حمزة نمرة يصعد سلم الموسيقى بهدوء
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
حقق ألبوم "رايق" للمطرب المصري حمزة نمرة على اليوتيوب ما يقارب 15 مليون مشاهدة حتى الآن من بين نحو مليار مشاهدة حققتها مجمل أغانية في ألبوماته الستة التي أصدرها منذ انطلاقه في عالم الغناء.
وينفرد الألبوم الجديد بكونه صنع حالة خاصة من الجماهيرية جعلته يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي طوال الأسابيع الثلاثة الماضية.
حمزة نمرة -الذي عاد إلى مصر من لندن العام الماضي- قدم مجموعة من الأغاني تستحق التوقف عندها بسبب الجماهيرية وردود الفعل الإيجابية التي حققتها خلال الفترة الماضية، بحثا عن أسرار ذلك التواصل في ألحانه وكلماته واختياراته.
رغم التحولات التي مرت بها رحلة حمزة نمرة إلا أن علاقته بجمهوره اتخذت مسارا هادئا، بدا وكأنه محاولة للتواصل بشكل مختلف عن غيره من المطربين، وهو اختلافٌ تأكد بالتدريج عبر الزمن في غناء وموسيقى واختيارات كلمات أغانيه. لم يكن ذلك الاختلاف فعلا متعمدا يهدف إلى تسويق أغانيه بقدر ما كان جزءا من طبيعته كشخص.
ولعل ذلك الحزن العميق الذي يسكن ألحانه يرتبط بشكل ما بالحرمان من الأم التي رحلت بينما كان في العاشرة من عمره، وتلك المساحة الإنسانية الأكثر اتساعا في موضوعات أغانيه تعود لولادته في مدينة "الدرعية" بالمملكة العربية السعودية، ثم قضائه طفولته في مدينة الرياض، وأخيرا عودة الأسرة إلى الإسكندرية بانفتاحها وآفاقها الممتدة عبر البحر من جهة وعمقها وتنوعها الاجتماعي من جهة أخرى.
يتكون الألبوم الجديد من 13 أغنية، يصدر منها حمزة أغنيتين مساء الأربعاء من كل أسبوع، وقد صدرت منه ثمانِ أغانٍ، هي "رايق" و"إسكندرية"، و"غروب"، و"رياح الحياة"، و"أنا الطيب"، و"لعله خير"، و"شيخ العرب"، و"مش سليم".
مش سليمتحوي أغنية "مش سليم" أشد جرعات الحزن قسوة في الألبوم، ذلك أنه حزن مفعم بالندم والخسارة، وقدر من الغضب الذي يتفاعل داخل وجدان شخص مقهور، إنها قصة ما قد تكون علاقة رومانسة أو علاقة عمل أو حتى صداقة افترست روح صاحبها، وقاوم حتى تحرر منها، وقرر أن ينسى خساراته.
لكن شيئا ما يقف في طريق النسيان الكامل وتحرر الروح من آلامها، ذلك أن خساراته أعادته إلى نقطة البداية، فأصبح يشبه سيزيف، بطل الأسطورة الإغريقية الذي ظل يرفع الصخرة إلى قمة المنحدر لتسقط ويعود ليرفعها، وهكذا لمدة 30 عاما عقابا له على سرقة النار.
يقدم حمزة غضبا راقيا، وتتسق الموسيقى التي تنضح بالحيوية وتحمل غضبا ممزوجا بالهدوء لشخص لا يخرج غضبه للخارج.
جزء كان تعبان وخف، وجزء لسه للأسف،
كان زمان عفريت دفنته، بعد فترة رجعلي ألف،
مش يا ماضي لسه سايبك،
إيه بقى تاني اللي جايبك
لا ينفرد الشاعر محمود توفيق بتلك الحالة، وقد لا تكون حالته الخاصة، لكنه صادفها ليكتب عنها، لأن الأغنية أشبه بمرآة لوجدان الآلاف الذين علقوا على مواقع التواصل الاجتماعي بمبالغة خفيفة الظل قائلين إن حمزة نمرة يراقب حياتهم بكاميرات، ويعود إلى بيته ليكتب ويلحن الأغنيات، ومن ثم يطرحها على يوتيوب، فيكشف بذلك أسرارهم الخاصة، ويعودون هم إلى غرفهم الخاصة ليستمعوا إلى ما قدمه نمرة عنهم.
