عربي21:
2025-02-08@05:53:39 GMT

من البديع في فنون التكويع الأمريكي!

تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT

رأينا في أعقاب انتفاضات 2011 كثيرا من مشاهد «قلب الجاكيت» التي تألق فيها أولئك الذين كانوا متخصصين بجدارة مشهودة في التسبيح بحمد الحاكم والتقديس وله والذين لم يكتشفوا إلا بعد أن زال حكمه أنه كان فرعونا متألّها مستبدا فاسدا مفسدا وأنه ارتكب كثيرا من المظالم والجرائم، فأقنعوا أنفسهم بكل راحة ضمير بأنهم لم يكونوا من المطبّلين المهلّلين للحاكم المستبد.



بل إنهم أقنعوا أنفسهم، وكانوا يتوقعون من كامل الشعب أن يصدقهم، بأنه لم يحصل أن كان لهم أي علاقة بهذا الحاكم أصلا لأنهم كانوا دوما على الحق ومع الحق، لا يكذبون ولا ينافقون ولا يزينون للطاغية سوء عمله. على أن تطورات الأسابيع الأخيرة في سوريا قد جعلت تلك المشاهد العربية من قلب الجاكيت تتضاءل حجما ومعنى. ذلك أن سقوط الطاغية قد وفر شروط إنتاج ملاحم من القلب والانقلاب التي يبدّل فيها «البطل» مواقفه ظهرا لبطن وضدا بضد في تنويع جديد، حسبما أوتي كلُّ من الاجتهاد، على المقام الذي يطلق عليه السوريون اسم «التكويع».

على أن التكويع ليس خصيصة شامية أو عربية، بل هو مسلك بشري غريزي يظهر كلما واتته الظروف. ولكن عدم تسليط الضوء على هذه المذمّة المقيتة داخل البلدان الديمقراطية هو الذي يجعلنا نغفل عن حقيقة أن الحياة السياسية الغربية ملأى بالتقلبات والانقلابات والخيانات ونقض العهود والتحول من ضفة إلى أخرى والهرب من معسكر إلى نقيضه. أما الممارسة الأكثر شيوعا فهي القفز من المراكب المهددة بالغرق (تعاسة خسران الحكم أو الانتخابات) والحومان مثل الفراش حول نار السلطة القائمة أو من يُظن أنه سيصير صاحب السلطة القادمة.

وقد يجوز القول إن واشنطن هي اليوم عاصمة التكويع! ذلك أن ترامب ما كان ليسطو كل هذا السطو على الحزب الجمهوري ويُفقده هويته و«يضعه في جيبه» لولا أن ساسته قد تنكروا لكل المبادئ العريقة التي عُرف بها الحزب والتي اقترنت بفترة رونالد ريغان: القيم الاجتماعية المحافظة، وتقديس العائلة، وانضباط السياسات الجبائية، والغيرة الوطنية، والقوة العسكرية المناهضة لروسيا، والتزام قواعد النظام والاستقرار وإنفاذ سلطة القانون، وحفظ النظام الدولي، والتزام الدفاع الجماعي مع الديمقراطيات الأوروبية في حلف شمال الأطلسي، الخ. والسبب أنه لما تبين للجمهوريين أن ترامب منتصر، فإنهم استسلموا له ولنزواته ونوبات هذيانه مخافة أن ينبذهم إلى العراء، خارج دوائر السلطة، وطمعا في أن ينالوا رضاه ويبقوا داخل جنة الحكم أو على مقربة منها.

والطريف أن ترامب مدرك لمواهب الساسة الجمهوريين في مجال التكويع. ولهذا فإنه عبر عن احتقاره لهم مرارا. من ذلك أن حاكم ولاية تكساس السابق ريك بري وصف ترامب عام 2016 بأنه سرطان أصاب الحزب الجمهوري، وبأنه لا يصلح إلا للنباح في احتفالات الكرنفال، ولكن ما إن تبين له أن ترامب هو الأقرب لأن يصير مرشح الجمهوريين حتى أعلن تأييده له. فقبِل ترامب تأييده ثم قال: لقد كان مقذعا في هجائي! لم أر أبدا أناسا أقدر على قلب الجاكيت من هؤلاء الساسة! وبعدما اتصل لندسي غريهام بترامب لإعلان تأييده لترشحه، قال ترامب للصحافيين: لندسي اتصل وكان بالغ اللطف رغم أنه كان يقول عني شرا.. فقد سبق له أن نعته بالمعتوه والعنصري والمتزمت دينيا.

ويقول الصحافي المخضرم مارك ليبوفيتش، الذي لازم ترامب في حملتي 2016 و2024، إنه شاهد خزي المنافقين وهم يتنافسون على إطراء ترامب وتمجيده. ولعل أبرزهم هو وزير الخارجية الحالي مارك روبيو. فقد كان روبيو يزدري ترامب وينعته بالمحتال والمخبول والحاوي ذي الميول الاستبدادية، بل إنه شكك عام 2016 في رجولته! كما سبق لروبيو، الذي كانت عائلته قد فرت من حكم الاستبداد في كوبا، أن قال لليبوفيتش إنه لا ينبغي للولايات المتحدة أن تسقط في شرك عبادة الأشخاص، وإنه أذكى وأوعى من أن يأتمن ترامب على مصير البلاد.

