خطيب المسجد النبوي: الدنيا دار ابتلاء لا يجزع فيها العبد المؤمن
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
قال الشيخ الدكتور صلاح بن محمد البدير، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن الدنيا دار نكدٍ وكدر، فجائعها تملأ الوجود، وأحزانها كلما تمضي تعود، وكل يَوْم نرى راحلًا مشيعًا، وشملًا مصدَّعًا، وقريبًا مودَّعًا، وحبيبًا مفجَّعًا.
دار نكد وكدروأوضح " البدير " خلال خطبة الجمعة الثانية من شعبان اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة ، أن من رام في الدنيا حياةً خالية من الهموم والأكدار ، فقد رام محالًا، منوهًا بفضل الصبر على البلايا والمحن، واليقين والرضا بقدر الله عند حصول الفواجع والأحزان.
وأكد أن الدنيا دار ابتلاء، لا يجزع فيها العبد المؤمن، ولا يقنط من فرج ربّه ورحمته، مشيرًا إلى أن من آمن بالقضاء والقدر هانت عليه المصائب، فلا يكون شيء في الكون إلا بعلم الله وإرادته، ولا يخرج شيء في العالم إلا عن مشيئته، ولا يصدر أمر إلا عن تدبيره وتقديره.
وأضاف أن لله فِي خلقه أقدار ماضية، لا تُردُّ حكامها، ولا تصدّ عن الأغراض سهامها، وليس أحد تصيبه عثرة قدم ولا اختلاج عرق ولا خدش عود إلا وهو في القدر المقدور والقضاء المطور، موصيًا العباد على عدم استعجال حوادث الأيام إذا نزلت.
وتابع: أو الجزع من البلايا إذا أعضلت، أو استطالة زمن البلاء وأن لا يقنطوا من فرج الله ولا يقطعوا الرجاء من الرحمن الرحيم، فكل بلاء وإن جلّ زائل، وكلّ همّ وإن ثقل حائل، وإن بعد العسر يسرًا، وبعد الهزيمة نصرًا! وبعد الكدر صفوًا، وبعد المطر صحوًا.
تنزل الرحمةونبه إلى أن عِنْد تناهي الشدَّة تنزل الرحمة، وعند تضايق البلاء يكون الرخَاء، فلا يكونوا ضحايا القلق وجلساء الكآبة، وسجناء التشاؤم وأسارى الهموم، فسموم الهموم تشتّت الأفكار، وتقصر الأعمار، لافتًا إلى أن الكمد على الشيء الفائت والتلهف عليه.
واستطرد: وشدة الندامة والاغتمام له، وفرطُ التحسّر وكثرة التأسف والاستسلام للأحزان يقتل النفس، ويذيب القلب، ويهدم البدن، محذرًا من الإفراط في الأحزان وتهييج ما سكن من الآلام والغرق في الغموم والهموم، والإسراف في تذكّر المصائب والأوجاع.
وأوصى بالاسترجاع بذكر الله والإيمان بقضائه وقدره، إذ جعل الله الاسترجاع ملجأ لذوي المصائب، وعصمة للممتحنين، ووعد الصابرين المسترجعين بمغفرته ورحمته جزاء اصطبارهم على محنه وتسليمهم لقضائه.
واستشهد بما روي عن أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللهُ: إِنَّا لِلهِ وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا" أخرجه مسلم.
جنة المؤمنوأفاد بأن الصبر جنّة المؤمن، وحصن المتوكل، داعيًا إلى لزوم الصبر على حلو القضاء ومره، وعلى غمرات البلاء وصدماته، على نكبات الدهر ومصيباته، ففي الصبر مسلاة للأحزان، فما صفا لامرئ عيش ولا دامت لحيّ لذة.
وبين أنه من وطّن نفسه على الصبر لم يجد للأذى مسًا، ومن صبر على تجرّع الغُصص واحتمال البلايا وأقدار الله المؤلمة صبّ عليه الأجر صبًّا، فالمؤمن يكون صبره بحسن اليقين الذي يزيد الآمال انفساحًا، والصدور انشراحًا، والنفوس ارتياحًا.
