عالم يحترق.. ظواهر طبيعية وأنشطة تهدد البشرية ودراسات تحذر من الثمن الباهظ
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
الظواهر الطبيعية والبيئية غير المسبوقة أصبحت مشهداً متكرراً داخل بعض الدول، بسبب تأثير التغير المناخى المتزايد خلال السنوات الأخيرة، وهو ما حذرت منه الدراسات والتقارير العالمية، ونبّهت دول العالم للنظر إلى قضية التغيرات المناخية، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، حفاظاً على كوكب الأرض.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إن هناك حاجة إلى مخرج من الطريق السريع المؤدى إلى الجحيم المناخى، مشدداً على أنه يتم دفع حدود الكوكب إلى حافة الهاوية بتحطيم الأرقام القياسية فى درجات الحرارة العالمية.
وأشار إلى أن آخر البيانات الصادرة من مرصد كوبرنيكوس لتغير المناخ التابع للمفوضية الأوروبية أظهرت أن مايو 2024 كان الأشد حرارة على الإطلاق، وهو ما يمثل 12 شهراً متتالية من أشد الشهور حرارة، مضيفاً: «إننا مثل النيزك الذى قضى على الديناصورات، نُحدث تأثيراً أكبر مما ينبغى، ففى حالة المناخ، لسنا نحن الديناصورات إنما نحن النيزك، فلسنا فحسب فى خطر، لكننا نحن الخطر».
وتابع: «لقد حانت لحظة الحقيقة، فبعد ما يقرب من عشر سنوات على اعتماد اتفاق باريس، فإن هدف الإبقاء على الاحترار العالمى على المدى الطويل فى حدود 1.5 درجة مئوية معلق بخيط رفيع لأن الانبعاثات العالمية ينبغى أن تنخفض بنسبة 9% كل عام حتى 2030 للحفاظ على إمكانية الإبقاء على الاحترار فى حدود 1.5 درجة مئوية».
فيضانات إسبانيا وحرائق كاليفورنيا مثال حي على المخاطر.. والخسائر ضخمةوأكد «جوتيريش» أن هدف الإبقاء على الاحترار العالمى فى حدود 1.5 درجة مئوية لا يزال ممكناً إلى حد ما، مشدداً على أن اللحظة الحاسمة فى مجال المناخ قد حانت، ومن الاستهزاء بالعدالة المناخية أن يكون من هم أقل مسئولية عن الأزمة هم الأشد تضرراً منها؛ وهم أفقر الناس، وأكثر البلدان ضعفاً، والشعوب الأصلية، والنساء والفتيات، ولا يجوز أن يكون العمل المناخى أسيراً للانقسامات الجيوسياسية.
وحدد أمين عام الأمم المتحدة أربعة مجالات لاتخاذ إجراءات عاجلة، خلال الأشهر الثمانية عشر المقبلة، أولها إجراء تخفيضات هائلة فى الانبعاثات بقيادة كبار مُصدرى الانبعاثات، وينبغى لاقتصادات مجموعة العشرين المتقدمة «قطع أشواط أبعد وبوتيرة أسرع، وإظهار التضامن المناخى من خلال توفير الدعم التكنولوجى والمالى لاقتصادات مجموعة العشرين الناشئة والبلدان النامية الأخرى».
وأضاف: «يجب تعزيز أوجه الحماية فى مواجهة فوضى المناخ اليوم وغداً، لأننا لا يمكننا أن نقبل مستقبلاً ينعم فيه الأغنياء بالهواء المكيف داخل أبراج محمية، بينما ترزح بقية البشرية تحت وطأة طقس فتاك فى أراض لا تصلح للعيش»، داعياً إلى أن يكون النظام المالى العالمى جزءاً من الحل المناخى ومواجهة الجهات العاملة فى صناعة الوقود الأحفورى».
سكان الدول الجزرية والبلدان الفقيرة ينتظرون أوضاعا كارثية.. و«جوتيريش»: البشر هم الخطروكشفت دراسة عالمية أن التنوع البيولوجى ضرورى للحد من تغير المناخ، بمعنى أنه عندما تنتج الأنشطة البشرية غازات الدفيئة، يبقى حوالى نصف الانبعاثات فى الغلاف الجوى، بينما تمتص الأرض والمحيطات النصف الآخر، وتُعتبر هذه النظم البيئية، والتنوع البيولوجى الذى تحتويه، بالوعة طبيعية للكربون توفر ما يسمى بالحلول القائمة على الطبيعة لتغير المناخ.
وأضافت أن حماية الغابات وإدارتها واستعادتها توفر ما يقرب من ثلثى إمكانات التخفيف الإجمالية لجميع الحلول القائمة على الطبيعة، على الرغم من الخسائر الهائلة والمستمرة، لا تزال الغابات تغطى أكثر من 30 فى المائة من مساحة كوكب الأرض، مشيرة إلى أن أراضى الخث، وهى الأراضى الرطبة مثل الأهوار والمستنقعات، تمثل نسبة 3% فقط من أراضى العالم، لكنها تخزن ضعف كمية الكربون الموجودة فى جميع الغابات.
