توصلت دراسة حديثة إلى وجود ارتباط مثير بين الإمساك المزمن والتدهور المعرفي، مما يفتح الباب لفهم أعمق حول العلاقة بين صحة الأمعاء ووظائف الدماغ. 

وكشفت ثلاث دراسات مستقبلية شارك فيها أكثر من 100 ألف شخص، أن الأفراد الذين يعانون من الإمساك المزمن، أي الذين يمرون بثلاثة أيام أو أكثر دون حركة أمعاء، معرضون لخطر أكبر بنسبة 73% للإصابة بتدهور معرفي.

يُعتبر هذا البحث جزءًا من مجموعة متزايدة من الأدلة التي تشير إلى أن ميكروبيوم الأمعاء قد يكون له دور في صحة الدماغ، حيث يعتقد الباحثون أن تراكم البكتيريا الضارة في الأمعاء قد يكون العامل الرئيسي في التأثير على القدرات المعرفية.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة لم تُثبت علاقة سببية مباشرة بين الإمساك والتدهور المعرفي، بل ربطت بينهما من خلال ملاحظة ارتباطات في النتائج.

البحث يسلط الضوء على أهمية صحة الأمعاء

الإمساك المزمن، الذي يعاني منه نحو 16% من سكان العالم، يعد من الظواهر الشائعة، خاصة بين البالغين. ومن المعروف أن عوامل مثل قلة النشاط البدني وعدم تناول كمية كافية من الألياف تلعب دورًا كبيرًا في تفاقم هذه المشكلة. تاريخيًا، تم ربط الإمساك بالعديد من المشاكل الصحية، مثل اضطرابات المزاج والالتهابات، لكن هذا البحث أضاف بعدًا جديدًا يتعلق بالوظائف الإدراكية.

وفقًا لأنجالي باتيل، دكتوراه في الطب، أخصائية الأعصاب الإدراكية في معهد الأطلسي لعلوم الأعصاب، فإن العلاقة بين الإمساك والتدهور المعرفي قد تكون مرتبطة بتغييرات في ميكروبيوم الأمعاء. حيث أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يعانون من حركة أمعاء غير منتظمة يشهدون انخفاضًا في البكتيريا المفيدة التي تنتج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة (SCFAs)، وهي مركبات تدعم صحة الأمعاء وتحميها من الميكروبات الضارة.

آثار الإمساك على الدماغ: فحص جديد للأدلة

بينما لم تُثْبِت الدراسة علاقة سببية حاسمة، فإن الارتباط بين الإمساك والتدهور المعرفي لا يزال يستحق الاهتمام. يعتقد الباحثون أن الإمساك قد يكون بمثابة مؤشر مبكر على التغيرات الصحية التي تحدث في الدماغ، ما يستدعي من الأطباء النظر في التغيرات في عادات الأمعاء كجزء من تقييم الصحة العامة للمرضى، بما في ذلك الصحة المعرفية.

"الأمر لا يتعلق فقط بمشاكل الجهاز الهضمي، بل قد تكون هذه هي أولى الإشارات على وجود مشكلة صحية أوسع"، يقول جيفري يوبانك، أستاذ الأعصاب في نظام صحة أوهايو. ويضيف أن الكشف المبكر عن مشاكل الأمعاء قد يساعد في اتخاذ إجراءات وقائية مبكرة ضد الأمراض العصبية مثل الزهايمر.

الوقاية والتدابير العملية

رغم أن الدراسة لا تؤكد بشكل قاطع أن الإمساك هو سبب التدهور المعرفي، إلا أن الوقاية منه قد تسهم في تعزيز صحة الدماغ بشكل عام. وللوقاية من الإمساك، يُوصى بالتركيز على الترطيب الجيد، حيث يجب شرب ما لا يقل عن 64 أونصة من الماء يوميًا. كما ينصح بزيادة تناول الألياف في النظام الغذائي، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتبني أسلوب حياة يقلل من التوتر.

كما يمكن للمكملات الغذائية التي تحتوي على البروبيوتيك والبريبايوتيك أن تكون ذات فائدة في الوقاية من الإمساك، بالإضافة إلى أدوية المغنيسيوم التي ثبت فعاليتها لدى العديد من الأشخاص. وعلاوة على ذلك، تعتبر التغذية السليمة، مثل اتباع النظام الغذائي المتوسطي، والتقليل من التوتر والحصول على نوم كافٍ من العوامل المساعدة في الحفاظ على صحة الدماغ والجهاز الهضمي على حد سواء.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإمساك مكملات الغذاء الميكروبات الضارة قلة النشاط البدني 100 ألف شخص الصحة العام الأمعاء الالتهاب الصحة العامة اضطرابات المزاج الإمساک المزمن

إقرأ أيضاً:

“صيام العصير”.. دراسة تحسم الجدل حول تأثير هذه الحمية على الصحة

الولايات المتحدة – وجدت دراسة أن النظام الغذائي القائم على عصائر الخضروات والفواكه، حتى وإن استمر لثلاثة أيام فقط، يمكن أن يسبب تغييرات في بكتيريا الأمعاء والفم المرتبطة بالالتهابات وتدهور الإدراك.

