بغداد اليوم -  بغداد

في ظل التطورات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، عاد الجدل حول مستقبل الوجود الأمريكي في سوريا إلى الواجهة، خاصة بعد التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تحدث فيها عن إمكانية سحب القوات الأمريكية من هناك خلال الأشهر القليلة المقبلة. 

إلا أن التحركات الميدانية تكشف واقعاً مختلفاً، حيث يرى مراقبون أن واشنطن تعمل على تعزيز وجودها العسكري في شمال وشرق سوريا، مما يثير تساؤلات حول مدى جدية هذه التصريحات وأهدافها الفعلية.


مناورة سياسية

في حديث لـ"بغداد اليوم"، اعتبر العضو السابق في لجنة الأمن والدفاع النيابية عباس صروط أن حديث ترامب عن الانسحاب ليس سوى مناورة سياسية تهدف إلى خلق أوراق ضغط جديدة تخدم مصالح البيت الأبيض. 

وأكد أن الولايات المتحدة قامت خلال الفترة الماضية بتعزيز قواعدها في سوريا عبر إرسال مئات الجنود ونقل معدات عسكرية ثقيلة ومتوسطة، بالإضافة إلى نشر أنظمة دفاع جوي متطورة. 

هذا التصعيد، بحسب صروط، يعكس استراتيجية بعيدة المدى لا يمكن تفسيرها بكونها خطوة مؤقتة، بل تدل على توجه أمريكي لإعادة انتشار قواته في المنطقة مع التركيز على سوريا كمحور أساسي في السياسات المستقبلية.

التقارير الميدانية تشير إلى أن هناك نشاطاً متزايداً للطيران العسكري الأمريكي في الأجواء السورية، مع استمرار تدفق طائرات الشحن التي تحمل تعزيزات عسكرية إلى القواعد الأمريكية. 

هذا المشهد يتناقض بشكل واضح مع فكرة الانسحاب القريب التي يروج لها ترامب، الأمر الذي يعزز فرضية أن هذه التصريحات ليست سوى رسائل موجهة لأطراف مختلفة، سواء داخل الولايات المتحدة أو في المنطقة.


مؤشرات لتحالف ودوافع للبقاء

على المستوى السياسي، يشير صروط إلى أن العلاقات بين واشنطن ودمشق قد شهدت تطوراً ملحوظاً خلال الفترة الأخيرة، وهو ما قد يفسر تكثيف التحركات العسكرية الأمريكية في عدة مدن ومواقع استراتيجية داخل سوريا. 

ورغم حالة العداء الظاهر بين الجانبين، إلا أن بعض المؤشرات توحي بأن هناك قنوات تواصل غير معلنة قد تصل إلى مستوى شبه تحالف، وهو ما يجعل من بقاء القوات الأمريكية في سوريا أمراً يخدم مصالح الطرفين في بعض الجوانب.

من بين الدوافع الرئيسية التي تبقي الولايات المتحدة في سوريا، يبرز ملف النفط والغاز كعنصر محوري. فالسيطرة الأمريكية على العديد من الحقول النفطية تمنح واشنطن نفوذاً اقتصادياً وأداة ضغط في المشهد السوري، إضافة إلى دور هذا الوجود في حماية المصالح الإسرائيلية عبر فرض معادلات أمنية وعسكرية تمنع أي تهديدات إقليمية محتملة. ويرى صروط أن هذه العوامل تجعل من غير المرجح أن تقدم الإدارة الأمريكية على سحب قواتها بشكل كامل في المستقبل القريب، بل إن التحركات الأخيرة قد تشير إلى نية واشنطن في ترسيخ وجودها لسنوات قادمة.


سياسة متقلبة

على الصعيد الإقليمي، فإن استمرار التواجد العسكري الأمريكي في سوريا من شأنه أن يفاقم التوترات، سواء مع القوى الإقليمية الفاعلة أو مع الفصائل المحلية التي تعارض الوجود الأجنبي. 