وأشارت الدراسة إلى أنه يمكن لموائل المحيطات، مثل الأعشاب البحرية وأشجار المانجروف، عزل ثانى أكسيد الكربون من الغلاف الجوى بمعدلات تصل إلى أربعة أضعاف ما يمكن للغابات على اليابسة لأن قدرة المانجروف على التقاط الكربون وتخزينه تجعله ذا قيمة عالية فى مكافحة تغير المناخ.
وأوضحت الدراسة العالمية أن الحفاظ على المساحات الطبيعية واستعادتها، سواء على اليابسة أو فى الماء، يُعد أمراً ضرورياً للحد من انبعاثات الكربون والتكيف مع مناخ متغير بالفعل. يمكن تحقيق حوالى ثلث التخفيضات فى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى المطلوبة فى العقد المقبل من خلال تحسين قدرة الطبيعة على امتصاص الانبعاثات.
ومن أبرز كوارث التغيرات المناخية التى شاهدتها الدول مؤخراً فيضانات إسبانيا، حيث أدت موجة جديدة من الأمطار الغزيرة إلى وضع ساحل البحر المتوسط فى إسبانيا تحت حالة الطوارئ، بعدما غمرت الأمطار الغزيرة الشوارع والمستشفيات، وتم إجلاء أكثر من 3000 شخص فى مقاطعة مالجا، وشرق تاراجونا، والمنطقة الساحلية فى فالنسيا، وتم إعلان حالة التأهب الأحمر، بسبب العواصف التى تفرغ ما يصل إلى 180 لتراً لكل متر مربع، خلال ساعات قليلة، ويمكن أن تسبب فيضانات مرة أخرى بعد التى كانت فى فالنسيا وقتلت 220 شخصاً، وبلغ العدد الرسمى للضحايا فى أعقاب عواصف 29 أكتوبر الماضى 222 قتيلاً، حيث هطلت الأمطار فى ساعات بكميات تساوى حجم أمطار عام كامل.
وأصدرت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية فى إسبانيا تحذيرات من العواصف فى معظم أنحاء البلاد، بعد أسبوعين من هطول الأمطار والفيضانات التى أودت بحياة أكثر من 220 شخصاً، معظمهم حول مدينة فالنسيا، وخفضت سلطات فالنسيا عدد المفقودين من 32 إلى 23، حيث تواصلت عمليات البحث بشكل رئيسى فى البحر وفى الأراضى الساحلية باستخدام السفن والطائرات المسيرة ومعدات صدى الصوت، وتم إصدار تحذيرات الطقس من ثالث أعلى مستوى، وفى بعض الحالات ثانى أعلى مستوى، بشأن أجزاء من مقاطعة فالنسيا، وجزر البليار فى البحر الأبيض المتوسط، وأجزاء من غاليسيا فى أقصى الشمال الغربى، وكتالونيا فى الشمال الشرقى والأندلس فى الجنوب.
وخلفت الأمطار الغزيرة فى فالنسيا 217 قتيلاً وأجبرت على تعليق خدمات القطارات والرحلات الجوية، واتجهت جبهة الأمطار الغزيرة إلى ضرب ساحل البحر الأبيض المتوسط الإسبانى وتسببت فى العديد من الحوادث.
وتضررت مدينة لوس أنجلوس الأمريكية من انتشار الحرائق فى ولاية كاليفورنيا التى تُعد الأسوأ فى تاريخ الولايات المتحدة، ووصلت الخسائر إلى 150 مليار دولار، وإجمالى قتلى الحريق إلى 24 شخصاً.
التقديرات الأولية لحجم الأضرار التى أحدثتها حرائق باليسديس وإيتون وكل منهما من بين أكثر الحرائق تدميراً فى تاريخ كاليفورنيا، أكدت تضرر 5000 مبنى، وألحق حريق إيتون الضرر بـ7000 مبنى، وهى الفئة التى تشمل المنازل والمرائب والشركات، وفقاً لإدارة الإطفاء فى كاليفورنيا، ودمر حريق باليساديس مؤسسات مثل مدرسة باليساديس تشارتر الثانوية، وهى المدرسة الأم للعديد من المشاهير وموقع تصوير للعديد من البرامج التليفزيونية، وفرض الحرس الوطنى ووكالات إنفاذ القانون المحلية حظر التجول، وحاولوا إبقاء الأحياء التى تم إخلاؤها مغلقة حتى يتمكن السكان من العودة بأمان.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: التغير المناخي المناخ كوكب الأرض الصحة العالمية فيضانات إسبانيا حرائق كاليفورنيا الأمطار الغزیرة إلى أن
إقرأ أيضاً:
خبراء بيئة.. حرائق كاليفورنيا تحذير صارخ من تأثيرات تغيّر المناخ المتزايدة
أجمع عدد من خبراء البيئة على أن التغيّرات المناخية هى السبب الرئيسى وراء نشوب الحرائق الأخيرة فى لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدين أنّ التقلب السريع بين الطقس الجاف والرطب فى المنطقة خلال السنوات الأخيرة أدى إلى خلق كمية هائلة من النباتات الجافة القابلة للاشتعال.
تقول د. هبة زكى، خبيرة البيئة، إنّ حرائق كاليفورنيا المدمّرة الأخيرة جاءت بمثابة تحذير صارخ من تأثيرات تغيّر المناخ المتزايدة، إذ انتشرت الحرائق بحجم وشدة غير مسبوقين، نتيجة عوامل مرتبطة بالاحتباس الحرارى، مشيرة إلى أنّ الدراسات العالمية تشير إلى أنّ ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية سيتسبّب فى زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة التى تؤدى إلى زيادة حدة الجفاف وتواتره، كما أنّ هذا الجفاف الشديد يجعل الغطاء النباتى أكثر هشاشة، وبالتالى أكثر عرضة للاشتعال.
«الحجار»: لا بد للعالم أن ينتبه لهذه القضية.. و«هبة»: سرعة الرياح تغذي الحرائقوأضافت، فى تصريحات لـ«الوطن»، أنّ أنماط الرياح المتغيرة، تؤثر أيضاً على تغيّر المناخ، مما يزيد قوة وسرعة رياح سانتا آنا الجافة، التى تعمل على تغذية الحرائق وانتشارها بسرعة كبيرة، موضحة أن موسم الحرائق الممتد يتزايد فى كاليفورنيا بشكل ملحوظ بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتأخر موسم الأمطار، مما يزيد احتمالية اندلاع حرائق كبيرة ومدمرة، موضحة أنّ رياح «سانتا آنا» الجافة والجفاف غير المسبوق من السمات المميزة لتغيّر المناخ، مما يؤدى إلى تفاقم الجفاف وتجفيف الغطاء النباتى وخلق ظروف مثالية لاندلاع الحرائق، كما أنّ الأنشطة البشرية زادت بشكل كبير من تواترها وشدتها من خلال التوسع العمرانى فى المناطق المعرّضة للحرائق، وقمع دورات الحرائق الطبيعية، وإدخال أنواع نباتية غير محلية.
من جانبه، كشف د. صلاح الحجار، خبير بيئى ورئيس مجلس أمناء الجمعية المصرية للأبنية الخضراء، أنّ مدينة لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية، شهدت خلال الأيام الأخيرة سقوط كميات كبيرة من الأمطار، مصحوبة بالرعد والبرق، التى تكون محمّلة بالشحنات الكهربائية، مضيفاً أن السبب فى نشوب الحرائق يعود إلى التغيّرات المناخية، حيث سقطت الشحنات الكهربائية على الغابات، وهو ما نتج عنه حدوث شرارة.
وأشار إلى أن نسبة الأكسجين تكون عالية داخل الغابات، وتساعد فى نشوب الحرائق، كما ساعدت الرياح على سرعة انتشار الحرائق فى المدينة بأكملها، مؤكداً أنه من المتوقع أن تنتشر الحرائق بالمناطق المحيطة بلوس أنجلوس، لاحتوائها أيضاً على غابات وكميات كبيرة من الأشجار، مما يساعد على تكرار المشهد مرة أخرى، مضيفاً: «هذا المشهد يجب أن يقف العالم بأكمله أمامه، وينتبه إلى قضية تغيّر المناخ، وإدراك خطورة تأثيره على الطبيعة والبيئة والحياة بشكل عام».
فيما أوضح د. عزت حسن، خبير بيئى، أن التغيّرات المناخية لها دور كبير فى الحرائق الأخيرة التى شهدتها مدينة لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث إن تغيّر المناخ جعل الأعشاب والشجيرات التى تُغذّى حدائق لوس أنجلوس أكثر عرضة للاحتراق، مضيفاً أن التقلب السريع بين الظروف الجافة والرطبة فى المنطقة خلال السنوات الأخيرة أدى إلى خلق كمية هائلة من النباتات الجافة الجاهزة للاشتعال.
وأشار «حسن» إلى أن هناك دراسة جديدة لعلماء فى مجال البيئة، تشير إلى أن تغير المناخ عزّز ما يسمونه بظروف «الارتداد» عالمياً بنسبة 31 - 66% منذ منتصف القرن العشرين، مضيفاً أن حرائق الغابات التى انتشرت فى أجزاء من منطقة لوس أنجلوس، أدّت إلى مقتل خمسة أشخاص على الأقل، وحرق مئات المبانى، وإصدار أوامر الإخلاء لأكثر من 179000 شخص.