حول القضية الفكرية – تعددية الأفكار خارج الإطار الديني في السودان
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
في حين يركز الخطاب التقليدي على الحركات الدينية كمحرك رئيسي للتغيير الفكري والسياسي في السودان، مثل المهدية وفكر محمود محمد طه ، فإن هناك تيارات فكرية مغايرة ظلت تُطرَح خارج الإطار الديني ، لكنها لم تحظَ بنفس الحضور في السردية التاريخية. يتناول هذا الطرح مشاريعَ فكريةً علمانيةً وثقافيةً واقتصاديةً ساهمت في تشكيل الهوية السودانية ، لكنها وُوجهت بتحديات الاستقطاب الديني والاستعمار.
السياق البديل: حركات التحديث خارج الإطار الديني
حركة “اللواء الأبيض” وتيارات التحديث العلماني
في أوائل القرن العشرين ، ظهرت نخب سودانية متأثرة بالتعليم الحديث والثقافة الغربية ، دعت إلى فصل الدين عن الدولة ، وتبني نموذج دولة مدنية. مثّلت جمعيات مثل “اللواء الأبيض” (التي قادها علي عبد اللطيف عام 1924م) محاولةً مبكرةً لبناء هوية سودانية قائمة على الانتماء الوطني لا الديني. رغم فشل هذه الحركة عسكرياً ، إلا أنها زرعت بذور الفكر العلماني ، الذي تطور لاحقاً في أحزاب مثل الحزب الشيوعي السوداني الذي طرح رؤيةً لعدالة اجتماعية بعيداً عن الخطاب الديني.
دور المرأة السودانية في تشكيل خطاب التحرر
لم تكن الحركات النسوية السودانية مجرد رد فعل على الأطر الدينية ، بل كانت مشروعاً فكرياً مستقلاً. ناشطات مثل فاطمة أحمد إبراهيم (أول امرأة تُنتخب في البرلمان السوداني 1965م) قدّمنَ رؤيةً تُعلي من المساواة الجندرية عبر تأصيل حقوق المرأة في الثقافة السودانية نفسها ، مستندات إلى التراث المحلي (كـ “سلطنة الفور” التي حكمتها الملكات) أكثر من الخطاب الديني. كتابات الكاتبة ستنا ديبلو في رواية “موسم الهجرة إلى الشمال” (1966م) كشفت عن صراع الهوية بين الحداثة والتقاليد دون اختزالها في ثنائية الدين والعلمانية.
الاقتصاد السياسي كمدخل للإصلاح
طرح الاقتصادي السوداني د. عبد الله علي إبراهيم في كتابه “ثقافة الاستبداد” نقداً جذرياً لربط الهوية السودانية بالدين ، مُركزاً على دور العوامل الاقتصادية في تشكيل الصراعات. فمثلاً ، أزمات الزراعة النيلية وتهميش مناطق الأطراف (كالجنوب ودارفور) فسّرت الصراعَ السوداني بشكل أكثر تعقيداً من التفسيرات الدينية. هذا المنظور يعيد قراءة التاريخ السوداني عبر عدسة العدالة الجغرافية والطبقية.
مقارنة مع الخطاب الديني : صراع الهيمنة
على عكس المهدية التي حوّلت الدين إلى أيديولوجيا دولة ، أو فكر محمود محمد طه الذي حاول إعادة تأويل الدين ، فإن هذه التيارات العلمانية والثقافية واجهت إشكاليةَ الشرعية في مجتمع تُهيمن عليه الرموز الدينية. يرى د. منصور خالد في كتابه “السودان : الأصولية أم التعددية؟” أن الهوية السودانية تعاني من “انفصام” بين خطاب ديني يُستخدم سياسياً وواقعٍ متعدد الثقافات والأديان.
التحديات والانتقادات
الإقصاء التاريخي- اتُّهمت النخب العلمانية بالانفصال عن واقع المجتمع المحافظ، وتبني أجندات غربية.
الاستعمار والاستشراق بعض المشاريع الحداثية ارتبطت بإدارة الاستعمار البريطاني ، مما شوّه سمعتها (كإنشاء المدارس المدنية في الخرطوم).
الصراع مع العسكر تحالفت بعض الحركات العلمانية (كالحزب الشيوعي) مع أنظمة عسكرية (كالنميري) لفترات، مما أضعف مصداقيتها.
