العراق في مواجهة سياسة الصدمة.. تحديات المرحلة المقبلة في ظل إدارة ترامب
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
بغداد اليوم - بغداد
مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يترقب العراق تغيرات كبيرة في العلاقة مع واشنطن وسط تحذيرات من اتباع الإدارة الأمريكية الجديدة سياسة الصدمة، التي تعتمد على اتخاذ قرارات مفاجئة دون تمهيد مسبق. هذا النهج يثير مخاوف واسعة، خاصة مع تصاعد الحديث عن إمكانية تأثيره بشكل مباشر على الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية في العراق.
أمريكا أولا
مقرر مجلس النواب الأسبق، محمد عثمان الخالدي، أكد في حديث خاص لـ"بغداد اليوم"، أن سياسات ترامب تختلف تمامًا عن نهج سلفه جو بايدن، إذ يعتمد الرئيس الأمريكي الجديد على مبدأ "أمريكا أولًا"، مما يعني أن جميع قراراته ستكون مبنية بشكل مباشر على المصالح الأمريكية دون اعتبار لأي عوامل أخرى. ويضيف الخالدي أن ترامب ينتهج أسلوب القرارات المفاجئة والصادمة، وهو ما بدا واضحًا في تعامله مع ملفات حساسة مثل أوضاع أمريكا الشمالية وقناة بنما، ما يعكس طريقة جديدة في إدارة العلاقات الدولية تهدف إلى تحقيق مكاسب سريعة دون الالتفات إلى التداعيات طويلة الأمد.
الانقسامات الداخلية "فرصة لواشنطن"
العراق قد يكون أحد الدول الأكثر تأثرًا بهذا النهج، خاصة في ظل الانقسامات السياسية الداخلية التي قد تتحول إلى ورقة ضغط بيد واشنطن. هذه الانقسامات قد تمنح الإدارة الأمريكية فرصة لفرض شروطها أو اتخاذ قرارات قد تؤثر على المشهد السياسي العراقي. في الوقت ذاته، من المتوقع أن تستمر السياسة الأمريكية في تعزيز نفوذ حلفاء واشنطن الإقليميين، وهو ما قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات صعبة بحق العراق، سواء من خلال الضغوط الاقتصادية أو إعادة النظر في طبيعة الوجود الأمريكي في البلاد.
الفصائل والملف الاقتصادي
على الجانب الاقتصادي، يشير المراقبون إلى أن العراق قد يواجه مزيدًا من الضغوط المالية، خاصة فيما يتعلق بالتحكم في تدفق الدولار إلى الأسواق العراقية، وهو ملف حساس قد يؤثر على الاستقرار الاقتصادي. إلى جانب ذلك، قد تشهد المرحلة المقبلة تصعيدًا في المواقف تجاه بعض الفصائل المسلحة، ما قد يخلق توترًا إضافيًا في الساحة الأمنية، خصوصًا إذا قررت واشنطن فرض عقوبات أو اتخاذ إجراءات مباشرة ضد بعض الأطراف الفاعلة في المشهد العراقي.
ولتجنب أي تداعيات خطيرة، يشدد الخالدي على ضرورة دعم حكومة محمد شياع السوداني من خلال التركيز على سياسة متوازنة وغير منحازة لأي طرف، والعمل على بناء قاعدة اقتصادية متينة تقلل من التأثيرات الخارجية، إضافة إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية لمنع وقوع العراق في دائرة الصراعات الدولية. كما أن توحيد الموقف الداخلي سيكون عنصرًا أساسيًا في مواجهة أي ضغوط محتملة، حيث تحتاج بغداد إلى تقديم خطاب سياسي موحد يعبر عن مصلحة العراق أولًا، بعيدًا عن التجاذبات الإقليمية والدولية.
كيف سيتعامل العراق؟
وفي ظل هذه التحديات، يبقى السؤال الأهم: هل العراق مستعد للتعامل مع سياسة الصدمة التي قد يتبناها ترامب؟ الإجابة تعتمد على قدرة الحكومة على صياغة استراتيجيات استباقية، قادرة على التعامل مع أي قرارات مفاجئة قد تصدر من واشنطن. ورغم أن المرحلة المقبلة قد تكون صعبة، إلا أن العراق يمتلك فرصًا كبيرة للمناورة إذا ما أحسن إدارة ملفاته الداخلية والخارجية بمرونة وحكمة. في النهاية، ستحدد الأسابيع والشهور المقبلة ما إذا كان العراق قادرًا على احتواء تداعيات هذه السياسة الجديدة أم أنه سيجد نفسه مجددًا في مواجهة تحديات قد تعيد خلط الأوراق في المشهد السياسي والاقتصادي للبلاد
المصدر: بغداد اليوم + وكالات
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
واشنطن أو طهران.. العراق في قلب معادلة التوازن الإقليمي.. ماذا ستختار بغداد؟ - عاجل
بغداد اليوم - بغداد
تمثل العلاقة بين إيران والولايات المتحدة في العراق أحد أكثر الملفات حساسية، حيث تتداخل المصالح الاستراتيجية لكل من الطرفين، ما ينعكس بشكل مباشر على الوضع الأمني والسياسي في البلاد. وبينما تواصل واشنطن تعزيز وجودها العسكري، تؤكد طهران أن بقاء هذه القوات يشكل تهديدًا مباشرًا لعمقها الاستراتيجي. في هذا السياق، يوضح الخبير الأمني صادق عبد الله أن المصالح الإيرانية في بغداد لا تتعلق فقط بملف الوجود الأمريكي، بل تشمل أبعادًا إقليمية أوسع.
العراق "ساحة المواجهة"
منذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003، تحول العراق إلى ساحة مواجهة غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران. فبينما عززت واشنطن وجودها العسكري، رأت طهران في ذلك تهديدًا لأمنها القومي، ما دفعها إلى دعم فصائل مسلحة لممارسة الضغط على القوات الأمريكية.
وأوضح عبد الله في حديثه لـ"بغداد اليوم"، أن "العداء بين طهران وواشنطن ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى تغيير النظام الإيراني عام 1979، وهو ما جعل العلاقة بين الطرفين قائمة على التوتر الدائم"، مشيرًا إلى أن "بقاء القوات الأمريكية في العراق لا يخدم المصالح الإيرانية، بل يزيد من قلقها الأمني، ويدفعها إلى اتخاذ إجراءات وقائية لمواجهة أي تهديد محتمل".
محاولات إيرانية لتعزيز النفوذ
أكد عبد الله أن إيران تعمل على ترسيخ نفوذها في العراق عبر عدة مسارات، تشمل العلاقات الاقتصادية، والتأثير السياسي، ودعم الفصائل المسلحة التي تتبنى خطابًا مناهضًا للوجود الأمريكي. وأشار إلى أن "إيران كانت الداعم الرئيسي لعشرات الهجمات ضد القوات الأمريكية بعد 2003، كما أنها كثفت جهودها لإخراج هذه القوات، خصوصًا بعد اغتيال قاسم سليماني، الذي لعب دورًا محوريًا في بناء النفوذ الإيراني في المنطقة".
وأضاف أن "التحولات الإقليمية الأخيرة، مثل تراجع تأثير إيران في سوريا ولبنان، زادت من أهمية العراق كمنصة لنفوذها الاستراتيجي"، لافتًا إلى أن "طهران باتت ترى في العراق ركيزة أساسية في مواجهة الضغوط الأمريكية المتزايدة".
اعتراف بصعوبة المواجهة المباشرة
على الرغم من التصعيد المستمر بين الطرفين، يرى عبد الله أن الحرب المفتوحة بين إيران والولايات المتحدة لا تزال مستبعدة. وقال: "رغم العداء الممتد لعقود، فإن هناك ثوابت غير معلنة بين الطرفين، من بينها تجنب الدخول في مواجهة مباشرة قد تجر المنطقة إلى حرب شاملة".
وأشار إلى أن "طهران قد تلجأ إلى حلول دبلوماسية طويلة الأمد، تتضمن تفاهمات غير مباشرة مع واشنطن حول مستقبل العراق"، مضيفًا أن "الضغوط الاقتصادية والعقوبات المفروضة على إيران قد تدفعها إلى إعادة تقييم استراتيجياتها في العراق والمنطقة".
إرادات متعددة تفرض نفسها
يتضح أن العراق بات نقطة تقاطع لمصالح متعددة، حيث تسعى طهران للحفاظ على نفوذها، بينما تعمل واشنطن على تقويض هذا النفوذ وتعزيز تحالفاتها داخل البلاد. في الوقت ذاته، تواجه الحكومة العراقية تحديًا كبيرًا في تحقيق توازن دقيق بين المصالح الأمريكية والإيرانية، بما يضمن استقرار العراق وعدم تحوله إلى ساحة صراع دائم.
ويرى محللون أن التوصل إلى معادلة تحقق التوازن بين النفوذين الأمريكي والإيراني في العراق يتطلب جهودًا دبلوماسية مكثفة، إلى جانب تقوية مؤسسات الدولة العراقية بحيث لا تصبح ساحة مفتوحة للصراعات الخارجية.
ويبقى العراق محورًا رئيسيًا في الصراع الأمريكي-الإيراني، حيث تسعى كل من طهران وواشنطن إلى تحقيق أهدافهما الاستراتيجية ضمن حدوده. وبينما تواجه إيران تحديات اقتصادية وسياسية قد تدفعها إلى إعادة النظر في سياساتها الإقليمية، تستمر الولايات المتحدة في فرض مزيد من الضغوط لضمان تقييد النفوذ الإيراني. في هذا المشهد المعقد، يبدو أن العراق لا يزال في قلب معادلة التوازن الإقليمي، حيث ستحدد طبيعة التفاهمات بين الأطراف المختلفة مستقبل الاستقرار في المنطقة.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات