سجون مليشيا الإصلاح في مأرب.. رحلة من الجحيم إلى الموت
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
تقرير/ عبدالله الشريف
تشهد سجون مليشيا الإخوان الموالية لتحالف العدوان في مدينة مأرب تزايدا ملحوظا في حالات الوفاة للمعتقلين والمختطفين نتيجة ما يتعرضون له من انتهاكات وتعذيب ومعاناة وحرمان، وهي جرائم قد لا تكون موجودة في أسوأ سجون العالم.
فخلال اليومين الماضيين تم الإعلان عن وفاة معتقلين اثنين في حادثتين منفصلتين خلال أقل من 24 ساعة هما الشاعر راشد الحطام، من أبناء قيفة بمحافظة البيضاء، والشاب ماجد مبارك العامري الجهمي من أبناء قبيلة جهم في مديرية صرواح، واللتان لقيتا استنكارا واسعا وإدانات شعبية وحقوقية، وسلطتا الضوء على ما يتعرض له السجناء من تعذيب يؤدي إلى وفاة الكثير منهم.
وتشير إحصائيات محلية إلى أن حالات الوفاة في تلك السجون جراء التعذيب تقدر بالعشرات، إلى جانب ما يسببه من إعاقات دائمة، موضحة أن جثث بعض الضحايا لاتزال محتجزة في ثلاجات مستشفيات مدينة مأرب.
وبحسب إفادات ناجين من جحيم سجون الإخوان في مأرب فإن صنوفا من التعذيب التي يصعب وصفها بل وقد لا يتخيل الإنسان أن تصدر من بشر يمارسها السجانون بحق المعتقلين، فمن حرمانهم من الأكل والشرب إلى التعذيب والتعليق بالأيدي والأرجل وبتر الأطراف أحياناً بحق السجناء الرافضين لامتهان كرامتهم وإنسانيتهم والذين ينتهي الحال بالكثير منهم إلى الوفاة.
وبعد أن كان عدد السجون في مدينة مأرب لا يتجاوز سجنين قبل العدوان، تشرف قيادات في الجهاز الأمني لحزب الإصلاح، على أكثر من 20 سجناً داخل المدينة ومديرية الوادي وتديرها بوحشية لا نظير لها لترهيب السجناء وتمارس أقسى أنواع التعذيب بحقهم بعد إصدار فتاوى بتكفيرهم.
ومن ضمن جرائم تعذيب السجناء وقتلهم داخل السجن قضية السجين حسن عبدالله زايد الشريف من أبناء مأرب المدينة الذي تم اعتقاله لأشهر والإعلان عن وفاته، وكذا الملازم ضيف الله هرشل المرادي أحد أبناء قبيلة مراد، والطفل طارق سعد المحورن وهو أحد النازحين من مديرية مدغل إلى الوادي، ونايف الحسيني المرادي من قبيلة الصعاترة مراد، والشاب بشير حسين عيلوق من أبناء مديرية الجوبة، والعميد خالد محمد الأمير الحوشبي وابنته صفاء من محافظة لحج، وجميعها شواهد حية على حجم الإجرام بحق المعتقلين في سجون مأرب.
ووفقا لإفادات معتقلين سابقين خرجوا من سجن الأمن السياسي سيء الصيت بمدينة مأرب فإن من يشرفون على السجون ويتولون التحقيق مع السجناء هم عناصر تتبع حزب الإصلاح وتدين بالولاء لتنظيم القاعدة الإرهابي.
وترفض سلطة العرادة ومسؤولو الملف الأمني بمأرب السماح للمنظمات الحقوقية والإنسانية بزيارة السجون والاطلاع على أوضاع السجناء ومعاناتهم، كما يتم إخفاء مصيرهم عن ذويهم وعدم السماح لأهاليهم بزيارتهم والاطلاع على أحوالهم وهو إجراء مخالف لكل مواثيق حقوق الإنسان والقوانين الدولية والإنسانية.
