عربي21:
2025-05-02@15:00:14 GMT

من التصفية إلى التهجير!

تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT

منذ سنوات وخبراء السياسة والدراسات الاستراتيجية يتحدثون عن مؤشرات بداية تبلور نظام عالمي جديد، واطلعنا على سيناريوهات جمّة، كانت جميعها منطقيةً ومدّعمةً بالحجج والأرقام. ولكن كل تلك الدّراسات لم يخطر على أصحابها أن هناك ساسةً خطابهم وخططهم أقوى من سيناريوهاتهم وحتى أقوى من الخيال.

طبعاً نقصد ما جاد به خيال رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترمب في الأيام الأخيرة، من قرارات وتصريحات وخطط أثارت حفيظة أطراف عدة، وشملت تقريباً دولاً كثيرة؛ حيث إن ترمب بدا مولعاً بتعديل الجغرافيا والخريطة الدولية بطريقة لا تعترف لا بالمواثيق الدولية، ولا بسيادة الدول، ولا بحق الشعوب في تقرير مصيرها.

ونعتقد أنه لم يسبق أن سمع المجتمع الدولي شيئاً يشبه نوايا ترمب التي عنّها بنبرة مهيمنة وفوقية واستعمارية أعادت العالم إلى نقطة الصفر في القانون والحقوق.

إذن، خيال الساسة فاق خيال المفكرين والفنانين والأدباء. وصدقاً لم يخطر على بال أي أحد أن ينطق رئيس دولة، بنبرة عالية وواثقة ومصرة، بتهجير الفلسطينيين جميعهم، وإرغام بلدَين بالاسم على استقبالهم. لم يحصل أن فكَّر شخص قبله بالسطو الكامل، في وضح النهار وعلى الملأ، على بلدان مثل قطاع غزة وكندا.

ورغم أن الشرق الأوسط في لحظة ارتباك قصوى، والعالم العربي بات يعاني من صداع مزمن... ناهيك عن الهزات الاقتصادية والمخاض في شتى المناطق وفي العالم وكأن التاريخ يطوي صفحة ليكتب غيرها... فإن ترمب تمكَّن من إحداث صدمات متتالية للعالم.

طبعاً تم توصيف ترمب بأوصاف عدة، وتم تلقي قراراته ونواياه وخططه بكثير من الصدمة والخوف والرفض. ويبدو لنا أن المشكلة ليست في الرئيس ترمب ولا في غيره والأمر أكبر من أشخاص لهم شطحات خاصة. فالواقع هو الذي ينتج خطط الساسة ويضبط سقف طموحاتهم. لذلك فإن السؤال هو: ما الذي جعل طموحات ترمب تناطح الخيال وترى في جغرافيا العالم مجرد رسم قابل للمحو، وتشكيله كما تحلو المصالح والحسابات؟.

قد لا نبالغ إذا قلنا إن خيال إسرائيل نفسه لم يبلغ ما بلغه ترمب، ولو أن خطته جد مواتية للحلم الإسرائيلي وتُمثِّل الحل الأمثل لشيء لطالما أرهق الإسرائيليين، وهو القضية الفلسطينية.

فيما يخص خطط ترمب تجاه أميركا اللاتينية وكندا نتركها جانباً، وقد سمعنا من المعنيين ما ينبئ بعسر الصراع، وأن سيناريوهات خسارة الولايات المتحدة من إشعال هذه الفتن قد تكون أقوى من الخيال الذي أنتج تلك الخطط ذاتها. أما فيما يعنينا نحن العالمَين العربي والإسلامي فإن خطة تهجير الفلسطينيين من غزة، والخطاب الفوقي والاستعلائي تجاه مصر والأردن، يتطلبان الاستفاقة من السبات العميق لأن الرجل فجَّر قنبلةً لا تخطر على البال ولا على الخاطر، وكأنه يتحدث عن قطعة أرض اضطرت دولة إلى إرغام مالكها على بيعها لها لأن فيها مصلحة عامة.

