تعثّر التشكيل اليوم يمنع التعطيل غداً
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
كتب طوني مراد في" نداء الوطن": إن المسألة أكبر من الخلاف على الوزير الشيعي الخامس. وما حصل من فشل للاجتماع الثلاثي في قصر بعبدا، قد يكون أفضل مخرج للعهد بشكل خاص، باعتبار أن تعطل الاجتماع التتويجي للتشكيلة الحكومية قد يكون فرصة لقطع الطريق على رهان "الثنائي" على تعطيل الحكومة وآليات قرارها لاحقاً.
ما حصل يشي بمدى عدم جهوزية "الثنائي" للتسليم بالمعادلة الجديدة والإصرار على المعاندة، لعله يستطيع كسر مسار التغيير.
وتشير أوساط دبلوماسية غربية في بيروت، إلى أن المطلوب ليس منع السلاح غير الشرعي وتالياً تسليم "سلاح حزب الله" للدولة اللبنانية فحسب، بل المطلوب تعطيل مفاعيل هذا السلاح، والتي كانت وراء إنتاج الحكومات الأسيرة لـ"الحزب"، فضلاً عن إنتاج كتلة صافية شيعياً لـ"حزب الله" وحركة "أمل"، نتيجة سطوة السلاح بما يعنيه من تهويل وابتزاز مشفوعاً بمال إيراني متعدد الوظائف.
ويبدو أن أصداء الموقف الأميركي بالتحفظ على تمثيل "حزب الله" في الحكومة، خيمت على أجواء لقاء بعبدا، وتمثل ذلك في محاولة إخراج التشكيلة الحكومية إلى العلن رسمياً، استباقاً لمزيد من الإحراج والضغوط من هنا وهناك، لا سيما عبر الإصرار على تسمية الوزير الشيعي الخامس من قبل الرئيسين عون وسلام من جهة، ورفضِ مشاركة "الثنائي" في تسمية أي وزير مسيحي من جهة ثانية. علماً أن الثنائي خسر حلفاء مسيحيين محتملين عبر استبعاد تمثيل "التيار الوطني الحر" ورفض كتلة فرنجية المشاركة في الحكومة.
وتشير المعلومات إلى أن الجو السعودي حيال التشكيلة الحكومية العتيدة كما ظهرت في الإعلام، يعكس تحفظاً ملحوظاً، لا سيما في ما خص مشاركة "حزب الله" مباشرة أو بالواسطة، مع التأكيد مجدداً أن أي حكومة تخضع لابتزاز "الحزب" وتهويله ومساعيه التعطيلية، لن تحظى بأي دعم أو مساعدات مادية سواء لإعادة الإعمار أو لغايات أخرى اقتصادية وتنموية.
وتلفت المعلومات إلى أن الرسائل الأميركية كانت هذه المرة أكثر حزماً، باعتبار أن القرار الكبير اتخذ بنزع سلاح "حزب الله" وسحب مفاعيله. ولا يمكن في أي حال الاستدارة أو التحايل على هذا القرار.
وتنصح الأوساط الدبلوماسية الغربية بعدم استعجال تأليف الحكومة، إذا لم يكن الرئيس سلام قادراً على إيجاد الإخراج الملائم. علماً أن المضي في مشروع التشكيلة إذا ما تم حل عقدة الوزير الشيعي الخامس، لن يكون بمقاطعة التعامل مع الحكومة، بل بالامتناع عن توفير الدعم المطلوب على صعد عدة.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
دعوات ولقاءات حوارية من أجل مراجعة شاملة: ماذا أنجزنا وما هو المطلوب اليوم؟
تشهد الساحة الإسلامية والعربية حركة متواصلة من اللقاءات والحوارات المعلنة، وغير المعلنة من أجل إجراء تقييم شامل للتطورات التي حصلت منذ معركة طوفان الأقصى إلى الحرب على لبنان وغزة، وصولا لسقوط نظام الرئيس بشار الأسد والتداعيات الحاصلة من وراء كل ذلك.
وفي العاصمة اللبنانية بيروت تعقد العديد من الحلقات الحوارية من قبل مراكز دراسات وأبحاث، حيث شهدنا في الأسبوع الماضي عقد حلقة حوارية بدعوة من مركز الزيتونة للدراسات والأبحاث، وكذلك ندوة حوارية بدعوة من مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي. وتناولت الحلقتان تقييم معركة طوفان الأقصى ونتائجها، وكذلك الحرب على لبنان وفلسطين ودور قوى المقاومة ومحور المقاومة، وكيفية التعاطي مع التطورات المقبلة وخصوصا مشروع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين والعودة لمشروع التطبيع وكيفية توحيد الموقف الفلسطيني، والتطورات الأخيرة في سوريا.
وبعيدا عن الأضواء، عقدت سلسلة لقاءات بين قيادات إسلامية فاعلة في لبنان والعالم العربي مع عدد من الكوادر الإسلامية الفاعلة في لبنان لتقييم مختلف التطورات وكيفية مواجهة التحديات المختلفة، وخلال هذه اللقاءات دعت هذه القيادات إلى إجراء مراجعة شاملة لكل ما حصل خلال السنوات الأخيرة في العالم العربي ولا سيما منذ معركة طوفان الأقصى إلى اليوم، وذلك بهدف استخلاص العبر ووضع رؤية جديدة للحركات الإسلامية للمرحلة المقبلة.
