الجزيرة:
2025-03-10@09:25:26 GMT

ملامح الاحتضان العربي الخليجي لسوريا الجديدة

تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT

ملامح الاحتضان العربي الخليجي لسوريا الجديدة

بدأت تتضح شيئًا فشيئًا ملامح الوجهة التي سيتخذها نظام الحكم الجديد في سوريا، وتوجهاته السياسية الداخلية والخارجية، حيث يركز داخليًا على تنفيذ خُطة انتقال سياسي خلال المرحلة الانتقالية، تتكون من ثلاث نقاط:

أولها، تشكيل حكومة تكنوقراط موسّعة. وثانيها، اختيار هيئة أو مجلس تشريعي مؤقت. وثالثها، عقد مؤتمر حوار وطني ينتج عنه إعلان دستوري، وصولًا إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية.

ويفترض أن يتم ذلك بالتزامن مع العمل على أولويات توفير الأمن والاستقرار، وتأمين الحاجيات المعيشية للسوريين، والعمل على التعافي الاقتصادي، وإعادة إعمار ما دمّره نظام الأسد.

أمّا خارجيًا، فإن عنوان توجّه الإدارة الجديدة، هو تطبيع علاقاتها مع دول الجوار والإقليم والعالم، حيث أرسلت رسائل طمأنة عديدة إليها، تفيد بأن سوريا ستسعى إلى أن تكون عامل استقرار في المنطقة، وأنها ليست تهدف إلى تصدير الثورة، بل اعتبرت أن الثورة انتهت بسقوط النظام، وبدأت مرحلة الانتقال إلى بناء الدولة، التي تريد العيش في سلام مع دول محيطها العربي والإقليمي والعالم.

التوجه العربي

حددت الإدارة الجديدة في سوريا سياستها الخارجية بأولوية وصل ما قام نظام الأسد البائد بقطعه من روابط تاريخية وثقافية وسياسية بين الشعب السوري وحاضنته العربية. وشكّل التوجه نحو المنظومة العربية، المحدد الأساسي في السياسة الخارجية لسوريا الجديدة. ليس فقط من أجل مساعدتها في الخروج من الأوضاع الكارثيَّة التي خلفها نظام الأسد البائد، وإعادة إعمار ما دمره هذا النظام، بل لأنها ترى أن موقع سوريا الطبيعي هو بين دول المنظومة العربية.

إعلان

وبالتالي لم تكن مصادفة أن أول زيارة خارجية، قام بها وفد مكون من وزير الخارجية أسعد الشيباني، ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات العامة أنس خطاب، كانت وجهتها الرياض، ثم الدوحة، وأبوظبي، وكذلك كانت الزيارة الأولى للرئيس أحمد الشرع إلى المملكة العربية السعودية، بوصفها أول زيارة خارجية له، والذي استقبل بحفاوة كبيرة من طرف المسؤولين في المملكة، وفي مقدمتهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

ولعل التوجه العربي لسوريا الجديدة يدحض الأقاويل حول ارتمائها في الحضن التركي، وأنها استبدلت النفوذ الإيراني بالنفوذ التركي، وذلك على الرغم من سعيها إلى بناء علاقات قوية وإستراتيجية مع جارها التركي، الذي ساعد الشعب السوري في محنته خلال الحرب التي كان يشنها نظام الأسد وحليفه الروسي والإيراني ضد الشعب السوري على مدى أكثر من ثلاثة عشر عامًا.

تكمن خلفية التوجه العربي في كونه مسعى تجسده رغبة حكام سوريا الجدد في عودة بلادهم إلى موقعها الطبيعي ضمن المنظومة العربية، بما يعني إنهاء سياسة المحاور والمعسكرات التي كان يتبعها نظام الأسد البائد، وأسفرت عن وقوع سوريا في قبضة مشروع النظام الإيراني التوسعي في المنطقة، الذي استخدمها ساحة في صراعاته، فضلًا عن تغلغل هذا النظام في مختلف مفاصل الدولة السورية.

كما أنها أفضت أيضًا إلى تحوّل سوريا لقاعدة عسكرية متقدمة للنظام الروسي في منطقة الشرق الأوسط، واعتبارها نافذة إستراتيجية يطل بها على مياه البحر الأبيض المتوسط، ونقطة انطلاق لتقوية نفوذه في المنطقة.

الاحتضان العربي

قُوبل التوجه العربي للنظام الجديد في سوريا باحتضان عربي غير مشروط، أي بعكس التواصل الغربي الذي ربط اعترافه وقبوله بالتغيير الحاصل بالخطوات التي سيتخذها الحكم الجديد، حيث وضع مسؤولون غربيون عددًا من الشروط تمسّ طريقة التعامل مع مكونات المجتمع السوري وتمثيلها في هيئات الحكم، وحقوق المرأة ومحاربة الإرهاب وسواها.

