سعيا خلف حلم الساحرة المستديرة.. شباب يقعون ضحية الاتجار بالبشر
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
بعد أشهر طويلة من التحقيق، أنقذت الشرطة الوطنية ودائرة الأجانب والحدود البرتغالية، حوالي 40 شابا، من بينهم 36 قاصرا، حيث كانوا محتجزين قسرا في أكاديمية كرة قدم، في "Riba d’Ave" بالقرب من "Vila Nova de Famalicao".
هزت هذه الواقعة الوسط الرياضي في البرتغال، خاصة بعد تحديد خمسة متهمين حتى اللحظة، من بينهم أحد الشخصيات البارزة في كرة القدم البرتغالية، ماريو كوستا، رئيس الجمعية العامة للدوري.
وقال بيدرو سانتوس، العامل في اتحاد "إسبيرانكا" الذي يعمل مع المهاجرين القصر، ومنهم من كانوا في أكاديمية "بي سبورتس"، إن "هذا النوع من الممارسات شائع جدا في عالم كرة القدم". وأضاف "تعمل شبكات كبيرة من مهربي البشر، غالبا ما تكون قريبة من المسؤولين عن الأندية أو الاتحادات أو الوكلاء، بطريقة منظمة لتجنيد آلاف الشباب، ثم جلبهم إلى أوروبا، معظمهم من أفريقيا ومن أمريكا الجنوبية، مما يمنحهم الوهم بأن يصبحوا لاعبي كرة قدم محترفين".
وأضاف "الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن عدد هذه الحالات في ازدياد مستمر، وأن المهربين والمتجرين ليس لديهم حدود، وسيحاولون تجنيد الشباب ومصادرة وثائق هؤلاء القصر وجوازات السفر وأوراق الهوية، من أجل الاحتفاظ بهم بأي ثمن". وبهذا، يصبح هؤلاء الشبان معزولين وتحت رحمة المتجرين بهم.
"عدد الشكاوى في ازدياد، حوالي 500 منذ بداية 2023"
وفي اتصال مع مهاجرنيوز، قال المفتش باولو ب.، من الشرطة القضائية في بورتو، والذي كان يعمل على القضية منذ عدة أشهر، "إن هذه الممارسات باتت متكررة أكثر فأكثر. يتجلى ذلك في تزايد عدد الشكاوى الواردة بشأن قضايا القصر المحتجزين ضد إرادتهم في هياكل تدريب كرة القدم. السلطات قلقة وتحاول مكافحة هذه الظاهرة على الرغم من محدودية الإمكانيات".
وشرح "منذ عام 2010، تلقينا أقل من 50 شكوى كل عام من شباب يشكون من وضعهم في مراكز تدريب أكاديمية كرة القدم الخاصة، وحاولنا التحقيق في الأمر مباشرة، حتى لو تراجع بعض الشباب عندما أردنا استجوابهم".
واستدرك المفتش "ولكن منذ حوالي عامين، تضخّم عدد الشكاوى، تلقينا بالفعل حوالي 400 إلى 500 شكوى منذ بداية عام 2023. وقادنا بعضها إلى أكاديمية بي سبورت، لكنني أعتقد أن هذا هو الجزء المرئي فقط مما يحدث، ظاهرة الاتجار بالبشر في كرة القدم تأخذ نطاقا مجنونا، ويجب علينا حماية شبابنا الضعفاء والذين يتلاعب بهم المجرمون".
عبده، من حلم كرة القدم إلى المعاناة في أكاديمية "بي سبورت"
تحت رعاية الخدمات الاجتماعية البرتغالية ، يحاول لاعبو كرة القدم الشباب ممن كانوا في أكاديمية "بي سبورت" إعادة بناء أنفسهم، والعثور على حياة طبيعية بعد المحنة التي مروا بها في الهيكل الرياضي الخاص.
عبده*، يبلغ 17 عاما يتحدر من غينيا بيساو، تم جلبه من قبل وسيط جاء لاصطحابه إلى البرتغال في صيف عام 2021. انطلاقاً من إيمانه بحلمه بأن يصبح يوما ما نجما في ناديه المفضل، برشلونة، انضم في سن الـ14 إلى أكاديمية محلية في بلاده يقودها مدرب برتغالي.
يتذكر قائلاً "بعد بضعة أشهر، أخبرني أنه ليس لدي ما أفعله هنا، وأنه يتعين علي الذهاب إلى أوروبا للتقدم وأن لدي موهبة هائلة". ويضيف "أخبرني بعد ذلك عن أكاديمية في البرتغال، تربطه بإدارتها علاقات جيدة للغاية، كما أنه التقى بوالدي حتى أتمكن من السفر وبالتالي محاولة تحقيق حلمي".
