مخلفات قاتلة.. الحرب في سوريا تركت إرثا مميتا من القذائف والألغام
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا عن مخاطر مخلفات الحرب في شمال غربي سوريا بعد 12 عاما من الصراع الذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 500 ألف شخص بينما أجبر ملايين آخرين على الفرار من ديارهم، وفق إحصائيات أممية.
وأوضحت الصحيفة أن سنوات الحرب السورية تركت إرثا مميتا من قذائف المدفعية والألغام والذخائر الأخرى غير المنفجرة على الأراضي الزراعية وعلى جوانب الطرق والمباني، مما يشكل تهديدا عشوائيا على الأرواح بعد فترة طويلة من انحسار القتال.
لكن الذخائر العنقودية، الأسلحة المحظورة على نطاق واسع والتي تتفكك في الجو وتنثر العشرات من القنابل الصغيرة على مساحة واسعة، هي أسلحة مميتة بشكل خاص، لأنها تتمتع القنابل الصغيرة بمعدل عالٍ من الفشل، وتشكل ما وصفته الشبكة السورية لحقوق الإنسان بأنه "تهديد مفتوح لحياة الأجيال القادمة في سوريا".
وتسببت الذخائر العنقودية في مقتل ما يقرب من 1500 شخصا في سوريا، بينهم 518 طفلا، منذ عام 2011، وفقا لشبكة الحقوق السورية. وتسببت الألغام الأرضية في مقتل 3353 مدنيا آخرين، من بينهم 889 طفلا.
وقال محمد سامي المحمد، خبير المتفجرات في منظمة الخوذ البيضاء للدفاع المدني السوري، عن التهديد من الذخائر غير المنفجرة: "مع كل موجة نزوح جديدة، يصبح هذا خطرا أكبر".
وعمل متطوعو الدفاع المدني في أجزاء من سوريا، بجد لإزالة الذخائر غير المنفجرة في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد، لكن تنتشر حقول الألغام في البلاد أيضا، خاصة في المناطق التي كانت تحت سيطرة الحكومة في السابق. لكن الخوذ البيضاء لا تملك القدرة التقنية على إزالة تلك الألغام.
وستبدأ HALO Trust، وهي منظمة عالمية لإزالة الألغام، هذه المهمة هذا الشهر في حقول الألغام في شمال غرب سوريا.
وكالة أخرى، خدمة الأمم المتحدة لمكافحة الألغام، أشرفت على تطهير حوالي 500 فدان من الأراضي الزراعية في سوريا، مما أدى إلى تدمير أكثر من 500 متفجر.
ومع ذلك، في الشمال الغربي، لا توجد منطقة آمنة تماما لأن الطائرات الحربية السورية والروسية لا تزال تشن غارات جوية. فيمكن لمنطقة تم تطهيرها اليوم أن تتعرض للقصف والتلوث مرة أخرى غدا.
وعلى الرغم من المخاطر، لا يزال الكثير ممن يعيشون في شمال غرب سوريا، وسط الفقر المدقع والبطالة المرتفعة، يبحثون عن الخردة المعدنية لبيعها، حتى عن القنابل والقذائف. بالنسبة للبعض، هو مصدر دخلهم الوحيد.
وأجرت الخوذ البيضاء مئات ورشات التعليم لتثقيف الناس حول الذخائر غير المنفجرة ويعزو السكان تراجع الإصابات في السنوات الأخيرة إلى تلك الورشات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سوريا قذائف الذخائر الأسد سوريا قذائف الأسد روسيا ذخائر سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة غیر المنفجرة فی سوریا
إقرأ أيضاً:
المطاعم في سوريا مؤشر على تعافي الاقتصاد بالبلاد
بات المشهد الغذائي في سوريا يعكس صورة واضحة لحالة البلاد بعد أكثر من 14 عاما من الحرب المدمرة، إذ تحولت الأسواق والمطاعم إلى رموز لمحاولات التعافي رغم ما خلفته الحرب من دمار اقتصادي واجتماعي واسع النطاق.
وتشير وكالة بلومبيرغ إلى أن الحياة في العاصمة دمشق بدأت تدب مجددا في الأزقة والأسواق، مع عودة تدريجية للأنشطة التجارية والمطاعم، لكن هذه العودة لا تزال بطيئة ومتعثرة بفعل تحديات مستمرة، من بينها التضخم وضعف القدرة الشرائية للسكان.
وعلى الجانب الآخر، تظل مدن مثل حلب غارقة في تداعيات الحرب، إذ لم تقتصر معاناتها على الدمار الذي ألحقته سنوات القتال، بل زادها زلزال عام 2023 خرابا، مما جعل وتيرة التعافي فيها أبطأ وأكثر تعقيدا، بحسب بلومبيرغ.
