إنفانتينو في مأزق.. كيف تؤثر الحرب التجارية على تنظيم كأس العالم 2026؟
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
سلط تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، الضوء على وضع الفيفا ورئيسها جياني إنفانتينو في ظل التوترات السياسية والاقتصادية المتصاعدة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك قبل استضافة كأس العالم 2026.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن دونالد ترامب وقف في الليلة التي سبقت أداءه اليمين الدستورية لفترة رئاسته الثانية في تجمع صاخب وأرسل تحية خاصة إلى محامٍ سويسري يبلغ من العمر 54 سنة في المدرجات، وأشار إليه ببساطة باسم جياني وقد أراد ترامب أن يعبّر عن امتنانه له.
وكان جياني المعني هو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو، الذي من المقرر أن يقدم لترامب الصيف المقبل أكبر حدث رياضي على هذا الكوكب عندما تستضيف الولايات المتحدة كأس العالم بالاشتراك مع المكسيك وكندا.
وقال إنفانتينو في تلك الليلة في منشور لمتابعيه البالغ عددهم 2.7 مليون متابع على إنستغرام: "هذا هو الفيفا يحظى بأقصى درجات احترامه. أن يذكره الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية في تجمّع النصر، وفي خطاب النصر، هذا أمر فريد من نوعه، إنه أمر جميل".
وأشارت الصحيفة إلى أن ما غاب عن إنفانتينو حينها هو أنه سيجد نفسه بعد أسبوعين في موقف سيء للغاية، فهو والفيفا عالقان الآن في خضم أزمة دبلوماسية لا يبدو أن أحدًا قادر على التنبؤ بنتائجها، فخلال الأسبوع الماضي، هدد ترامب كلا جاري الولايات المتحدة -المشاركين في استضافة كأس العالم- بحرب تجارية شاملة، قبل أقل من 500 يوم من المباراة الافتتاحية للبطولة في مكسيكو سيتي.
وبينت الصحيفة، انه لا يزال من غير الواضح إلى أي مدى يمكن أن تؤثر إجراءات ترامب على حدث متعدد البلدان يتطلب تنسيقاً لوجستيًا وسلاسة على المعابر الحدودية، لكن التوتر يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى ما قد يكون أكبر كأس عالم على الإطلاق.
وتابعت، أن "إنفانتينو ليس غريبًا على التكتيكات الجريئة والمزاجية أحيانًا لرؤساء الدول الذين يسميهم أصدقاءه: فقد أمضى ما يقارب عقدًا من الزمن في التودد إلى بعض أقوى الرجال في العالم".
وبالنسبة لمسؤول كرة القدم الذي قضى معظم حياته المهنية يعمل في الظل، فإن إنفانتينو يستمتع بالتقرب من أمثال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وكل ذلك باسم تطوير كرة القدم العالمية.
وأوضحت الصحيفة أن إنفانتينو نجح في تحقيق نجاح كبير فيما يتعلق بالفيفا، فعلى مدار فتراته الثلاث التي تعود إلى سنة 2016، شهدت المنظمة تضاعف إيرادتها السنوية إلى أكثر من 11 مليار دولار، كما أنه أشرف على تنظيم بطولتي كأس العالم في روسيا وقطر اللتين حظيتا بشعبية كبيرة، وكأس العالم للسيدات في فرنسا وأستراليا ونيوزيلندا، وقاد أيضًا عملية منح حقوق استضافة كأس العالم 2034 إلى المملكة العربية السعودية.
وبينت، أن الأمر الأكثر إثارة للدهشة من شبكة تحالفات إنفانتينو الحالية هو أن يكون في هذا المنصب أصلاً، فقد كان يُنظر إلى إنفانتينو على أنه موظف يتنقل بأريحية في بيروقراطية الاتحاد واجتماعات اللجان التي لا تنتهي، وكانت أكبر مسؤولياته أمام الجمهور هي إدارة قرعة البطولات الكبرى، مثل دوري أبطال أوروبا.
وقالت الصحيفة الأمريكية في تقريرها، إن إنفانتينو كان انتهازيًا أيضًا. فعندما كشفت وزارة العدل الأمريكية عن فضيحة فساد ضخمة في قمة كرة القدم العالمية في ربيع سنة 2015، أطاحت موجة من لوائح الاتهام والإيقافات والاستقالات بجيل من المسؤولين التنفيذيين، بمن فيهم رئيس الفيفا لفترة طويلة سيب بلاتر ووريثه الأسطورة الفرنسي ميشيل بلاتيني.