في حين تغض المنظمات الدولية والحقوقية الطرف عن ممارسات وانتهاكات مرتزقة العدوان بحق السجناء والمعتقلين، وهو ما يشير إلى دعم سعودي أمريكي لجرائم الاختطافات والاعتقالات والتعذيب بحق السجناء في محاولة لإرهاب المواطنين وشرعنة ممارسات الاحتلال بحق المدنيين.
وبالإضافة إلى تعذيب السجناء فإن اختطاف المواطنين من نقاط التفتيش والطرق والأماكن والأسواق في محافظة مأرب مهمة أساسية للجهاز الأمني الإخواني، حيث يتم تجميعهم إلى هذه السجون المخصصة للتعذيب وإجبارهم على الإقرار بتهم ملفقة.
حيث يتم الاعتقال في معظم الحالات بسبب اللقب أو المنطقة وأحياناً أخرى لمجرد الاشتباه فيقضي المختطفون سنوات خلف القضبان وتحت التعذيب دون أي محاكمة بل ويتم تغييبهم عن أسرهم ومنعهم من التواصل مع أي أحد.
كما سُجلت العديد من حالات الاختطاف بحق النساء، سواء من المناطق المحتلة أو المسافرات حيث يخضعن لصنوف التعذيب والحرمان ومنع أهاليهن من زيارتهن أو التواصل بهن في انتهاك صارخ لكل القيم والأعراف والعادات اليمنية الأصيلة التي تعلي من شأن المرأة.
و استنكر محافظ مأرب على طعيمان جرائم مرتزقة العدوان السعودي بحق الأسرى والمختطفين والانتهاكات التي تمارس بحقهم في السجون والتي ترقى لجرائم ضد الإنسانية، وآخرها قتل الشاعر راشد الحطام، والشاب ماجد العامري داخل السجون.
وأكد أن ممارسات مرتزقة العدوان بحق الأسرى والمختطفين لا تمثّل قبائل مأرب وأحرارها.. لافتا إلى أن قيادات حزب الإصلاح تتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية تجاه أي جريمة سابقة أو لاحقة بحق الأسرى والمختطفين.
ودعا المحافظ طعيمان المنظمات الحقوقية والانسانية للتحرك لزيارة المعتقلين والضغط على قوى العدوان للسماح لأسرهم بزيارتهم والاطمئنان عليهم وتحسين أوضاعهم المعيشية، كما دعا قبائل مأرب وكافة القبائل اليمنية لإدانة جرائم قتل المختطفين داخل السجون باعتبارها سابقة خطيرة تتنافى مع عادات وأعراف المجتمع اليمني.
تكشف الجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى والمختطفون في سجون مرتزقة العدوان بمأرب النزعة الإجرامية والعدوانية للجماعات التكفيرية التي يمولها ويرعاها تحالف العدوان لامتهان كرامة الإنسان، وهو ما لن يرضى به الشعب اليمني الحر.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: مرتزقة العدوان من أبناء
إقرأ أيضاً:
المفقودون.. جرح مفتوح يعذّب آلاف العائلات في قطاع غزة
يسابق أهالي المفقودين في قطاع غزة، الزمن، ويطرقون كل باب متاح، للكشف عن مصير أبنائهم الذين فقدوا خلال الحرب الوحشية غير المسبوقة على قطاع غزة.
ومنحت الهدنة الهشة التي أعلنت في الـ19 من كانون الثاني/ يناير الماضي فرصة للأهالي من أجل البحث عن أبنائهم المفقودين، وتقصي آثارهم، لكن معيقات كثيرة تقف أمام مهمتهم، أبرزها تعنت الاحتلال في الكشف عن هوية المختفين قسريا لديه، وعدم تعاون المؤسسات الدولية ذات الصلة.
وتترقب هدى حسن قوائم الأسرى لدى الاحتلال، وشهادات من يفرج عنهم من داخل السجون، للاطمئنان على مصير نجلها محمد، والذي اعتقلته قوات الاحتلال من داخل مستشفى كمال عدوان في كانون الأول/ ديمسبر الماضي.
