«ديب سيك».. ثورة جديدة في الأمن السيبراني بالشرق الأوسط
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
أصبح الذكاء الاصطناعي بسرعة بمثابة العمود الفقري للتحول الاقتصادي والصناعي عالمياً. في الشرق الأوسط، يشهد تبني الذكاء الاصطناعي نمواً سريعاً، حيث تستثمر المملكة العربية السعودية مليارات الدولارات في بنية تحتية للذكاء الاصطناعي وأبحاث التطبيقات وتطويرها. طموحات المنطقة واضحة وجريئة تتمثل في الانتقال من مستهلك للذكاء الاصطناعي إلى منتج له، مستفيدة من المواهب المحلية، والبيانات السيادية، والبنية التحتية المتطورة.
في قلب هذا التطور ظهر مؤخراً نموذج ذكاء اصطناعي جديد يدعى «ديب سيك»، واعداً بكفاءة أعلى وفاعلية من حيث التكلفة وقابلية للتوسع مقارنة بنماذج الذكاء الاصطناعي التقليدية واسعة النطاق. قدرات «ديب سيك» كثيرة بدءاً من تقنية «خليط الخبراء MoE» (وهي تقنية لتقسيم المهام بين شبكات عصبية صغيرة لتقليل استهلاك الذاكرة وتحسين الكفاء) إلى تقنية التعلم المعزز. إنها قادرة على إعادة تشكيل الصناعات وتعميم الوصول إلى الذكاء الاصطناعي وتعزيز القدرة التنافسية الإقليمية.
ميزان قوى الذكاء الاصطناعي
أخبار قد تهمك إطلاق مشروع التشجير الذكي على طريق المخواة-ناوان بزراعة 7000 شجرة 7 فبراير 2025 - 3:32 صباحًا 125 ممارسًا صحيًا يختتمون برنامج تمكين الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي 7 فبراير 2025 - 3:25 صباحًابينما سيطرت نماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة مثل «تشات جي بي تي» (GPT) على الأسواق العالمية، يقدم «ديب سيك» بديلاً جديداً قد يمكن للشركات في الشرق الأوسط التكيف معه وتخصيصه ونشره بكفاءة.
«ديب سيك-R1» مصمم لتحدي هياكل تكلفة الذكاء الاصطناعي التقليدية. يوضح خافيير ألفاريز، المدير الإداري الأول في الاستراتيجية والتحول لدی شركة «إف تي آي كونسلتنغ»، خلال حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، أنه إذا ثبتت صحة ادعاءات كفاءة «ديب سيك»، فقد يخفض تكاليف البنية التحتية بشكل كبير ويعمم تبني الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط.
يقدم «ديب سيك-R1» نموذجاً جديداً للذكاء الاصطناعي من خلال الجمع بين «خليط الخبراء» (MoE) والتنبؤ متعدد الرموز (MTP) لقراءة ومعالجة كلمات عدة في وقت واحد؛ ما يضاعف سرعة الاستجابة. كذا التعلم المعزز (RL) الذي يتعلم من تفاعلات المستخدمين لتطوير الدقة باستمرار.
هذه التطورات تقلل بشكل كبير من الحواجز أمام تبني الذكاء الاصطناعي وتسمح للشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) في الشرق الأوسط بتطوير نماذج ذكاء اصطناعي مخصصة دون الحاجة إلى بنى تحتية.
التحول من مستهلك إلى منتج
أحد أكبر التحديات التي تواجه الشركات في الشرق الأوسط هو التكلفة العالية للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي. يتطلب تدريب نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) موارد حاسوبية ضخمة والتي كانت تقليدياً تحت سيطرة عمالقة التكنولوجيا العالمية.
أما الآن، يكسر «ديب سيك» حاجز التكلفة للذكاء الاصطناعي؛ ما يعطي الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة في الشرق الأوسط فرصة حقيقية للتنافس. يقول داميلولا أوجو، المدير الإداري الأول في الاستراتيجية والتحول لدی شركة «إف تي آي كونسلتنغ»، خلال حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، إنه إذا نجح «ديب سيك» في الوفاء بوعده بتخفيض تكاليف تدريب الذكاء الاصطناعي، فقد يسمح للشركات الناشئة بتطوير نماذج قوية دون الاعتماد على خدمات الحوسبة السحابية باهظة الثمن من «إنفيديا» و«أمازون للخدمات السحابية» أو «غوغل».
ويوضح داميلولا أوجو، أن مبادرة السعودية البالغة 40 مليار دولار ستعزز بالفعل نمو الذكاء الاصطناعي. لكن نماذج مثل «ديب سيك» يمكن أن «تسرع قابلية التوسع مما يضمن وصولاً واسعاً إلى حلول الذكاء الاصطناعي بجزء بسيط من التكاليف الحالية». ويضيف ألفاريز: «مع تزايد تمويل الذكاء الاصطناعي، نشهد تحولاً في القوة بعيداً عن النماذج الثقيلة البنية التحتية نحو الابتكار في طبقة التطبيقات، حيث تكون للشرق الأوسط فرصة حقيقية للقيادة».
