عربي21:
2025-03-10@13:25:38 GMT

من البديع في فنون التكويع الأمريكي!

تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT

رأينا في أعقاب انتفاضات 2011 كثيرا من مشاهد «قلب الجاكيت» التي تألق فيها أولئك الذين كانوا متخصصين بجدارة مشهودة في التسبيح بحمد الحاكم والتقديس وله والذين لم يكتشفوا إلا بعد أن زال حكمه أنه كان فرعونا متألّها مستبدا فاسدا مفسدا وأنه ارتكب كثيرا من المظالم والجرائم، فأقنعوا أنفسهم بكل راحة ضمير بأنهم لم يكونوا من المطبّلين المهلّلين للحاكم المستبد.



بل إنهم أقنعوا أنفسهم، وكانوا يتوقعون من كامل الشعب أن يصدقهم، بأنه لم يحصل أن كان لهم أي علاقة بهذا الحاكم أصلا لأنهم كانوا دوما على الحق ومع الحق، لا يكذبون ولا ينافقون ولا يزينون للطاغية سوء عمله. على أن تطورات الأسابيع الأخيرة في سوريا قد جعلت تلك المشاهد العربية من قلب الجاكيت تتضاءل حجما ومعنى. ذلك أن سقوط الطاغية قد وفر شروط إنتاج ملاحم من القلب والانقلاب التي يبدّل فيها «البطل» مواقفه ظهرا لبطن وضدا بضد في تنويع جديد، حسبما أوتي كلُّ من الاجتهاد، على المقام الذي يطلق عليه السوريون اسم «التكويع».

على أن التكويع ليس خصيصة شامية أو عربية، بل هو مسلك بشري غريزي يظهر كلما واتته الظروف. ولكن عدم تسليط الضوء على هذه المذمّة المقيتة داخل البلدان الديمقراطية هو الذي يجعلنا نغفل عن حقيقة أن الحياة السياسية الغربية ملأى بالتقلبات والانقلابات والخيانات ونقض العهود والتحول من ضفة إلى أخرى والهرب من معسكر إلى نقيضه. أما الممارسة الأكثر شيوعا فهي القفز من المراكب المهددة بالغرق (تعاسة خسران الحكم أو الانتخابات) والحومان مثل الفراش حول نار السلطة القائمة أو من يُظن أنه سيصير صاحب السلطة القادمة.

وقد يجوز القول إن واشنطن هي اليوم عاصمة التكويع! ذلك أن ترامب ما كان ليسطو كل هذا السطو على الحزب الجمهوري ويُفقده هويته و«يضعه في جيبه» لولا أن ساسته قد تنكروا لكل المبادئ العريقة التي عُرف بها الحزب والتي اقترنت بفترة رونالد ريغان: القيم الاجتماعية المحافظة، وتقديس العائلة، وانضباط السياسات الجبائية، والغيرة الوطنية، والقوة العسكرية المناهضة لروسيا، والتزام قواعد النظام والاستقرار وإنفاذ سلطة القانون، وحفظ النظام الدولي، والتزام الدفاع الجماعي مع الديمقراطيات الأوروبية في حلف شمال الأطلسي، الخ. والسبب أنه لما تبين للجمهوريين أن ترامب منتصر، فإنهم استسلموا له ولنزواته ونوبات هذيانه مخافة أن ينبذهم إلى العراء، خارج دوائر السلطة، وطمعا في أن ينالوا رضاه ويبقوا داخل جنة الحكم أو على مقربة منها.

والطريف أن ترامب مدرك لمواهب الساسة الجمهوريين في مجال التكويع. ولهذا فإنه عبر عن احتقاره لهم مرارا. من ذلك أن حاكم ولاية تكساس السابق ريك بري وصف ترامب عام 2016 بأنه سرطان أصاب الحزب الجمهوري، وبأنه لا يصلح إلا للنباح في احتفالات الكرنفال، ولكن ما إن تبين له أن ترامب هو الأقرب لأن يصير مرشح الجمهوريين حتى أعلن تأييده له. فقبِل ترامب تأييده ثم قال: لقد كان مقذعا في هجائي! لم أر أبدا أناسا أقدر على قلب الجاكيت من هؤلاء الساسة! وبعدما اتصل لندسي غريهام بترامب لإعلان تأييده لترشحه، قال ترامب للصحافيين: لندسي اتصل وكان بالغ اللطف رغم أنه كان يقول عني شرا.. فقد سبق له أن نعته بالمعتوه والعنصري والمتزمت دينيا.

ويقول الصحافي المخضرم مارك ليبوفيتش، الذي لازم ترامب في حملتي 2016 و2024، إنه شاهد خزي المنافقين وهم يتنافسون على إطراء ترامب وتمجيده. ولعل أبرزهم هو وزير الخارجية الحالي مارك روبيو. فقد كان روبيو يزدري ترامب وينعته بالمحتال والمخبول والحاوي ذي الميول الاستبدادية، بل إنه شكك عام 2016 في رجولته! كما سبق لروبيو، الذي كانت عائلته قد فرت من حكم الاستبداد في كوبا، أن قال لليبوفيتش إنه لا ينبغي للولايات المتحدة أن تسقط في شرك عبادة الأشخاص، وإنه أذكى وأوعى من أن يأتمن ترامب على مصير البلاد.

فلماذا إذن يرتضي كل من هؤلاء بأن يكون إمّعة وحرباء متلونة يلعن الرجل ثم يقدسه حالما يصير حاكما؟ ما سر هذا التكويع الأمريكي؟ إنها المصلحة، أي الرغبة في البقاء في المنصب النيابي أو الإداري، التي لخصها لندسي غريهام قائلا: إذا لم تكن تريد الاستمرار في الفوز بانتخابات الكونغرس مجددا ومجددا، فاعلم أنك قد تسللت إلى هذه المهنة على وجه الخطأ.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب الحزب الجمهوري الولايات المتحدة الحزب الجمهوري ترامب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة أفكار صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أن ترامب

إقرأ أيضاً:

عضو بالحزب الجمهوري الأمريكي: ماسك ليس لديه خبرة في إدارة الحكومة

قال مالك فرانسيس، عضو الحزب الجمهوري الأمريكي، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شخص استثنائي ومحب للسيطرة، وغالبًا ما يتخذ قراراته بناءً على رؤيته الشخصية، حتى لو تعارضت مع آراء وزرائه، موضحًا أن أي وزير في إدارة ترامب يجب أن ينفذ أوامره بالكامل، وإلا فإنه سيتعرض للإقالة، مشيرًا إلى أن إيلون ماسك يعد "صديقه المدلل"، وبالتالي يحصل على استثناءات ومعاملة خاصة مقارنة بالوزراء الرسميين.

وأكد فرانسيس، خلال مداخلة مع الإعلامية مارينا المصري، ببرنامج "مطروح للنقاش"، على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن تدخل ماسك في تسريح الموظفين الفيدراليين دون دراية بكيفية عمل الحكومة يعد قرارًا خاطئًا، موضحًا أن هناك قوانين تحمي هؤلاء الموظفين، مثل قوانين الخدمة المدنية والنقابات العمالية، مما سيؤدي إلى رفع آلاف الشكاوى ضد الحكومة، ومن المحتمل أن يفوز الموظفون المفصولون في هذه القضايا ويعودوا إلى وظائفهم.

وفيما يتعلق بالخلاف بين ماركو روبيو وماسك، أشار فرانسيس إلى أن هناك عدة ملفات خلافية، وليس فقط موضوع تقليص العمالة، فخلال فترة وجود روبيو في مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا، كان من أشد المؤيدين لزيادة الدعم العسكري لأوكرانيا وفرض عقوبات إضافية على روسيا، وهو نهج قد يتعارض مع توجهات ترامب تجاه الملف الروسي الأوكراني.

وأضاف أن تدخل ماسك في القضايا الحكومية قد يؤثر سلبًا على أعماله التجارية الخاصة، إذ إن جزءًا كبيرًا من المجتمع الأمريكي ضد ترامب، وقد يؤدي هذا إلى مقاطعة منتجاته، مما قد يضر بشركاته مثل تسلا، وختم فرانسيس حديثه بالقول: "لو كنت مكان ماسك، لما تدخلت في هذه الأمور السياسية الحساسة".

مقالات مشابهة

  • بالفيديو .. ترمب يسخر من مراسل واشنطن بوست الذي سأله عن احترام بوتين من عدمه
  • لماذا اعلن الرئيس الأمريكي ترامب انه سيمدد مهلة بيع تيك توك في الولايات المتحدة؟
  • عضو بالحزب الجمهوري الأمريكي: ماسك ليس لديه خبرة في إدارة الحكومة
  • عودة الكاظمي: الأمل الكاذب الذي لا يحتاجه العراق
  • ما تفاصيل “الاجتماع المتفجر” الذي شهد صداما بين مسؤولي ترامب وماسك؟
  • زيلينسكي: سأجتمع مع بن سلمان ولن ألتقي الوفد الأمريكي في الرياض
  • ما تفاصيل الاجتماع المتفجر الذي شهد صداما بين مسؤولي ترامب وماسك؟
  • وول ستريت جورنال: ترامب يقلب النظام العالمي الذي بنته أميركا رأسا على عقب
  • "الفيدرالي": عدم اليقين يحيط بالاقتصاد الأمريكي
  • التفاوض الأمريكي مع حماس.. لقاء ويتكوف والحيّة هل بات مرتقبا؟