موقع روسي: ماذا ينتظر العراق بعد تغيير السلطة في سوريا؟
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
ذكر تقرير نشره موقع كراسنايا فيسنا الروسي أن العراق يعيش وضعا إستراتيجيا صعبا للغاية، إذ وجد نفسه بعد سقوط نظام بشار الأسد في مواجهة تحديات مرتبطة بالعلاقة مع إيران وتركيا والولايات المتحدة، وسط انقسامات داخلية حادة.
وأضاف الكاتب إفغينيا شيفتشينكو أنه بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في سوريا، أصبح العراق النقطة التالية المهددة بانعدام الاستقرار في الشرق الأوسط؛ فقد أدى ضعف محور المقاومة الإيراني فضلا عن تراجع نفوذ روسيا في المنطقة إلى تعزيز دور لاعبين آخرين وهو ما ينذر بحدوث تغيير في العراق، خاصة مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وذكر الكاتب أن موازين القوى تغيرت في المنطقة منذ أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فقد دخلت إسرائيل إلى لبنان وعملت على إضعاف قدرات حزب الله، الحليف الرئيسي لإيران، ولا تزال تحافظ على وجودها هناك.
تقويض نفوذفي الوقت نفسه، قوض سقوط نظام الأسد نفوذ إيران في المنطقة إذ طردت من سوريا، وانخفضت قدرتها على دعم حزب الله.
وفي ظل هذه الظروف، بات العراق يحظى بأهمية كبيرة لدى إيران التي تسعى للحفاظ على نفوذها في هذا البلد من خلال الجماعات المسلحة.
وتابع إفغينيا شيفتشينكو أن الفصائل العسكرية الموالية لإيران في العراق تولت الدفاع عن بشار الأسد منذ اندلاع الحرب في سوريا، وهي الحقيقة التي لن تتغافل عنها الحكومة الجديدة في دمشق والكفيلة بخلق شرخ في العلاقات معها.
إعلانوعن طريق استخدام هذه الفصائل كأدوات نفوذ في العراق -يتابع الكاتب شيفتشينكو- تمارس القيادة الإيرانية ضغوطا على العراق لتعزيز مواقعها السياسية والاقتصادية والدفاعية فيه، ومن أجل تعويض خسارة نفوذها الأخيرة في سوريا.
ترامبويرى الكاتب أن ترامب يعتزم تقليص القوات الأميركية في العراق ويسعى في الوقت ذاته إلى تقليص نفوذ طهران وضمان تخليها عن تطوير الأسلحة النووية.
وعليه، يعتمد مستقبل المنطقة على مدى إمكانية توصل إيران والولايات المتحدة إلى اتفاق، أو لجوء واشنطن إلى تنفيذ "الخطة البديلة" ومنح تل أبيب الضوء الأخضر لضرب البنية التحتية النووية الإيرانية.
وتدّعي بعض الأطراف أن إيران مستعدة للتفاوض مع ترامب والتخلّي عن بعض مواقعها في العراق وإيقاف الهجمات ضد القوات الأميركية الموجودة في البلاد في إطار هذه الصفقة.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2024 أرسلت السلطات العراقية مدير مخابراتها الوطنية حميد الشطري للقاء الحكومة السورية الجديدة. وفي يناير/كانون الثاني من العام الجديد 2025، حضر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين مؤتمرا حول سوريا في السعودية.
ونقل الكاتب عن المحلل العراقي وأستاذ العلوم السياسية عصام الفيلي حديثه عن إمكانية تغيير الإستراتيجية الإيرانية تجاه العراق وإعادة تقييم المشهد الإقليمي والبحث عن حلول دبلوماسية مع الولايات المتحدة في الفترة المقبلة.
موضوع الأكرادوأفاد الكاتب بأنه مع تسلّم القيادات الجديدة السلطة في سوريا، أصبحت قوات سوريا الديمقراطية الموالية للولايات المتحدة مهددة بالهزيمة.
ويتسم الوضع في العراق بالتعقيد بسبب وجود معسكرات عدة في الأراضي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية الكردية، وأكبرها مخيم الهول. ويهدد إطلاق تركيا عملية جادة ضد قوات سوريا الديمقراطية الأكراد بفقدان السيطرة على هذه المعسكرات.
