في عام 1882، شهدت مصر إصدار أول دستور حديث في تاريخها، في محاولة لترسيخ مبادئ الحكم الدستوري، وتقييد سلطات الخديوي، ومنح المصريين دورًا أكبر في إدارة شؤون بلادهم. جاء هذا الدستور في ظل حكم الخديوي توفيق، وسط اضطرابات سياسية وحراك وطني متصاعد، لكنه لم يستمر طويلًا بسبب التدخل البريطاني وإجهاض التجربة الدستورية الوليدة.

خلفية إصدار دستور 1882

مع تصاعد النفوذ الأوروبي في مصر خلال القرن التاسع عشر، وخصوصًا بعد أزمة الديون الخارجية في عهد الخديوي إسماعيل (1863-1879)، بدأت المطالبات بإصلاحات سياسية تهدف إلى تقليل التدخل الأجنبي وتعزيز سلطة المصريين في الحكم.

بعد عزل إسماعيل وتولي الخديوي توفيق الحكم، تصاعد الغضب الشعبي، خاصة بين الضباط الوطنيين بزعامة أحمد عرابي، الذين طالبوا بإصلاحات دستورية تمنح المصريين دورًا أكبر في السلطة. وتحت ضغط القوى الوطنية، اضطر توفيق إلى إصدار دستور 1882، الذي كان بمثابة خطوة نحو إقامة حكم نيابي حقيقي.

ملامح دستور 1882

جاء الدستور مستوحى من النماذج الأوروبية، وخاصة التجربة الدستورية البريطانية، وتضمن عدة مبادئ أساسية، أبرزها:

إنشاء مجلس نواب منتخب يتمتع بصلاحيات تشريعية، ويشارك في إدارة شؤون الدولة.

تقييد سلطات الخديوي، بحيث لا يمكنه اتخاذ قرارات كبرى دون موافقة البرلمان.

إقرار مبدأ الفصل بين السلطات، لضمان عدم تغول السلطة التنفيذية على التشريعية.

إعطاء البرلمان سلطة مراقبة الميزانية، ما كان يمثل خطوة غير مسبوقة نحو الحكم النيابي.

مصير الدستور والتدخل البريطاني

رغم أن دستور 1882 كان يعد خطوة تقدمية، فإن الأحداث السياسية المتسارعة حالت دون استمراره. تزامن صدوره مع تصاعد الثورة العرابية، التي طالبت بمزيد من الإصلاحات السياسية والعسكرية، ورفض التدخل الأجنبي في شؤون مصر.

خافت بريطانيا وفرنسا من فقدان نفوذهما، فمارستا ضغوطًا على الخديوي لإلغاء الدستور، ثم شنت بريطانيا حملتها العسكرية على مصر في سبتمبر 1882، واحتلت البلاد بعد معركة التل الكبير. وبذلك تم إلغاء الدستور عمليًا، ووُضعت مصر تحت السيطرة البريطانية، مما أدى إلى تأجيل المشروع الدستوري لعقود لاحقة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: البرلمان الدستور الخديوي إسماعيل الخديوي توفيق أحمد عرابي المزيد

إقرأ أيضاً:

عمران: مشروع الدستور يعالج الفيدرالية والمماطلة تعمّق الأزمة

ليبيا – ???? عمران: مشروع الدستور يعالج الفيدرالية والمماطلة في إقراره تعمّق الأزمة

علّقت نادية عمران، عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، على الجدل الذي أثاره نائب رئيس المجلس الرئاسي موسى الكوني حول تطبيق النظام الفيدرالي في ليبيا، مؤكدة أن مشروع الدستور الذي أنجزته الهيئة يعالج القضية بشكل متوازن.

⚖️ التجربة الفيدرالية السابقة وإشكالياتها

في حوار هاتفي مع برنامج “حوار المساء” على قناة “التناصح“، أوضحت عمران أن ليبيا كانت تتبع النظام الفيدرالي في عام 1951، لكنه أُلغي بسبب مشاكل عميقة تتعلق بتوزيع الاختصاصات بين السلطة المركزية والأقاليم، حيث كانت الأقاليم نفسها تعاني من المركزية.

وتساءلت: “هل مشكلة ليبيا تكمن في الفيدرالية؟”، مشيرة إلى أن الليبيين يسعون في الواقع إلى تحقيق المساواة في الخدمات والحقوق، وليس إلى التقسيم.

