الجَدَل هو النقاش والمحاجَّة، ويقال إنّ الأوامر العسكريَّة لاَ تَقْبَل الجَدَل، أيّ غير قابلة للأَخذ والرّدّ، وتَجادل المجتمعون: تخاصموا! والجدل لا علاقة له بالحوارات الموضوعيّة، وهو متغلغل في كلّ ما يُحيط بالإنسان من القضايا السياسيّة والدينيّة والأخلاقيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والرياضيّة وغيرها!
ومن أبرز سمات الجدل هي العصبية القائمة على نُصرة المواقف والآراء الشخصيّة والحزبيّة والعشائريّة ولو كانت بعيدة عن الصواب، وهذه النقاشات "الناريّة" تتحوّل، تدريجيّا، إلى حلبات مصارعة، فرديّة وجماعيّة، بعيدا عن العقل والمنطق!
والعراقيّون، كغيرهم من الناس، خاضوا في أوحال الجدل، وقد اختلفت رؤيتهم، قبل العام 2003 وبعده، على الكثير من القضايا الجوهريّة والثانويّة، وللأسف فإنّ غالبيّة جدالاتهم سقيمة، ولأجل الجدال فقط!
وأخطر الأنواع بينهم هي الجدالات الدينيّة، وبالذات حينما يُجادل المُجادِل بما يجهل من أحكام دقيقة، وبعضها يتعلّق بالتكفير والخروج من الدين!
والجدل الدينيّ بين غالبيّة العراقيّين مستمرّ حول قضايا وقعت قبل أكثر من 1400 سنة، وتتعلّق بالأجيال الإسلاميّة الأولى، ولهذا فَهُم في تناحر واضح وكأنّهم، بذواتهم، شاركوا في حيثيّات تلك الأحداث!
وحتّى الجهلة وصلوا لمرحلة الجرأة على الإفتاء والتكفير، وهذا أكبر دليل على الجهل المطبق، وبخصوص التخوّف من الفتوى قال ابن الصلاح: في كتابه "أدب المفتي والمستفتي" (1/74): "هَابَ الفتيا أكابِر العلماء العاملين وأفاضل السابقين، والخالفين، وكان أحدهم لا تمنعه شهرته بالأمانة، مِن أنّ يدفع بالجواب، أو يقول: لا أدري، أو يؤخّر الجواب إلى حين يدري"! فكيف بمَنْ لا يعرف أبجديّات اللغة العربيّة والدين والتاريخ؟
والجدل العراقيّ الآخر البارز هو جدل السياسيّين، الحاليّين والسابقين، فيما بينهم، وبالذّات في الإعلام، والبرامج الحواريّة، ومنصّة أكس!
وحينما نسمع كلام الساسة الذين قرّروا توجيه النقد المباشر لسياسيّين آخرين يتسارع للذهن بعض التساؤلات، ومنها: لماذا لم ينتقدوهم حينما كانوا داخل العمليّة السياسيّة؟ ولماذا يكون النقد بالتلميح وليس بالتصريح؟ ولماذا لا تُقدّم شكاوى عبر القنوات "القانونيّة الوطنيّة"، رغم أنّ غالبيّتها ستُقْبَر في طريق العدالة؟ لكنّ هذه الخطوات أفضل من مجرّد النقد والكلام غير المثمر
وهنالك منذ عدّة أشهر "موضة" جديدة في الإعلام العراقيّ بكافّة أشكاله تتمثّل بالكلام عن تغيير مرتقب، لدرجة أنّ أحدهم قال إنه بمجرّد دخول الرئيس ترامب للبيت الأبيض ستكون "ساعة الصفر للتغيير"، وبدأ يتحدّث عن خطّة تفصيليّة، وتبيّن لاحقا بأنّها مجرّد هواء في شبك!
والتغيير الخارجيّ، البعيد عن السواعد الشعبيّة، لا يحقّق أمنيات الشعوب المظلومة، وسنعود "لنفس الطاس ولنفس الحمّام"، كما يقول المثل الشعبيّ!