"مصير مجهول"
تقول هدى في حديث لـ"عربي21"، إنها لا تدخر جهدا هي وزوجها للبحث عن بصيص أمل للكشف عن مصير نجلها، خصوصا في ظل شح المعلومات الواردة من السجون، وتعمّد الاحتلال إخفاء مصير المئات من الأسرى الفلسطينيين لديه، ممن اعتقلهم بعد العدوان الوحشي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
تذكر هدى أنها تراقب باستمرار قوائم الأسرى التي تسرّب أحيانا من سجون الاحتلال، بل وتتابع وتذهب بنفسها للاستماع إلى شهادات بعض الأسرى المحررين علها تجد لديهم، أو في ذاكرتهم المثقلة خبرا عن نجلها، لكن ذلك دون جدوى حتى الآن.
تخشى الأم من أن يكون الاحتلال قد قتل نجلها بعد اعتقاله من داخل المستشفى، خصوصا بعد تردد أنباء عن إقدام جيش الاحتلال على إعدام عدد من الأسرى بعد اعتقالهم من مستشفى كمال عدوان.
تقول هدى: "لا أنام الليل وأنا أفكر في مصير ولدي، لا أعلم عنه شيء منذ اعتقاله، لا أدرى هل هو في السجون أم جرى قتله وتصفيته كما حصل مع معتقلين آخرين، (..) آمالنا معلقة بحبل الله المتين أن يرد لنا محمد أو يطمئن قلوبنا عليه".
"ليلى المفجوعة بنجليها"
أما ليلى درويش، فلم تدخر وسيلة ولا طريقة للاطمئنان على نجليها الوحيدين المفقودين إلا وسكلتها لمعرفة مصيرهم، لكن دون جدوى.
تقول ليلى في حديث لـ"عربي21"، إنها غادرت مدينة الشيخ زايد شمال القطاع منذ بدء العدوان الوحشي الثالث على مخيم جباليا، في الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لكن ولديها "ثائر ومحمد" قررا البقاء في المخيم، ورفضا المغادرة.
انقطع اتصال الأم بولديها منذ ذلك الحين، لكن أخبارهما ظلت ترد على فترات متباعدة، وظلا يرسلان رسائلهما يحاولان عبرها طمأنة أمهما التي انفطر قلبها خوفا من أن يطالهما مكروه، بفعل وحشية العدوان على المخيم من جهة، والمجاعة غير المسبوقة التي طربت شمال قطاع غزة، وتحديدا جباليا آنذاك.
تكشف الأم المكلومة في حديثها لـ"عربي21" أن آخر رسالة وصلت من نجليها كانت في آخر يوم من العام الماضي 2024، لينقطع الاتصال بعد ذلك بهما حتى الآن، فيما لم تفلح كل المحاولات لكشف مصيرهما.
تتسائل ليلى عن مصير ولديها: "هل هما في عداد الشهداء أم الأسرى، لا أدري، سألت عنهما منظمة الصلب الأحمر، إخذت مني بياتهما، لكنها لم ترد علي حتى الآن، (..) لم أدخر جهدا في الاتصال بكل من لديه معلومة أو خبر أو بصيص أمل، لكن دون جدوى".
تضيف: "قبل أيام قليلة من بدء الهدنة في (19 كانون الثاني/ يناير) وصلت إلينا أخبارا أن ولدي ثائر قُصف من طائرات الاحتلال مع مجموعة من الشبان في أحد المنازل في بيت حانون، وأن ابني محمد لاقى نفس المصير تحت ركام منزل قرب من مستشفى كمال عدوان).
تقول: "فور إعلان وقف إطلاق النار هرعنا إلى المخيم ومدينة بيت حانون بحثا عن الجثامين، لم ندع مكانا إلا وبحثنا فيه سواء في بيت حانون أو جباليا، لكن لم نجد أي أثر لهما".
تتابع: "ربما يكونان استشهدا بالفعل، ولن نجد أي إثر لهما بفعل الدمار الهائل الذي حل بالمخيم، فعشرات الشهداء ما زالوا تحت الأنقاض، ولا يوجد معدات أو طواقم لرفع الركام وانتشالهم".
لكنها تستدرك بالقول: "شئ ما يقول لي إنهما ما زالا حيين، وأني سألتقي بهما يوما ما، ما زال صدى صوتهما يتردد في أذني، ولا زال طيفهما يلوح أمامي باستمرار".
تمنّي ليلى نفسها وسلواها في ذلك شهادة لشيخ مسن أطلقت قوات الاحتلال سراحه مؤخرا من سجونها، وأفاد أنه قد يكون رأى "هذا الوجه" في أحد السجون، وذلك حين عرضت عليه الأم صورة لابنها ثائر كان تحتفظ بها على هاتفها، أمام نجلها الآخر محمد فلا أنباء عنه حتى الآن.
أعداد المفقودين
يقول إسماعيل الثوابتة المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي إن أعداد المفقودين في قطاع غزة جراء العدوان، قد تصل إلى نحو 14 ألف شخص.
ويقدر الثوابتة في حديثه لـ"عربي21" أن نحو ثلاثة آلاف شخص تخفيهم سلطات الاحتلال قسرا داخل سجونها وتحجب أي معلومات عنهم، أما البقية فتوجد جثامينهم أسفل أنقاض المنازل المدمرة، خصوصا في المناطق الخطرة التي تمنع قوات الاحتلال طواقم الإنقاذ من الوصول إليها.
ويُخشى أن يواجه المفقودون في سجون الاحتلال عمليات قتل ممنهجة وإعدام بدم بارد، تحت وطاة التعذيب والتنكيل، خصوصا مع تعنت الاحتلال في الإفصاح عن الأعداد الحقيقية للأسرى لديه، والذين زادت اعدادهم بشل كبير عقب العغدوان على غزة.
وطالب رئيس نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري، الخميس، بتحقيق دولي مستقل ومحايد في ظروف "استشهاد" عشرات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
جاء ذلك إثر الإعلان عن وفاة 4 معتقلين فلسطينيين في غضون أيام، وآخرهم اليوم (الخميس) وهو أسير من قطاع غزة يدعى عاشور علي البطش.
واعتبر الزغاري، أن هذه الوفيات الأربعة للمعتقلين الفلسطينيين "تمثل كارثة إنسانية متواصلة في مرحلة هي الأكثر دموية في تاريخ الحركة الأسيرة".
وأضاف: "وتيرة الجرائم بحق الأسرى والمعتقلين عادت بمستواها إلى الجرائم التي شهدناها في بداية الحرب (على غزة)، والتي بلغت ذروتها في حينه، استنادا إلى زيارات الطواقم القانونية والشهادات الحية التي تعكس ذلك يوميا".
وطالب الزغاري، بـ"فتح تحقيق دولي مستقل ومحايد، في ظروف استشهاد عشرات الأسرى، نتيجة جرائم التعذيب والتجويع والجرائم الطبية والاعتداءات الجنسية، واتخاذ قرارات فاعلة لمحاسبة قادة الاحتلال على جرائم الحرب التي يواصلون تنفيذها بحق الشعب الفلسطيني".
وبيّن أن "أغلبية الأسرى في السجون تحولوا إلى أسرى مرضى بفعل الظروف والعوامل التي فرضتها منظومة السجون على الأسرى، فضلا عن الأسرى المصابين الذين حوّل الاحتلال إصاباتهم إلى أداة لتعذيبهم".
ووفقا لنادي الأسير، "ارتفع عدد الشهداء بين صفوف الأسرى في سجون الاحتلال منذ بدء حرب الإبادة إلى 62 شهيدا المعلومة هوياتهم، بينهم على الأقل 40 من القطاع".