«ديب سيك» وتشكيل الصناعات
يمتد تأثير الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط أبعد من التكنولوجيا، فهو يقود التحول في الرعاية الصحية، التعليم، التمويل، والنقل.
تدمج المستشفيات في المنطقة بشكل متزايد تشخيصات مدعومة بالذكاء الاصطناعي والجراحات الروبوتية. على سبيل المثال، تستخدم مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر عن السرطان وتخطيط العلاج. كذلك، تستثمر مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي في الجراحة الروبوتي؛ ما يحسّن الدقة ونتائج المرضى. أيضاً، تستخدم مستشفى جابر بالكويت الذكاء الاصطناعي لمراقبة القلب في الوقت الحقيقي والإجراءات التنظيرية. ويرى خبراء «إف تي آي كونسلتنغ»، أنه مع نماذج مثل «ديب سيك» يمكن لمؤسسات الرعاية الصحية تطوير أدوات تشخيص مدعومة بالذكاء الاصطناعي بشكل أسرع وبتكاليف أقل؛ ما يقلل الاعتماد على حلول الذكاء الاصطناعي المستوردة.
معالجة حواجز تبني الذكاء الاصطناعي
على الرغم من الإمكانات، لا تزال هناك حواجز عدة في رحلة الشرق الأوسط نحو الذكاء الاصطناعي. تستثمر السعودية في مراكز بيانات جاهزة للذكاء الاصطناعي، مع شراكات تشمل «أرامكو» و«سيربراس سيستمر» و«إيه إم دي» (AMD). ومع ذلك، لا تزال الشركات الناشئة المحلية تواجه تحديات في الوصول إلى موارد الحوسبة عالية الأداء.
ويلاحظ أوجو خلال حديثه مع «الشرق الأوسط»، أن مراكز البيانات تنمو، لكن هناك حاجة إلى المزيد من الاستثمار في خدمات السحابة المخصصة للذكاء الاصطناعي التي تلبي الاحتياجات الإقليمية.وهناك مسألة النقص في المتخصصين المؤهلين في الذكاء الاصطناعي. ويرى ألفاريز أننا نشهد دفعة كبيرة نحو تعليم الذكاء الاصطناعي، لكن على المدى القصير، لا تزال المنطقة في حاجة إلى جذب المواهب العالمية في الذكاء الاصطناعي.
توطين البيانات وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي
يتم تدريب معظم نماذج الذكاء الاصطناعي على مجموعات بيانات غربية، بحسب الخبراء؛ ما يجعلها أقل فاعلية في التطبيقات العربية.
«ديب سيك»، مع «نهج الأوزان المفتوحة» يسمح للشركات بضبط نماذج الذكاء الاصطناعي باستخدام مجموعات البيانات الإقليمية الخاصة. ويصرح أوجو بأن لدى منطقة الشرق الأوسط فرصة لقيادة حوكمة الذكاء الاصطناعي من خلال ضمان تطوير أخلاقي يتناسب مع الثقافة واللوائح الإقليمية.
المملكة العربية السعودية لم تعد مجرد مستهلك للذكاء الاصطناعي، بل رائدة فيه. مع تقديم «ديب سيك» بديلاً فعالاً من حيث التكلفة وقابلاً للتوسع، قد يصبح لدى المنطقة فرصة فريدة لقيادة الابتكار في الذكاء الاصطناعي عالمياً. يشدد خبيرا «إف تي آي كونسلتنغ» على أن الشرق الأوسط يضع نفسه منافساً جدياً في سباق الذكاء الاصطناعي. بدءاً من الأبحاث المدعومة من الحكومة إلى البنية التحتية المتطورة وتطوير المواهب.
ويضيف الخبيران: «قادة الذكاء الاصطناعي القادمون سيكونون أولئك الذين يستثمرون في المواهب والبنية التحتية والتطبيقات المحلية وأن الشرق الأوسط يفعل ذلك بالضبط».
طموحات الشرق الأوسط في الذكاء الاصطناعي واضحة وجريئة وتتحقق بسرعة. فبينما تتجاوز السعودية وجيرانها مرحلة تبني الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة الإبداع فيه، قد توفر نماذج مثل «ديب سيك» الأدوات اللازمة لبناء نظام بيئي سيادي للذكاء الاصطناعي.
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي تشات جي بي تي ديب سيك نماذج الذکاء الاصطناعی تبنی الذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی فی فی الذکاء الاصطناعی للذکاء الاصطناعی فی الشرق الأوسط دیب سیک
إقرأ أيضاً:
خطة مصر بشأن غزة تعزز مكانتها في المنطقة
ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أن خطة إعادة إعمار قطاع غزة التي قدمتها مصر لا تعمل على تعزيز مكانتها في جامعة الدول العربية فحسب، بل تشكل تحدياً علنياً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي عاد إلى البيت الأبيض ولسياساته في الشرق الأوسط.