???? مشروع الدستور يعزز وحدة ليبيا بمنح صلاحيات للسلطات المحلية

أكدت عمران أن مشروع الدستور يحافظ على وحدة ليبيا، لكنه في المقابل يمنح صلاحيات أوسع للسلطات المحلية بهدف معالجة مشكلات الخدمات وضمان توزيع عادل للموارد.

????️ مماطلة في إقرار الدستور ودور البعثة الأممية

انتقدت عمران التأخير في إقرار الدستور، موضحة أن غسان سلامة، المبعوث الأممي السابق، كان قد حثّ أعضاء الهيئة على التوافق وإنجاز المشروع، لكنه تراجع بعد إنجازه، متحججًا بعدم التوافق والإشكاليات القانونية.

وأشارت إلى أن الجدل القانوني حُسم بحكم الدائرة الإدارية في المحكمة العليا عام 2018، لكن سلامة تمسك بضرورة وجود “قاعدة دستورية”، مما أدى إلى مزيد من التعطيل. ورغم إصدار مجلس النواب لقانون الاستفتاء في نوفمبر 2018، إلا أنه تضمّن عيبًا قانونيًا يتمثل في تقسيم ليبيا إلى ثلاثة أقاليم.

???? تأثير المجتمع الدولي وتأخير الاستفتاء

ذكرت عمران أن الهيئة التأسيسية تواصلت مع المجلس الرئاسي والحكومة عدة مرات، لكن المجلس الرئاسي يبقى مقيّدًا بمواقف البعثة الأممية، حيث أن المجتمع الدولي هو من يمنحه الشرعية.

???? إمكانية إجراء استفتاء إلكتروني

أوضحت عمران أن حكومة الوحدة الوطنية لديها القدرة على إجراء استفتاء إلكتروني على مشروع الدستور في جميع أنحاء ليبيا، لكنها أشارت إلى أن بعض الأطراف تسعى لعرقلة العملية، لأن اعتماد الدستور سينهي الجدل القانوني والسياسي، مما يعني فقدانهم الحجج لاستمرار الوضع الراهن.

????️ إقرار الدستور هو الحل الوحيد لإنهاء الأزمة

اختتمت عمران حديثها بالقول: “الكل يعيش على الخلاف حول مشروع الدستور ويقتات عليه”، مؤكدة أن إقرار الدستور هو الحل الوحيد لإنهاء الأزمة السياسية في ليبيا.

Previous ليبيا تطالب الأمم المتحدة بتعزيز دعمها لبرنامج العودة الطوعية للمهاجرين Related Posts ليبيا تطالب الأمم المتحدة بتعزيز دعمها لبرنامج العودة الطوعية للمهاجرين محلي 7 مارس، 2025 بداية فصل جديد في العلاقات بين طرابلس والمغرب بعد لقاء بوريطة والباعور محلي 7 مارس، 2025 أحدث المقالات عمران: مشروع الدستور يعالج الفيدرالية والمماطلة تعمّق الأزمة ليبيا تطالب الأمم المتحدة بتعزيز دعمها لبرنامج العودة الطوعية للمهاجرين المقاتلات الجوية الأمريكية تدخل مرحلة الشيخوخة ونسبة 62% منها خارج الخدمة بداية فصل جديد في العلاقات بين طرابلس والمغرب بعد لقاء بوريطة والباعور بمليارات الدولارات.. كندا تعزز وجودها العسكري في المنطقة القطبية الشمالية

ليبية يومية شاملة

جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results

مقالات مشابهة

  • دستور عدالة المحاكم.. ماذا تعرف عن قرار الضبط والإحضار؟
  • حسين فهمي: كل الأعمال اللي جسدت شخصية الخديوي إسماعيل وحشة
  • خطوة مفاجئة من الفيفا تغير مجرى تاريخ كأس العالم.. ماذا حدث؟
  • حجز محاكمة متهم بخلية الماريوت للحكم بجلسة 25 مارس
  • المحكمة العليا تحتفل بيوم القضاء الدستوري المصري بمؤلف جديد
  • المحكمة الدستورية تحتفل بيوم القضاء الدستوري
  • عمران: مشروع الدستور يعالج الفيدرالية والمماطلة تعمّق الأزمة
  • إطلاق اسم الدكتور توفيق الربيعة على أحد شوارع سدير للصناعة
  • دستور تحالف السودان التأسيسي هل يصمد أمام نقض المواثيق العهود؟
  • معالم في طريق استقرار الحكم في السودان (5-10)