سويسرا.. تطوير مادة تعيد بناء العظام في وقت قياسي
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
سويسرا – ابتكر العلماء السويسريون مادة هلامية تعيد بنا العظام في أسبوعين فقط. وبعد حقنها زادت كثافة العظام بمقدار 2-3 مرات. وفي حال العلاج المركب ارتفعت إلى ما يقرب من 5 أضعاف.
وهشاشة العظام (Osteoporosis) هو مرض يحدث بسبب اختلال التوازن بين الخلايا التي تدمر أنسجة العظام والخلايا التي تبنيها. ويعاني من هشاشة العظام حول العالم ثلث النساء وخمس الرجال فوق سن الخمسين.
واقترح الباحثون من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في لوزان بديلا جديدا، وهو جل قابل للحقن (مادة هلامية) تم تطويره بالتعاون مع شركة Flowbone.
وتتكون هذه المادة من حمض الهيالورونيك، بصفته مكونا طبيعيا للأنسجة الضامة وجزيئات نانوية من هيدروكسيباتيت (المعدن الرئيسي لأنسجة العظام). ويتم حقنها في المناطق الضعيفة من العظام، حيث تعزز نمو أنسجة العظام. وفي التجارب المختبرية على الفئران زادت كثافة العظام في المناطق المعالجة بعد أسبوعين من الحقن بمقدار 3 مرات. وفي حال العلاج المركب الذي يتضمن العلاج الهرموني ودواء يبطئ تدمير العظام، ارتفعت الكثافة إلى ما يقرب من 5 أضعاف.
وتعطي المادة المبتكرة نتائج في غضون أسبوعين فقط، مقارنة بعام واحد خلال العلاج التقليدي مع آثار جانبية أقل. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن دمجها مع الأدوية الحالية لتحقيق أقصى فائدة.
وينتظر الباحثون حاليا موافقة الجهات المختصة على إجراء التجارب على البشر. وإذا تم تأكيد فعاليتها يمكن أن تصبح طفرة في علاج هشاشة العظام.
نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Bone.
المصدر: Naukatv.ru
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
“من هشاشة القيادة إلى حائط المبكى: البرهان يسجد غربًا”
ولأن الأحلام السيئة لا تموت، تحوّلت نبوءة الأب إلى فكرة ملحّة في ذهن الجنرال.
وهكذا خطرت الفكرة في رأسه… لا كقرار استراتيجي، بل كانت لحظة انخطاف رمزي، تتويجًا لوهم داخلي دفين: أن يكون لابن البرهان، أخيرًا، شيء يُذكر… ولو كان رسالة انبطاح مختومة بختم الرضا الإسرائيلي.
أرسل البرهان مبعوثه الشخصي إلى تل أبيب، لا ممثلًا لحكومة بورتسودان، بل كمقاول قلق في مزاد الشرعية الدولية، يبحث عن شهادة “حسن سير وسلوك” من الخارج ليُقنع العالم أن الجريمة قابلة للإخراج… متى ما توفّر لها راعٍ رسمي.
وبين تل أبيب وطهران، لا يبدو البرهان صاحب وجهة، بل زبونًا دائمًا في سوق الاصطفاف؛ وولاءً مشفوعًا بخيبة من إيران. ليس في هذه الرحلة ما يشي بالكرامة، بل كل ما فيها يشبه مشهدًا من كوميديا سوداء، جنرال هائم في متاهة، لا يعرف هل هو أمير حرب أم وسيط سلام، فيمد يده إلى الجميع وهو يخطو فوق جماجم الجميع.
ولأن مصير بعض الأحلام أن تُترجم على يد أبنائها إلى كوابيس قومية، قرر البرهان أن يصنع لهذا “الشأن” هيئة، ولو كانت على شكل ملف تطبيع.
لم يكن ذلك وفاءً لحنين عائلي، بل لأن الجنرال، في أعماقه، أراد أن يثبت لنفسه أن “الشيء العظيم” الذي تنبّأ به أبوه يمكن أن يكون شيئًا – أي شيء – حتى لو كان توقيعًا ذليلاً في دهليز دبلوماسي.
الخطوة التي خطاها الجنرال تعبّر عن ارتباك وقلق، لا عن رؤية. إذ يتأرجح البرهان بين طهران وتل أبيب، كما يتأرجح الغريق بين يدين لا تنويان إنقاذه.
لا مبدأ، لا بوصلة، لا اتساق… فقط غريزة باهتة للبقاء، أيًّا كانت التكلفة، وأيًّا كان ما يُقتطع من شرايين هذا الشعب المنهك.
سلطة الأمر الواقع الحاكمة اليوم لا تملك مشروعًا، ولا حتى خطابًا يمكن تمثيله. بل فقط سلسلة من التحركات الاستعراضية المصابة بـ”هوس القبول الخارجي”، كأنها تخوض امتحانًا شاقًا للحصول على تأشيرة للبقاء في سلطة لا يعترف بها أحد.
وهكذا يُبعث الفريق الصادق إسماعيل، لا كمبعوث سياسي، بل كخادم دبلوماسي في مطبخ بلا طهاة أو زبائن.
يحمل في جيبه قائمة طعام منتهية الصلاحية تُسمّى “موقف السودان الرسمي”، ويقدّمها بإيماءة موظف في شركة علاقات عامة.
يحمل بيانًا عن “رغبة السودان في استكمال اتفاقيات أبراهام”، ويعرض على الإسرائيليين انبطاحًا على الطريقة ما بعد السيادية: حين تصير الدولة ملحقًا دعائيًا، والجنرال ظلًا يحبو على ركبتيه ليحقق نبوءة أبيه… أيًّا كانت فداحة الثمن.
