند بدء أعمال الترميم في 2018. وأضافت أن فرق العمل عندما وصلت إلى الموقع وجدت "حقلًا من الأنقاض"، ما جعل إعادة الإعمار مهمة شاقة لكنها ضرورية.

منارة الحدباء المائلة في جامع النوري تقف شامخة من جديد في المدينة القديمة بالموصل في 5 فبراير/شباط 2025.Farid Abdulwahed

ولا تقتصر جهود الترميم على المسجد والمئذنة فحسب، بل تمتد أيضًا إلى المعالم المسيحية في المدينة، والتي طالتها يد الدمار خلال عهد داعش. من بين هذه المواقع، كنيسة الطاهرة التي يعود تاريخها إلى عام 1862، والتي انهار سقفها ودُمّرت أروقتها أثناء الحرب، لكنها اليوم تستعيد مجدها كجزء من إعادة الإعمار الشاملة.

كنيسة الطاهرة المدمرة في الموصل، 2017.Credit: UNESCO

مار بندكتوس يونان حنو، رئيس أساقفة الموصل للسريان الكاثوليك، شدد على أن إعادة إعمار الكنائس لا تهدف فقط إلى ترميم الجدران، بل إلى إحياء التاريخ الذي عاشه الأجداد. وقال: "عندما يدخل مسيحيو الموصل إلى هذه الكنيسة، فإنهم يتذكرون مكان تعميدهم وصلواتهم، وهذا قد يمنحهم حافزًا للعودة".

Relatedشاهد: المدينة القديمة في الموصل تعود إلى الحياة بعدما دمرتها الحرب من فجّر منارة الحدباء ومسجد النوري في الموصل؟

ومن المقرر أن يُعاد افتتاح جامع النوري الكبير في الأسابيع المقبلة، في احتفالية سيحضرها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ليكون هذا الحدث بمثابة إعلان رسمي لعودة الروح إلى الموصل.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية اليونسكو تعزز حماية معلميْن تراثييْن في أوكرانيا وتشدّد على أهمية التضامن في حفظ المواقع المهددة محنة أهالي الموصل لم تنته رغم انقضاء سنوات على دحر تنظيم "داعش" شاهد: سماء الموصل تكتسي باللون الأصفر بسبب عاصفة رملية شديدة ضربت المدينة الإسلامالعراقمسجدمنظمة اليونسكواعلاناخترنا لكيعرض الآنNext الاتحاد الأوروبي: العقوبات الأمريكية على الجنائية الدولية تهديد للعدالة في أوكرانيا يعرض الآنNext خاتمٌ بنجمة داوود وتصريحات بشأن حزب الله.. زيارة أورتاغوس تُثير الغضب في بيروت يعرض الآنNext روسيا وبيلاروس ترحّبان بإغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية وسط مخاوف الجماعات الحقوقية يعرض الآنNext السويد تتحرك ضد العنف المسلح: حادثة أوربرو هي "اللحظة الفارقة" لإعادة النظر في قوانين الأسلحة يعرض الآنNext تصاعد عنف عصابات المخدرات في بروكسل: قتيل واحد في رابع حادث إطلاق نار خلال أسبوع اعلانالاكثر قراءة غزة.. دمارٌ وركامٌ ورياحٌ عاتية أجهزت على ما تبقى من ملاجئ وفاقمت معاناة النازحين جوائز غرامي 2025: إطلالة بيانكا سينسوري تثير الاستهجان وانتقادات لقبعة جادن سميث وكأنه دم.. نهر ساراندي قرب بوينس آيرس يتحول إلى اللون الأحمر ومخاوف من حدوث تلوث بريجيت ماكرون متحولة جنسيًا؟ ما سرّ استمرار الشائعات حول سيدة فرنسا الأولى ومن يقف وراءها؟ إطلالةٌ مذلة أم إثبات وجود؟ الجدل حول فستان بيانكا سينسوري العاري يكشف كواليس العلاقة مع كانييه ويست اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبإسرائيلقطاع غزةضحاياطوفان الأقصىحزب اللهبنيامين نتنياهولبنانالصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزةأسلحةأزمة إنسانيةالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