هناك تحديات عديدة تواجهها الحركات الإسلامية وقوى المقاومة اليوم تتطلب إعادة تقييم الأداء لمعالجة كافة المشكلات التي برزت من خلال رؤية واقعية، ومن خلال إعادة دراسة كل التجارب الإسلامية السابقة
واعتبرت هذه القيادات أن القوى والحركات الإسلامية في لبنان والعالم العربي تواجه اليوم تحديات كبرى من جرّاء التطورات المتسارعة خلال السنتين الأخيرتين، ولذلك يجب دراسة السلبيات والإيجابيات التي حصلت وتقييم كل التطورات على مستوى الرؤية والأداء وتحقيق الأهداف التي وضعت، وطرح الأسئلة الصعبة حول المعارك التي جرت ونتائجها، والشعارات التي رُفعت ومدى تطابق هذه الشعارات مع القدرات والإمكانيات، وأنه لا بد من تقييم كل الأحداث من خلال الحوار مع القيادات المعنية والتي تمتلك المعطيات والمعلومات حول التطورات المختلفة وخصوصا في الجانب الأمني والعسكري.
وأضافت هذه القيادات الفاعلة خلال هذه اللقاءات الخاصة، والتي تعتبر جزءا من سلسلة لقاءات تقييمية وحوارية تشهدها الساحة الإسلامية اليوم، أن هناك تحديات عديدة تواجهها الحركات الإسلامية وقوى المقاومة اليوم تتطلب إعادة تقييم الأداء لمعالجة كافة المشكلات التي برزت من خلال رؤية واقعية، ومن خلال إعادة دراسة كل التجارب الإسلامية السابقة، وحتى التجارب والمعارك التي خاضها الرسول محمد (ص) وكيف كان يتعامل الرسول مع هذه المعارك وخصوصا عند حصول الأخطاء أو الثغرات والتي تحدث عنها القرآن الكريم، ولا سيما معركتي أُحد وحنين، وعلى ضوء ذلك يمكن دراسة التجارب التي تحصل اليوم ومعالجة الثغرات التي برزت.
وتؤكد القيادات الإسلامية الفاعلة أن دور الحركة الإسلامية لا ينحصر فقط بالمقاومة العسكرية، مع أهمية دور المقاومة في مواجهة العدو الصهيوني، فالمشروع الإسلامي هو مشروع شامل على كل المستويات السياسية والثقافية والفكرية والعلمية والاجتماعية، وهناك تحديات كبيرة يواجهها هذا المشروع اليوم سواء على مستوى الأهداف أو على أرض الواقع، وأن على القوى والحركات الإسلامية أن تقدم نموذجها الواقعي والحقيقي كي تقدم للناس والجمهور الصورة العملية وعدم الاكتفاء بالشعارات الكبيرة.
ومع تأكيد القيادات الإسلامية على أن المعارك الأخيرة في لبنان وفلسطين تضمنت مؤشرات إيجابية مهمة على مستوى الصمود والمقاومة ومنع العدو من تحقيق أهدافه، لكن في المقابل برزت أخطاء وثغرات تتطلب المعالجة والتفكير والبحث في آليات جديدة للعمل في المستقبل، وخصوصا على صعيد المعركة التكنولوجية والأمنية.
لا بد أن يكون هناك دور فاعل في المرحلة المقبلة للنخب الثقافية والفكرية كي تأخذ دورها الفاعل على صعيد الشأن العام، واعتماد الكفاءة والمعايير العلمية في اختيار القيادات والمسؤولين
ودعت هذه القيادات الإسلامية لمراجعة الأداء السياسي طيلة السنوات الماضية وتعزيز التشاور والحوار بين القيادات الإسلامية وأهمية الانفتاح على بقية الشركاء في الوطن؛ لأن ما جرى خلال الحرب على لبنان من احتضان كبير للنازحين من قبل كل أطياف المجتمع اللبناني أكد أهمية الوحدة الوطنية وأنه لا بديل عن العيش المشترك، وفي المقابل لا بد من مراجعة الأداء الثقافي والديني والتأكيد على أهمية الارتباط بالمشروع السياسي والإسلامي العام، والابتعاد عن الغلو والتطرف، وأنه لا بد أن يكون هناك دور فاعل في المرحلة المقبلة للنخب الثقافية والفكرية كي تأخذ دورها الفاعل على صعيد الشأن العام، واعتماد الكفاءة والمعايير العلمية في اختيار القيادات والمسؤولين.
وأضافت هذه القيادات الإسلامية أن المطلوب اليوم تقييم كل التطورات السياسية في لبنان وسوريا وإعادة قراءة ما جرى في السنوات الماضية والاستفادة من الاخطاء التي حصلت، والعمل لتحويل التطورات في سوريا إلى فرصة جديدة لتجاوز المشكلات التي حصلت خلال السنوات الماضية، وعدم التعاطي مع المتغيرات في سوريا وكأنها خسارة لمحور ضد محور، بل المطلوب إجراء حوارات واتصالات بعيدا عن الأضواء من أجل التعاون لمواجهة التحديات الجديدة وخصوصا التوغل الإسرائيلي في سوريا وما يخطط له الأعداء لتصفية القضية الفلسطينية.
وركز المشاركون في هذه اللقاءات على التعاون الإيراني- التركي- العربي وعدم العودة للصراع مجددا، لأن هذا هو السبيل الوحيد لتجاوز مختلف التحديات القادمة.
فهل تلقى دعوات القيادات الإسلامية تجاوبا من الحركات الإسلامية وقوى المقاومة وقادة دول العالم العربي والإسلامي؟ أو سنغرق في صراعات جديدة طائفية ومذهبية تخدم الأعداء؟ وهل سنشهد المزيد من الورشات الحوارية كي نجيب على السؤال المركزي اليوم: أين كنا وماذا أنجزنا وأين أصبحنا وما هو المطلوب اليوم؟
x.com/kassirkassem