فلماذا إذن يرتضي كل من هؤلاء بأن يكون إمّعة وحرباء متلونة يلعن الرجل ثم يقدسه حالما يصير حاكما؟ ما سر هذا التكويع الأمريكي؟ إنها المصلحة، أي الرغبة في البقاء في المنصب النيابي أو الإداري، التي لخصها لندسي غريهام قائلا: إذا لم تكن تريد الاستمرار في الفوز بانتخابات الكونغرس مجددا ومجددا، فاعلم أنك قد تسللت إلى هذه المهنة على وجه الخطأ.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب الحزب الجمهوري الولايات المتحدة الحزب الجمهوري ترامب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة أفكار صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أن ترامب

إقرأ أيضاً:

بعد تهديدات ترامب بإرسال قواته لقطاع غزة.. ما هي أبرز التفويضات التي أقرها الكونجرس؟

أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإرسال قوات أمريكية إلى قطاع غزة الكثير من التساؤلات حول قانونية إرسال القوات الأمريكية خارج البلاد.

 وبحسب الدستور الأمريكي فإن أي إعلان رسمي بشنّ حرب من صلاحيات الكونجرس الأميركي، لكن القانون يعطي الرئيس حق شن ضربات عسكرية أو إرسال قوات أميركية إلى الخارج لأسباب متعلقة بالأمن القومي الأمريكي، ويلزمه بإبلاغ الكونجرس خلال فترة 48 ساعة من شن أي ضربة، كما أنه يمنع بقاء أي قوات أمريكية في أرض المعركة أكثر من 60 يوماً من دون إقرار تفويض.

ونرصد في السطور التالية أبرز التفويضات التي أقرّها الكونجرس للرؤساء الأمريكيين .

فقد منح الكونجرس الرؤساء الأميركيين أكثر من تفويض للتصدي لأي تهديد يحدق بالولايات المتحدة، وهذة هي أبرز التفويضات التي أقرها الكونجرس

تفويضات الكونجرس

ويشير "أكسيوس" إلى تواريخ مثيرة تتعلق بتفويضات الحروب الأمريكية السابقة، فقد صدر تفويض بالحرب في طرابلس (ليبيا) عام 1802 وتم إلغائه فقط بعد 154 عاماً، وتحديدًا في العام 1956.

كما صدر تفويض أمريكي للحرب في الجزائر عام 1815، بينما لم يتم إلغاؤه إلا في العام 1956 أيضاً، أي بعد 141 عاماً.

وكذلك التفويض بالحرب في فرنسا عام 1798، وتفويض بالحرب ضد القراصنة عام 1819، وتفويض بالحرب في الشرق الأوسط عام 1957، هذا بالإضافة إلى تفويضين لحربي العراق عامي 2002 و1991.
 

وكان ترامب قد أدلى، الثلاثاء، بتصريحات مثيرة للجدل، أشار فيها إلى رغبته في "الاستيلاء على قطاع غزة وتطويره" بعد إعادة توطين الفلسطينيين في أماكن أخرى، مؤكدًا أنه لا يستبعد نشر قوات أميركية لدعم إعادة الإعمار.


وفي حديثه للصحفيين، بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال ترامب: "لدينا في غزة وضع خطير، خاصة مع وجود الذخائر غير المنفجرة والأنفاق"، مشددًا على ضرورة نقل سكان غزة إلى مناطق أخرى.

وأضاف: "لا أعتقد أن سكان غزة يجب أن يعودوا إلى القطاع"، معتبرًا أن إعادة التوطين هي الحل الأمثل لضمان حياة آمنة للفلسطينيين.

موقف ترامب من الاستيطان الإسرائيلي في غزة
على الرغم من تصريحاته حول السيطرة على غزة، أكد “ترامب” أنه لا يدعم استيطان إسرائيل في القطاع، مشيرًا إلى أنه يفضل إعادة توطين الفلسطينيين في أماكن أخرى حيث يمكنهم العيش دون خوف من العنف.

وكشف الرئيس الأمريكي أن فريقه يجري مناقشات مع كل من الأردن ومصر ودول أخرى في المنطقة بشأن إمكانية إعادة توطين الفلسطينيين، معربًا عن رغبته في إيجاد اتفاق يتيح للفلسطينيين العيش في "منازل لطيفة حيث يمكنهم أن يكونوا سعداء دون التعرض لإطلاق النار أو القتل".

مقالات مشابهة

  • خامنئي: لا تفاوض مع ترامب الذي مزق الاتفاق النووي
  • ماذا تعرف عن المحكمة الجنائية الدولية التي عاقبها ترامب؟
  • بعد تهديدات ترامب بإرسال قواته لقطاع غزة.. ما هي أبرز التفويضات التي أقرها الكونجرس؟
  • «المقتني»: استكشاف فنون وحرف إسلامية مميزة
  • معجنات وحلوى ومجسمات.. 300 شيف يتنافسون على فنون الطبخ في الغردقة
  • وزير الدفاع الأمريكي: سنجهز إسرائيل بالذخائر التي لم تُمنح لها سابقًا
  • وزير الدفاع الأمريكي: سنزود إسرائيل بكل الاسلحة التي تحتاجها
  • محمد الجندي: مكتبة الأزهر تمتلك كمًا هائلًا من المقتنيات والأوعية في كافة فنون المعرفة
  • هيئة فنون الطهي تدشّن مشروع المأكولات الشعبية بمكة المكرمة