المطاعم والأسواق تعود للحياة ببطءوفي جولة عبر سوق مدحت باشا (أحد أقدم الأسواق في دمشق) لا يزال الزحام يعكس رغبة السكان في استعادة حياتهم الطبيعية.
وعلى الرغم من أن العديد من المطاعم التي كانت تحتضن شخصيات سياسية وزوارا دوليين قد تراجعت فإن بعض الأسماء العريقة مثل مطعم نارنج تحاول العودة، ولكن بوتيرة متواضعة.
المطعم -الذي كان في السابق رمزا للمشهد الغذائي الراقي في دمشق- لم يعد يملك سوى عدد قليل من العاملين مقارنة بفترة ما قبل الحرب.
في المقابل، يبدو أن أكشاك الطعام الشعبية قد استعادت زبائنها، مثل باعة القطايف (الفطائر المحشوة بالقشطة والمكسرات)، إذ يستمرون في تقديمها بالطريقة التقليدية نفسها رغم شح الموارد.
إعلانويقول أحد الباعة "على الأقل الآن يمكننا التنفس بحرية"، في إشارة إلى تحسن الأوضاع بعد سقوط النظام.
آثار الحرب على المطبخ السوريوتشير بلومبيرغ إلى أن تداعيات الحرب طالت حتى الأطباق التقليدية السورية، إذ تأثر إنتاج فلفل حلب الشهير نتيجة تدمير الحقول خلال سنوات الحرب.
هذا الفلفل -الذي كان رمزا للنكهة السورية- تراجع إنتاجه، لدرجة أن الأسواق أصبحت تعتمد على بدائل تركية.
ويؤكد أحد تجار التوابل في سوق البزورية أن بعض المزارعين يحاولون إعادة زراعة الفلفل في المناطق القليلة التي لم تتعرض للدمار الكامل، مع آمال في حصاد جديد بحلول يوليو/تموز المقبل.
أما مدينة حلب -التي كانت تعد عاصمة المطبخ العربي- فقد عانت من تدمير واسع النطاق، سواء بسبب القصف خلال الحرب أو الزلزال الذي ضربها عام 2023.
وأغلقت معظم المطاعم التقليدية الشهيرة أبوابها، وأبرزها مطعم "بيت سيسي" الذي احترق بالكامل عام 2012، في حين اضطر العديد من الطهاة الحرفيين إلى مغادرة البلاد، واستقر بعضهم في لبنان وتركيا وأوروبا، مما يثير تساؤلات عما إذا كان بإمكانهم العودة يوما ما لإعادة إحياء فن الطهو الحلبي.
تعافٍ حذرورغم الدمار فإن هناك دلائل على عودة الحياة إلى طبيعتها، ففي الطريق بين دمشق وحلب لا تزال بعض الاستراحات التي تقدم حلاوة الهريسة التقليدية في مدينة النبك تعمل بعد أن دُمرت معظم محلاتها خلال الحرب.
ويقول أحد الباعة "عانينا كثيرا، لكن الناس عادوا لشراء الهريسة، وهذا يمنحنا الأمل".
وفي حلب القديمة عاد بعض تجار التوابل لبيع منتجاتهم المحلية رغم صعوبة الاستيراد والتصدير، ويؤكد أحدهم أن الأسواق بدأت تشهد طلبا متزايدا على الفلفل الحلبي محليا ودوليا، مما قد يساعد في دعم إعادة زراعته واستعادة مكانته عالميا.
إعلان تراث الطهي كعنصر توحيدي لسورياوبحسب تشارلز بيري الباحث في تاريخ الطهي العربي، فإن "المطبخ السوري هو القاسم المشترك الذي يفتخر به جميع السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو المناطقية، ويمكن أن يكون عنصرا موحدا للبلاد في المرحلة المقبلة".
ويضيف تقرير بلومبيرغ أن التعافي الحقيقي لا يقتصر فقط على إعادة الإعمار السياسي والاقتصادي، بل يشمل أيضا استعادة الثقافة السورية، والتي يعد الطعام أحد أهم عناصرها.
ويؤكد أن عودة بعض المطاعم والأسواق إلى العمل تشير إلى أن السوريين يسعون إلى إعادة بناء هويتهم بعد سنوات من التهجير والتدمير.
وفي ظل هذه التحولات تبقى هناك تحديات كبيرة، أبرزها إعادة بناء البنية التحتية، وتوفير المواد الغذائية، واستعادة الطهاة المهرة الذين هاجروا خلال الحرب.
لكن مع ظهور علامات على انتعاش الأسواق والمطاعم يمكن القول إن سوريا رغم كل شيء تحاول استعادة نكهتها المفقودة.