إعلان

أما في الجانب العربي، فإنه منذ الأيام الأولى لإسقاط نظام الأسد، سارعت كل من دولة قطر والمملكة العربية السعودية إلى التعبير عن ترحيبهما واهتمامهما بالتغير الحاصل، فأصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانًا أعربت فيه عن ارتياحها "للخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها لتأمين سلامة الشعب السوري الشقيق وحقن الدماء والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ومقدراتها".

وبدورها، أكدت وزارة الخارجية القطرية على "متابعة الدوحة باهتمام بالغ تطورات الأوضاع في سوريا". أما رئيس الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد، فقد تحدث عبر الهاتف مع الرئيس أحمد الشرع.

وأرسلت كل من قطر، والسعودية، والأردن، والبحرين، والكويت، وليبيا وفودًا رفيعة المستوى إلى دمشق، لكن بالمقابل، أحجمت دول عربية أخرى عن التواصل مع الإدارة الجديدة، واختارت موقفًا سلبيًا حيال التغيير الحاصل في سوريا، بل ووضع بعضها شروطًا تحاكي الشروط الغربية.

مثّلت دول الخليج العربي رافعة الاحتضان العربي للتغيير الحاصل في سوريا، وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة قطر والإمارات العربية المتحدة، وذلك على الرغم من أن النموذج السوري في التغيير حمل الإسلاميين إلى السلطة فيها، حيث سارعت دولة قطر إلى الاعتراف بهذا التغيير، وإعلان الوقوف إلى جانب الإدارة الجديدة ومساعدتها على كافة المستويات، واتسق ذلك مع مواقفها الداعمة للشعب السوري، التي لم تتغير منذ قيام الثورة السورية في منتصف مارس/ آذار 2011.

لم تتأخر المملكة العربية السعودية كذلك في تأييده، فأبدت استعدادها للوقوف إلى جانب سوريا، ومساعدتها من أجل التعافي المبكر، ودعمها من أجل رفع العقوبات الاقتصادية الأوروبية والأميركية المفروضة عليها؛ بسبب ممارسات نظام الأسد البائد، وكذلك فعلت الإمارات العربية المتحدة، وذلك رغم موقف كلا البلدين الرافض لأطروحات وأيديولوجيات حركات الإسلام السياسي في المنطقة.

إعلان

ويمكن القول إن دول الخليج العربي اعتبرت أن التغيير الذي حدث في سوريا عالج مشكلة كبيرة كانت مصدر إزعاج لها، فقد وجه ضربة قوية للمشروع التوسعي الإيراني في المنطقة. إذ كانت سوريا خلال عهد النظام البائد حلقة ربط هامة للممر الواصل من طهران مرورًا ببغداد وصولًا إلى بيروت. وقد خسر النظام الإيراني الساحة السورية بوصفها من أهم مناطق النفوذ التي كان يستخدمها في المنطقة لتنفيذ مشروعه القومي التوسعي.

ولا تريد دول الخليج أن تترك سوريا وحدها فتسعى إيران مجددًا إلى ملء الفراغ فيها مثلما فعلت في العراق قبل أكثر من عشرين عامًا. ولا شك في أن احتضانها للنظام الجديد في سوريا سيقوي ابتعاده عن النظام الإيراني، ويجعل اعتماده على المنظومة العربية خيارًا إستراتيجيًا، وهو ما عبر عنه الرئيس السوري أحمد الشرع خلال زيارته للمملكة العربية السعودية. وقد توّج الاحتضان العربي بزيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى سوريا، في اليوم التالي لاختيار أحمد الشرع رئيسًا لسوريا في المرحلة الانتقالية.

تعي دول الخليج أن سوريا تشكل دولة أساسية في التحولات الجيوستراتيجية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط مؤخرًا، وهو ما تطلب انخراطها في التحول الحاصل في خرائط النفوذ وموازين القوى الجديدة في المنطقة، من أجل حماية مصالحها في منطقة تعجّ بالصراعات وعدم الاستقرار.

وهنا تأتي أهمية بناء منظومة تعاون مع سوريا الجديدة، وضرورة دعمها للتعافي، وتذليل التحديات والعقبات الكثيرة التي تواجهها في المرحلة الانتقالية، وألا يختصر دورها في الدعم الإنساني والاقتصادي، بل أن يتجاوزه إلى الدعم السياسي، وخاصة العمل من أجل رفع العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة عليها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

إعلان

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المملکة العربیة السعودیة نظام الأسد البائد المنظومة العربیة الإدارة الجدیدة سوریا الجدیدة الشعب السوری أحمد الشرع فی المنطقة دول الخلیج فی سوریا دولة قطر من أجل

إقرأ أيضاً:

ماذا تقدم تويوتا كورولا كروس 2025 فيس ليفت الجديدة؟| صور

تواصل تويوتا اليابانية من تعزيز تواجدها عالميًا، بعد طرح النسخة الجديدة "فيس ليفت" من السيارة كورولا كروس موديلات 2025، والتي تنتمي إلى العائلة الرياضية.