كما أن السياسة الأمريكية المتقلبة في المنطقة قد تؤدي إلى مزيد من الغموض وعدم الاستقرار، خاصة مع تباين التوجهات داخل الإدارة الأمريكية نفسها حول التعامل مع الملف السوري.

في المحصلة، يبدو أن تصريحات ترامب حول الانسحاب من سوريا ليست سوى جزء من لعبة سياسية أوسع تهدف إلى تعزيز أوراق التفاوض الأمريكية، سواء في إطار الصراع السوري أو في سياقات أخرى تتعلق بالمنطقة ككل. 

وبينما تظل احتمالية الانسحاب قائمة على المستوى الإعلامي، فإن الحقائق على الأرض تشير إلى أن واشنطن ماضية في تعزيز وجودها العسكري، ما يعني أن المشهد السوري سيظل ساحة مفتوحة لحضور أمريكي طويل الأمد.


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الأمریکی فی فی سوریا

إقرأ أيضاً:

السيناتور الأمريكي «بيرني ساندرز»: ما يحدث في غزة تطهير عرقي وجريمة حرب

أعلن السيناتور الأمريكي «بيرني ساندرز»، اليوم الأربعاء، أن ما يحدث في غزة تطهير عرقي وجريمة حرب، حسبما أفادت قناة القاهرة الإخبارية في خبر عاجل منذ قليل.

وفي سياق متصل، ارتفعت حصيلة شهداء المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصفها منازل في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، إلى 30 شهيدًا بينهم 8 أطفال.

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية وفا بأن الاحتلال قصف منزلا مكونا من 4 طوابق بحي الشجاعية، ما أدى إلى تدمير المنزل وإلحاق أضرار بعشرة منازل مجاورة جميعها مأهولة بالسكان، ما أدى إلى استشهاد 30 فلسطينيًا على الأقل بينهم 8 أطفال وإصابة نحو 50 آخرين، مشيرة إلى أن طواقم الإسعاف والإنقاذ ما زالت تبحث عن مفقودين تحت الأنقاض، موضحة أن غالبية الضحايا نزحوا من أطراف الحي إلى وسطه، ولم يتمكنوا من النزوح إلى مكان آخر بسبب عدم وجود مكان آخر.

ومنذ استئنافه الإبادة الجماعية بغزة في 18 مارس الماضي، قتل الاحتلال الإسرائيلي نحو 1500 فلسطينيًا وأصاب آلاف آخرين، معظمهم أطفال ونساء.

اقرأ أيضاًجيش الاحتلال يداهم مخيم بلاطة للاجئين وينفذ غارات على 45 موقعا في غزة

عبد العاطي يبحث مع المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط سبل تنفيذ خطة إعمار غزة

عبد العاطي يستعرض مع نظيره الإماراتي الجهود المصرية للعودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار بغزة

مقالات مشابهة

  • واشنطن ترحب بالإعلان الدستوري السوري الجديد
  • ماذا يحدث عند إضافة الزيت الحار للطعام.. فوائد خارقة أبرزها علاج مرض نادر
  • في يونيو المقبل| قرار هام من فرنسا بشأن فلسطين.. ماذا يحدث؟
  • السيناتور الأمريكي «بيرني ساندرز»: ما يحدث في غزة تطهير عرقي وجريمة حرب
  • ماذا بعد؟.. وزير الخزانة الأمريكي يرد على خطوة الصين الانتقامية من واشنطن
  • ماذا يحدث في وزارة الدفاع الأمريكية؟.. البنتاجون يقيل قيادة جديدة
  • ماذا يحدث للبيئة والبشر إذا اختفى النحل؟
  • تصريحات جديدة من ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من غزة.. ماذا قال؟
  • شروط إدارة ترامب من سوريا لرفع العقوبات .. فهل من بينها إنهاء الوجود الروسي؟
  • لن تتوقع.. ماذا يحدث لجسمك عند تناول البرتقال؟