والجدل العراقيّ الأخطر الآخر يتمثّل بمناحرات بعض الشخصيّات المعارضة في الخارج، وآخرها قبل عشرة أيّام، حيث اتُّهِم أحد أكبر الشخصيّات المعارضة في واشنطن، من قبل معارض آخر، بأنّه ليس عراقيّا، وبأنّه ضابط في الحرس الثوريّ الإيرانيّ، وغيرها من الاتّهامات، وكأنّ الجدل والمناحرات ولدت وترعرعت في أرض العراق!
وممّا يدخل في الجدل هي النقاشات والأفكار والمشاريع السياسيّة الخياليّة، البعيدة عن الواقع، وهذه دلائل مخيفة على عدم فهم الواقع، ومعلوم بأنّه لا يمكن للمشاريع الوهميّة أن يُكتب لها النجاح!
وكذلك صرنا نرى ثلّة من الشباب تعشق الجدل، وبمجرّد أن انتمى أحدهم لأيّ حزب سياسيّ، أو التقط أحدهم صورة مع أيّ مسؤول، حتّى لو كان من المتّهمين بالإرهاب والفساد، يَتصوّر نفسه صار قياديا ويتكلّم بضمير "نحن" وينشر فعّالياته الشخصيّة العاديّة بصيغ التعظيم: "زرنا، والتقينا، وسافرنا، وحضرنا" وهكذا، وهؤلاء مساكين ضحايا "النفخ السياسيّ الفارغ" وبالمحصّلة سينفجرون على أنفسهم دون تحقيق أيّ مكسب حقيقيّ للوطن والناس!
وغالبيّة الجدل العراقيّ يفتقر للضوابط الموضوعيّة والأخلاقيّة وخصوصا في مواقع التواصل الاجتماعيّ، والتي أسمّيها: مواقع التناحر الاجتماعيّ، والغاية الأبرز من جدالهم هي الإثارة والحصول على ردود الأفعال والإعجابات العبثيّة!
ومن بين الجدالات المجتمعيّة الواضحة قضايا الاتّهامات المستمرّة بالإرهاب والخيانة لأطراف داخليّة وخارجيّة، والسرقات الكبرى لكبار المسؤولين، والأفعال الجدليّة، وآخرها ما فعله قبل أسبوع بعض عناصر الأمن، حيث ظهروا وهم يدوسون العلم السوريّ "الجديد" إلى جانب العلمين "الإسرائيليّ" والأمريكيّ ببغداد!
وهنالك قضايا أخرى نسمع بها في الطروحات والكتابات والخطابات الدينيّة والرسميّة ولكنّها هشّة في الميدان، وأبرزها العدالة الاجتماعيّة وحقوق الإنسان، والتعلّق بالقيم النبيلة وغيرها!
وآخر صور الجدل العراقيّ تمثّل بالجدل القانونيّ عبر إصدار المحكمة الاتّحاديّة، الثلاثاء الماضي، أمرا ولائيّا بإيقاف تنفيذ قوانين العفوّ العامّ، والأحوال الشخصيّة، وإعادة العقارات! وهذا يعني أنّ البرلمان في واد والمحكمة الاتّحاديّة في واد آخر!
وأكثريّة هذه الجدالات مقصودة ومدعومة من بعض السياسيّين، عبر جيوشهم الإلكترونيّة العلنيّة والسرّيّة، لإشغال الناس عن الواقع المضطرب!
وبعيدا عن الجدالات المركّبة فإنّ النقاشات الرصينة هي واحدة من أدوات التلاقح الفكريّ الإنسانيّ، ولهذا يفترض العمل على تنقية حوارات العراقيّين من الجدالات المريضة، والسعي لجعلها نقاشات رصينة ونبيلة، وقائمة على الاحترام والتقدير للمخالف، وبعيدة عن الطعن والاتّهامات الشخصيّة!
وهكذا يُمكن تهذيب الجدل بطرق إنسانيّة راقية ليرتقي إلى مصافّ النقاشات المثّمرة وليكون وسيلة للتبادل الفكريّ، وأداة قوّيّة لتطوير الإنسان والمجتمع والدولة!
x.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجدل النقد العراق العراق اعلام نقد سياسة اتهام مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة أفكار صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجدل العراقی الشخصی ة
إقرأ أيضاً:
من العالم.. عراقي يخدع 8 نساء ويستولي على أموالهم
كشفت امرأة عراقية أن “زوجها تزوج 7 نساء آخريات منهن 3 من بغداد والباقيات من محافظات متفرقة بهدف الاحتيال عليهن”.
وقالت المرأة: “إنهن تواصلن عبر “واتس آب” واكتشفن أنهن جميعا ضحايا للرجل نفسه”.
وأوضحت أنه “استولى منها على 25 مليون دينار عراقي ومبالغ مالية بالعملة الصعبة (دولار أمريكي)، بزعم شراء أرض مشتركة ثم اختفى وأرسل لها ورقة الطلاق”.
وصرحت “بأنه تقدم للزواج حسب التقاليد العراقية وبعد الزواج بـ3 أيام اختفى، ثم ظهر واختفى بعد 15 يوما”، وأضافت أنه “ظهر مرة أخرى ثم اكتشفت أنه متزوج من امرأة أخرى”.
وأشارت إلى أنه “متزوج من 7 نساء زواجا رسميا وبعد شهرين أو ثلاثة يكون قد أخذ ما يريد سواء كان مشروعا أو أموالا ثم يرسل لهن ورقة الطلاق غيابيا”.
وحسب قناة “الشرقية”، استمر “زواج الرجل من نساء لعدة أشهر ولم يتعد زواجه من آخريات أسابيع قليلة، وكان يستأجر مركبات فخمة ليظهر أنه ثري ويقنع النساء بالزواج منه”.
تنويه: حق الرد مكفول
8 زوجات يبحثن على زوجهن المحتال..
اختفاء زوج عقد قرانه على 8 شابات في بغداد و5 محافظات#الشرقية_نيوز pic.twitter.com/CnLIwn5wCK
زلزال قوي يضرب سواحل جزر ريوكيو اليابانية
ضرب زلزال بقوة 5.8 درجة على مقياس ريختر، السواحل بالقرب من مجموعة جزر ريوكيو اليابانية.
وأفاد مركز الأبحاث الألماني لعلوم الأرض “GFZ”، “بأن زلزالا بلغت قوته 5.8 بمقياس ريختر ضرب السواحل قبالة مجموعة الجزر اليابانية ريوكيو، وكان مركزه على عمق 10 كيلومترات، ولم ترد أنباء عن وقوع خسائر مادية أو بشرية”.
هذا “وتعرضت اليابان في منتصف يناير الماضي أيضا إلى زلزال بقوة 6.6 درجة على مقياس ريختر، كما أصدرت السلطة آنذاك تحذيرا من احتمال وقوع تسونامي”.
سيارة تقتحم مقر وكالة لبيع السيارات بولاية كاليفورنيا الأمريكية
أصيب ثمانية أشخاص، “إثر اقتحام سيارة لفرع لشركة “كارماكس” في مدينة لوس أنجلوس، جنوب ولاية كاليفورنيا الأمريكية”.
وقال المتحدث باسم إدارة الإطفاء في مدينة لوس أنجلوس، جوناثان توريس، إن “شخصين أصيبا بجروح خطيرة في الحادث الذي وقع في وكالة بيع السيارات بمدينة إنغليوود، بينما تعرض ستة آخرون لإصابات طفيفة”.
“جهاز الخدمة السرية” يطلق النار على رجل قرب البيت الأبيض
قال جهاز الخدمة السرية، في الولايات المتحدة، إن “أفراده أطلقوا النار على مسلح خارج البيت الأبيض”.
وذكر الجهاز أن “الحادث وقع بعد منتصف ليل الأحد بقليل بعد “مواجهة مسلحة” مع قوات إنفاذ القانون”.
وحسب تقارير إعلامية، فإن “المواجهة وقعت بالقرب من تقاطع شارع 17 وشارع F شمال غرب، على بعد أقل من خمس دقائق سيرا على الأقدام من البيت الأبيض”.
وأوضحت مصادر أن “الشرطة المحلية أبلغت عن “شخص انتحاري” ربما كان مسافرا إلى واشنطن العاصمة من إنديانا، وعثر ضباط الخدمة السرية على سيارة الرجل ورصدوا شخصا سيرا على الأقدام يطابق وصف الشرطة المحلية”.
وقال جهاز الخدمة السرية: “عندما اقترب الضباط، رفع الشخص سلاحا ناريا، وتبع ذلك مواجهة مسلحة، أطلق خلالها أفرادنا النار”.