نعم، حديث ترمب عن غزة يشعر السامع العربي المقهور بأنه مالك غزة وله يعود التصرف فيها وفي مَن عليها.

هنا لا بد من أن نضع النقاط على الحروف، ويراجع العرب أنفسهم. نحن مَن نخلق مَن يهيمن علينا ويستخف بنا. قرارات ترمب وخططه تجاه الشرق الأوسط هي نتاج تفريط العرب في مكامن القوة في المواقف وفي موازين القوى، والقبول بالترويض من دون تفاوض وضمان الحد الأدنى.

من الجيد للخصم أن يخاف خصمه، وكل الأحداث على امتداد السنوات الأخيرة هي لتمشيط الخوف، والقضاء على روافد المقاومة، وسد المنابع؛ حتى يسهل الانقضاض على الغنيمة.

هكذا اتضحت الصورة جيداً. ووجدنا جواباً شافياً للسؤال المحير: ما السر وراء هذا الصمت تجاه آلاف الشهداء من الأطفال والنساء الذين قُتلوا من 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إلى تاريخ الإعلان عن إيقاف النار ليتم إشعال أخرى؟

إذن كنا في مرحلة تصفية أكثر ما يمكن من فلسطينيين، رضعاً وشباباً وكهولاً ونساء، وحانت الآن، وفق الجزء الثاني الذي أعلن عنه السيد ترمب من الخطة، مرحلةُ التهجير ومحاولات إرغام الأردن ومصر على أن يكونا دولتَي استقبال، مع نبرة تهديد بقطع المساعدات، أو القبول بمضاعفتها طبعاً، والتفاوض حول المقابل.

صورة الفلسطينيين وهم عائدون إلى شمال غزة التي أبهرت العالم، حباً في الأرض والأصل ورائحة الوطن، يُراد لها أن تُمزَّق وتعوضها صور التهجير نحو مصر والأردن.

كم أضعنا من فرص لمّ الشمل العربي وإدراك أننا واحد في كل شيء؟... لقد توهمنا الخير في التجزئة، وها هنا رجل أعمال انتخبه شعبه لم يرَ ما يمنع من أن يرمي بتضحيات عقود ودماء مئات آلاف الشهداء في العدم.

الشرق الأوسط

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة مصر مصر الاردن غزة ترامب مخطط التهجير مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة أفكار صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الساقية لسه مدورة

مامعني أن يجلس شخصان أحدهما من أنصار الدعم السريع والآخر مناصر للجيش ووسطهما المحاور من قناة الجزيرة يدير لهما الجلسة التي لا جديد فيها ولا ثمرة وانما ادعاء كل فريق علي أنه المنتصر وعلي الأرض دماء واشلاء الضحايا من المواطنين وخراب ودمار والساقية لسه مدورة

