بعد فشل اجتماع بعبدا.. هل يتقدّم سيناريو حكومة الأمر الواقع؟!
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
بمجرّد التئام اجتماع ثلاثي في قصر بعبدا، جمع كلّاً من رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء المكلّف نواف سلام، ساد الانطباع بأنّ الحكومة "الموعودة" أصبحت جاهزة، بعد تجاوز معظم العقبات، خصوصًا مع المعلومات عن استدعاء الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية، ما شكّل "تأكيدًا" لكثيرين بأنّ الأمور انتهت، وإنّ مراسيم التشكيلة الحكومية الجديدة "قيد الطباعة".
لكن، قبل أن يتصاعد الدخان الأبيض المُنتظَر، توالت "المفاجآت"، بدءًا من مغادرة رئيس مجلس النواب القصر الرئاسي من باب خلفيّ، وكأنّه تعمّد تجنّب "المرور" عبر الصحافيين، ليخرج من بعده رئيس الحكومة المكلف نواف سلام، من دون أن يجيب على أسئلة الصحافيين الكثيرة، ليتبيّن أنّ الاجتماع الذي رفع موجة التفاؤل إلى الحدّ الأقصى، فشل في حلّ كلّ العُقَد، أو ربما أنّ عقدًا جديدة طرأت، وظهرت في اللحظة الأخيرة.
شيئًا فشيئًا، بدأت المعلومات تتوالى عن النقاط العالقة التي منعت ولادة الحكومة، وعلى رأسها ما سُمّيت بـ"عقدة الوزير الشيعي الخامس"، في ظلّ "كباش" بين الرئيسين بري وسلام على هويّته، من دون أن ينجح الرئيس عون في تقريب وجهات النظر بينهما، فهل تعود الأمور إلى "نقطة الصفر" بناءً على ما جرى، خصوصًا في ظلّ الحديث عن محاولة لإحراج "الثنائي"، وربما إخراجه، وهل يمكن أن يذهب سلام إلى حكومة "أمر واقع" في هذه الحالة؟
"عقدة الوزير الشيعي"
مع الإعلان عن الاجتماع الثلاثي في بعبدا، كان من الطبيعيّ أن يسود الاعتقاد بأنّ الأمور انتهت حكوميًا، خصوصًا أنّ هذا الاجتماع جاء بعد يوم على الحديث عن "حلحلة" على مستوى عقدة "القوات اللبنانية"، التي بدا لكثيرين في الأيام الأخيرة، أنها التي تحول دون ولادة الحكومة، ولا سيما أنّها أنهت حالة "الامتعاض" التي عبّر عنها قياديو ومسؤولو "القوات"، ملوّحين بحجب الثقة عن الحكومة، في حال عدم تصحيح رئيسها للمسار المتّبَع.
ولأنّ امتعاض "القوات" وغيرها، كان قائمًا في الأساس على رفض ما سُمّيت بـ"ازدواجية المعايير" التي يعتمدها الرئيس المكلّف، الذي اتُهِم بـ"الإفراط" في مسايرة "الثنائي الشيعي" تحديدًا، وتحقيق كلّ مطالبه، رغم أنّ الأخير لم يسمّه في استشارات بعبدا، لم يكن من المتوقع أن تكون "عقدة الوزير الشيعي الخامس" هي التي ستطيح بالحكومة عن بكرة أبيها، بعد كلّ ما أثيرت عن "تفاهمات مبرمة" بين الجانبين، على التفاصيل.
إلا أنّ ما جرى في اجتماع بعبدا، أكد وجود هذه العقدة، ما يعني أنّ ما أثير عن "تفاهمات" بين "الثنائي" والرئيس المكلف لم يكتمل عمليًا، ربما لأنّ كلّ طرف فهم فكرة "التفاهم على الوزير الخامس" على طريقته، فالرئيس المكلّف اعتبر أنّه من يختار هذا الوزير، تكريسًا لمبدأ عدم احتكار "الثنائي" للتمثيل الشيعي في الحكومة، في حين أنّ الأخير اعتبر أنّ المطلوب هو طرح أسماء تكون مقبولة من الطرفين، من دون أن تكون محسوبة عليه بالضرورة.
نحو حكومة "أمر واقع"؟
في كلّ الأحوال، شكّل ما جرى في بعبدا، ما وصفه كثيرون بـ"الانتكاسة"، خصوصًا أنّ كلّ شيء كان محضَّرًا لإعلان ولادة الحكومة، وهو ما أثار "نقزة" لدى كثيرين، وطرح تساؤلات عمّا إذا كانت "العقدة" على وزير من هنا أو هناك، تبرّر إسقاط الحكومة، ولا سيما بعدما أوحت الأجواء بأنّ الممتعضين الآخرين، لن يلجأوا إلى التصعيد، بما فيهم "التيار الوطني الحر" غير الممثَّل في الحكومة، وكذلك نواب كتلة "الاعتدال".
وفي حين سارع الرئيس المكلف إلى التسريب عبر الأوساط المقرّبة منه بأنّه ليس في وارد الاعتذار، وأنّه ماضٍ في مهمّته حتى تشكيل حكومة إصلاحية تنسجم مع المعايير التي طرحها منذ اليوم الأول، كان بعض المحسوبين على "الثنائي" يروّج لمعلوماتٍ مفادها أنّ الأمور تعقّدت، باعتبار أنّ "عقدة الوزير الخامس"، هي أبعد من قصّة اسم، بل تخفي بين طيّاتها نيّة مضمرة بإحراج "الثنائي"، وسط معلومات عن ضغوط دولية لإبعاد "حزب الله" عن الحكومة.
إزاء ذلك، بدأ الحديث في الأوساط السياسية عن السيناريوهات المحتملة للخروج من المأزق المستجدّ، ومن بينها احتمال أن يتمسّك الرئيس المكلّف بالتشكيلة الحكومية التي طرحها، على طريقة "الأمر الواقع"، ولو أدّى ذلك إلى اعتكاف "الثنائي" مثلاً، إلا أنّ مثل هذا الخيار يبقى مُستبعَدًا، أقلّه بانتظار اكتمال المشاورات التي بدأت، والتي يتوقّع أن يلعب رئيس الجمهورية دورًا محوريًا وجوهريًا على خطّها، وهو الذي يسعى لانطلاقة "قوية" للعهد.
صحيح أنّ الكثير من الداعمين للرئيس المكلّف يبدون من المؤيّدين لفكرة حكومة "الأمر الواقع"، من أجل عدم التنازل عمّا يعتبرونه "مكسبًا" تحقّقه بكسر "احتكار" الثنائي للحصّة الشيعية في الحكومة، إلا أنّ الأجواء لا توحي حتى الآن بأنّ الرجل مستعدّ لمثل هذا الخيار، أولاً لأنّ رئيس الجمهورية قد لا يوافق عليه، وثانيًا لأنّه أيضًا لا يريد أن تُحاصَر حكومته سريعًا بالخلافات والانقسامات، التي تُعَد وصفة مثالية لشلّها عن العمل..
المصدر: خاص لبنان24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الرئیس المکل المکل ف خصوص ا
إقرأ أيضاً:
تحقيقات جيش الاحتلال: سيناريو تنفيذ حماس لهجوم كبير جرى استبعاده
كشفت نتائج التحقيق التي أجراها جيش الاحتلال، في فشله بعملية طوفان الأقصى، أن سيناريو قيام كتائب القسام، بتنفيذ هجوم كبير ضد الاحتلال، أزيل من الخطط التي وضعت قبل أعوام.
وطالب رئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي طاقم المحققين في الإخفاق أن تكون نقطة البداية في العام 2018، لكن الطاقم بدأ من العام 2002.
وفي العام 2017، وضع رئيس أركان الجيش في حينه وعضو الكنيست الحالي، غادي آيزنكوت، خطة بعنوان "إطار إستراتيجي عملياتي لحرب في قطاع غزة"، شملت ثلاثة سيناريوهات من شأنها أن تؤدي إلى حرب ضد غزة، ووجد طاقم التحقيق أن سيناريو مبادرة حماس لهجوم مفاجئ، كالذي حصل في 7 أكتوبر، قد تم إلغاؤه من خطة آيزنكوت.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن الجيش شهد إخفاقات كبيرة في جميع أذرعه، لا سيما في المجال الاستخباراتي، وذلك خلال الفترة التي سبقت الهجوم.
وخلال لقاء مغلق هذا الأسبوع، وقبيل انتهاء ولايته، أكد رئيس أركان الجيش السابق، هاليفي بحضور قائد القيادة الجنوبية ورؤساء السلطات المحلية في "غلاف غزة"، أن الجيش لم يكن مستعدا لمثل هذا الهجوم الواسع والمفاجئ.
وقال: "كنا ننظر إلى حماس كقوة عسكرية محدودة، ولم نر سيناريو هجوم واسع كهذا كاحتمال واقعي. كنا نعتقد أننا سنحصل على إنذار استخباراتي مسبق، لكن ذلك لم يحدث".
كما صرح قائد القيادة الجنوبية، يارون فينكلمان، بأن الاستخبارات العسكرية قدرت أن هجوما بهذا الحجم "لن يحدث في المستقبل القريب".
وأشارت الصحيفة أن هليفي شكك في تقديرات الاستخبارات خلال مداولات جرت عند الرابعة فجر 7 أكتوبر، وأكد ضرورة تحليل التحركات الميدانية لحماس دون الاعتماد على الافتراضات السابقة. كما أصدر أوامر لسلاح الجو لدراسة أهداف لضربة استباقية عند بزوغ الفجر، لكن هذه الأوامر لم تنفذ، كما لم يصدر تعليمات برفع حالة التأهب على الحدود مع غزة.
وخلال تقديم نتائج التحقيقات للضباط الأسبوع الماضي، وصف قائد الوحدة 8200، يوسي شاريئيل، هجوم 7 أكتوبر بأنه "مرض عضال انتشر في الجيش"، مشيرا إلى أن الفشل الاستخباراتي كان العامل الأساسي في ما حدث.
وقد سعى الجيش إلى الحد من تداعيات التحقيقات أمام الجمهور، حيث قدم للمراسلين العسكريين ملخصا من 15 صفحة فقط من آلاف الصفحات التي توثق التحقيقات، وأملى عليهم كتابة أن "التحقيقات كانت شاملة ودقيقة وتهدف إلى التعلم والتصحيح".
وتكشف التقارير أن الجيش لم يعلن عن بعض المعلومات الهامة، من بينها أنه خلال ليلة 7 أكتوبر، ظهرت تحركات لحماس في غزة، كما كانت وحدة الاستخبارات الجوية على علم بوثيقة "سور أريحا"، التي تضمنت تفاصيل هجوم واسع محتمل، وقد تم اعتراضها في أبريل 2022. وعلى الرغم من ذلك، لم يتم اتخاذ إجراءات استباقية بناء على هذه المعلومات.
كما أخفى الجيش إخفاقات أخرى، مثل فشل سلاح الجو في اعتراض الطائرات الشراعية التي استخدمتها حماس، وعجزه عن إسقاط الطائرات المسيرة التي استهدفت مواقع مراقبة عند حدود غزة، بالإضافة إلى عدم نجاح بطاريات القبة الحديدية في اعتراض نصف الصواريخ التي أُطلقت من القطاع.