واستشعر إنفانتينو اللحظة المناسبة، فتقدم إلى الأمام، وفي شباط/فبراير سنة 2016، انتُخب رئيسًا للفيفا بعد وعود بإصلاحات جديدة للمنظمة. كان إنفانتينو يدرك أنه بحاجة إلى وضع الفيفا كضحية لفضيحة الفساد، وليس كجاني، وهذا من شأنه أن يسمح للمنظمة باستعادة الملايين من الأموال المسروقة وإرضاء وزارة العدل.
وسرعان ما أوضح مدى جاذبية لقب الفيفا بالنسبة له، فقد كان يسافر باستمرار، ونظّم مباريات استعراضية مع نجوم سابقين وارتدى الزي الرسمي ليلعب إلى جانب دييغو مارادونا، كان سلفه بلاتر يأمل سرًا أن يحصل يومًا ما على جائزة نوبل للسلام لاستخدامه كرة القدم كقوة موحدة، أما الآن فقد ارتدى إنفانتينو عباءة الدبلوماسي الجوّال حول العالم.
وأشار تقرير "وول ستريت جورنال"، إلى أن المشكلة تكمن في أن الصداقات التي يصنعها غالباً ما تضعه في مواقف حساسة؛ فقد افتتح بطولة كأس العالم 2018 بالجلوس في المباراة الافتتاحية في موسكو بين بوتين والأمير محمد بن سلمان، وأنهى البطولة بإغداق المديح على البلد المضيف ورئيسه. ومنذ ذلك الحين، اضطر الفيفا إلى فرض عقوبات على روسيا بسبب غزو أوكرانيا، ودعا إنفانتينو بوتين دون جدوى إلى الدخول في محادثات سلام.
وختمت الصحيفة بأن إنفانتينو يستقر حاليًا في الولايات المتحدة؛ حيث وجد حليفًا قويًا في البيت الأبيض، وقد لاحظ المشجعون أن نسخة طبق الأصل من كأس العالم موضوعة الآن خلف مكتب الرئيس في المكتب البيضاوي. وفي تموز/يوليو من السنة القادمة، سيسلم ترامب شخصيًا النسخة الحقيقية المصنوعة من الذهب عيار 18 قيراطًا إلى قائد الفريق الفائز في المباراة النهائية في نيوجيرسي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الفيفا ترامب كرة القدم كندا الفيفا كرة القدم ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة کأس العالم کرة القدم
إقرأ أيضاً:
إلى الحرابلة في مأزق لا للحرب: المستقبل يُبنى في الحاضر
وسط النزاع الدامي الذي يعيشه السودان، اختارت مجموعة من القوى السياسية والمجتمعية تبني موقف "لا للحرب"، وعرفت باسم "الحرابلة". ورغم أن هذا الموقف يبدو مبدئياً وشجاعاً، إلا أنه يواجه تحديات حقيقية، لا سيما في ظل التعقيد العسكري والسياسي الحالي. فرفض الحرب وحده لا يكفي، بل يتطلب تقديم بدائل عملية مقنعة تمهد لمستقبل أكثر استقراراً وعدالة.
الغضب الشعبي وانتهاكات الدعم السريع
يواجه الحرابلة معضلة كبرى تتعلق بالغضب الشعبي المتصاعد بسبب الانتهاكات الوحشية التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في مختلف المناطق، وكذلك قام الجيش والمليشيات المتحالفة معه بجرائم وهي أيضاً مدانة، إلا أن جرائم مليشيا الدعم السريع كانت ممنهجة ومتكررة وكبيرة العدد بحيث أصبح من الاستحالة حصرها، وبعضها في مناطق ليس فيها تواجد حتى لنقطة شرطة، هذه الجرائم دفعت الآلاف من المدنيين للاستنفار وحمل السلاح دفاعاً عن أنفسهم واستعادة منازلهم وأراضيهم، ما يجعل دعوات وقف الحرب تبدو منفصلة عن واقع الضحايا ومعاناتهم. فكيف يمكن للحرابلة إقناع المتضررين بموقفهم دون أن يظهروا بمظهر الحياد البارد؟
معضلة السلطة الصفرية
