شراكة دفاعية مرتقبة بين أنقرة ودمشق.. هل باتت مسألة وقت؟
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
أنقرة- وسط ترقّب إقليمي ودولي، اختتم الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع زيارته إلى أنقرة، التي استحوذت على اهتمام رسمي وإعلامي واسع، خاصة بعدما نقلت وكالة رويترز، قبل الاجتماع، عن مصادر مطلعة أن الجانبين بصدد توقيع اتفاق دفاعي مشترك.
ويتضمن الاتفاق إنشاء قواعد جوية تركية في وسط سوريا وتدريب الجيش السوري الجديد، وهو ما عزّز التكهنات حول مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين.
ورغم عدم الإعلان رسميا عن الاتفاق، جاءت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتعكس حجم التفاهمات التي جرت بين الطرفين، حيث قال في مؤتمر صحفي "أبلغنا الشرع بأن تركيا مستعدة للمساعدة في المعركة ضد المسلحين الأكراد وتنظيم الدولة الإسلامية"، مضيفا أن المباحثات تطرقت إلى الخطوات المقبلة لمواجهة المسلحين في شمال شرق سوريا.
في المقابل، شدد الشرع على ضرورة تحويل العلاقة مع تركيا إلى شراكة إستراتيجية عميقة في مختلف المجالات، في إشارة إلى رغبة دمشق في بناء تحالف طويل الأمد مع أنقرة.
وعكست الزيارة، التي كان من المنتظر أن تؤسس لإطار أمني جديد بين البلدين، نقلة نوعية في المشهد السوري-التركي. وفي الوقت ذاته فتحت باب التساؤلات عن مستقبل الدور التركي في سوريا، ومدى قدرة دمشق على التوفيق بين تحالفاتها المتشابكة. فهل بات الاتفاق الدفاعي مسألة وقت فقط أم أن التعقيدات الإقليمية والتوازنات الدولية ستؤخر مساره؟
إعلان
سابق لأوانه
تتقاطع هذه التسريبات مع ما صرّح به وزير الدفاع التركي يشار غولر في وقت سابق، عندما أكد أن القوات المسلحة التركية "قادرة على تقديم الدعم لإنشاء جيش جديد في سوريا، إذا طلب الجانب السوري ذلك".
وهي خطوة بدت مهيأة للتنفيذ بعد الزيارة التي أجراها وفد عسكري تركي رفيع المستوى إلى دمشق في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، تمهيدا لإعادة بناء المؤسسات العسكرية السورية بالتنسيق مع أنقرة.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية، خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي، الخميس، أن أولوية أنقرة في سوريا هي إرساء الاستقرار والأمن وتطهير البلاد من المسلحين، معتبرة أن الحديث عن اتفاق يتيح لتركيا إنشاء قواعد عسكرية هناك لا يزال سابقا لأوانه.
وفي رده على تقرير رويترز، أوضح المتحدث باسم الوزارة أن وفدا من وزارة الدفاع التركية زار سوريا الأسبوع الماضي لإجراء محادثات، مشددا على أن البلدين متفقان على وحدة أراضي سوريا واستقرارها، وضرورة القضاء على كل الجماعات المسلحة.
وأضاف أن التقارير الإعلامية بشأن الاتفاق يجب التعامل معها بحذر، وقراءتها في سياقها الصحيح، مؤكدا أن هذه القضايا لا تزال في مراحل مبكرة.
وأشار إلى أن خارطة طريق مشتركة ستُوضع وفقا لمتطلبات الحكومة السورية الجديدة، مع اتخاذ خطوات ملموسة لتحسين قدرات الجيش السوري، لافتا إلى أن أنقرة أبلغت دمشق باستعدادها لتقديم جميع أشكال الدعم في هذا المجال.
في سياق متصل، أفاد موقع بلومبيرغ الأميركي، الخميس، بأن تركيا تدرس إقامة قواعد عسكرية في سوريا وتدريب الجيش الجديد الذي تشكله الإدارة الانتقالية في دمشق.
ونقل الموقع -عن مسؤولين أتراك- أن أنقرة تُقيّم مواقع القواعد، مشيرا إلى أن لديها آلاف الجنود داخل سوريا، مما يمنحها القدرة على تنفيذ الخطة.
وأوضح المسؤولون أن الخطة تشمل توفير الأسلحة والتدريب العسكري للجيش السوري الجديد. لكنهم رفضوا تأكيد ما إذا كان الرئيس أحمد الشرع قد طلب رسميا مساعدة عسكرية من أنقرة خلال لقائه بالرئيس رجب طيب أردوغان.