ويعرف النظام الغذائي القائم على عصائر الخضروات والفواكه، باسم “تطهير العصير” أو “صيام العصير”، وهو حمية غذائية قاسية، حيث يستهلك الشخص عصائر الفواكه والخضار فقط بينما يمتنع عن تناول الطعام الصلب. ويتم استخدام هذه الحمية لـ”إزالة السموم” من الجسم، ويمكن أن يستمر هذا النظام الغذائي عادة لمدة تتراوح بين يومين إلى سبعة أيام.

وفي الدراسة الحديثة، قام علماء من جامعة نورثوسترن بدراسة ثلاث مجموعات من البالغين الأصحاء. وتناولت مجموعة واحدة العصير فقط، بينما تناولت مجموعة أخرى العصير مع الأطعمة الكاملة، وتناولت المجموعة الثالثة الأطعمة النباتية الكاملة فقط.

وجمع العلماء عينات من اللعاب ومسحات من الخد والبراز قبل وأثناء وبعد النظام الغذائي لتحليل التغيرات البكتيرية باستخدام تقنيات تسلسل الجينات.

وأظهرت مجموعة العصير فقط أكبر زيادة في البكتيريا المرتبطة بالتهاب الأمعاء ومرونتها، في حين شهدت مجموعة الأطعمة النباتية الكاملة تغييرات ميكروبية أكثر إيجابية. أما مجموعة العصير مع الطعام، فقد شهدت بعض التحولات البكتيرية، لكنها كانت أقل شدة مقارنة بمجموعة العصير فقط.

وتشير هذه النتائج إلى أن شرب العصير من دون الألياف قد يعطل الميكروبيوم، ما يؤدي إلى عواقب صحية طويلة الأمد.

وقالت المؤلفة الرئيسية للدراسة، الدكتورة ميليندا رينغ، مديرة مركز أوسهير للصحة التكاملية في كلية الطب بجامعة نورثوسترن والطبيبة في نورثوسترن ميديسن: “يفكر معظم الناس في صيام العصير كوسيلة لتنظيف الجسم، لكن هذه الدراسة تقدم واقعا مختلفا”.

وأضافت: “تناول كميات كبيرة من العصير مع القليل من الألياف قد يؤدي إلى اختلالات في الميكروبيوم قد تكون لها عواقب سلبية، مثل الالتهابات وتدهور صحة الأمعاء”.

ويزيل العصير جزءا كبيرا من الألياف الموجودة في الفواكه والخضروات الكاملة، وهي الألياف التي تغذي البكتيريا المفيدة التي تنتج مركبات مضادة للالتهابات مثل بيوتيرات.

ومن دون الألياف، يمكن للبكتيريا المحبة للسكر أن تتكاثر. والمحتوى العالي من السكر في العصير يعزز من هذه البكتيريا الضارة، ما يخل بتوازن الميكروبيوم في الأمعاء والفم.

وتشير الدراسة أيضا إلى أن تقليل تناول الألياف قد يؤثر على التمثيل الغذائي والمناعة وحتى الصحة العقلية.

وعلى عكس ميكروبيوم الأمعاء الذي ظل مستقرا نسبيا، أظهر الميكروبيوم الفموي تغيرات كبيرة خلال النظام الغذائي المعتمد على العصير فقط.

ووجد العلماء انخفاضا في بكتيريا Firmicutes المفيدة وزيادة في بكتيريا Proteobacteria، وهي مجموعة بكتيرية مرتبطة بالالتهابات.

وقالت رينغ: “هذا يسلط الضوء على كيفية تأثير الخيارات الغذائية بسرعة على مجموعات البكتيريا المتعلقة بالصحة. ويبدو أن الميكروبيوم الفموي هو مقياس سريع لتأثير النظام الغذائي”.

وتشير النتائج إلى الحاجة إلى مزيد من الأبحاث حول كيفية تأثير صيام العصير والأنظمة الغذائية الأخرى على الميكروبيوم، خاصة لدى الأطفال الذين غالبا ما يتناولون العصائر كبديل للفواكه.

نشرت الدراسة في مجلة Nutrients.

المصدر: ميديكال إكسبريس

مقالات مشابهة

  • دراسة جديدة تفاجأ عشاق القهوة من حول العالم
  • دراسة تكشف دور الألياف في عملية الهضم وتأثيرها على التبرز
  • دراسة جديدة تكشف كيف تؤثر بكتيريا الأمعاء على الإستفادة من الألياف
  • تؤثر على تركيز الدماغ.. دراسة صادمة عن الشموع رمز الاحتفال
  • دراسة جديدة: المصابون بفيروس كورونا المستجد معرضون لمتلازمة التعب المزمن
  • دراسة تكشف طرق تعزيز صحة الأمعاء ضد العدوى
  • العلماء الروس يكتشفون علاقة بين بنية الدماغ ومرض التوحد لدى الأطفال
  • دراسة رائدة تكشف سر تميز أدمغة البشر عن بقية الكائنات
  • “صيام العصير”.. دراسة تحسم الجدل حول تأثير هذه الحمية على الصحة