كلكم تعرفون ترمب وقد وصفه الكثيرون بالجنون والنرجسية وغرابة الأطوار وعدم التنبؤ بما يصدر عنه في الخطوة التالية ولكن المتفق عليه أنه أطلق برنامجا أراد به الدخول للانتخابات التي فاز فيها فوزا ساحقا مسح به بايدن وكاميلا هارس بالبلاط وخلا له الجو يبيض ويفرخ ويفرض الرسوم الجمركية الموجعة علي الصديق قبل العدو ويريد لسفنه التجارية والعسكرية أن تعبر قناة السويس ( ملح ) كأنما الذي حفرها هو ترمب الكبير أما بالنسبة لقناة بنما فهو لايريد المرور المجاني فيها بل يريدها شخصيا ويريد معها جزيرة قرين لاند وشهيته مفتوحة لضم كندا لتكون الولاية رقم ٥١ !!..
ربما يكون البعض قد أخذ ترمب علي قدر عقله وحسبوه من غير العقلاء وظنوا به الظنون ولكن مهما قيل فيه من عدم الكياسة وقلة السياسة وأنه فقط تاجر عقارات لابد أن نعطي الرجل حقه ونقول عنه أنه صادق في تصرفاته وإدارته الدولة تتم علي المكشوف وحتي توقيعه علي قراراته التنفيذية المثيرة للجدل يعرضه علي الملأ ويملأ به الشاشات البلورية !!..
خير مثال لصراحة ووضوح هذه الشخصية التي تبدو في كثير من حركاتها كالبهلوان أو الممثل الكوميدي هذا المشهد المثير في المكتب البيضاوي وهو يستضيف رئيس أوكرانيا وقد وقعت بينهما مشادة كاربة لدرجة أن سفيرة اوكرانيا في امريكا وقد كانت حاضرة في الجلسة ذرفت الدمع مدرارا مما يحدث أمامها ... المهم أن زيلينسكي كان أسدا أمام ترمب ولم يكن نعامة تهرب من صفير الصافر كما يفعل بعض الحكام في العالم بما فيهم بعض حكام أوروبا العجوز !!..
نود أن نقول إنه يستدعي الرؤساء الي مكتبه وبحضور الإعلام يناقش معهم الأمور ويقول ما يعتقده من غير لف أو دوران ويسمع وجهة نظرهم عكس مايحصل عند الزيارات التي تحدث بين رئيس عربي وآخر فهنا نري فقط البساط الأحمر وقرقول الشرف في الاستقبال والوداع وبس ... ومادار من مباحثات يخرج به بيان مقتضب يقول إن الرئيسين قد تناولا القضايا ذات الاهتمام المشترك وان العلاقة بين البلدين ( سمن علي عسل ) وقد تم وداع الضيف بمثل ما أستقبل به من حفاوة وتكريم ...
وسيظل ماجري بين الرئيسين أحد الأسرار التي ربما تغيب احيانا حتي علي نائب الرئيس أن وجد وربما يكون وزير الخارجية آخر من يعلم أما الشعب فعليه أن اراد الاطلاع على تفاصيل الزيارة أن يتوجه الي ست الودع ويخاطبها :
( ياست الودع ارم الودع ولي كشكشي ) !!..
تعرفون جدكم وزير خارجية روسيا المخضرم ( لافروف ) وقد سألته مذيعة أحدي الفضائيات ماهي آخر أخبار المحادثات بينكم وبين ترمب بخصوص ايقاف الحرب وهل لكما أي اتصالات في هذا الصدد مع الطرف الأوكراني ) )!
رد عليها هذا الوزير المحنك قائلا :
( نعم توجد محادثات هنا وهنالك ولكن ما توصلنا إليه حتي الآن يظل تحت التربيزة ) !!..
هل توصل الطرفان الجيش والدعم السريع لشيء بخصوص ايقاف الحرب ام أن الموضوع مازال تحت الطاولة ) ؟!
وهل تم إعفاء وزير الخارجية السفير علي الشريف لانه غلبه الصبر وصرح بأن الجماعة اتفقوا ) ؟!

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .

ghamedalneil@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • رسالة قوية من عمومية الصحفيين.. مصر تقف مع الفلسطينيين ضد التهجير
  • ‏«عمومية الصحفيين» تعلن دعمها لصمود الفلسطينيين ورفض لمخطط التهجير
  • ترمب: يجب وقف مشتريات النفط من إيران
  • نائب العربي للدراسات: عمرو موسى يمتلك رؤية استباقية تجاه القضايا الإقليمية
  • الساقية لسه مدورة
  • ترمب يستثني الأردن من خفض المنح الأميركية الخارجية
  • كُتّاب ورسّامون: الكتب المصوّرة تحفّز خيال الطفل
  • التحالف الديمقراطي الاجتماعي العربي يدعم الوحدة الترابية المغربية
  • وزير الخارجية: التهجير خط أحمر.. ولن نساوم على القضية الفلسطينية |فيديو
  • وزير الخارجية: مصر ترفض أي شكل من أشكال التهجير القسري للفلسطينيين