الأنبا تكلا يكتب: القديسة العذراء مريم أمنا
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
يا أحبائى إن الرب عندما قال ليوحنا الحبيب على الصليب: «هوذا أمك»، وعندما قال لأمنا العذراء: «هوذا ابنكِ»، صارت القديسة الطاهرة مريم هى بالحقيقة أمنا، وصرنا لها أبناء.
وإن كانت أمنا العذراء قد فرحت بالبشارة، فهى كأم فرحت لخلاص البشرية كلها، وإن كانت قد تعبت فى الحبل والميلاد والهروب لمصر والعودة والصلب، إلا أنها قد تعبت من أجلنا كأم.
وموقفها فى عُرس قانا الجليل يوضح أمومتها.. كيف اهتمت بالناس دون أن يطلبوا منها شيئاً، والرب استجاب لها.
وفى الحقيقة أن كل ما نقوله للكنيسة نقوله للعذراء، فهناك تشابه كبير بينهما:
1- القديسة مريم والكنيسة كلتاهما أم وعذراء فى نفس الوقت، كل منهما قد حملت بالروح القدس بغير زرع بشر، معطية ميلاداً للابن الذى بلا عيب.
فالقديسة مريم هى أم الكلمة الإلهى ولدته حسب الجسد، والكنيسة أم أعضائها ولدتهم بالمعمودية ليشاركوا السيد المسيح حياته.
الكنيسة هى أم لأمم كثيرة الذين يمثلون جسداً واحداً وذلك على مثال العذراء مريم أم الكثيرين، وفى نفس الوقت هى أم للواحد.
القديسة مريم عذراء حسب الجسد والروح، والكنيسة يمكن دعوتها عذراء إذ لا تنحرف قط عن الإيمان، بل تبقى أمينة على تعاليم السيد المسيح إلى النهاية.
2- تحمل الكنيسة ذات لقب القديسة مريم أى (حواء الجديدة). فإن القديسة مريم قد ولدت (الابن المتجسد) واهب الحياة للمؤمنين، أما الكنيسة فهى أم المؤمنين الذين يتقبلون الحياة خلال اتحادهم بالرأس الإله المتجسد.
3- تشابه الكنيسة القديسة مريم بكونها (أمة الرب) فهى كأمة الرب المتضعة ترفض كل المجهودات البشرية الذاتية وتصير علامة لنعمة الله الذى يطلبنا فى اتضاع طبيعتنا ليقودنا إلى مجد ملكوته.
4- كلتاهما تحب التسبيح؛ فأمنا القديسة حينما ذهبت لـ«أليصابات» تكلمت مع الله بالتسبيح، والكنيسة مليئة بالتسابيح والألحان الروحية الجميلة والعميقة.
5- كلتاهما خادم.. أمنا العذراء خادمة.. حينما سمعت أن «أليصابات» حبلى بابن فى شيخوختها قامت فى الحال وخدمتها ثلاثة أشهر، وهكذا الكنيسة تخدم أولادها حتى يثمروا ويكثروا ويملأوا الأرض.
6- كلتاهما شفيع.. شفعت فى أهل عُرس قانا الجليل وتشفع فينا ليلاً ونهاراً، والكنيسة تشفع فى كل المخلوقات من خلال صلواتها وتسابيحها وقداساتها.
7- دعى كل منهما بسماء.. حيث مسكن الله.. الرب سكن فى أحشاء أمنا الطاهرة القديسة مريم تسعة أشهر فصارت كسماء.. والكنيسة هى بيت الرب الذى يسكن فيه، ولذلك فهى أيضاً سماء.. (إذا ما وقفنا فى هيكلك المقدس....).
8- دعى كل منهما باب الرجاء.. فإن كان الرب هو الرجاء فهى باب الرجاء.. وإن كان الرب هو الحياة فهى باب الحياة، وإن كان الرب هو الخلاص فهى باب الخلاص.
