لجريدة عمان:
2025-05-01@12:45:10 GMT

جذور..

تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT

ينطلق مفهوم الجذور من حاضنته الاجتماعية بلا منازع؛ فهي الوحيدة القادرة على استدعاء ذاكرتها التاريخية، لتؤصل حقيقة ما يسمى بـ«الجذر» حيث هو أصل الشيء، فلا يوجد كائن في بعديه المادي والمعنوي لا ينتمي إلى جذر ما، وإذا قيست المسألة على الشجرة، كأول كائن نباتي في تأصيل مفهوم الجذر، فإن الإنسان ليس عنه ببعيد، وتأتي اللغة لتلحق بركب الجذر، عبر فعلها الثلاثي أو الرباعي على أكثر تقدير، فحتى تعرف معنى الكلمة؛ عليك أن تنقيها من الحروف الزائدة، وتعيدها إلى أصلها لتقف على حقيقتها المعرفية، ولأن المسألة مرتبطة ببعدها الاجتماعي كأول محطة لمفهوم الجذر، فإن هذا المفهوم يحضر بقوة في كل التقاطعات الاجتماعية المعروفة والتي يأتي في مقدمتها إثبات حالات النسب، الذي ينظر إليه بكثير من الأهمية، بل ويتحدد على ذلك الكثير من القرارات والتفاهمات التي تكون بين المجموعات الاجتماعية، أو بين الأفراد، وينطبق ذلك على الشجر أيضا، بل وعلى الحيوانات كذلك، عندما يتقصى أحدنا عن أصل الشجرة، أو الحيوان، وهذه مسألة معاشة ومعروفة، بمعنى آخر أن كل مكونات الحياة ترتبط وجوديا بما يسمى بالجذر، وإن لم يتوارَ في بعض الأحيان عن تسميته المباشرة، فينسب المفهوم إلى الأصل، وفي كل المسميات تظل هذه المسألة على درجة كبيرة من الأهمية، ومن الحساسية، خاصة عندما تتعلق المسألة بإثبات النسب، سواء في حالات الارتباطات الزوجية في بدايات الخطبة، قبل أن تصل المسألة الزوجية عند مرحلة الذروة، حيث الارتباط النهائي بين الخاطب والمخطوبة.

السؤال هنا: لماذا هذا الاهتمام بالجذر، واعتباره بناء إنسانيا لا محيد عنه؟ هل لأن الإنسان يهمه كثيرا أن يتسلسل عبر مكون اجتماعي لا يقبل أن يشار إليه بشيء من الضعف، كما تحلل الكلمة من حروفها الزائدة لتصل إلى حقيقتها المعرفية؟ أم أن الإنسان يطمئن أكثر كلما علم أو تيقن أن مستوى التأصيل في نسبه عالي التقدير؛ فيشعره ذلك بكثير من شعور التفوق؟ أم أن المسألة في عموميتها تعود إلى ثقافة المجتمع فيؤصلها من خلال الممارسة، حتى تصبح عاملا نفسيا شديد الحساسية؟ لعل مرد الثقافة الذي تتشكل بها الحاضنة الاجتماعية هي الأساس في هذه المسألة، والدليل على أن هناك شعوبا كثيرة على امتداد الجغرافيا لا تنحاز كثيرا إلى البحث الدقيق عن الجذر، وإنما تُقَيِّمُ الفرد على أساس إمكانياته المهنية والمعرفية الحاضرة، وما عدا ذلك لا يلتفت إليه كثيرا.

يقول الكاتب ماتشونا دهليوايو - حسب المصدر: «إن أعظم قوة للشجرة تكمن في الجذور، وليس في الفروع» ومن الأمثال العمانية يقال أيضا: «جرو الموز قاتل أبيه» وفي كلتا المقولتين يتضح جليًا أنه مهما طال الزمن فلا بد أن تحدث عمليات إحلال؛ فأبناء اليوم لا بد أن يكونوا آباء في الغد، وتعود إليهم الأهمية المكانية والمعنوية التي كان يتصدرها الآباء، حيث يحلون جذورا لمن يأتي بعدهم، وهكذا تتأصل الجذرية في توغلها عبر تسلسل الأجيال، وإن كانت هذه الحالة ليست مطلقة، حيث تتداخل عمليات التهجين في مسارات هذا التسلسل، فتحدث نوعا من الاختلاف والتنوع؛ لأن الناتج من التهجين هو صورة مغايرة للأصل، وإن حملت شيئا من الصفات المتوارثة، وفي كل الأحوال يلعب الزمن دورا محوريا في هذا التأصيل، والمسألة ليست يسيرة ولا ميسرة لعمليات الانعتاق من الزمن، فلا بد للجذور أن تستكمل دورة حياتها حتى تصل إلى مستوى التأصيل الحقيقي، وهذا ما يحرص عليه المربون في تأصيل تربيتهم لأطفالهم عبر وسائل كثيرة ومتنوعة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الدعم النفسي للمرأة ومواجهة التحديات الاجتماعية في مناقشات ملتقى "أهل مصر" بالعريش

شهد قصر ثقافة العريش، تواصل فعاليات الملتقى العشرين للفتاة والمرأة الحدودية، ضمن مشروع "أهل مصر"، الذي يقام تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، بمحافظة شمال سيناء، ويستمر حتى الثالث من مايو المقبل، تحت شعار "يهمنا الإنسان".