اركب كيا سيراتو 2011 فبريكا بأقل سعر .. سوق المستعملسوزوكي سويفت 2024 كسر زيرو.. أرخص هاتشباك يابانيةمنها تويوتا وهيونداي .. أسعار أشهر 5 سيارات SUV في مصرهيونداي النترا توب لاين 2025 كسر زيرو .. بهذا السعرالقدرات الفنية للسيارة تويوتا كورولا كروس

تعتمد السيارة تويوتا كورولا كروس 2025 على محرك هجين، سعة 200 سي سي، يستطيع أن ينتج قوة قدرها 197 حصانا و188 نيوتن متر من العزم الاقصى للدوران، مع ناقل سرعات أوتوماتيك CVT، وبتقنيات الجر الأمامي للعجلات.

تويوتا كورولا كروس 2025 أوضاع القيادة للسيارة تويوتا كورولا كروس

تضم السيارة تويوتا كورولا كروس 2025 عدد 3 أوضاع للقيادة منها الرياضي SPORT، والعادي NORMAL، بالاضافة إلى الوضع الاقتصادي الموفر للوقود ECO.

تويوتا كورولا كروس 2025 تجهيزات السيارة تويوتا كورولا كروس 2025 

زودت السيارة تويوتا كورولا كروس 2025 بعدد من التجهيزات منها، مكابح مانعة للانغلاق بنظام ABS، وبرنامج التوزيع الالكتروني EBD، نظام مساعد صعود المرتفعات، نظام تثبيت السرعة، 7 وسائد هوائية، تحذير التصادم الخلفي، كاميرا، حساسات ركن.

تويوتا كورولا كروس 2025 

تأتي السيارة تويوتا كورولا كروس 2025 بمقاعد قابلة للتعديل الكهربائي مع كسوة من الجلد، شاشة عدادات رقمية 12.3 بوصة، بالاضافة إلى شاشة تعمل باللمس قياس 10.5 بوصة، تدعم التطبيقات الذكيةApple CarPlay وAndroid Auto اللاسلكي.

تضم السيارة نظام صوتي فاخر طراز JBL مكون من 9 مكبرات صوت، نظام تكييف أوتوماتيكي ثنائي المناطق، إضاءة محيطية LED، ودعمت السيارة بشبكات أمامية متعددة الفتحات، مصابيح حادة المظهر بتقنية LED، فتحة سقف كهربائية، مرايات جانية مدعومة بإشارات ضوئية.

تويوتا كورولا كروس 2025 

وتظهر السيارة تويوتا كورولا كروس 2025 بأقطاب ثنائية على جانبي السقف، بينما ترتكز على قاعدة عجلات بطول 2.640 مم، مع نسبة طول كلي قدرها 4.460 مم، و1.825 مم للعرض الكلي، بينما يصل الارتفاع الكلي للسيارة إلى 1.620 مم، وسبويلر خلفي يزين أعلى منظقة الزجاج.

مقالات مشابهة

  • الوزير الشيباني: نرحب بدعم دول الجوار لسوريا في مواجهة التحديات التي تتعرض لها
  • أمريكا تندد بالمجازر التي حدثت في الساحل السوري
  • رئيس حزب العربي الناصري يصل إلى مقر حفل الإفطار السنوي لأبناء قنا والأقصر والقبائل العربية
  • البرلمان العربي ينوه بالإسهامات التي حققتها المرأة العربية على كافة الأصعدة
  • كيف تعمل شبكة الإنترنت؟ رحلة إلى قلب الشبكة التي تربط العالم
  • عاجل.. الشرع: بعض فلول النظام الساقط سعى لاختبار سوريا الجديدة التي يجهلونها
  • قطر تدين الجرائم التي ترتكبها مجموعات "خارجة عن القانون" في سوريا
  • ماذا تقدم تويوتا كورولا كروس 2025 فيس ليفت الجديدة؟| صور
  • الشيباني: التحديات كبيرة وبالتعاون مع الأشقاء بمجلس التعاون الخليجي والدول العربية سنحقق الأهداف المنشودة
  • سوريا تشتعل من جديد.. اشتباكات دامية في الساحل بين الجيش السوري وفلول نظام الأسد.. والدفع بتعزيزات عسكرية ضخمة لصد الهجمات