بناء جيش سوري جديد.. أبرز التحديات التي يمكن أن تواجه القيادة الجديدة في #سوريا #الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/tZwYEdo3nI
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) December 12, 2024
ضرورة حتميةيرى الباحث في الشأن التركي علي أسمر أن الاتفاق الدفاعي بين تركيا وسوريا يحمل أهمية إستراتيجية بالنظر إلى التداخل الجغرافي والأمني بين البلدين، مشددا على أن التنسيق العسكري بين أنقرة ودمشق ضرورة حتمية، وليس مجرد خيار سياسي.
إعلانويعتبر أسمر، في حديث للجزيرة نت، أن الاتفاق يمكن تحليله من زاوية "الدكتاتورية الجغرافية"، حيث يفرض الموقع الجغرافي سياسات أمنية محددة لحماية المصالح القومية، لافتا إلى أن الأمن القومي التركي والسوري متداخلان بشكل مباشر في مواجهة تهديدات مشتركة، أبرزها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تمثل عائقا أمام استقرار سوريا وتركيا.
ويؤكد أسمر أن الاتفاق لن يكون مجرد خطوة تكتيكية، بل سيؤدي إلى تحول إستراتيجي في موازين القوى، مشيرا إلى أن تركيا قد تلعب دورا رئيسيا في إعادة بناء الجيش السوري. كما يرى أن الاتفاق قد يسرّع إنهاء الدور العسكري لـ"قسد"، إذ تسعى أنقرة لإقناع واشنطن بعدم جدوى دعمها لهذه القوات، عبر تقديم نفسها ودمشق كبديل موثوق في محاربة تنظيم الدولة، مما قد يضعف المبرر الأميركي للبقاء في سوريا.
وبرأيه، فإن سوريا، في مرحلة ما بعد الحرب، تحتاج إلى تحديث منظومتها الدفاعية، وهو ما قد تلعب فيه تركيا دورا محوريا عبر نقل الخبرات العسكرية والتكنولوجية.
أما بشأن الوجود الأميركي، خاصة في قاعدة التنف والقواعد المنتشرة شمال وشرق سوريا، فيعتقد أسمر أن الاتفاق قد يدفع واشنطن إلى مراجعة إستراتيجيتها العسكرية، حيث قد تجد نفسها مضطرة للتعامل مع الواقع الجديد وفق حسابات مصلحية، مما قد يدفعها إلى إعادة تموضع إستراتيجي بدلا من مواجهة مباشرة مع تركيا.
مشروعية الاتفاقيؤكد الباحث المختص في الشأن التركي محمود علوش أن أنقرة ودمشق تعملان على إضفاء مشروعية قانونية على الاتفاقية الدفاعية الإستراتيجية المزمع توقيعها بين البلدين، مشيرا إلى وجود مسار واضح في كل من تركيا وسوريا لإبرام هذه الاتفاقية بشكل رسمي.
وبرأيه، فإن المجلس التشريعي الجديد، الذي سيشكله الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، سيكون مخوّلا لإصدار التشريعات والقوانين اللازمة لإدارة المرحلة الانتقالية، بما في ذلك بحث مثل هذه الاتفاقيات والمصادقة عليها.
إعلانويرى علوش في حديث للجزيرة نت أن سوريا بحاجة إلى دعم قوي لمساعدتها في إعادة بناء جيش قادر على حماية البلاد من الأخطار التي تواجهها، معتبرا أن الاتفاقية الدفاعية مع تركيا يمكن أن تحقق هذا الهدف، كونها توفر دعما عسكريا ولوجيستيا يسهم في إعادة تشكيل القدرات الدفاعية السورية.
ويؤكد الباحث أن الاتفاقية الدفاعية ستثير هواجس العديد من الأطراف الخارجية، لكنها تبقى شأنا سياديا يخص تركيا وسوريا، مما يعني أن الضغوط الخارجية لن تكون العامل الحاسم في تحديد مصيرها.
وبرأيه، فإن بعض الأطراف قد تمارس ضغوطا على الرئيس الشرع لمنعه من المضي قدما في الاتفاقية، مشيرا إلى أن موسكو وطهران غير قادرتين على التأثير في السياق التركي السوري، في حين قد تلجأ واشنطن إلى استخدام ورقة العقوبات الاقتصادية للضغط على الشرع إذا قررت تقويض مشروع الاتفاقية.
ومع ذلك، يؤكد علوش أن المسألة بالنسبة للشرع لا تتعلق بالخيارات، بل بالحاجة الفعلية إلى تعميق الشراكة الجديدة مع تركيا، باعتبارها الضامن الأساسي لاستقرار المرحلة الانتقالية في سوريا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات بین البلدین أن الاتفاق مشیرا إلى فی سوریا مع ترکیا إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف تفاعل النشطاء مع المحادثات التركية الإسرائيلية بشأن سوريا؟
ولطالما أبدى الإسرائيليون قلقهم مما سموه "الدور السلبي" الذي تلعبه تركيا في سوريا بعد سقوط بشار الأسد، وقد نفذوا هجمات عديدة على عدة مواقع سورية، فيما وصفوه بأنه رسائل تحذيرية إلى أنقرة.