 

 

ندوة توعوية حول الدعم النفسي للمرأة

ينفذ الملتقى بإشراف الكاتب محمد ناصف نائب رئيس الهيئة، وشهد ندوة توعوية حول الدعم النفسي للمرأة، شارك فيها الدكتور الشافعي الربع، عضو المؤسسة الدولية للعلوم والابتكار والتنمية المستدامة، ومستشار هيئة المعونة لسيناء، بحضور الدكتورة دينا هويدي، مدير عام الإدارة العامة لثقافة المرأة والمدير التنفيذي لمشروع "أهل مصر" (المرأة)، وأشرف المشرحاني مدير عام فرع ثقافة شمال سيناء.

 

 

وأكد الدكتور الشافعي في كلمته أهمية دور المرأة في تشكيل الفكر الثقافي داخل الأسرة والمجتمع، بوصفها حجر الأساس والداعم الرئيسي لبناء بيئة ثقافية صحية.

 

 

 

 

ولفت إلى ضرورة مواجهة النفس بالمشكلات الحياتية، بدلا من الهروب منها، عبر البحث عن حلول تطبيقية واقعية.

 

 

 

 كما أشار إلى أن التوعية والتثقيف يمثلان الداعم الأساسي للمرأة في مواجهة التحديات النفسية والاجتماعية، وتحقيق التوازن الأسري والمجتمعي.

 

 

 

وشدد "الربع" في ختام حديثه على أن الكلمة الإيجابية تترك أثرا نفسيا بالغا يفوق أثر الفعل المؤقت، مشيرا إلى أن التغيير الحقيقي يبدأ من الداخل، وأن الدعم النفسي يشكل ركيزة أساسية لتحقيق استقرار الفرد والمجتمع.

   عرض فني مميز لفرقة العريش للموسيقى العربية

عقب الندوة، قدم عرض فني مميز لفرقة العريش للموسيقى العربية بقيادة المايسترو الدكتور محمد عبدالله، وقدمت خلاله باقة من الأغاني الوطنية والطربية التي تفاعل معها الحضور، منها: "أحلف بسماها"، "يا صلاة الزين"، "مصر يا أم الدنيا"، "عربية يا أرض فلسطين"، "أحلى بلاد الدنيا مصر"، "يا حبيبتي يا مصر"، "يا مصر يحميكي لأهلك"، و"بلادي".

 

 

 

 

ينفذ الملتقى من خلال الإدارة العامة لثقافة المرأة، وبإشراف الإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة د. حنان موسى رئيس اللجنة التنفيذية لمشروع أهل مصر، بالتعاون مع إقليم القناة وسيناء الثقافي بإدارة د. شعيب خلف، وفرع ثقافة شمال سيناء، ويستضيف نحو 120 فتاة وسيدة من ست محافظات حدودية: شمال سيناء، جنوب سيناء، البحر الأحمر (حلايب، الشلاتين، أبو رماد)، الوادي الجديد، مطروح، أسوان، إلى جانب فتيات من حي الأسمرات بالقاهرة، وجمعيتي "مصر الخير" و"الخيرية لتأهيل ورعاية الصم وضعاف السمع".

    الورش الفنية والحرفية 

ويتضمن الملتقى عددا من الورش الفنية والحرفية المتنوعة، منها ورشة "أشغال المكرمية" للمدربة شيرين عفيفي، ورشة "الإكسسوارات والحلي" تدريب ملك عبد الكريم، "أشغال الخيامية" تدريب عماد عاشور، "التطريز السيناوي" تدريب د. سهام جبريل، "الفن التشكيلي" تدريب شعبان جمعة، "الموسيقى" للفنان ياسر الشريف، "المسرح" للمدرب محمد عبد الوهاب، "التصوير" للفنان طارق الصغير، "الكتابة الصحفية" للصحفي محمد خضر، و"القصة القصيرة" للمدرب ناصر أحمد.

 

 

 

 

وتتضمن الفعاليات الممتدة حتى 3 مايو المقبل دوائر دعم نفسي، وأمسيات ثقافية حول دور المرأة في الحفاظ على الموروث الثقافي، وزيارات ميدانية إلى أبرز معالم مدينة العريش، منها: ميناء العريش، الكتيبة 101، محمية وادي الزرانيق، الملاحات، ومعصرة الزيتون.

    مشروع أهل مصر 

ويعد مشروع "أهل مصر" أحد أبرز المشروعات الثقافية الموجهة لأبناء المحافظات الحدودية، ويُنفذ ضمن البرنامج الرئاسي لتشكيل الوعي الوطني وتعزيز الانتماء ودعم الموهوبين وتحقيق العدالة الثقافية بين أطياف المجتمع المصري.
 

مقالات مشابهة

  • وزير الشؤون الاجتماعية يُحيي صمود عمال اليمن ومواقفهم الوطنية ضد العدوان
  • برلماني: رفع الحد الأدنى للأجور خطوة حاسمة نحو العدالة الاجتماعية
  • الأسدي يوجه بشمول مواطن من ذوي الإعاقة بالحماية الاجتماعية
  • وزيرة التضامن تستعرض تجربة مصر في الحماية الاجتماعية بسنغافورة
  • الرافدين: اطلاق رواتب المشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية لشهر أيار
  • الدعم النفسي للمرأة ومواجهة التحديات الاجتماعية في مناقشات ملتقى "أهل مصر" بالعريش
  • كشمير المتنازع عليها.. إليكم جذور الصراع وحدوده على الخريطة
  • النائب العام السعودي باجتماع مع نظيره الروسي يؤكد قرب تسوية مسألة استئناف الرحلات بين البلدين
  • «مسعود» يبحث مع وفد من القيادات الاجتماعية دورهم في احتواء الشباب
  • محافظ الطائف يدشن ملتقى المسؤولية الاجتماعية وبرامجه العلمية والاقتصادية