أنا الطيبيختار حمزة الفكرة، ويتحدث إلى شاعره المفضل محمود توفيق، الذي يتفاعل معها بدوره، وفي أغنية "أنا الطيب"، لم يكن حمزة يعبر عن نفسه فقط، ولكنه كان يعبر عن جيل كامل يحاول أن يبدو شرسا وقويا لينتزع حقوقه التي يعرف جيدا أنها ستنهب منه إذا بدا عليه الضعف.
أنا الطيب وعامل فيها مش طيب
عشان الناس بقت بتدوس على الطيب
ومين كان حس بينا يا دمعي يا قريب
بامثل إني مش طيب عشان إنتو
ديابة ولازم أنتش لقمتي منكو
وليه يا زمن بقى الطيب بيتعيب
تضيق الرؤية حين ينفرد الشخص بالأغنية التي يقدمها حمزة بلحن يعلن خلاله بذكاء وهدوء التحدي للأغنية الشعبية السائدة، وكما يقترب بكلماته من السمت الشعبي، فإن اللحن يدعي انتماء واضحا للطرب الشعبي بالمفهوم الراقي.
وتبقى الكلمات التي تحمل شحنة غضب وحزن ولوم شديدة الخصوصية، وخاصة لجيل يشعر أنه ضحية تحولات وتقلبات لا ذنب له فيها.
غروبعلى عكس التيار السائد في الغناء العربي، لا يؤمن حمزة أن الحب مجرد علاقة رومانسية بين رجل وامرأة، لكنه ذلك الهواء الذي يتنفسه البشر في كل أنواع العلاقات الإنسانية.
فهو بين الآباء والأبناء وبين الشخص ووطنه، ورغم ذلك يعترف في حواراته التلفزيونية القليلة أن الأغاني العاطفية نوع موجود وله محبوه، لكنه اختار أن يقدم الحب بإطاره الأكثر اتساعا، وهو ما يمنحه مساحة أكبر من الحرية.
جوايا ليكي اللي لسه ما قلتهوش
علشان كلام الحب كله ما يوصفوش
ولو قلوب الناس تغيرها الحياة
أنا حبي ليكي الزمن ما يغيروش
في أغنية "غروب"، يبدو الأمر مختلفا قليلا، إذ يمكن للمستمع أن يقف مراقبا مشهد الغروب على الشاطئ، ويتذكر قصة حب قديمة، وحبيبة رحلت وتركت جرحا لكنه قد يتذكر وطنا، أو أما رحلت دون وداع.
ورغم جمال الصور التي تشكلها كلمات الأغنية، فإنه تم تصويرها ببساطة قد تكون مخلة، إذ ترك للخيال رسم الصورة، وجلس في مواجهة الكاميرات التي صورته مع الآلة التي يعزف عليها من زوايا مختلفة وبدرجات إضاءت وتنويعات جميلة، لكنها تبقى بعيدة عن صور الأغنية نفسها، وهو أمر قد لا يتسق مع تقاليد فيديوهات الأغاني الحديثة، لكنه يتسق بالتأكيد مع فكرة السماع.
شيخ العربيواصل حمزة نمرة التحدي دون صياح، فيقدم أغنية شيخ العرب، وهي أقرب من حيث اللحن والكلمات إلى اللون البدوي، ويبدو وكأنه يجمع أطراف خريطة مصر من الصعيد إلى البدو إلى الفلاحين، وأخيرا الإسكندرية التي يقدم أغنية باسمها.