وأضافت "معاريف" تحت عنوان "قوة إقليمية في طور التكوين.. مصر تشير إلى وضعها الجديد"، أن قمة الزعماء العرب التي انعقدت يوم الثلاثاء الماضي في القاهرة، تثير موجة من الجدل حول العالم، حيث إن المؤتمر انعقد بعد خطة دونالد ترامب للسيطرة على غزة وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
كيف تنظر #حماس إلى الاتصالات المباشرة مع إدارة #ترامب؟https://t.co/RkU3eetnWJ pic.twitter.com/L19a2uKDen
— 24.ae (@20fourMedia) March 7, 2025 رفض أمريكي إسرائيليوأشارت الصحيفة الإسرائيلية في تحليل سياسي أعدته الدكتورة عنات هوشبيرغ ماروم، المختصة في الجغرافيا السياسية والأزمات الدولية، إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية رفضتا بشكل قاطع الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة التي عُرضت هناك، وبينما تتعارض هذه المبادرة من وجهة نظرهما مع الواقع بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وتتناقض مع مصلحة الأمن القومي لإسرائيل، فقد تبنتها الدول العربية بحرارة.
تخفيف موقف ترامبوبحسب الصحيفة، إلى جانب معارضة الزعماء العرب الحازمة لتهجير نحو مليوني غزاوي إلى مصر والأردن بغرض إعادة إعمار القطاع، فإن الخطة التي تركز على "حل الدولتين"، قد تؤدي من وجهة نظرهم إلى مزيد من التخفيف لمواقف الرئيس الأمريكي وتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول المنطقة، وبالإضافة إلى ذلك، يتبين من نظرة فاحصة أن القمة الطارئة، التي قدمت مخططاً ملموساً لحل أزمة غزة، أكدت أيضاً على التزام جماعي للدول العربية بدفع القضية الفلسطينية إلى الأمام، مع وضعها على رأس الأجندة الدولية.
وتقول معاريف، إن الاقتراح المصري بنقل إدارة قطاع غزة تدريجياً إلى السلطة الفلسطينية، ونشر قوات أمن دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعقد مؤتمر دولي لجمع 53 مليار دولار لإعادة إعماره، على أن تستمر العملية نحو خمس سنوات مع إدارة آلياته الأمنية، أثار ضجة كبيرة.
ولكن على الرغم من صعوبة التوصل إلى اتفاق شامل حول تفاصيل الخطة، يبدو أن الموافقة على المبادرة المصرية تشكل أهمية كبيرة، وهذا صحيح بشكل كبير في هذه الأيام، حيث تتزايد احتمالات تجدد الحرب، وفقاً للصحيفة.
وذكرت معاريف، أن المراقبة الاستراتيجية الشاملة تشير إلى أنه بجانب البديل التفصيلي الذي قدمته مصر لخطة ترامب التي تهدف إلى التهجير، فإن البيان المشترك في ختام القمة والإعلان المصري بأنه "لا سلام بدون إقامة دولة فلسطينية" يشكلان تحدياً للإدارة الأمريكية الجديدة وسياستها في الشرق الأوسط.
وتقول الصحيفة، إنه من الواضح أن هناك فجوة هائلة بين المستوى التصريحي والتعبير عن الدعم الموحد للمبادرة المصرية، وبين التنفيذ الفعلي لخطة إعادة الإعمار، ولكن تشكيل الدول العربية جبهة جماعية مستعدة للتعامل مع النزاعات الطويلة الأمد والتوترات العميقة بينها بشأن مجموعة متنوعة من القضايا السياسية والأمنية الأساسية، بما في ذلك مسألة هوية وشرعية التمثيل الفلسطيني واستمرار حكم حماس أو حلها، تيشكل خطوة مهمة للغاية في حد ذاتها.
الجيش الإسرائيلي يستعد لهجوم جديد على غزة https://t.co/Tf1wEMecp3
— 24.ae (@20fourMedia) March 7, 2025 تسوية سياسيةوأضافت أن خطة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الشاملة، التي تدعم كما ذكر تحقيق حل سياسي طويل الأمد لفكرة "الدولتين"، تعكس الأهمية الهائلة التي توليها مصر، الدولة العربية الوحيدة التي لها حدود مع قطاع غزة، للتوصل إلى تسوية سياسية، وكل هذا، مع معالجة الأزمة الحكومية والإنسانية والاقتصادية العميقة القائمة هناك، والتي تتطلب إعادة تأهيل وبناء البنية التحتية الأساسية من الأساس، بما في ذلك تطوير ميناء بحري ومطار، إلى جانب التعامل مع مشهد التهديد الأمني المتزايد بالقرب من حدودها.
نقطة تحولواعتبرت معاريف، أنه في ضوء كل هذا، فإن القمة الطارئة في القاهرة، مع التركيز على خطة إعادة إعمار غزة، تشكل نقطة تحول في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، إلى جانب تعزيز مكانة مصر و وتأثيرها على ديناميكيات المنطقة، وكذلك على خريطة الاتفاقيات والتحالفات الأحادية والمتعددة الأطراف في الشرق الأوسط، مستطردة: "إن هذا الحدث يحمل العديد من التداعيات الجيوسياسية والأمنية بعيدة المدى".