وكان آخر هذه الغارات الأسبوع الماضي عدنما شنت إسرائيل غارات على مطار حماة العسكري وسط البلاد، وقاعدة "تي فور" في بادية حمص وسط سوريا.
وجاءت هذه الضربات بعد تواتر تقارير عن سعي أنقرة "للسيطرة" على قواعد عسكرية سورية، ونصب دفاعات جوية فيها، وأبرزها قاعدة "تي فور" في حمص.
وتشير تقارير إلى أن فرقا عسكرية تركية استكشفت ما لا يقل عن 3 قواعد جوية في سوريا لنشر قوات كجزء من اتفاق دفاع مشترك مخطط له.
ولم يفوت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لقاءه الأسبوع الماضي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض لعرض قلقه مما سماه الدور التركي في سوريا، وقد طلب وساطته مع أنقرة.
بدوره، أثنى ترامب على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وطلب من نتنياهو حل مشاكله مع تركيا بعقلانية.
مباحثات تركية إسرائيليةوأمس الأربعاء، أكد وزير الخارجية التركية هاكان فيدان ما تداولته تقارير إعلامية قبل أيام عن وجود اتصالات فنية بين تركيا وإسرائيل لتجنب الصراع في سوريا. وأوضح أن الاتصالات محصورة في الإطار الفني فقط، وأنه يمكن تشكيل آلية عدم اشتباك بين الجانبين.
إعلانوقد أكد مسؤول إسرائيلي للقناة 12 وجود اتصالات حاليا بين إسرائيل وتركيا بخصوص التوترات على الأراضي السورية، وقال إنه سيتم بناء منظومة للتنسيق بينهما على غرار التنسيق مع روسيا خلال وجودها في سوريا.
ونقل موقع أكسيوس الأميركي عن مسؤول إسرائيلي تأكيده أن ضباطا أتراكا وإسرائيليين ناقشوا إنشاء آلية لفض الاشتباك بين جيشي البلدين في سوريا.
واليوم الخميس، أكدت مصادر بوزارة الدفاع التركية أن اجتماعا تقنيا تركيا إسرائيليا عقد أمس الأربعاء في أذربيجان على مستوى الوفود بهدف التوصل لاتفاق على آلية لمنع الاشتباك في سوريا.
وأوضحت المصادر أن الاجتماع كان الجولة الأولى، وستستمر الاجتماعات خلال الأيام القادمة من أجل تقييم التطورات الأخيرة في سوريا.
ووفقا للمصادر ذاتها، فقد أبلغت تركيا الجانب الإسرائيلي بأن وجودها في سوريا يتم بطلب من دمشق لرفع قدرتها الدفاعية ومواجهة الإرهاب، وأن المحادثات مع سوريا مستمرة لتأسيس قواعد عسكرية ذات أهداف تدريبية.
صراع جيوسياسيوتفاعلت مواقع التواصل الاجتماعي مع هذه التطورات التي اعتبرها البعض دليلا على صراع جيوسياسي بين أنقرة وتل أبيب، في حين اعتبر آخرون الوجود السوري خدمة للمصالح السورية.
فقد كتب محمد: "أي مكون أقلوي بيحلم تجي (تأتي) إسرائيل وتهدد وحدة سوريا كرمالو (من أجله)، بيكون غبي"، مضيفا "الزمن تغير، تركيا بظهر سوريا".
أما بهاء، فكتب: "صراع تركيا وإسرائيل في سوريا المستباحة هو صراع نفوذ جيوسياسي، لا أحد يهتم بشأن سوريا ولا مايحدث فيها".
وأخيرا، كتب عماد: "عسكريا، على سوريا أن تجهز نفسها لمواجهة دفاعية مع إسرائيل وأن تضع في حساباتها أن تركيا لن تشاركها هذه المعركة"، مضيفا "وإن بدت مثل هذه المواجهة غير محتملة إلا أن احتمالاتها المنخفضة تتزايد ويجب أن تكون القيادات تخطط لأسوأ الاحتمالات حتى وإن كانت ضئيلة الحدوث".
إعلانوكان وزير الخارجية التركي أكد في حديثه لـ"سي إن إن ترك"، أن بلاده لا تنوي الدخول في صراع مع أي دولة في سوريا وليس إسرائيل فقط.
وقد نُقل عن نتنياهو أنه أبلغ وزراءه بأن تل أبيب لا تسعى إلى مواجهة مع تركيا في سوريا، وأنها لن تتردد في التحرك للدفاع عن نفسها إذا لزم الأمر.
10/4/2025