إعلانويقضّ التهديد الأمني الذي يواجهه الأكراد السوريون مضجع كردستان العراق، وقد تولى أحد الأطراف في هذه المنطقة شبه المستقلة بالفعل بذل محاولات للمصالحة بين الأكراد السوريين والحكومة الجديدة في دمشق.
ونسب الكاتب إلى خبير عراقي مختص بالشأن الكردي قوله إن محاولات تسوية الوضع مع الأكراد في سوريا قد تؤدي إلى جرّ أحزاب كردستان العراق إلى الصراع مع تركيا أو إيران، ونقل الصراع الكردي من الأراضي السورية إلى الأراضي العراقية.
وضع حرجوتابع الكاتب أن بقاء الخلاف بين قوات سوريا الديمقراطية والسلطة الجديدة في سوريا ولجوء الأكراد السوريين إلى المناطق الكردية في العراق وإيران طلبا للمساعدة يهدد بانطلاق موجات جديدة من الاشتباكات العسكرية. وفي هذه الحالة ستكون وحدة الأراضي السورية والعراقية تحت طائلة التهديد.
وبيّن الكاتب أن تنامي النفوذ التركي في العراق يثير قلق الأكراد، إذ تحاول أنقرة في الوقت الحالي التوصل إلى اتفاق مع واشنطن بشأن سحب القوات الأميركية من سوريا. وإذا توصل الجانبين إلى اتفاق، ستبدأ تركيا تنفيذ عمليتها العسكرية الخاصة ضد الجماعات الكردية التي تشكل تهديدا لها.
وبحسب الكاتب، يساور جميع الدول التي تجمعها مصالح مع العراق قلق إزاء استقراره نظرا إلى إمكانية انتقال الصراعات العسكرية المشتعلة بين القوى العديدة في المنطقة التي يغذيها عدم تحقيق المطالب والوضع المحفوف بالمخاطر وغير الآمن؛ إلى أراضيه.
وأكد أنه في ظل هذه الظروف، يجري رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني جولة أخرى من المناورات السياسية لمنع تحول الأراضي العراقية إلى منطقة فوضى عسكرية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات قوات سوریا الدیمقراطیة فی المنطقة الکاتب أن فی العراق فی سوریا
إقرأ أيضاً:
تقدير بوجود أكثر من 100 موقع للأسلحة الكيميائية في سوريا بعد سقوط الأسد
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يشتبهون بوجود أكثر من 100 موقع مرتبط ببرنامج الأسلحة الكيميائية في سوريا، ما يشكل أول تقدير من نوعه منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، ويمثل اختبارا بالغ الخطورة للحكومة السورية الجديدة.
وأكدت الصحيفة أن هذا الرقم يتجاوز بكثير أي تقدير سبق أن قدمه النظام السابق، ويثير مخاوف حقيقية بشأن مصير مخزونات من غازات السارين والكلور والخردل، التي يُخشى أن تكون غير مؤمّنة، وقد تسقط في أيدي جماعات مسلحة.
وأوضحت أن المواقع المشتبه بها تشمل منشآت يُعتقد أنها استخدمت في البحث والتصنيع وتخزين الأسلحة الكيميائية التي استخدمها نظام الأسد، ومنها غاز السارين، وهو "عامل أعصاب قادر على القتل خلال دقائق"، وكذلك غاز الكلور وغاز الخردل اللذان "يحرقان العينين والجلد ويملآن الرئتين بالسوائل، مما يُشبه إغراق الناس على الأرض".
وقالت الصحيفة إن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تسعى حاليا إلى دخول سوريا لتقييم هذه المواقع، بينما لا يزال عددها ومواقعها الدقيقة، وما إذا كانت آمنة، "لغزا" منذ الإطاحة بالأسد في أواخر العام الماضي.
وشددت على أن المواد الكيميائية المتبقية "تشكل اختبارا حاسما للحكومة المؤقتة"، لافتة إلى أن "الولايات المتحدة تصنف هيئة تحرير الشام التي تقود الحكومة الجديدة منظمة إرهابية، رغم نفيها أي ارتباط بتنظيم القاعدة".
ونقلت الصحيفة عن رائد الصالح، قائد الدفاع المدني السوري السابق المعروف بـ"الخوذ البيضاء"، قوله إن "هناك العديد من المواقع التي لا نعرف عنها شيئا لأن النظام السابق كان يكذب على منظمة حظر الأسلحة الكيميائية".
