7 آثار سلبية لامتلاء القلب بالكبر.. ودعوة قرآنية لحياة نقية
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
استعرض الدكتور عطية لاشين أستاذ الشريعة والقانون وعضو لجنة الفتوى بالأزهر بعض المعاني العظيمة من خطبة اليوم الجمعة الثانية من شهر شعبان لعام 1446هـ، المستوحاة من قوله تعالى في سورة الأنعام:﴿وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ﴾ [الأنعام: 120]
وقال لاشين أن هذه الآية الكريمة تحمل رسالة شاملة لكل مسلم، تدعوه إلى طهارة الباطن وتجميل الظاهر، فلا يقتصر الإسلام على الأفعال الظاهرة فقط، بل يمتد إلى نقاء القلب وسلامة الصدر من الأمراض القلبية كالكبر والحسد والعجب.
وتابع: يوضح العلماء أن الأمر بترك الإثم لا يعني فقط الابتعاد عن المعاصي الظاهرة مثل الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، بل يمتد ليشمل النقاء الداخلي من كل ما يعكر صفاء القلب، مثل الكبر، الحسد، الحقد، والتعالي على الناس.
1- تجميل الظاهر بطاعة الله والابتعاد عن المعاصيأن يكون المسلم في المواضع التي أمره الله بها، كالصلاة، والصيام، والزكاة، والعبادات الأخرى.أن يبتعد عن المحرمات الظاهرة مثل الزنا، السرقة، شرب الخمر، وأكل الحرام.أن يكون سلوكه وأخلاقه متماشية مع تعاليم الإسلام، فلا يكذب، ولا يخدع، ولا يظلم.2- تنقية الباطن من الأمراض القلبيةأن يطهّر قلبه من الحسد، الكبر، العجب، الحقد، والنفاق.أن يسعى إلى التواضع والتسامح وصفاء النية.أن يبتعد عن الرياء وحب الظهور والتفاخر على الناس.عقوبات لمن لم يجتنب ظاهر الإثمذكر القرآن الكريم عقوبات صارمة على بعض الذنوب الظاهرة، مثل:
الزنا: قال الله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: 2].السرقة: قال الله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: 38].مدح الله لأصحاب القلوب الطاهرةوأضاف لاشين أنه على الجانب الآخر، امتدح الله تعالى أصحاب القلوب النقية، فقال:﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء: 88-89].
وقد كان القلب السليم سببًا في أن يبشر النبي صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة بدخول الجنة ثلاث مرات متتالية، وحين سأله عبد الله بن عمر عن السبب، قال:"لم يكن إلا ما ترى، غير أني أبيت وليس في قلبي غل لأحد."
الآثار السلبية لامتلاء القلب بالكبرالقرآن الكريم يحذر بشدة من القلوب المتكبرة، ويبين عواقبها الخطيرة:
الله لا يحب المتكبرين:﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ﴾ [النحل: 23].
الطبع على القلب:﴿كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ قَلْبِ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ [غافر: 35].
منع الفهم عن آيات الله:﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ [الأعراف: 146].
تشبيه المتكبر بإبليس:﴿إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 34].
يجعله الله عبرة لغيره:﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً﴾ [يونس: 92].
المتكبر محروم من دخول الجنة:قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر." (رواه مسلم).
المتكبر ينازع الله في صفاته:في الحديث القدسي، قال الله تعالى:"العظمة إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحدًا منهما عذبته ولا أبالي."
دعوة إلى التواضع والإصلاح الداخليإن الإسلام يدعونا إلى التوازن بين صلاح الظاهر ونقاء الباطن، فلا يكفي أن نؤدي العبادات ونحن نحمل قلوبًا ممتلئة بالحقد والكبر، كما لا يكفي أن يكون القلب نقيًا إذا لم يكن العمل مطابقًا لأوامر الله.
فلنحرص على أن يجدنا الله حيث أمرنا، ويفتقدنا حيث نهانا، ولنكن من الذين قال عنهم الله:﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: 4].
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإثم الظاهر الباطن الكبر الله لاشين الله تعالى
إقرأ أيضاً:
10 كلمات طيبات أوصانا النبي بترديدهم.. علي جمعة يكشف عنهم
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن سيدنا النبي ﷺ: يقول «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب»؛ لأن القلب إذا ما صلح ؛صلح له أن يتقبل واردات الأحوال من الخشوع ، من المعرفة، من أن يفتح الله له شيئًا يفهم به مراد الله من خلقه، ومراد الله من عباده، ومراد الله في عبادته سبحانه وتعالى، «إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله».
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، ان النبي ﷺ يقول: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسادكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم».
وكما أن الجوارح لها أعمال، فإن القلب له أعمال أيضًا، وطريقنا إلى الله سبحانه وتعالى مبنيٌّ على أمرين هم من واردات الأحوال: التخلية، والتحلية، وينتج منهما أمر ثالث وهو: التجلية.
التخلية: أن تخلي قلبك من كل قبيح، والقبيح عرفه رسول الله ﷺ لنا، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، جعل منه الكبر، وجعل منه الضغينة، وجعل منه الحسد، وجعل منه الحقد، وجعل منه الأخلاق السيئة، نريد أن نخلي قلوبنا منها، كيف نخلي قلوبنا من هذا؟،هذا يتم بذكر الله {أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} وذكر الله سبحانه وتعالى علمنا إياه رسول الله ﷺ أنه بعد كل صلاة وفي دبر كل صلاة نسبح ثلاثًا وثلاثين، ونحمد ثلاثًا وثلاثين، ونكبر ثلاثًا وثلاثين.
علمنا رسول الله ﷺ ما قال عنه العلماء بالكلمات العشر الطيبات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، -ويسمون بالباقيات الصالحات؛ لأنها تبقى بعد الإنسان وبعد موته في قبره-، وعلمنا الاستغفار، وعلمنا لا حول ولا قوة إلا بالله، وعلمنا توكلت على الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وعلمنا الصلاة عليه ﷺ.
التقوى هي هدف وغاية أحكام الإسلام
كما قال علي جمعة : إذا ما تدبرنا الآيات المحكمات في كتاب الله تعالى, نجد أن التقوى هي هدف وغاية أحكام الإسلام, ففي العبادة عموما يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:21]، وبشيء من التفصيل يقول سبحانه عن فريضة الصيام: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:183]، وفي شعيرة الحج يقول جل وعلا: (الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ) [البقرة:197]، وفي المعاملات بين الله تعالى حكمته في الأمر بالقصاص فقال: (وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:179]، ولماذا أمر عباده باتباع الصراط المستقيم والبعد عن الطرق الأخرى قال عز وجل: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام:153]، وجاء الأمر النبوي بعموم التقوى في الزمان والمكان والحال فقال: (اتق الله حيثما كنت, وأتبع السيئة الحسنة تمحها, وخالق الناس بخلق حسن) [أخرجه الترمذي] فإذا تحقق المرء بالتقوى في شئونه كلها نال ثمرتها العظيمة التي تضمن له السعادة في الدنيا والنجاة والفوز في الآخرة, ومن هذه الثمرات المباركة:
1- حصول محبة الله تعالى, قال تعالى: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ) [التوبة:4].
2- نزول رحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة, قال تعالى: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) [الأعراف:156]، وقال: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأنعام:155].
3- الدخول في معية الله ونصره, قال سبحانه: (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) [النحل:128]، وقال: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ) [التوبة:36].
4- حصول الأمن من الخوف والحزن, قال تعالى: (فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الأعراف:35]، وقال: (وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الزُّمر:61].