وكذلك الكنيسة لُقبت بالباب منذ أقدم العصور، فحينما حلم يعقوب حلم (السلم) قال عنه: «ما أرهب هذا المكان، ما هذا إلا بيت الله، وهذا هو باب السماء» (تك 28: 17).
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: السيدة العذراء السيدة البتول كنيسة العذراء القدس وإن کان
إقرأ أيضاً:
الصوم الكبير.. رحلة روحية للتوبة والتجديد في الكنيسة الكاثوليكية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الأب لويس حزبون مع بداية زمن الصوم الأربعيني، يتساءل المؤمنون عن معنى هذه الفترة الروحية وقوانينها وفوائدها.
وفي هذا السياق، قدّم الأب لويس حزبون راعي كنيسة مار يوسف في القاهرة، رؤيةً لاهوتيةً وعمليةً للصوم الكبير، مستندًا إلى الكتاب المقدس وتعاليم الكنيسة الكاثوليكية.
الصوم ليس مجرد امتناع عن الطعام، بل هو "ضبط للجسد والنفس"، كما يوضح الأب حزبون، مشيرًا إلى أن كلمة "صوم" في اليونانية (νεστεια) تعني "الإمساك"، أي السيطرة على الرغبات وتوجيه القلب نحو الله.
وذكر أن الصوم في المسيحية يشمل ثلاثة أبعاد:
-الجسدي: الامتناع عن بعض الأطعمة.
-الروحي التوقف عن الخطيئة وتجديد العلاقة مع الله.
-الاجتماعي
ممارسة الصدقة والمصالحة مع الآخرين.
الصوم هو الاعتراف بأن الله هو مصدر حياتنا، وليس الخبز وحده"، يؤكد الأب حزبون مستشهدًا بإنجيل متى (4:4).
بحسب الأب حزبون، الصوم هو "شريعة إلهية" وُجدت منذ آدم، وثبّتها المسيح بقوله: "ستأتي أيامٌ يُرفع العريس منهم، فحينئذ يصومون" (متى 9:14). وأبرز أهدافه:
-تطهير الذات: كبح الرغبات المنحرفة وتحرير القلب من الأنانية.
-التقرُّب إلى الله: عبر الصلاة وقراءة الكتاب المقدس.
-خدمة الآخرين: بتقديم الصدقات ومساعدة المحتاجين، استنادًا إلى إنجيل متى (25:34-40).
الصوم كالطير لا يطير إلا بجناحَي الصلاة والصدقة"، يضيف الأب حزبون
ففي العهد القديم: كان الصوم مرتبطًا بأحداث كالكوارث أو التوبة، مثل صوم داود سبعة أيام عند مرض ابنه.
- في العهد الجديد: ربط المسيح الصوم بطرد الشياطين (متى 17:21) وإعداد التلاميذ للرسالة (أعمال الرسل 13:1-3).
-المدة: تتراوح بين يوم واحد (كصوم يوم الكفارة) و40 يومًا (كصوم موسى والمسيح).
-الصوم الواجب: يشمل الامتناع عن اللحوم أيام الجمعة، والصوم الكامل (وجبة واحدة) في أربعاء الرماد والجمعة العظيمة.
الصوم المستحب: كصوم الأربعاء والجمعة طوال السنة، أو الصوم القرباني قبل تناول الإفخارستيا بساعة.
-
الكنيسة الرومانية الكاثوليكية: تفرض الصوم خلال الأربعاء والجمعة من أسابيع الصوم، مع تفاصيل تختلف باختلاف الأبرشيات.
>"الكنيسة تحدد الحد الأدنى من الجهد الروحي لتحقيق الوحدة بين المؤمنين"، يشرح الأب حزبون.
ويختتم الأب حزبون بالتشديد على أن "الصوم اختبارٌ شخصي لا يُدرك معناه إلا بالممارسة"، مستشهدًا بقول القديس يوحنا فم الذهب: "اشحذ منجلك التي أتلفتها الشراهة بالصوم