اقتنع عبده ووالداه بخطاب المدرب الأوروبي، الذي تمكن من الحصول على تأشيرة لبضعة أشهر للطفل في حينه. وبدأ عبده في رؤية مستقبل أفضل له ولأسرته. يقول "كنت متحمسا للغاية، ومستعدا لبذل كل شيء للعمل الجاد ولجعل عائلتي فخورة. لقد ساهم الجميع في دفع ثمن تذكرة الطائرة، بالإضافة إلى المبلغ الذي طلبه منا المدرب لتغطية التكاليف الإدارية للتأشيرة. والديّ أخذا قرضا من المصرف، ووجدت نفسي في شمال البرتغال في تموز/يوليو 2021، عندما كان عمري 15 عاما".
"تكاليف إضافية"
في "أكاديمية بي سبورت"، التقى عبده بحوالي 50 شابا من السنغال وغينيا وأنغولا وبوركينا فاسو، وكذلك كولومبيا والبرازيل. مضت الأسابيع الأولى بشكل جيد، ولكن بدءا من شهر أيلول/سبتمبر، ظهرت أولى العلامات المقلقة.
وقال "ذات يوم، جاء أحد المسؤولين لرؤيتي وليخبرني أنه يتعين علي دفع مبلغ إضافي للبقاء، على الرغم من أنه لم يتم إخباري بذلك قبل مجيئي إلى هنا. اعتقدت أنه كان هناك خطأ، لكن طلب مني الاتصال بأسرتي لدفع حوالي 1000 يورو كتكاليف إضافية، كنت قلقا للغاية لأنه مبلغ كبير، وأعلم أن والديّ غارقان في الديون".
دفع والدا عبده المبلغ، واستمر الشاب في التدريب الجاد، على الرغم من نقص الطعام في بعض الأيام. وتعرض الشبان لضغوط من بعض المدربين، بالإضافة إلى الإهانات والانتقادات. والأسوأ من ذلك، صادرت إدارة الأكاديمية جوازات السفر وغيرها من وثائق الهوية الخاصة بهم، مما منعهم من التنقل أو رؤية عائلاتهم إذا سنحت لهم الفرصة.
"الأكاديمية بدت وكأنها سجن"
يتابع عبده "لعدة أشهر، منعوني من التحدث إلى عائلتي. أراد ابن عمي شراء تذكرة لي للعودة إلى بيساو لبضعة أسابيع لرؤية عائلتي، لكن الإدارة لم تسمح لي بالحصول على جواز سفري. لقد استسلمت لفكرة أنني كنت محاصرا، وأن علي مغادرة هذه الأكاديمية التي بدت وكأنها سجن أكثر من أي شيء آخر".
فقد عبده وزنه، وبدأ يعاني من الاكتئاب، بالتوازي مع محاولاته لإيجاد مخرج للهروب مع بعض رفاقه. استمر الشبان على هذا الحال، حتى منتصف حزيران/يونيو 2023، عندما تمكنت الشرطة البرتغالية أخيرا من إطلاق سراح 47 شابا كانوا تحت وطأة المتجرين بالبشر.
يصف عبده شعوره قائلا "كان ذلك بمثابة الضوء في نهاية النفق. قضيت ما يقرب من عامين في هذه الفوضى، ولم أستطع رؤية نهاية معاناتي. الآن، يجب أن أعيد بناء نفسي وأجد الأمل من أجل محاولة عيش حياة طبيعية، وربما أصبح لاعب كرة قدم إذا أتيحت لي الفرصة ". ويكمل مبتسماً "لكنني أريد أيضا أن تكون شهادتي هذه مفيدة، وأن يتم نشر كلماتي حتى يتم فضح هذا النوع من القصص من أجل مكافحة هذه الممارسات الإجرامية. الأرواح والأحلام تحطمت، والشباب وأسرهم يتعرضون للاستغلال. هذا غير إنساني، ويجب عمل كل شيء لمنع ذلك".
مهاجر نيوز 2023
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: فی أکادیمیة کرة القدم
إقرأ أيضاً:
ليلة مقتل "طفل الخصوص".. راح ضحية حلمه فى شراء حذاء كرة قدم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
"خطف و طلب فدية و خنق بالحبال".. هذا ليس مشهداً من فيلم رعب بل كانت الليلة الأخيرة التى قضاها الطفل سيف ذو الـ١١ عاما، بين ايدى قاتله، داخل منطقة الخصوص.
لم يكن "سيف هشام"، الطفل ذو الأحد عشر عامًا، يدرك أن صباح يومه سيحمل النهاية المأساوية لأحلامه الصغيرة، ولضحكته التي أضاءت منزل عائلته.