ولأنه لا شيء يُثير الشفقة مثل العجز حين يتزيّن بالبذلة العسكرية، فإن هذا الجنرال الذي يتسكع الآن بين العواصم، هو نسخة مشوهة من جنرال ماركيز، ذاك الذي ضاع في متاهة مجده.
أما جنرالنا، فغارق في متاهة نكرانه. لا يتيه في الحنين، بل في الخواء.
لا يحمل خريطة لأمجاد ضائعة، بل دفتر ديون معلّقة في كل سفارة.
يسأل العالم: من يشتري هذا البؤس السياسي؟ من يمنحنا ختم البقاء ولو على ورق مهترئ؟
الجنرال هنا لا يسير في ممرات التاريخ، بل في دهاليز المذلة.
يتوكأ على ماضٍ لم يكن له، ويقدّم وطنًا على طبق من الندم، مقابل أن يقول له أحد: “أنت لا تزال قابلاً للاستعمال.”
من يقرأ هذا المشهد لا يحتاج إلى الخيال، بل إلى قليل من غثيان.
لأن ما نراه ليس تسوية، بل قاعًا سياسيًا بلغ من الرداءة أن صاحبه لم يعد يفرّق بين الاعتراف والارتماء، بين التحالف والذل، بين أن تكون في موقع القرار، أو أن تكون في موقع التسوّل باسم وطنٍ لم تُجِد إلا خيانته.
قال أنطونيو غرامشي ذات مرة: “كل أزمة عظيمة تفرز مخلوقات غريبة.”
والبرهان، دون أدنى شك، هو الكائن الأكثر فرطًا في الغرابة بين تلك المخلوقات.
ليس لأنه دكتاتور كلاسيكي، بل لأنه بلا شكل، بلا مضمون، بلا أعداء حقيقيين ولا أصدقاء.
فقط يبحث عن أي سطح يعكس له وجهًا لا يعترف به أحد.
رجل يخطو بين العواصم مثل ظلٍ مرتجف، يحمل الخواء كمن يحمل صليبه، لكنه لا يُصلب من أجل فكرة، بل من أجل مقعد.
لقد أصبحت السلطة في السودان لا تملك بوصلة، بل خريطة مرسومة على ورق مبلول.
تتأرجح بين طهران وتل أبيب، بين المرتزقة والجنرالات، بين أعداء الأمس وأوهام الغد.
إنها لا تتقدّم، بل ترتجف.
سلطة فقدت لغتها، فصارت تتحدث بإيماءات شخصٍ يحدّق في مرآة متكسرة، فيرى نفسه في كل شظية مخلوقًا جديدًا، ثم يقنع نفسه أن هذا التمزق مكافأة تأويلية، لا عرضٌ جانبي للانهيار.
يا للمهزلة. يا للمفارقة حين تتحوّل الدولة من مشروع إلى نثار سيادي يتنقّل كالغبار بين العواصم، بحثًا عن تصريح إقامة مؤقت في ضمير العالم.
البرهان لا يفاوض من موقع الدولة، بل من موقع العزلة.
إنه رجل يمدّ يده لا ليصافح، بل ليستجدي أن يكون له مكان في صورة جماعية، حتى لو كان على أطرافها: نصف ظلّ، نصف اسم، ربع تاريخ.
هل يظن أن التطبيع ممحاة أخلاقية للمذابح؟
هل يدرك أن قصف المدنيين لا يُنسى لأنك ابتسمت في وجه سفير؟
هل يظن أن توقيع اتفاق سلام مع قوة استعمارية سيُعيد إليه ما فقده من احترام في عيون أهل الضحايا؟
ربما لا يعلم. وربما يعلم، لكنه لا يكترث.
فالفرد الذي قرر أن تكون السلطة هي الله، لن يتورّع عن تحويل كل الشعب إلى قربان على مذبح بقائه.
وعندما تُسائل الزمن: لماذا الآن؟
لا يردّ عليك أحد، بل تشعر بأن الزمن نفسه قد فقد إحساسه بالاتجاه.
وأن السلطة، في جوهرها، ليست مؤسسة للقرار، بل معدةٌ خاوية تلتهم كل ما يُطيل عمرها، دون أن تهضم شيئًا.
إنها جوعٌ متحوّل، يتنكر تارة بهيئة الدولة، وتارة بهيئة الدعاء.
لكنها، في حقيقتها، تجسيد للجوع حين يُصبح كائنًا سياسيًا.
وهكذا يذهب البرهان برسوله إلى تل أبيب، لا بصفته قائداً للجيش، او رئيسا للمجلس السيادي كما يحلو له، بل بصفته طالبًا عند بوابة الجلاد.
يعرض عليه خرائط وطن مبللة بالدم، مقابل لافتة تقول:
“تم اجتياز امتحان العبودية بنجاح… نوصي باعتماده كرمز حيّ للفشل القابل للتوظيف.”
لكنه، ويا للمفارقة، نسي شيئًا صغيرًا:
أن الشهداء لا يصافحون السفارات،
وأن الخلاص لا يأتي عبر البريد الدبلوماسي،
وأن التاريخ، حين يُكتب، لا يستعمل محاضر الزيارات…
بل أسماء الضحايا.
وفي الخلفية، بينما يغادر الصادق إسماعيل مطار بن غوريون،
كان صدى محجوب شريف يتسلل من حنجرة غاضبة:
“سلم مفاتيحو… وافتحو الشباك
خلو الضو يدخل… نسمع العصافير”
لكن النوافذ ظلّت موصدة، لأن العفن تمدد حتى مفاصل الأبواب.
zoolsaay@yahoo.com