نحو قراءة تعددية للفكر السوداني
التاريخ الفكري للسودان ليس ساحةً للصراع بين الإسلاميين والمجددين الدينيين فحسب ، بل هو فسيفساء من المشاريع المتنافسة : دينية، علمانية ، نسوية ، واقتصادية. إن إعادة اكتشاف هذه التيارات المهمشة قد يفتح الباب أمام حلولٍ لأزمات السودان المعاصرة ، كالحرب الأهلية والاستقطاب الهوياتي، عبر الاعتراف بتعددية الروافد الفكرية.
**مراجع رئيسية للطرح البديل**
– كتاب “ثقافة الاستبداد” – د. عبدالله علي إبراهيم.
– “السودان : الأصولية أم التعددية؟” – د. منصور خالد.
– “نساء السودان : صانعات التغيير” – فاطمة أحمد إبراهيم.
– “الحركة الوطنية السودانية” – د. حسن مكي.
– دراسات د. سونيا فاروق حول النسوية السودانية.
– “موسم الهجرة إلى الشمال” – الطيب صالح (كعمل أدبي يعكس صراع الهوية).
وهذا الطرح لا يلغي دور المهدية أو محمود محمد طه ، بل يوسع دائرة النقاش ليشمل أبعاداً غير دينية غالباً ما تُهمش في الخطاب السائد.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
رئيس حركة العدل والمساواة السودانية و وزير المالية الدكتور جبريل إبراهيم في زيارة تاريخية لعدد من مدن شرق وسط السودان
ترأس الدكتور جبريل إبراهيم محمد وفداََ كبيراََ من قيادات وأعضاء حركة العدل والمساواة السودانية في زيارة شملت عدداََ من المدن بشرق ووسط السودان ، حيث صاحب الوفد مستشار رئيس الحركة للشؤون الأمنية د. عبد العزيز نور عشر والمستشار السياسي للرئيس ووزير الصحة بإقليم دارفور الأستاذ بابكر حمدين.حيث أستهل الوفد الزيارة إلى مدينة كسلا من بورتسودان ، إلتقى فيها الدكتور جبريل إبراهيم بقائد الفرقة 11 مشاة وعدداََ من المسؤولين بالولاية ..وإستقبل والي ولاية القضارف اللواء ركن محمد أحمد حسن وأعضاء لجنته الامنية الدكتور جبريل محمد بعد وصوله للمدينة ، حيث أشاد فيه والي الولاية بالدور الكبير الذي لعبه رئيس حركة العدل والمساواة السودانية في هذا الظرف الاستثنائي الذي مر ويمر به البلاد .واصل الوفد رحلته الئ مدينة الفاو حيث التقى فيه الدكتور جبريل قادة قيادة المنطقة الشرقية بالفاو، وأشاد فيها سيادته بإلانتصارات العظيمة التي تحققت على المليشيا ..وإستقبل مواطني وحكومة ولاية الجزيرة في مداخل المدينة الدكتور جبريل إبراهيم محمد إستقبالا كبيراََ ، جاءت الزيارة بعد تحرير مدينة مدني..حيث إبتدر رئيس حركة العدل والمساواة ووزير المالية بزيارة هيئة مياه ولاية الجزيرة ووقف على الجهد الكبير الذي قام به القائمين على الهيئة حتى توجت بمعالجة أزمة إنقطاع المياه عن المدينة بعد عمليات التخريب الممنهجة التي قامت بها المليشيا للمؤسسات الحيوية .بعدها زار الدكتور جبريل إبراهيم المركز الطبي لغسيل الكلي، ثم الئ أمانة حكومة الولاية حيث عقد فيها الدكتور جبريل إبراهيم إجتماعاََ موسعا مع والي ولاية الجزيرة الطاهر إبراهيم الشيخ حيث وعد فيه السيد وزير المالية بمعالجة كافة المشكلات الأساسية والعاجلة للولاية كما هنأ سيادته أعضاء أمن الولاية على الانتصارات العظيمة التي تمت بمحور ولاية الجزيرة ..إختتم الدكتور جبريل زيارته الئ ولاية الجزيرة بزيارة جامعة الجزيرة ووقف على مدى الخراب الذي حلّ بممتلكات الجامعة واعداً بالمساهمة في دعم وزارته للصروح التعليمية حتى تباشر دورها الريادي المعتاد ..الصفحة الإعلامية لحركة العدل والمساواة السودانية إنضم لقناة النيلين على واتساب