المصدر: euronews

كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل قطاع غزة ضحايا طوفان الأقصى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دونالد ترامب إسرائيل قطاع غزة ضحايا طوفان الأقصى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الإسلام العراق مسجد منظمة اليونسكو دونالد ترامب إسرائيل قطاع غزة ضحايا طوفان الأقصى حزب الله بنيامين نتنياهو لبنان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزة أسلحة أزمة إنسانية یعرض الآنNext فی الموصل

إقرأ أيضاً:

خروج صاروخ فضائي عن السيطرة ومخاوف من تهديد الحياة خلال الأيام المقبلة

رغم الاضطرابات العنيفة، التي شهدتها بعض دول العالم خاصة حوادث الطائرات التي أصبحت مُرهقة للأعصاب، كشف العلماء عن أمرًا آخر أثار حالة من القلق بينهم، وهو رصد احتمالية سقوط صاروخ فضائي خلال هذا العام، على الأرض مما يتسبب في مقتل بعض الأشخاص.

دراسة حول سقوط صاروخ فضائي على الأرض

بحسب دراسة جديدة في جامعة كولومبيا البريطانية، أنه تم رصد حطام فضائي «صاروخ» من المتوقع سقوطه على الأرض خلال هذا العام وقد يتسبب في وفاة شخص واحد من كل 10 أشخاص، وفق ما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز».

من المُرجح أن يكون هذا تقديرًا مُتحفظًا، لأنه يأخذ في الاعتبار خطر سقوط أجسام الصواريخ فقط، ويتجاهل مخاطر الأقمار الصناعية، كما يُفترض أن الحطام لا يتكسر إلى قطع أصغر، وعلى الرغم من أن خطر الاصطدام بالطائرات مُنخفض نسبيًا، فإن بقايا الصواريخ لديها فُرصة حقيقية للغاية للتسبب في تدمير الطائرات التي تجدها في طريقها.

زيادة فرص تساقط الصواريخ الفضائية

ورجحت الدراسة احتمالية سقوط قطعة خردة الصواريخ عبر المجال الجوي بنسبة 26% العام الجاري، خاصة أنه في بداية 2024، ارتفع عدد إطلاق الصواريخ الفضائية إلى 258 عملية، وهو ما يترك 2300 جسم صاروخي لا يزال في المدار.

توضح الدراسة: تُعد طفرة صناعة الفضاء أثر بليغ في زيادة مُماثلة في عدد أجزاء الصواريخ التي تسقط مرة أخرى على الأرض، وقد تشكل خطرًا على الحياة، وعلى نحو متزايد، تحدث مثل هذه العودة إلى الغلاف الجوي فوق المناطق المأهولة بالسكان، مما يتسبب في تعطيل السفر الجوي وتهديد حياة البشر.

مقالات مشابهة

  • حسام موافى: شهر رمضان استراحة من مشاغل الحياة للتقرب إلى الله
  • غرفة السياحة: زيادة معدلات الزيارة للمناطق الأثرية بأسوان في يناير 2025
  • غدًا .. الحكم في إعادة محاكمة 4 متهمين بـ«خلية داعش كرداسة»
  • خروج صاروخ فضائي عن السيطرة ومخاوف من تهديد الحياة خلال الأيام المقبلة
  • «غزة تنهض من الركام».. الحياة تعود لمنازل الفلسطينيين «فيديو»
  • غزة تنهض من الركام.. عزيمة الفلسطينيين تتحدى مخططات الاحتلال
  • إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة هويتها
  • هل تخلت واشنطن عن محاربة داعش؟ حديث عن نهاية وشيكة للوجود العسكري الأمريكي في سوريا
  • الموصل.. اليونسكو تحتفل بإنجاز مئذنة الحدباء وتستمر في دعم أعمال جامع النوري