كما قال نضال شيخاني، رئيس مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا، إن مجموعته "حددت عشرات المواقع الجديدة التي قد تكون مخزونات للأسلحة الكيميائية أو مواقع بحثية سابقة، بناءً على مقابلات مع علماء حكوميين سوريين يعيشون في أوروبا".
وأضافت الصحيفة أن بعض هذه المواقع "قد تكون مخفية في كهوف أو أماكن يصعب اكتشافها عبر صور الأقمار الصناعية"، مما يزيد من احتمال بقاء كميات من هذه المواد القاتلة دون رقابة.
وفي آذار /مارس الماضي، أجرى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني زيارة مفاجئة إلى مقر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي، حيث قال إن الحكومة "ستدمر أي بقايا من برنامج الأسلحة الكيميائية الذي طُوّر في عهد نظام الأسد" وستلتزم بالقانون الدولي.
ورغم هذا الإعلان، أشارت الصحيفة إلى أن الخبراء "يبقون على تفاؤلهم الحذر"، خاصة أن الحكومة لم تعيّن بعد سفيرا لدى المنظمة، وهي خطوة أساسية تعكس الجدية في التعاون. كما رفضت وزارة الدفاع السورية الرد على أسئلة مكتوبة، مكتفية بالقول إن "الأسئلة ليست من اختصاصها"، حسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وأوضحت الصحيفة أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كانت قد أغلقت سابقا 27 موقعا أعلنت عنها حكومة الأسد خلال السنوات الأولى من الحرب، إلا أن استخدام النظام للأسلحة الكيميائية استمر حتى عام 2018 على الأقل، فيما استمرت واردات المواد الكيميائية الأساسية، بحسب أبحاث دولية.
وبيّنت أن التقدير الجديد، الذي يفوق المئة موقع، استند إلى معلومات من باحثين خارجيين، ومنظمات غير ربحية، ومصادر استخباراتية مشتركة بين الدول الأعضاء في المنظمة.
وفي السياق ذاته، قال شيخاني وآخرون إنهم يخشون من أن الغارات الجوية الإسرائيلية على منشآت كيميائية سورية خلال العام الماضي "لم تُدمّر الأسلحة، بل أدت إلى تلوث بيئي وفقدان لأدلة يمكن أن تسهم في ملاحقات قضائية مستقبلية".
وأكدت ناتاشا هول، الزميلة البارزة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أن "من المرجح أن الهجمات الإسرائيلية التي وقعت بعد سقوط الأسد مباشرة لم تُحدث أي تأثير يُذكر على بعض هذه الأمور، وربما حجبت أيضا الجهود المبذولة لتحقيق المساءلة".
وكشفت الصحيفة أن برنامج الأسلحة الكيميائية السوري بدأ في سبعينيات القرن الماضي، بدعم من مئات العلماء الذين تلقى عدد كبير منهم تدريبا في أوروبا، لا سيما ألمانيا.
ووفقا لعالم كيميائي سوري سابق تحدث للصحيفة، فإن مركز الدراسات والبحوث العلمية العسكري الخاضع لعقوبات دولية، أشرف على تطوير هذه الأسلحة.
ولفتت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على أكثر من 300 شخصية وكيان مرتبطين بهذا البرنامج.
ورغم وعود الحكومة الجديدة، أكدت الصحيفة أن "مفتشي الأسلحة لا يزالون حذرين"، مذكرين بتجربتهم السابقة مع نظام الأسد الذي "أعاق عملهم مرارا"، بما في ذلك حادثة عام 2014، حين اصطدمت سيارة تقل المفتشين بقنبلة مزروعة على الطريق.
كما قالت الصحيفة إن "حكومة الأسد تعمّدت التستر على الهجمات الكيميائية ضد المدنيين، وأزالت لاحقا شواهد قبور ضحايا هجوم الغوطة عام 2013 عندما استعادت السيطرة على بلدة زملكا".
وختمت "نيويورك تايمز" تقريرها بالتأكيد على أن العثور على هذه المواقع والسيطرة عليها لا يمثل فقط أولوية أمنية، بل ضرورة لتحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري.