أثارت التقارير التي تتحدث عن توجيهات الأمم المتحدة لبعثاتها وموظفيها في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة "أنصار الله" في اليمن، بالعودة لممارسة أعمالهم، الكثير التكهنات حول الأسباب التي دفعت المنظمة الدولية للإقدام على تلك الخطوة رغم اعتقال موظفيها وتصنيف الجماعة "منظمة إرهابية" من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب سبوتنيك.

ماذا تعني مطالبة الأمم المتحدة لموظفيها بعودة الأعمال الإغاثية في مناطق سيطرة "أنصار الله" بعد توقفها خلال الفترة الماضية؟

بداية، يقول الحقوقي والقيادي بالحراك الجنوبي اليمني رائد الجحافي: "أثارت مطالبة الأمم المتحدة لموظفيها بالعودة إلى ممارسة مهام عملهم في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثي (أنصار الله)، استغراب الكثير من المتابعين والمراقبين للشأن اليمني، خاصة بعد تصنيف الولايات المتحدة الأمريكية للحوثيين كمنظمة إرهابية".

ضغط أممي

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "هذه الخطوة التي أقدمت عليها الأمم المتحدة، والتي حثّت فيها موظفيها على ضرورة العودة إلى صنعاء واستئناف مهامهم من هناك بعد أن كانت قد عملت على تعليق عملياتها في وقت سابق بسبب ما أوضحت أن اعتقالات جديدة طالت موظفيها من قبل الحوثيين، في رأيي هي نوع من الضغط الأممي على الحوثيين لإطلاق سراح موظفيها".

وتابع الجحافي: "بجانب أن دعوة الأمم المتحدة تأتي للضغط على الحوثيين للإفراج عن الموظفين المحتجزين، هناك مساعي من جانب المنظمة الأممية لاستعادة الثقة بينها وبين الحوثيين لقبولهم استئناف عمليات الإغاثة، والأهم من ذلك هو محاولة لتحقيق التوازن بين تأمين سلامة موظفيها وضمان استمرار المساعدات الإنسانية في ظل الظروف المعقدة، التي يشهدها اليمن، من صراعات أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني واتساع رقعة المجاعة".

الانتقالي والشرعية

وأشار القيادي الجنوبي اليمني إلى أن "الدعوة بحد ذاتها ضربة قوية لحكومة الشرعية بشكل عام وللمجلس الانتقالي الجنوبي، على وجه الخصوص، باعتبار الأخير ما برح يناشد ويطالب كافة المنظمات الدولية العاملة في صنعاء إلى ضرورة نقل مكاتبها إلى عدن، وأعلن في بيانات رسمية صادرة عنه وعن القوة الأمنية التابع له استعداده لتأمين الموظفين الأمميين وغيرهم من موظفي المنظمات الدولية".

تناقض وحيرة

من جانبه، يقول السياسي الجنوبي عبد العزيز قاسم: "منذ ما بعد الحرب حتى اليوم وقرار الأمم المتحدة بعودة المنظمات إلى مكاتبها في صنعاء المقر الرئيس لها يبدو متناقضا ويدعو للحيرة، وهذا يفسر أن التوصيات تأتي كأدوات ضغط على الحوثيين (أنصار الله) وابتزاز أيضا لعودتهم للحوار".

وأشار في حديثه لـ"سبوتنيك": "قرار التصنيف للحوثيين كمنظمة إرهابية من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، يضع الأمم المتحدة محل سخرية وتبدو كأداة بيد دول كبرى، مما يجعلها تنحني أمام مسارها السابق وهو ترك المجال الإنساني جانبا بعيدا عن الزج به في أتون صراعات المصالح، وقد تدخل في مرحلة أتون حرب جديدة تجعل المصالح الدولية في خطر دائم، وقد يمنح الحوثيين فرصة جديدة للتنصل من أي التزامات كانت قد وعدت بها. في الأخير تبدو المسألة أعمق في تعقيدات المشهد اليمني الاستثنائي في المنطقة على عكس بقية الدول الملتهبة".

وقال قاسم إن "قرار عودة المنظمات الأممية، يشير إلى تخوفات من استمرارية الحرب في البحر الأحمر، وكذلك منح الحوثيين شهادة براءة من هذا التصنيف، الذي لا يتوافق حقيقة مع الواقع أو ليس دقيقا".

ولفت قاسم إلى أن "الشرعية اليمنية هزيلة ومرتبكة والقوى المنضوية فيها كالمجلس الانتقالي، الذي شاخ وفشل في احتواء بقية المكونات الأصلية من الحراك الجنوبي، وفشل مع الشرعية في تحقيق أدنى الأهداف كالاستقرار وحماية الملاحة البحرية، ناهيك عن الفساد وتدهور الأوضاع ما جعلت الأمم المتحدة تنحني للطرف الفاعل والمتمثل في الحوثيين".

ورطة حقيقية

بدوره يقول الدكتور عبد الستار الشميري، رئيس مركز "جهود" للدراسات باليمن: "أعتقد أن الأمم المتحدة في ورطة حقيقية، ما بين الضغوط الأمريكية والاحتياجات الإنسانية المُلحة في مناطق سيطرة الحوثيين (أنصار الله) وعمليات خطف واعتقال موظفيها".

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في اليمن، تعمل في حقل ألغام حقيقي، فهي تحاول أن توازن نفسها في ظل الوضع الراهن بتقديم خطوة وتأخير أخرى في تلك المناطق".

وتابع الشميري: "الأمم المتحدة تحاول تجنيب العقوبات لبعض الذين سيعملون معها من الشركات أو الموردين والمنظمات، وتحاول القيام بدور إنساني في ظل الصعوبات الحوثية، حيث يحاول الحوثيين الضغط على الأمم المتحدة من خلال اختطاف موظفيها والمطالبة بالمزيد من المعونات والمساعدات، وأعتقد أن هذا الأمر لن يدوم طويلا".

وأشار رئيس مركز "جهود"، إلى أنه "يجري الآن العمل على أن يكون هناك منفذ واحد لتوزيع المساعدات عن طريق الحكومة الشرعية، وإذا ما تم ستذهب المعونات إلى مناطق الشرعية ومنها إلى مناطق الحوثيين ويتم بعدها تنشيط المواني التابعة للشرعية، لكي تصل المعونات بشكل دقيق إلى مستحقيها ولا يتم استخدامها في غير أغراضها".

تخبط أمريكي

وقال توفيق الحميري، مستشار وزارة الإعلام في حكومة البناء والتنمية في العاصمة اليمنية صنعاء، إن "التصنيف الأمريكي لن يغير من الموقف اليمني الداخلي والإقليمي ولن تستطيع أمريكا، التي نصنفها كيانًا معاديا من تحقيق أهدافها من هذا التصنيف".

وأضاف في حديث سابق لـ"سبوتنيك"، أن "تكرار مثل تلك القرارات أو التصنيف يُعد دليلا واضحا على التخبط الأمريكي وانعدام خياراتها في اليمن، فهذا التصنيف كررته أمريكا لثلاث مرات الأولى في يناير/ كانون الثاني 2021، ونحن عقب هذا التصنيف قصفنا قواعد أمريكا في الإمارات وما تسمى بقاعدة الظفرة العسكرية و كثفنا من ضرباتنا للسعودية، بل و استولينا على سفينة روابي الإماراتية المحملة بالأسلحة وداخليا نفذنا عملية البنيان المرصوص باعتبارها أكبر برية لقواتنا المسلحة".

وأشار الحميري إلى أن "التصنيف الأول كان له مردود اقتصادي على اليمن، حيث انخفض سعر صرف الدولار أمام الريال اليمني من 600 ريال إلى 530 ريال ولايزال حتى اللحظة بهذا السعر".

وتابع مستشار وزارة الإعلام، عقب التصنيف الثاني الذي كان في يناير/ كانون الثاني من العام 2024: "استهدفنا البوارج الأمريكية والسفن الحربية في البحر الأحمر والعربي وباب المندب، بل وقصفنا حاملات الطائرات الأمريكية وطاردناها في المنطقة وهربت، وأصدرنا عقوبات على أمريكا عندما أدرجنا سفنها إلى قائمة السفن المحظورة بجانب السفن الإسرائيلية، هذا ما تم من قبلنا عقب التصنيف الثاني".

وأضاف الحميري: "على العالم أن يتوقع ردود فعل يمنية كبيرة عقب التصنيف الثالث، فأمريكا هذه المرة عللت تصنيفها بسبب مناصرتنا لفلسطين ونحن سنعاقبها على مناصرتها للإجرام الإسرائيلي".

وكانت مصادر إعلامية يمنية، قد تحدثت قبل أيام، بأن الأمم المتحدة طالبت موظفيها في تعميم داخلي باستئناف العمل داخل المناطق الخاضعة لسيطرة "أنصار الله".

ويشهد اليمن تهدئة هشة منذ إعلان الأمم المتحدة، في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول 2022، عدم توصل الحكومة اليمنية وجماعة "أنصار الله" إلى اتفاق لتمديد وتوسيع الهدنة التي استمرت 6 أشهر.

ويعاني البلد العربي للعام العاشر تواليًا، صراعًا مستمرًا على السلطة بين الحكومة المعترف بها دوليًا وجماعة "أنصار الله"، انعكست تداعياته على مختلف النواحي، إذ تسبب في أزمة إنسانية تصفها الأمم المتحدة بأنها واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم.

وتسيطر جماعة "أنصار الله" منذ سبتمبر/ أيلول 2014، على غالبية المحافظات وسط وشمال اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 مارس/ آذار 2015، عمليات عسكرية دعماً للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.

وأودت الحرب الدائرة في اليمن، حتى أواخر 2021، بحياة 377 ألف شخص، كما ألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ 126 مليار دولار، في حين بات 80 في المئة من السكان البالغ عددهم نحو 35 مليون نسمة، بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حسب تقارير الأمم المتحدة.

 

Your browser does not support the video tag.

المصدر: شبكة الأمة برس

كلمات دلالية: الأمم المتحدة هذا التصنیف أنصار الله فی الیمن إلى أن

إقرأ أيضاً:

اليمن: «الحوثي» تنفذ أكبر حملة تجنيد للأطفال بالتاريخ الحديث

أحمد مراد (نيويورك، القاهرة)

أخبار ذات صلة الأمم المتحدة: القانون الدولي يحظر أي نقل قسري أو ترحيل تحذير أممي من ارتفاع وفيات الأمهات في أفغانستان

دعت الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى اتخاذ خطوات جادة وحازمة لوقف الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها جماعة الحوثي بحق الأطفال في اليمن، مؤكدة أن الجماعة تنفذ أكبر حملات تجنيد للأطفال في التاريخ الحديث للزج بهم في جبهات القتال. 
جاء ذلك في بيان ألقاه مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبد الله السعدي، أمام الدورة العادية للمجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» والمنعقدة بمقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وأشار البيان إلى أن الممارسات الحوثية أدت إلى تفاقم المخاطر الصحية على الأطفال، بما في ذلك الإعاقة، ومنع حملات التطعيم، ونشر معلومات مضللة أدت إلى عودة انتشار أمراض مستأصلة، مثل الكوليرا وغيرها في مناطق سيطرة الحوثي، مؤكداً أن الجماعة تنفذ أكبر حملات تجنيد للأطفال في التاريخ الحديث، حيث يتم استدراج عشرات الآلاف من الأطفال وتدريبهم في ما يسمى بـ«المعسكرات الصيفية» قبل الزج بهم في جبهات القتال. وقال: «إن الحوثي عملت منذ انقلابها على تغيير المناهج الدراسية لخدمة أجندتها وغرس مفاهيم الكراهية والإرهاب، ما يهدد حاضر ومستقبل الأطفال والأجيال القادمة». 
وتطرق البيان إلى فرض الحوثي قيوداً وعراقيل تجاه مجتمع العمل الإنساني والإغاثي في مناطق سيطرتها، ما أدى لحرمان ملايين الأطفال والفئات الأكثر ضعفاً من الحصول على المساعدات الإنسانية، وتسخير هذه المساعدات لخدمة أجندتها وتمويل حربها ضد الشعب اليمني. 
وأكد البيان حرص الحكومة اليمنية على تعزيز التعاون والشراكة القائمة مع منظمة اليونيسيف، وحرصها على حماية حقوق الأطفال التي أقرتها التشريعات الوطنية ونصت عليها الاتفاقيات الدولية، والعمل على تكثيف جهود «اليونيسيف»، وتقديم الدعم العاجل والمستدام لتحسين أوضاع الأطفال في اليمن جراء هذا الصراع عبر تعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية والصحية، وتأمين مستقبل آمن ومستقر للأطفال.
 وأوضح المحلل السياسي اليمني، ورئيس مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات، صالح أبوعوذل، أن المناطق والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثي أصبحت ساحة لممارسات عدائية من الجماعة المصنفة إرهابية بشكل ممنهج.
 وذكر أبو عوذل في تصريح لـ«الاتحاد» أن جماعة الحوثي، تقوم منذ انقلابها على الشرعية وسيطرتها على بعض المحافظات بممارسة عمليات تجنيد متواصلة لاستقطاب المدنيين للقتال في صفوفها، من موظفين وطلبة جامعات ومدارس ومزارعين وعمال البناء.
وقال إن استمرار حملات التجنيد التي تقوم بها جماعة الحوثي يعكس رغبتها في إطالة أمد الصراع وإجهاض فرص التسوية السلمية، وبالتالي لا يمكن تحقيق أي سلام في اليمن إلا بتفكيك الجماعة، وتجفيف منابع دعمها. 
ومن جانبه، أوضح السياسي اليمني، حمزة الكمالي، في تصريح لـ«الاتحاد» أن حملات الحوثي لتجنيد الطلبة والموظفين تهدف إلى تعزيز صفوفها في القتال عبر الإكراه أو الاستغلال الاقتصادي، ما يسهم في عسكرة المجتمع اليمني وتفكيك النسيج الاجتماعي.

مقالات مشابهة

  • معهد أمريكي: لماذا لا يستطيع الغرب هزيمة الحوثيين دون تأمين موانئ اليمن؟
  • اليمن: «الحوثي» تنفذ أكبر حملة تجنيد للأطفال بالتاريخ الحديث
  • الانتقالي اليمني يدعو لحلول عاجلة لوقف الحرب
  • رئيس وزراء بريطانيا: يجب السماح للفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم
  • تقرير أممي: 70 بالمئة من النازحين في اليمن لا يحصلون على الحد الأدنى من الغذاء
  • الخارجية: مصر قدمت 94 ألف طن من المساعدات الإغاثية لـ غزة
  • بعد تصنيف الحوثيين كإرهابيين.. هل آن الأوان لرفع تجميد قرارات المركزي اليمني ؟
  • أكثر من 20 منظمة دولية ومحلية تدعو الحوثيين إلى الإفراج الفوري عن الموظفين الأمميين
  • تفاصيل إطلاق القافلتين 11 و12 من المساعدات الإغاثية إلى غزة