الحرب الدائرة في السودان قائمة على معادلة صفرية، حيث يسعى كل طرف لإلغاء الآخر عسكرياً أو سياسياً تحت ذرائع مختلفة كاذبة، سواء كانت هدم دولة ٥٦ والقضاء على الكيزان وجلب الديمقراطية او حرب كرامة. في ظل هذه المعضلة، يصبح الحديث عن السلام دون تفكيك هذه المعادلة مجرد ترف سياسي. فكيف يخطط الحرابلة للتعامل مع هذا الواقع؟ وهل لديهم رؤية واضحة تضمن عدم تكرار تجارب الفشل السابقة التي بنيت على تقاسم السلطة مع العسكريين دون مساءلة ومحاسبة على الإنتهاكات؟. وفي خطاب رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك حول رؤية "صمود" لإيقاف الحرب دعا للقاء يجمع البرهان وحميدتي وهو ما يوحي بتفصيل دور سياسي لهم بعد الحرب ويقول المثل "من جرب المجرب حاقت به الندامة"
التدخلات الخارجية والموقف الانتقائي
لا يمكن فهم الحرب في السودان دون النظر إلى التدخلات الخارجية التي تغذيها. وبينما يركز البعض على الدعم الذي يتلقاه الجيش، يتم تجاهل الدعم الإماراتي الواسع لمليشيا الدعم السريع. هذا الانتقائية في الطرح تضعف مصداقية تيار "لا للحرب"، فهل يملكون الجرأة على رفض جميع أشكال التدخل الخارجي بوضوح؟. كذلك دعا حمدوك في خطابه بتاريخ ٤ مارس حول رؤية "صمود" لإيقاف الحرب لتشكيل قوة أفريقية و/أو دولية لحفظ السلام، وهذا أمر يبدو بعيد المنال في ظل تقليص الولايات المتحدة دورها الخارجي في أفريقيا وبالتالي دعم قوات حفظ السلام وهي الممول الأكبر لها. كما أن اعتقال ياسر عرمان في كينيا وإطلاق سراحه في تحليلي يبدو بايعاز من كفيل الدعم السريع لكينيا لتوجيه رسالة ل"صمود" لرفضهم مساندة حكومة مليشيا الدعم السريع، أكثر من تنفيذ مذكرة إعتقال حمراء للانتربول والشواهد كثيرة.
الانقسامات الداخلية وخطر التفكك
مع تصاعد الخلافات داخل تيار "لا للحرب"، بدأت بعض مكوناته تدعم مشاريع سياسية مرتبطة بمليشيا الدعم السريع، بل وظهرت كيانات موالية له في مناطق سيطرته. هذا التوجه يثير تساؤلات حول ما إذا كان التيار لا يزال معارضاً للحرب، أم أصبح غطاءاً سياسياً لمشاريع إعادة تشكيل السودان وفق أمر واقع جديد؟. وهل كان هذا الإنحياز للمليشيا يؤثر على مواقف تقدم قبل إنقسامها وتسبب في تضارب رسائلها الإعلامية للسودانيين؟
الضعف الإعلامي وغياب الرسالة الموحدة
تعاني قوى "لا للحرب" من ضعف إعلامي واضح، إذ تفتقر إلى خطاب موحد ومؤثر يصل إلى الشارع السوداني. عليهم تقديم رؤية تخاطب مخاوف المواطن البسيط. فهل يدركون أن مجرد رفع شعار "السلام" دون ربطه بحلول واقعية ويعالج تفكير المواطن البسيط لن يكسبهم تأييد الشارع؟.
غياب الشفافية وإرث المرحلة الانتقالية
كثير من قادة هذا التيار كانوا جزءاً من المشهد السياسي بعد سقوط البشير، ولم يلبوا تطلعات الشارع حينها. هذا الإرث السياسي يضعف الثقة في خطابهم الحالي، لا سيما في ظل غياب بيانات واضحة منهم في كثير من المواقف أثناء الحرب، بل وتضاربها أحياناً. كذلك لم يوضحوا جهودهم وخططهم لوقف الحرب للشارع السوداني.
"لا للحرب" وحدها لا تكفي
في ظل هذه التحديات، يظل السؤال مفتوحاً كيف يمكن تحقيق السلام دون معالجة الغضب الشعبي الناجم عن الانتهاكات؟ وهل لديهم تصور عملي لنزع سلاح المليشيات مع الطرفين التي باتت أمراً واقعاً؟ إذا كانوا يرفضون التدخلات الخارجية، فلماذا يتجاهلون دعم الإمارات للدعم السريع وهي خطر عليهم أيضاً حيث ترفض وتعيق أي تحول ديمقراطي؟ وأخيراً، إذا انتهت الحرب بسيطرة الطرفين كل على جزء من البلاد، فما هو موقفهم من المستقبل، أم أن "لا للحرب" مجرد شعار لا يتجاوز هذه المرحلة؟
mkaawadalla@yahoo.com
محمد خالد