التباين والتوازن المجتمعي مع الدكتور مجدي إسحق
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
شهد النادي الاجتماعي السوداني بأبوظبي، مساء الخميس 06/02/2025، ندوة حول "التباين والتوازن المجتمعي" قدمها الدكتور مجدي إسحق، استشاري الأمراض العصبية والنفسية والباحث في قضايا علم النفس السياسي.
حظيت الندوة بحضور جماهيري كبير من الجالية السودانية بأبوظبي، خاصة من العنصر النسائي، وشهدت مناقشات وحوارات أدارها ببراعة الدكتور فتحي خليل، رئيس المنتدى الثقافي بالنادي السوداني.
ناقشت الندوة تداعيات تفكك الروابط التقليدية التي كانت تعمل على صيانة النسيج الاجتماعي السوداني في الماضي. كما تناولت تجربة التعايش والتمازج بين قبيلتي المسيرية الرعوية ودينكا نقوك في منطقة أبيي، والتي قادها كلٌّ من بابو نمر والسلطان دينق مجوك. لم يكتفِ هذان القائدان بحل المشكلات الناجمة عن تداخل المراعي بين القبيلتين بحكمة وتجرد، بل أسَّسا علاقات إنسانية طيبة، حتى صار عهدهما مرجعًا في التعايش السلمي بين مختلف الإثنيات. إلا أن عدم تناولهما لجذور الأزمة وأسباب القهر الأخرى، بعد نجاحهما في معالجة القهر الاقتصادي، مثل التعالي العرقي وعدم احترام الاختلاف، أدى إلى انهيار العقد الاجتماعي بين المكونين الإثنيين، وهو ما لعبت عليه لاحقاً المصالح الحزبية الضيقة التي فرضت واقعاً من التعايش القسري، مما أدى إلى إشعال الحروب وفتح الباب واسعاً للتدخلات الأجنبية.
كما تطرق الدكتور مجدي إسحق إلى تأثير الإقصاء، وغياب الشفافية، وعدم تقبل الآخر المختلف، وفرض ثقافة المركز، وهي عوامل أدت إلى خلق واقع جديد تتحكم فيه القوة والصراع على الموارد. وقد أدى ذلك إلى تفاقم النزاعات بين المكونات المجتمعية، وازدياد مهددات الانقسام أكثر من أي وقت مضى.
ومن بين المحاور التي تناولها الدكتور مجدي إسحق، أسباب فشل التحالفات في تحقيق أهدافها، مستشهدًا بتحالف الحرية والتغيير كنموذج، حيث أرجع ذلك إلى غياب تقبل الاختلاف والتنوع، وغياب احترام كل طرف لدور الآخر المختلف.
وأكد الدكتور على الحاجة الملحة لتحقيق التوازن المجتمعي، مشيراً إلى صعوبة تحقيقه في بيئة يغذيها العنف والخوف. وأوضح أن استعادة هذا التوازن تتطلب إعادة النظر في مفاهيم العدالة، والمواطنة، والتعايش، بعيدًا عن النزعات الإقصائية والولاءات الضيقة. وهنا يأتي دور علم النفس السياسي في كشف العوامل النفسية التي تغذي الصراعات، سواء كانت نابعة من الإحساس بالظلم، أو الروايات التاريخية المتضاربة، أو التصورات الخاطئة عن الآخر.
وقد لامت الندوى قضايا حساسة في الوعي الجمعي السوداني يتجنب كثيرون التطرق إليها، مثل الهوية، والتاريخ المشترك، والتفاوت الاقتصادي بين الأقاليم، وغياب المشروع الوطني والعقد الاجتماعي. إلا أن تجاوز هذه القضايا دون معالجتها ليس خياراً إذا كان الهدف هو بناء مجتمع متوازن ومستقر. إن المراجعة النقدية للمسلَّمات الاجتماعية والسياسية، حتى وإن أثارت مقاومة، هي المدخل الحقيقي لأي تحول إيجابي، حيث يمكن استبدال القناعات المتحجرة برؤى أكثر انفتاحاً وتسامحاً، مما يمهد الطريق لسودان أكثر عدالةً وتماسكاً.
