ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور عبد الفتاح العواري، عضو مجمع البحوث الإسلامية، ودار موضوعها حول شهر شعبان وتحويل القبلة.

وقال الدكتور عبد الفتاح العواري: إن شهر شعبان يرتبط ارتباطاً وثيقاً بشهر رجب؛ حيث إن في كلا الشهرين أحداث عظام، ذكَّر المولى عزّ وجلَّ بها الأمة وبين لها أن تلك الأحداث تمثل هويتها، وتعد جزءًا لا يمكن أن يُمحى من عقيدتها، ومن بين هذه الأحداث ما جاء في قول الحق: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ في رجب، ومن الأحداث العظيمة التي حدثت في شهر شعبان: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾ فبين الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس بفلسطين، وتحويل القبلة من بيت المقدس بفلسطين إلى الكعبة المشرفة في المسجد الحرام ارتباط وثيق، وهو ما يدعونا أن تنتبه لدلالاته فلا تمر مرور الكرام، وتنقضي تلك الأحداث بانقضاء زمنها.

وأكد عضو مجمع البحوث الإسلامية، أهمية أن تعيش الأمة تلك الأحداث وأن تطبقها لأن الله سبحانه وتعالى أعطى لتلك الأمة وحملها ميراث الوحي الإلهي فهي مسئولة مسئولية تامة عن إرث النبوة ورسالة الرسل، وبهذا استحقت أن تكون أمة شاهدة على الأمم يوم القيامة، قال تعالى: وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾، تلك منزلة الأمة وهي تعيش ذكرياتها وتتأمل أحداث تلك الذكريات التي تقع في الزمن المتقارب في شهرين متتاليين. 

وأوضح أنه يجب على أمة الإسلام أن تنتبه وأن تعيش الأحداث ولا تكتفي بإحيائها فقط، بل عليها أن تعيشها عملياً وأن تطبقها سلوكياً لتبقى لها المقومات وتستقيم الأمور في المعاش، وللحفاظ على الأموال والأعراض والدماء، وعبادة الله حيث أراد أن يُعبد، فتبذل النفس والنفيس من أجل حماية تلك المقدسات التي تجري أحداثها في شهرين متتاليين.

وحذر خطيب الأزهر، الأمة الإسلامية من التشتت والاستسلام، وعليها أن تستلهم الدروس من الأحداث التاريخية التي انتهت لصالح الحق، لأن الله سبحانه وتعالى هو العدل لذلك فهو ناصر الحق ولو بعد حين، ولكن علينا التمسك به، دون تفريط، لأن الحق أحق أن يتبع، قال تعالى: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ﴾، لكن هذا التمسك لابد له من قوة وجلد، لتحمي حقوقها قال تعالى: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾، وهو توجيه صريح من الحق سبحانه وتعالى للأمة بأكملها ينهاها عن الوهن والحزن، والحق سبحانه وتعالى يبين لنا أننا نحن الأعلى شريطة أن نحقق ما أراد الله منا، قال تعالى: ﴿إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾، لأن العزة والكرامة تحتاج إلى جهد وعرق، وبذل الجهد والطاقة، كما تحتاج إلى التعاون والوحدة، لأن الظَلَمة لا يرحمون ولا يرقبون في مؤمن إلاَّ ولا ذمة، ولا عهد لهم ولا كرامة، يخونون العهود ولا يحترمون المواثيق، لهذا يجب أن تكون أمة الإسلام على قدر المسئولية كما أراد الله لكم، ﴿فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ﴾، فإن النصر لكم متى عرفتم الحق ووحدتم الصف، وأخذتم من نهج نبيكم ﷺ وتمسكتم به، فيومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: القوة اليهود الكرامة الجامع الأزهر خطيب الأزهر العزة المزيد سبحانه وتعالى قال تعالى

إقرأ أيضاً:

10 كلمات طيبات أوصانا النبي بترديدهم.. علي جمعة يكشف عنهم

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن سيدنا النبي ﷺ: يقول «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب»؛ لأن القلب إذا ما صلح ؛صلح له أن يتقبل واردات الأحوال من الخشوع ، من المعرفة، من أن يفتح الله له شيئًا يفهم به مراد الله من خلقه، ومراد الله من عباده، ومراد الله في عبادته سبحانه وتعالى، «إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله».

وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، ان النبي ﷺ يقول: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسادكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم».

وكما أن الجوارح لها أعمال، فإن القلب له أعمال أيضًا، وطريقنا إلى الله سبحانه وتعالى مبنيٌّ على أمرين هم من واردات الأحوال: التخلية، والتحلية، وينتج منهما أمر ثالث وهو: التجلية.

دعاء الصباح مكتوب.. يجلب الرزق وييسر الأمورحكم ترديد أدعية من القرآن في السجود.. الإفتاء توضح

التخلية: أن تخلي قلبك من كل قبيح، والقبيح عرفه رسول الله ﷺ لنا، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، جعل منه الكبر، وجعل منه الضغينة، وجعل منه الحسد، وجعل منه الحقد، وجعل منه الأخلاق السيئة، نريد أن نخلي قلوبنا منها، كيف نخلي قلوبنا من هذا؟،هذا يتم بذكر الله {أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} وذكر الله سبحانه وتعالى علمنا إياه رسول الله ﷺ أنه بعد كل صلاة وفي دبر كل صلاة نسبح ثلاثًا وثلاثين، ونحمد ثلاثًا وثلاثين، ونكبر ثلاثًا وثلاثين.

علمنا رسول الله ﷺ ما قال عنه العلماء بالكلمات العشر الطيبات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، -ويسمون بالباقيات الصالحات؛ لأنها تبقى بعد الإنسان وبعد موته في قبره-، وعلمنا الاستغفار، وعلمنا لا حول ولا قوة إلا بالله، وعلمنا توكلت على الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وعلمنا الصلاة عليه ﷺ.

التقوى هي هدف وغاية أحكام الإسلام‏
كما قال علي جمعة : إذا ما تدبرنا الآيات المحكمات في كتاب الله تعالى‏,‏ نجد أن التقوى هي هدف وغاية أحكام الإسلام‏,‏ ففي العبادة عموما يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:21]، وبشيء من التفصيل يقول سبحانه عن فريضة الصيام: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:183]، وفي شعيرة الحج يقول جل وعلا: (الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ) [البقرة:197]، وفي المعاملات بين الله تعالى حكمته في الأمر بالقصاص فقال: (وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:179]، ولماذا أمر عباده باتباع الصراط المستقيم والبعد عن الطرق الأخرى قال عز وجل: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام:153]، وجاء الأمر النبوي بعموم التقوى في الزمان والمكان والحال فقال‏: (اتق الله حيثما كنت‏,‏ وأتبع السيئة الحسنة تمحها‏,‏ وخالق الناس بخلق حسن‏) [‏أخرجه الترمذي] ‏فإذا تحقق المرء بالتقوى في شئونه كلها نال ثمرتها العظيمة التي تضمن له السعادة في الدنيا والنجاة والفوز في الآخرة‏, ‏ومن هذه الثمرات المباركة‏:
‏‏1- حصول محبة الله تعالى‏,‏ قال تعالى: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ) [التوبة:4].
2- نزول رحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة‏, ‏قال تعالى: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) [الأعراف:156]، وقال: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأنعام:155].
‏‏3- الدخول في معية الله ونصره‏,‏ قال سبحانه: (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) [النحل:128]، وقال: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ) [التوبة:36].
4- حصول الأمن من الخوف والحزن‏,‏ قال تعالى: (فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الأعراف:35]، وقال: (وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الزُّمر:61].

مقالات مشابهة

  • كيف يبدأ الإنسان بالتغيير من نفسه؟.. علي جمعة يوضح
  • ما علاج قسوة القلب؟.. علي جمعة يقدم الروشتة الشرعية
  • علي جمعة يوضح الفرق بين الاستغفار والتوبة
  • 10 كلمات طيبات أوصانا النبي بترديدهم.. علي جمعة يكشف عنهم
  • علي جمعة: الرحمة خُلق الانبياء والقسوة طريق الضلال والهلاك
  • رداً على فتاوى التخذيل .. الجهاد إيمان وعزيمة لا ميزان قوى، أو معادلة رياضية تقاس بعدد الدبابات والطائرات
  • غزة معها المولى سبحانه
  • وفد «كنائس من أجل السلام»: نرفض التهجير القسري وندعم الأزهر في دفاعه عن فلسطين
  • وكيل الأزهر يستقبل وفد «كنائس من أجل السلام» ويشيد بموقف جنوب إفريقيا تجاه عدوان غزة
  • لمناقشة سُبُل دعم القضيَّة الفلسطينيَّة.. وكيل الأزهر يستقبل وفد منظمة «كنائس من أجل السَّلام»