كان يومًا عاديًا، مملوءًا ببراءة الأطفال وألعابهم البسيطة، قبل أن تتحول تلك البراءة إلى ألم ومأساةٍ بسبب الجشع والقسوة.
البراءة تتبدل إلى قسوه
في صباحٍ شتويٍّ هادئ، خرج "سيف" للعب مع أصدقائه كعادته، مبتسمًا، مليئًا بالحيوية.
كان حلمه البسيط هو الحصول على حذاء رياضي جديد لممارسة كرة القدم، التي كانت شغفه الأول.
ولكن في لحظة، انقلبت حياته رأسًا على عقب، حين واجهه "أحمد"، النقاش البالغ من العمر 24 عامًا، بابتسامةٍ مزيفة وكلماتٍ معسولة أوهمته بالأمان.
استدرجه الجاني بمكرٍ شيطاني، مدّعيًا أنه اشترى له هديةً صغيرة.
لم يكن "سيف" يعلم أن هذه الكلمات اللطيفة ستأخذه بعيدًا عن حضن أمه، إلى مكانٍ سيحمل نهايته المأساوية.
خطة الشيطان"أحمد" لم يكن عاديًا، كان شابًا خاضعًا لنزوات الطمع والجشع، قرر استغلال براءة طفلٍ لا حول له ولا قوة لتحقيق مكاسب مادية.
خطط جريمته بدقة، استأجر مسكنًا منعزلًا وجهّزه ليكون مسرحًا لجريمته الشنيعة. لم يتوانَ عن استغلال ثقة الطفل، متخذًا منه رهينةً لتحقيق مطالبه من أسرته.
ولكن حين بدأت محاولات الطفل للاستغاثة، تحول المشهد إلى مأساة. لم يرحم "أحمد" ضعف الطفل أو خوفه، بل أطبق بيديه على عنقه، حتى أفقده وعيه، قبل أن يجهز عليه بالحبل.
العدالة تقتص من المتهم
بعد شهور من الألم الذي عانته عائلة "سيف"، أصدرت محكمة جنايات شبرا الخيمة حكمها التاريخي. جاء القرار بإحالة أوراق الجاني إلى فضيلة مفتي الجمهورية، تمهيدًا لإعدامه.
لقد نطقت العدالة أخيرًا باسم الطفل الذي صرخ في صمت، وباسم أُسرته التي لم تُطفأ نار حزنها بعد.
أمر الإحالة يكشف كواليس القضية
وكان كشف أمر الإحالة أن المتهم:- "أحمد س ا خ م" 24 سنة، نقاش، في القضية رقم 172 لسنة 2024 جنايات قسم الخصوص والمقيدة برقم 2 لسنة 2024 كلي جنوب، في يوم 10 / 12 / 2023 بدائرة قسم شرطة الخصوص بمحافظة القليوبية قتل عمدا مع سبق الإصرار الطفل سيف هشام رجب، البالغ من العمر إحد عشر سنة، بأن عقد العزم وبيت النية على قتله ويباعث التستر على جريمة خطفه وأعد لهذا الغرض مسكن استأجره وأداه "حبل".
ونفاذاً لذلك استدرجه تحايلاً إلى المسكن المار بيانه وما أن حاول المجني عليه المقاومة والاستغاثة أطبق بيديه على عنقه كاتماً لأنفاسه حتى أفقده الوعي ولم يردعه ضعف قوته وقلة حيلته بل والى بطشه وطغيانه وطوق جيده بالحبل شائقاً أياه قاصداً قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، المرفق بالأوراق، والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات.
وتابع أمر الإحالة اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى تقدمتها إذ أنه في ذات الزمان والمكان خطف الطفل المجني عليه سالف الذكر بالتحايل مستغلا صغر سنه وعدم تمييزه - وبباعث طلب فدية من ذويه - بأن توجه إلى مسكنه وأوهمه بأنه قام بشراء ملابس وأدوات رياضية له لبث الطمأنينة في نفسه قبله وطلب منه الذهاب رفقته لمسكنه لتسليمه إياها فوثق فيه الصغير فاستدرجه إلى المسكن المستأجر المعد سلفاً - الخالي من الأشهاد - وأبعده لمكان قصي عن بيئته وذويه وارتكبت جناية القتل بقصد التخلص من عقوبة تلك الجريمة على النحو المبين بالتحقيقات وهو الأمر المعاقب عليه بالمادة 2021/290 من قانون العقوبات.
وأشار أمر الإحالة الى أنه أحرز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص (حبل) دون مسوغ قانوني من الضرورة المهنية أو الحرفية.