الانتقاد الوحيد الذي يمكن توجيهه لمنظمي الندوة هو عدم تسجيلها ونشرها، مما حال دون وصولها إلى قطاع أوسع من السودانيين الذين يعانون، بسبب ظروف الحرب والنزوح، من اختلالات عميقة في بنيتهم الاجتماعية، حيث زادت حدة التباينات العرقية، والجهوية، والاقتصادية في ظل هذه الحرب العبثية.
atifgassim@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
نائب محافظ الإسماعيلية: مهرجان الأفلام التسجيلية يعكس دور السينما في بناء الوعي المجتمعي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهد المهندس أحمد عصام، نائب محافظ الإسماعيلية، مساء اليوم الأربعاء، افتتاح الدورة الـ26 من مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، والذي يقام تحت رعاية وزارة الثقافة برئاسة المخرجة هالة جلال، وبحضور نخبة من صناع السينما والنقاد والفنانين من مختلف أنحاء العالم.
وفي كلمته خلال حفل الافتتاح، أكد نائب محافظ الإسماعيلية أن المهرجان أصبح حدثًا ثقافيًا وفنيًا دوليًا يعكس أهمية الأفلام التسجيلية والقصيرة كأداة للتواصل بين الشعوب، حيث تجمع صناع السينما والمهتمين بهذا الفن من مختلف الثقافات.
وأضاف "عامًا بعام، ننتظر انعقاد مهرجان الإسماعيلية الذي يعد أحد الملتقيات الفنية المهمة التي تجمع الفنانين من جميع أنحاء العالم، حيث يتحدث الجميع لغة واحدة، هي لغة الفن، للتواصل والتعبير عن أفكارهم ورؤاهم وتقديم رسائلهم من خلال إبداعاتهم".
وأشار نائب المحافظ إلى أن الأفلام التسجيلية تعتبر مرآة تعكس الواقع وتعبر عن التغيرات المجتمعية، فهي ليست مجرد وسيلة لتوثيق الأحداث والأشخاص، بل تمثل نافذة لفهم الماضي والحاضر، وتسهم في زيادة الوعي وتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والبيئية والسياسية.
وأضاف عصام أن هذه الأفلام تلعب دورًا محوريًا في التوعية والتغيير، فهي تساهم في فتح النقاشات وتعزيز التفكير النقدي، وتشجع على الإبداع وإيجاد الحلول لمختلف القضايا، مما يجعلها أداة قوية لإحداث تأثير إيجابي في المجتمعات.
وأوضح نائب محافظ الإسماعيلية أن المهرجان يشكل فرصة ذهبية للتبادل الثقافي بين الدول، حيث يعرض أفلامًا من مختلف بلدان العالم، مما يتيح للجمهور التعرف على ثقافات متنوعة وتجارب سينمائية فريدة.
وقال نائب محافظ الإسماعيلية "من خلال الأفلام التسجيلية، ننفتح على عوالم جديدة، ونعيش تجارب مختلفة، ونتعرف على شخصيات وأماكن لم نكن نعرفها من قبل، مما يعزز الشعور بالإنسانية المشتركة ويعمّق فهمنا للعالم من حولنا".
كما شدد نائب محافظ الإسماعيلية على أهمية دعم صناع الأفلام التسجيلية والقصيرة في مصر، وتوفير الفرص للشباب المبدعين لإبراز مواهبهم من خلال مثل هذه المنصات الفنية، مؤكدًا أن الإسماعيلية كانت ولا تزال حاضنة لهذا النوع من الفنون، ومكانًا مثاليًا لاستضافة هذا الحدث السينمائي الكبير.
وتتضمن فعاليات الدورة الـ26 من المهرجان عروضًا لمجموعة متنوعة من الأفلام التسجيلية والقصيرة، إلى جانب إقامة ندوات وورش عمل متخصصة بمشاركة صناع السينما والنقاد من داخل مصر وخارجها، كما سيتم تكريم عدد من الشخصيات السينمائية البارزة التي أثرت في مجال الأفلام التسجيلية والقصيرة.
ويعد مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، الذي تأسس عام 1991، أحد أقدم المهرجانات المتخصصة في هذا النوع من السينما على مستوى العالم العربي، ويهدف إلى تسليط الضوء على الأفلام التي تعكس قضايا إنسانية واجتماعية، وتشجع الإبداع في مجال الأفلام غير الروائية
وشهد حفل الافتتاح أجواءً احتفالية متميزة، حيث تم عرض فيلم ثريا في الافتتاحي للمهرجان، وسط حضور واسع من الجماهير والمهتمين بصناعة السينما، ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة مزيدًا من الفعاليات والعروض السينمائية، في إطار المهرجان الذي يستمر حتى 11 فبراير.