شيخ العرب يوم ناداني وصاني أجمل وصية
خليتها حلقة فوداني تنفعني في الدنيا دية
قالي أخوك لن يخونك دة نفس دمك ولونك
قول أخ تلقاه فعونك بيقول ياريت تيجي فيا
حكمة شيخ العرب التي يغنيها حمزة تبدو وكأنها تراث شعبي من حيث اللحن والكلمات، ورغم ذلك فإن أصالتها مؤكدة، ما يعني معرفة واطلاعا شاملا على التراث والاحتفاظ بملامح الأغنية منذ بداياتها مع التأكيد على التحديث، والمزج بكل أنواع الموسيقى من دون التخلي عن الهوية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حمزة نمرة أنا الطیب شیخ العرب
إقرأ أيضاً:
فلسطينيو سوريا في لبنان يعيشون النكبة مرتين
ويواجه الطفل حمزة، المقيم في مخيم مار إلياس ببيروت، تحديات تفوق عمره الصغير، وتكشف قصته، التي يعرضها برنامج "ضحايا وأبطال"، الذي يبث على منصة "الجزيرة 360" مأساة توارث اللجوء عبر الأجيال.
ويقول حمزة: "منذ أن وصلت إلى أزقة هذا المخيم، فهمت أن الوطن لمثلي مسألة كبيرة ومعقدة. لا أفهم لماذا يخبرونني أنني سوري ثم فلسطيني، وفي الحالتين يقولونها وكأنها تهمة".
ويضيف: "أفكر في جدي الذي ينتظرني في سوريا وينتظر من هناك عودته إلى طبرية في فلسطين، ولا أعرف ما علي فعله، أأسبقه إلى طبرية أم نعود إليه في سوريا؟"
وتكشف قصة حمزة ظاهرة "توريث اللجوء" في المجتمع الفلسطيني، حيث يعيش اللاجئ الفلسطيني في سوريا ولبنان بوثيقة لجوء ولا يحصل على جنسية البلد المضيف حتى لو ولد فيه.
ويرث الأبناء تاريخ اللجوء الأول من أجدادهم، فيجد الطفل نفسه مسجلا لاجئا منذ عام 1948 رغم أنه لا يبلغ من العمر سوى بضع سنوات.
وعقب الحرب السورية، لجأ عشرات الآلاف من الفلسطينيين مجددا إلى لبنان، وبقي منهم اليوم، بحسب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، نحو 29 ألفا يخشون العودة إلى سوريا، بعضهم لأسباب أمنية وآخرون بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية في البلدين.
إعلان
خيارات صعبة
ويقول والد حمزة للبرنامج: "دخلت لبنان في 2017 بصفة رسمية عبر الأمن العام، لكن تجديد الإقامة يتطلب مبالغ كبيرة، وكانت التكلفة 350 ألف ليرة لبنانية كل 6 أشهر، ثم ارتفعت إلى مليون ومئة ألف، والآن وصلت إلى مليوني ليرة، مما يعني أنني أحتاج إلى أكثر من 20 مليون ليرة كل 6 أشهر لتجديد إقامات العائلة كلها".
ويقول رئيس رابطة فلسطينيي سوريا: "نحن أقدم شعب لاجئ على وجه الأرض، وشعرنا منذ قدومنا إلى لبنان بالحاجة إلى صوت يوصل معاناة الفلسطيني وفقره وعدم حصوله على أدنى مقومات الحياة".
ويضيف: "يقطن معظم اللاجئين في أماكن غير صالحة للسكن، وحتى في المخيمات، البيوت غير صحية".
وتنعكس هذه الظروف القاسية على طموحات الأطفال مثل حمزة، الذي يقول: "كلما أخبرتهم عن طموحاتي عندما أكبر، أخبروني أن هذا صعب وذاك أصعب، فقط لأنني فلسطيني".
بينما يضيف والده: "نحن كفلسطينيين ليست لدينا آفاق مستقبلية، قد أستطيع تعليم ابني في الجامعة، لكن فرص توظيفه شبه معدومة".
وبالحديث عن الخيارات المتاحة يقول رئيس الرابطة: "الهجرة غير الشرعية صارت خيارا للبعض رغم مخاطرها، فمن الصعب أن تعرف أن ابنك قد يغرق في البحر أو تجده في الغابة بعد يومين قد افترسه حيوان، ولكن اليأس يدفع الناس إلى هذه المخاطرة".
22/12/2024