في 7 فبراير عام 1964، أعلن الملاكم الأميركي كاسيوس كلاي اعتناقه الإسلام، ليصبح اسمه الجديد "محمد علي". لم يكن هذا التحول مجرد تغيير اسم، بل كان نقطة فاصلة في حياته ومسيرته الرياضية، إذ أصبح الإسلام جزءًا لا يتجزأ من شخصيته ومعتقداته ورسالة نضاله ضد العنصرية والتمييز.

لقد ظل اسمه "محمد علي" رمزًا للتحدي، ليس فقط داخل الحلبة، بل أيضًا في ساحات الدفاع عن حقوق الإنسان، حيث واجه انتقادات عنيفة وقرارات مجحفة، لكنه بقي متمسكًا بمبادئه حتى النهاية.

 

الرحلة إلى الإسلام

ولد كاسيوس ماركوس كلاي في 17 يناير 1942، في لويزفيل بولاية كنتاكي الأميركية، لعائلة من الطبقة المتوسطة. نشأ في بيئة يغلب عليها التمييز العنصري، وكان لهذا أثر كبير في تكوين شخصيته وشعوره بضرورة البحث عن هوية تعكس طموحه وتحرره.

بدأت رحلته مع الإسلام في أوائل الستينيات، عندما تعرف على حركة "أمة الإسلام" بزعامة إليجا محمد، والتي كانت تدعو إلى تحرر السود الأميركيين وتعزيز الهوية الإسلامية بينهم. كانت هذه الحركة آنذاك مثيرة للجدل، لكن محمد علي وجد في الإسلام إجابة لتساؤلاته عن العدالة والمساواة والكرامة.

بعد فوزه ببطولة العالم للوزن الثقيل في 25 فبراير 1964 على سوني ليستون، أعلن انضمامه إلى "أمة الإسلام"، وكان صديقه المقرب مالكوم إكس هو من ساعده على اتخاذ هذه الخطوة الجريئة. بعد ذلك بأيام، وبالتحديد في 7 فبراير، أعلن رسميًا تغيير اسمه إلى "محمد علي"، رافضًا أن يُنادى باسمه القديم "كاسيوس كلاي"، لأنه كان - حسب قوله - "اسمًا للعبودية".

قال محمد علي عن هذا التحول:"لم أختر اسمي القديم، ولم أكن أريد أن أحمل اسم أسيادي السابقين، الإسلام أعطاني هوية جديدة ونظرة مختلفة للحياة."

 

ردود الفعل على إسلامه

أثار إعلان محمد علي اعتناق الإسلام عاصفة من الجدل في الولايات المتحدة، حيث تعرض لحملة شرسة من الإعلام والرياضة والمجتمع الأميركي المحافظ. رفض كثيرون الاعتراف باسمه الجديد، وكان بعض المعلقين الرياضيين يُصرّون على مناداته بـ"كاسيوس"، كما خسر عقود رعاية وأُلغي ظهوره في عدة برامج تلفزيونية بسبب قراره.

واجه محمد علي تمييزًا واضحًا، لكنه ظل ثابتًا على موقفه، وقال ذات مرة:
"أنا أمريكي، ولدي الحق في حرية الدين. إنهم يريدون مني أن أكون مسيحيًا، لكنني اخترت الإسلام ولن أعود عنه."

لم يكن إسلام محمد علي مجرد هوية دينية، بل كان مصدر قوة وإلهام له في مسيرته الرياضية والشخصية. فقد انعكس على أسلوب حياته، إذ امتنع عن شرب الكحول، وبدأ يمارس القيم الإسلامية في حياته اليومية، كما استخدم شهرته للدعوة إلى العدالة والمساواة.

 

بين الإسلام والملاكمة.. أعظم بطل في التاريخ

رغم التحديات التي واجهها بسبب دينه، استمر محمد علي في تحقيق الإنجازات داخل الحلبة. فقد أصبح أول ملاكم في التاريخ يفوز ببطولة العالم للوزن الثقيل ثلاث مرات، وخاض 61 نزالًا احترافيًا، انتصر في 56 منها، من بينها 37 بالضربة القاضية.

لكن أحد أصعب المعارك التي خاضها لم تكن فوق الحلبة، بل كانت مع الحكومة الأميركية نفسها. ففي عام 1967، رفض محمد علي التجنيد الإجباري للمشاركة في حرب فيتنام، قائلاً:
"لن أقاتل في حرب ضد أناس لم يؤذوني أبدًا. الإسلام يمنعني من قتل الأبرياء."

كان لهذا القرار تبعات قاسية، إذ تم تجريده من لقبه العالمي ومنع من الملاكمة لمدة أربع سنوات، كما صدر حكم بسجنه لمدة خمس سنوات، قبل أن يتم إسقاط العقوبة لاحقًا. لكنه رغم ذلك، لم يتراجع عن مواقفه، وظل مدافعًا عن قناعاته حتى عاد إلى الحلبة عام 1970 ليستعيد لقبه لاحقًا في واحدة من أعظم اللحظات في تاريخ الرياضة.

 

الإسلام والعمل الإنساني

مع تقدمه في العمر واعتزاله الملاكمة عام 1981، كرّس محمد علي حياته للدعوة إلى الإسلام والعمل الخيري. فقد سافر إلى العديد من الدول الإسلامية، ودعم الجمعيات الخيرية، وساهم في نشر صورة إيجابية عن الإسلام في الغرب. كما بنى مساجد، وتبرع لمشاريع إغاثية في أفريقيا وآسيا، وكان سفيرًا للسلام في الأمم المتحدة.

كان يقول دائمًا:
"خدمتُ الناس وساعدتُ الفقراء، لأنني أعلم أن الله سيحاسبني على أعمالي، وليس على عدد الألقاب التي فزت بها."

 

رحيله وإرثه الخالد

في 3 يونيو 2016، رحل محمد علي عن عالمنا بعد صراع طويل مع مرض باركنسون، لكن إرثه لم ينتهِ. فقد بقي رمزًا عالميًا ليس فقط في الملاكمة، ولكن أيضًا في الدفاع عن المساواة والحرية، وشخصية بارزة في نشر صورة إيجابية عن الإسلام في العالم.

اليوم، بعد أكثر من خمسة عقود على إسلامه، لا يزال الملايين حول العالم يتذكرون محمد علي كلاي، ليس فقط كرياضي أسطوري، ولكن كرجل واجه العالم بثبات وإيمان، وترك بصمة لا تُمحى في قلوب محبيه.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: كاسيوس كلاي محمد على الإسلام محمد علی

إقرأ أيضاً:

درب زميل محمد صلاح.. من هو مدرب بيراميدز المرشح للانضمام إلى جهاز الأهلي؟

يبدو أن مخطط أحمال بيراميدز إسلام جمال، بات على مشارف الانضمام إلى الجهاز الفني للأهلي، بعدما وضع بصمته بصورة واضحة على أداء العديد من اللاعبين، وعلى رأسهم إمام عاشور، الذي يقدم أفضل مستوياته في المباريات الأخيرة، بعد لجوئه للتدريبات الخاصة رفقته، قبل أن ينضم له وسام أبو علي مهاجم المارد الأحمر.. فمن هو إسلام جمال مدرب الأحمال الذي يقترب من جهاز السويسري مارسيل كولر؟

من هو إسلام جمال مدرب بيراميدز المرشح للانضمام إلى جهاز كولر؟

إسلام جمال مدرب شاب، استطاع في وقت قصير أن يكسب ثقة نجوم الكرة حول العالم، بعدما تولى مهمة التدريب الخاص لعدد من الأسماء داخل المستطيل الأخضر، ليس فقط على مستوى بيراميدز أو الدوري الممتاز، بل حصل على الفرصة لتدريب وتأهيل لاعبين في ليفربول وأمريكا ودول عدة. 

يأتي بوبي كلارك لاعب ليفربول، المحترف ضمن صفوفه محمد صلاح، ضمن قائمة طويلة من الأسماء التي حصل إسلام جمال على فرصة لتدريبها، وبعد فترة تم تصعيده إلى الفريق الأول؛ ليشارك في 14 مباراة ويسجل هدف ويصنع اثنين آخرين، على مدار المواسم المنقضية، ليشارك في بعض المباريات بالدوري الإنجليزي والأوروبي وكأس الرابطة الإنجليزية وكأس الاتحاد.

وعلى مستوى الدوري الممتاز، تولى مهمة التدريب الشخصي لعدد من اللاعبين، بينهم محمود عبدالمنعم كهربا قبل الرحيل عن الأهلي على سبيل الإعارة، إلى جانب إمام عاشور الذي استعاد مستواه بشكل واضح في المباريات الأخيرة، ثم بات مرشحًا لتدريب وسام أبوعلي والانضمام إلى جهاز مارسيل كولر بشكل رسمي، بعد ترشيحه للانضمام إلى الفريق للاستفادة من خبراته، بحسب مصدر مطلع من داخل الأهلي.

وانضم إليه عدد من لاعبي الزمالك السابقين والحاليين، على رأسهم طارق حامد الذي رحل عن الأبيض متجهًا نحو الدوري السعودي، إلى جانب عبدالله السعيد، وحسام عبدالمجيد ومحمد هلال لاعب مودرن سبورت الحالي، إلى جانب أحمد نادر السيد وعمر فايد وأسامة فيصل وأحمد فتحي. 

وعلى مستوى الأندية، تولى المهمة التدريبية ضمن أجهزة أندية المريخ السوداني والمنتخب الأولمبي الأمريكي، ريال مدريد كاليفورنيا، المريخ السوداني، المصري البورسعيدي، زد، بيراميدز ومنتخب مصر، إلى جانب معايشات أبرزها مع ميلان ويوفنتوس وباريس سان جيرمان. 

مقالات مشابهة

  • أخبار الفن| تفاصيل حفل زفاف أحمد سعد وعلياء بسيوني.. وإسلام إبراهيم يكشف محطات حياته
  • من أخصائي تخاطب إلى التمثيل..إسلام إبراهيم يكشف محطات حياته
  • بعد تألقه.. الأهلي يجلب مترجم خاص لـ جراديشار
  • سيراميكا كيلوباترا يتعادل إيجابيا مع فاركو في شوط أول مثير
  • الآغا خان الرابع زعيم قاد الطائفة الإسماعيلية النزارية 68 عاما
  • درب زميل محمد صلاح.. من هو مدرب بيراميدز المرشح للانضمام إلى جهاز الأهلي؟
  • قائمة بتروجت لمواجهة الأهلي بالدوري
  • محمود محمد طه بين التجديد والاتهام- قراءة موضوعية في الجدل الفكري السوداني
  • هكذا أحال النظام الدولي دول العالم الإسلامي إلى بلاد محتلة