وحثّ على ملازمة قراءة القرآن لأن فيه مسلاة للقلوب، ومسراة للكروب، وبها تصغر نازلة الخطوبه، كما أن لقاء الأصدقاء الصلحاء النصحاء عافية للبدن، وجلاء للحزن، كما أن مما يِبردُ حرّ المصائبُ، ويخفف مرارتها أن يعلم المبتلى بما أصيب به غيره من الناس مما هو أعظم من مصيبته وبيلته، وأن يعلم أن الأنبياء والأولياء لم يخلُ أحدهم مدة عمره عن المحن الابتلاء.
ونوه بأن الأوجاع والأمراض والمصيبات تكفّر الخطايا والسيئات، كما روى أَبِي سَعِيدٍ وأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وصَبٍ، ولَا نَصَبٍ، ولَا سَقَمٍ، ولَا حَزَنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهِمُّهُ إِلَّا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ" أخرجه مسلم.
وأشار إلى أن من أمسك نفسه ولسانه عن التسخّط والاعتراض لم يؤاخذ على بكاء عينه وحزن قلبه، واختلاج الألم في صدره، وإنما الذم واللوم والإثم على من لطم وناح وتسخْط واعترض وجزع، مضيفًا أن تأنيس المبتلى المحزون وتسليته، وتهوين المصيبة عليه، والربط على قلبه، وتعزية نفسه المفجوعة والتخفيف عنها من الأعمال النبيلة، والقربات الجليلة.
وتوجه بالدعاء والتضرْع للمولى جل وعلا أن ينصر إخواننا في فلسطين، على الطغاة المحتلين، وأن يطهّر المسجد الأقصى من اليهود الغاصبين، وأن يحفظ أهلنا في فلسطين ويجبر كسرهم، ويعجّل نصرهم، ويقيل عثرتهم، ويكشف كربتهم، ويفك أسراهم، ويشفِ مرضاهم، ويتقبل موتاهم في الشهداء.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: خطيب المسجد النبوي خطبة الجمعة من المسجد النبوي إمام وخطيب المسجد النبوي المزيد إلى أن
إقرأ أيضاً:
مركز ضيافة الأطفال بالمسجد النبوي يستقبل أكثر من 20 ألف طفل
ساهم مركز ضيافة الأطفال في المسجد النبوي، التابع للهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين، في تعزيز السكينة والطمأنينة لضيوف الرحمن، حيث استفاد من خدماته منذ بداية تشغيله أكثر من 20,784 طفلًا، بمعدل استقبال يومي يصل إلى 125 طفلًا.
ويُعَدّ المركز بيئة آمنة ومتكاملة لرعاية الأطفال، ما يتيح لذويهم أداء العبادات بكل راحة واطمئنان، في إطار الجهود الحثيثة التي تبذلها الهيئة للارتقاء بالخدمات المقدمة في المسجد النبوي.
أخبار متعلقة نقل مواطن من تركيا عبر طائرة الإخلاء الطبيدرجات الحرارة الصفرية تُجمد المياه في الأماكن المفتوحة بتبوك .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } مركز ضيافة الأطفال بالمسجد النبوي يستقبل أكثر من 20 ألف طفل عناية فائقةواستقبل المركز أطفالًا من89 جنسية مختلفة، ما يعكس التنوع الثقافي بين زوار المسجد النبوي، وقد توزعت أعداد المستفيدين بين 14,145 طفلًا من الناطقين باللغة العربية، و6,639 طفلًا من غير الناطقين بها، حيث يحرص المركز على توفير بيئة تفاعلية تتناسب مع احتياجات جميع الأطفال، بغض النظر عن خلفياتهم اللغوية والثقافية.
وأظهرت نتائج استطلاعات الرأي رضا 96.49% من المستفيدين عن الخدمات المقدمة، ما يعكس جودة الرعاية والعناية الفائقة التي يحظى بها الأطفال داخل المركز.
ويأتي هذا الإنجاز ضمن جهود المملكة العربية السعودية في خدمة زوار المسجد النبوي، وتوفير كافة السبل التي تسهم في تسهيل أداء مناسكهم بيسر وسهولة، تأكيدًا على رسالتها في العناية بالحرمين الشريفين وضيوف الرحمن من مختلف أنحاء العالم.